nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29018_29468_30515والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم هذا مقابل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ) فإن المقاتلين في سبيل الله هم المؤمنون ، فهذا عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4والذين قتلوا في سبيل الله الآية .
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28907والتعس : الشقاء ويطلق على عدة معان : الهلاك ، والخيبة ، والانحطاط ، والسقوط ، وهي معان تحوم حول الشقاء ، وقد كثر أن يقال : تعسا له ، للعاثر البغيض ، أي سقوطا وخرورا لا نهوض منه . ويقابله قولهم للعاثر : لعا له ، أي ارتفاعا ، قال
الأعشى :
بذات لوث عفرناة إذا عـثـرت فالتعس أولى لها من أن أقول لعا
وفي حديث الإفك فعثرت
أم مسطح في مرطها فقالت : تعس
مسطح ، لأن العثار تعس .
ومن بدائع القرآن وقوع فتعسا لهم في جانب الكفار في مقابلة قوله للمؤمنين
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7ويثبت أقدامكم .
[ ص: 86 ] والفعل من التعس يجيء من باب منع وباب سمع ، وفي القاموس إذا خاطبت قلت : تعست كمنع ، وإذا حكيت قلت : تعس كسمع .
وانتصب تعسا على المفعول المطلق بدلا من فعله . والتقدير : فتعسوا تعسهم ، وهو من إضافة المصدر إلى فاعله مثل تبا له ، وويحا له . وقصد من الإضافة اختصاص التعس بهم ، ثم أدخلت على الفاعل لام التبيين فصار تعسا لهم . والمجرور متعلق بالمصدر ، أو بعامله المحذوف على التحقيق وهو مختار
ابن مالك وإن أباه
ابن هشام .
ويجوز أن يكون تعسا لهم مستعملا في الدعاء عليهم لقصد التحقير والتفظيع ، وذلك من استعمالات هذا المركب مثل سقيا له ، ورعيا له ، وتبا له ، وويحا له ، وحينئذ يتعين في الآية فعل قول محذوف تقديره : فقال الله : تعسا لهم ، أو فيقال : تعسا لهم .
ودخلت الفاء على تعسا وهو خبر الموصول لمعاملة الموصول معاملة الشرط .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وأضل أعمالهم إشارة إلى ما تقدم في أول السورة من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ، وتقدم القول على
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أضل أعمالهم هنالك .
والقول في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذلك بأنهم كرهوا إلخ في معناه ، وفي موقعه من الجملة التي قبله وفي نكتة تكريره كما تقدم في قوله ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل .
والإشارة إلى التعس وإضلال الأعمال المتقدم ذكرهما . والكراهية : البغض والعداوة .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ما أنزل الله هو القرآن وما فيه من التوحيد والرسالة والبعث ، قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كبر على المشركين ما تدعوهم إليه .
والباء في
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9بأنهم كرهوا للسببية .
[ ص: 87 ] nindex.php?page=treesubj&link=30532_30558_30539_30515وإحباط الأعمال إبطالها : أي جعلها بطلا ، أي ضائعة لا نفع لهم منها ، والمراد بأعمالهم : الأعمال التي يرجون منها النفع في الدنيا لأنهم لم يكونوا يرجون نفعها في الآخرة إذ هم لا يؤمنون بالبعث وإنما كانوا يرجون من الأعمال الصالحة رضا الله ورضا الأصنام ليعيشوا في سعة رزق وسلامة وعافية ، وتسلم أولادهم وأنعامهم ، فالأعمال المحبطة بعض الأعمال المضللة ، وإحباطها هو عدم تحقق ما رجوه منها فهو أخص من إضلال أعمالهم كما علمته عند قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم أول السورة .
والمقصود من ذكر هذا الخاص بعد العام التنبيه على أنهم لم ينتفعوا بها لئلا يظن المؤمنون أنها قد تخفف عنهم من العذاب فقد كانوا يتساءلون عن ذلك ، كما في حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002397 nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أعمال كان يتحنث بها في الجاهلية من عتاقة ونحوها فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أسلمت على ما سلف من خير أي ولو لم يسلم لما كان له فيها خير .
والمعنى : أنهم لو آمنوا بما أنزل الله لانتفعوا بأعمالهم الصالحة في الآخرة وهي المقصود الأهم وفي الدنيا على الجملة .
وقد حصل من ذكر هذا الخاص بعد العام تأكيد الخير المذكور .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29018_29468_30515وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) فَإِنَّ الْمُقَاتِلِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28907وَالتَّعْسُ : الشَّقَاءُ وَيُطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ : الْهَلَاكُ ، وَالْخَيْبَةُ ، وَالِانْحِطَاطُ ، وَالسُّقُوطُ ، وَهِيَ مَعَانٍ تَحُومُ حَوْلَ الشَّقَاءِ ، وَقَدْ كَثُرَ أَنْ يُقَالَ : تَعْسًا لَهُ ، لِلْعَاثِرِ الْبَغِيضِ ، أَيْ سُقُوطًا وَخُرُورًا لَا نُهُوضَ مِنْهُ . وَيُقَابِلُهُ قَوْلُهُمْ لِلْعَاثِرِ : لَعًا لَهُ ، أَيِ ارْتِفَاعًا ، قَالَ
الْأَعْشَى :
بِذَاتِ لَوْثٍ عَفَرْنَاةٍ إِذَا عَـثَـرَتْ فَالتَّعْسُ أَوْلَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ لَعَا
وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ فَعَثَرَتْ
أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ
مِسْطَحٌ ، لِأَنَّ الْعِثَارَ تَعْسٌ .
