nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29012_30549قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون .
حكاية جواب
عاد وثمود لرسوليهم فقد كان جوابا متماثلا ؛ لأنه ناشئ عن تفكير متماثل وهو أن تفكير الأذهان القاصرة من شأنه أن يبنى على تصورات وهمية وأقيسة تخييلية وسفسطائية ، فإنهم يتصورون صفات الله تعالى وأفعاله على غير كنهها ويقيسونها على أحوال المخلوقات ، ولذلك يتماثل في هذا حال أهل الجهالة كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=53أتواصوا به بل هم قوم طاغون ، أي بل هم متماثلون في الطغيان ، أي الكفر الشديد فتملي عليهم أوهامهم قضايا متماثلة .
ولكون جوابهم جرى في سياق المحاورة أتت حكاية قولهم غير معطوفة بأسلوب المقاولة ، كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة [ ص: 255 ] فإن قول الرسل لهم : لا تعبدوا إلا الله قد حكي بفعل فيه دلالة على القول ، وهو فعل جاءتهم كما تقدم آنفا .
فقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14لو شاء ربنا لأنزل ملائكة يتضمن إبطال رسالة البشر عن الله تعالى .
ومفعول شاء محذوف دل عليه السياق ، أي لو شاء ربنا أن يرسل إلينا لأنزل ملائكة من السماء مرسلين إلينا ، وهذا حذف خاص هو غير حذف مفعول فعل المشيئة الشائع في الكلام لأن ذلك فيما إذا كان المحذوف مدلولا عليه بجواب لو كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149فلو شاء لهداكم أجمعين ، ونكتته الإبهام ثم البيان ، وأما الحذف في الآية فهو للاعتماد على قرينة السياق والإيجاز وهو حذف عزيز لمفعول فعل المشيئة ، ونظيره قول
nindex.php?page=showalam&ids=11880المعري :
وإن شئت فازعم أن من فوق ظهرها عبيدك واستشهد إلهك يشهد
وتضمن كلامهم قياسا استثنائيا تركيبه : لو شاء ربنا أن يرسل رسولا لأرسل ملائكة ينزلهم من السماء لكنه لم ينزل إلينا ملائكة فهو لم يشأ أن يرسل إلينا رسولا . وهذا إيماء إلى تكذيبهم الرسل ولهذا فرعوا عليه قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14فإنا بما أرسلتم به كافرون أي جاحدون رسالتكم وهو أيضا كناية عن التكذيب .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29012_30549قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ .
حِكَايَةُ جَوَابِ
عَادٍ وَثَمُودَ لِرَسُولَيْهِمْ فَقَدْ كَانَ جَوَابًا مُتَمَاثِلًا ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ تَفْكِيرٍ مُتَمَاثِلٍ وَهُوَ أَنَّ تَفْكِيرَ الْأَذْهَانِ الْقَاصِرَةِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبْنَى عَلَى تَصَوُّرَاتٍ وَهْمِيَّةٍ وَأَقْيِسَةٍ تَخْيِيلِيَّةٍ وَسُفِسْطَائِيَّةٍ ، فَإِنَّهُمْ يَتَصَوَّرُونَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْعَالَهُ عَلَى غَيْرِ كُنْهِهَا وَيَقِيسُونَهَا عَلَى أَحْوَالِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَلِذَلِكَ يَتَمَاثَلُ فِي هَذَا حَالُ أَهْلِ الْجَهَالَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=53أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ، أَيْ بَلْ هُمْ مُتَمَاثِلُونَ فِي الطُّغْيَانِ ، أَيِ الْكُفْرِ الشَّدِيدِ فَتُمْلِي عَلَيْهِمْ أَوْهَامُهُمْ قَضَايَا مُتَمَاثِلَةً .
وَلِكَوْنِ جَوَابِهِمْ جَرَى فِي سِيَاقِ الْمُحَاوَرَةِ أَتَتْ حِكَايَةُ قَوْلِهِمْ غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ بِأُسْلُوبِ الْمُقَاوَلَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [ ص: 255 ] فَإِنَّ قَوْلَ الرُّسُلِ لَهُمْ : لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَدْ حُكِيَ بِفِعْلٍ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْقَوْلِ ، وَهُوَ فِعْلُ جَاءَتْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا .
فَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَ رِسَالَةِ الْبَشَرِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَمَفْعُولُ شَاءَ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ ، أَيْ لَوْ شَاءَ رَبُّنَا أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مِنَ السَّمَاءِ مُرْسَلِينَ إِلَيْنَا ، وَهَذَا حَذْفٌ خَاصٌّ هُوَ غَيْرُ حَذْفِ مَفْعُولِ فِعْلِ الْمَشِيئَةِ الشَّائِعِ فِي الْكَلَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِجَوَابِ لَوْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ، وَنُكْتَتُهُ الْإِبْهَامُ ثُمَّ الْبَيَانُ ، وَأَمَّا الْحَذْفُ فِي الْآيَةِ فَهُوَ لِلِاعْتِمَادِ عَلَى قَرِينَةِ السِّيَاقِ وَالْإِيجَازِ وَهُوَ حَذْفٌ عَزِيزٌ لِمَفْعُولِ فِعْلِ الْمَشِيئَةِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11880الْمَعَرِّيِّ :
وَإِنْ شِئْتَ فَازْعُمْ أَنَّ مَنْ فَوْقَ ظَهْرِهَا عَبِيدُكَ وَاسْتَشْهِدْ إِلَهَكَ يَشْهَدِ
وَتَضَمَّنَ كَلَامُهُمْ قِيَاسًا اسْتِثْنَائِيًّا تَرْكِيبُهُ : لَوْ شَاءَ رَبُّنَا أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا لَأَرْسَلَ مَلَائِكَةً يُنْزِلُهُمْ مِنَ السَّمَاءِ لَكِنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ إِلَيْنَا مَلَائِكَةً فَهُوَ لَمْ يَشَأْ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْنَا رَسُولًا . وَهَذَا إِيمَاءٌ إِلَى تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ وَلِهَذَا فَرَّعُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ أَيْ جَاحِدُونَ رِسَالَتَكُمْ وَهُوَ أَيْضًا كِنَايَةٌ عَنِ التَّكْذِيبِ .