عطف على جملة إنا جعلناه قرآنا عربيا فهو زيادة في الثناء على هذا الكتاب ثناء ثانيا للتنويه بشأنه رفعة وإرشادا .
وأم الكتاب : أصل الكتاب . والمراد بـ ( أم الكتاب ) علم الله تعالى كما في قوله : وعنده أم الكتاب في سورة الرعد ، لأن الأم بمعنى الأصل والكتاب هنا بمعنى المكتوب ، أي المحقق الموثق وهذا كناية عن الحق الذي لا يقبل التغيير لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يحققوا عهدا على طول مدة كتبوه في صحيفة ، قال الحارث بن حلزة :
حذر الجور والتطاخي وهل ين قض ما في المهارق الأهواء
و علي أصله المرتفع ، وهو هنا مستعار لشرف الصفة وهي استعارة شائعة .
وحكيم : أصله الذي الحكمة من صفات رأيه ، فهو هنا مجاز لما يحوي الحكمة بما فيه من صلاح أحوال النفوس والقوانين المقيمة لنظام الأمة .
ومعنى كون ذلك في علم الله : أن الله علمه كذلك وما علمه الله لا يقبل الشك . ومعناه : أن ما اشتمل عليه القرآن من المعاني هو من مراد الله وصدر عن علمه .
ويجوز أيضا أن يفيد هذا شهادة بعلو القرآن وحكمته على حد قولهم في اليمين : الله يعلم ، و : علم الله .
وتأكيد الكلام بـ ( إن ) لرد إنكار المخاطبين إذ كذبوا أن يكون القرآن موحى به من الله .
و لدينا ظرف مستقر هو حال من ضمير إنه أو من أم الكتاب [ ص: 163 ] والمقصود : زيادة تحقيق الخبر وتشريف المخبر عنه .
وقرأ الجمهور في أم الكتاب بضم همزة أم . وقرأه حمزة بكسر همزة إم الكتاب في الوصل اتباعا لكسرة ( في ) ، فلو وقف على ( في ) لم يكسر الهمزة . والكسائي