فاصفح عنهم وقل سلام فسوف تعلمون الفاء فصيحة لأنها أفصحت عن مقدر ، أي إذ قلت ذلك القيل وفوضت الأمر إلينا فسأتولى الانتصاف منهم " فاصفح عنهم " ، أي أعرض عنهم ولا تحزن لهم وقل لهم إن جادلوك : " سلام " ، أي سلمنا في المجادلة وتركناها .
وأصل " سلام " مصدر جاء بدلا من فعله . فأصله النصب ، وعدل إلى رفعه لقصد الدلالة على الثبات كما تقدم في قوله الحمد لله رب العالمين .
[ ص: 274 ] يقال : صفح يصفح من باب منع بمعنى : أعرض وترك ، وتقدم في أول السورة أفنضرب عنكم الذكر صفحا ولكن الصفح المأمور به هنا غير الصفح المنكر وقوعه في قوله أفنضرب عنكم الذكر صفحا .
وفرع عليه فسوف تعلمون تهديدا لهم ووعيدا . وحذف مفعول تعلمون للتهويل لتذهب نفوسهم كل مذهب ممكن .
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر وروح عن يعقوب تعلمون بالمثناة الفوقية على أن فسوف تعلمون مما أمر الرسول بأن يقوله لهم ، أي وقل سوف تعلمون . وقرأه الجمهور بياء تحتية على أنه وعد من الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه منتقم من المكذبين .
وما في هذه الآية من الأمر بالإعراض والتسليم في الجدال والوعيد ما يؤذن بانتهاء الكلام في هذه السورة وهو من براعة المقطع .