وَمِنْ بَدَائِعِ الْقُرْآنِ وُقُوعُ فَتَعْسًا لَهُمْ فِي جَانِبِ الْكُفَّارِ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ .
[ ص: 86 ] وَالْفِعْلُ مِنَ التَّعْسِ يَجِيءُ مِنْ بَابِ مَنَعَ وَبَابِ سَمِعَ ، وَفِي الْقَامُوسِ إِذَا خَاطَبْتَ قُلْتَ : تَعَسْتَ كَمَنَعَ ، وَإِذَا حَكَيْتَ قُلْتَ : تَعِسَ كَسَمِعَ .
وَانْتَصَبَ تَعْسًا عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ بَدَلًا مِنْ فِعْلِهِ . وَالتَّقْدِيرُ : فَتَعِسُوا تَعْسَهُمْ ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ مِثْلُ تَبًّا لَهُ ، وَوَيْحًا لَهُ . وَقُصِدَ مِنَ الْإِضَافَةِ اخْتِصَاصُ التَّعْسِ بِهِمْ ، ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَى الْفَاعِلِ لَامُ التَّبْيِينِ فَصَارَ تَعْسًا لَهُمْ . وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ ، أَوْ بِعَامِلِهِ الْمَحْذُوفِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَهُوَ مُخْتَارُ
ابْنِ مَالِكٍ وَإِنَّ أَبَاهُ
ابْنُ هِشَامٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْسًا لَهُمْ مُسْتَعْمَلًا فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ لِقَصْدِ التَّحْقِيرِ وَالتَّفْظِيعِ ، وَذَلِكَ مِنَ اسْتِعْمَالَاتِ هَذَا الْمُرَكَّبِ مِثْلَ سَقْيًا لَهُ ، وَرَعْيًا لَهُ ، وَتَبًّا لَهُ ، وَوَيْحًا لَهُ ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ فِي الْآيَةِ فِعْلُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : فَقَالَ اللَّهُ : تَعْسًا لَهُمْ ، أَوْ فَيُقَالُ : تَعْسًا لَهُمْ .
وَدَخَلَتِ الْفَاءُ عَلَى تَعْسًا وَهُوَ خَبَرُ الْمَوْصُولِ لِمُعَامَلَةِ الْمَوْصُولِ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ هُنَالِكَ .
وَالْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا إِلَخْ فِي مَعْنَاهُ ، وَفِي مَوْقِعِهِ مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَفِي نُكْتَةِ تَكْرِيرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ .
وَالْإِشَارَةُ إِلَى التَّعْسِ وَإِضْلَالِ الْأَعْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمَا . وَالْكَرَاهِيَةُ : الْبُغْضُ وَالْعَدَاوَةُ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9مَا أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الْقُرْآنُ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْبَعْثِ ، قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ .
وَالْبَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا لِلسَّبَبِيَّةِ .
[ ص: 87 ] nindex.php?page=treesubj&link=30532_30558_30539_30515وَإِحْبَاطُ الْأَعْمَالِ إِبْطَالُهَا : أَيْ جَعْلُهَا بُطْلًا ، أَيْ ضَائِعَةً لَا نَفْعَ لَهُمْ مِنْهَا ، وَالْمُرَادُ بِأَعْمَالِهِمْ : الْأَعْمَالُ الَّتِي يَرْجُونَ مِنْهَا النَّفْعَ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَرْجُونَ نَفْعَهَا فِي الْآخِرَةِ إِذْ هُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ وَإِنَّمَا كَانُوا يَرْجُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ رِضَا اللَّهِ وَرِضَا الْأَصْنَامِ لِيَعِيشُوا فِي سَعَةِ رِزْقٍ وَسَلَامَةٍ وَعَافِيَةٍ ، وَتَسْلَمَ أَوْلَادُهُمْ وَأَنْعَامُهُمْ ، فَالْأَعْمَالُ الْمُحْبَطَةُ بَعْضُ الْأَعْمَالِ الْمُضَلِّلَةِ ، وَإِحْبَاطُهَا هُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ مَا رَجَوْهُ مِنْهَا فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ إِضْلَالِ أَعْمَالِهِمْ كَمَا عَلِمْتَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ أَوَّلَ السُّورَةِ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا لِئَلَّا يَظُنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهَا قَدْ تُخَفِّفُ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فَقَدْ كَانُوا يَتَسَاءَلُونَ عَنْ ذَلِكَ ، كَمَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002397 nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَعْمَالٍ كَانَ يُتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَتَاقَةٍ وَنَحْوِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ أَيْ وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَمَا كَانَ لَهُ فِيهَا خَيْرٌ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ لَوْ آمَنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَانْتَفَعُوا بِأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ فِي الْآخِرَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ وَفِي الدُّنْيَا عَلَى الْجُمْلَةِ .
وَقَدْ حَصَلَ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَأْكِيدُ الْخَيْرِ الْمَذْكُورِ .