اللمز : ذكر ما يعده الذاكر عيبا لأحد مواجهة فهو المباشرة بالمكروه . فإن كان بحق فهو وقاحة واعتداء ، وإن كان باطلا فهو وقاحة وكذب ، وكان شائعا بين العرب في جاهليتهم ، قال تعالى : ويل لكل همزة لمزة يعني نفرا من المشركين كان دأبهم لمز رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكون بحالة بين الإشارة والكلام بتحريك الشفتين بكلام خفي يعرف منه المواجه به أنه يذم أو يتوعد ، أو يتنقص باحتمالات كثيرة ، وهو غير النبز وغير الغيبة .
وللمفسرين وكتب اللغة اضطراب في شرح معنى اللمز وهذا الذي ذكرته هو المنخول من ذلك .
ومعنى ( ولا تلمزوا أنفسكم ) لا يلمز بعضكم بعضا فنزل البعض الملموز نفسا للامزه لتقرر معنى الأخوة ، وقد تقدم نظيره عند قوله : ولا تخرجون أنفسكم من دياركم في سورة البقرة .
والتنابز : نبز بعضهم بعضا ، والنبز بسكون الباء : ذكر النبز بتحريك الباء وهو اللقب السوء ، كقولهم : أنف الناقة ، وقرقور ، وبطة ، وكان غالب الألقاب في الجاهلية نبزا . قال بعض الفزاريين :
أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوأة اللقب
روي برفع " السوأة اللقب " فيكون جريا على الأغلب عندهم في اللقب وأنه سوأة . ورواه ديوان الحماسة بنصب السوأة على أن الواو واو المعية . وروي بالسوأة اللقبا أي لا ألقبه لقبا ملابسا للسوءة فيكون أراد تجنب بعض اللقب [ ص: 249 ] وهو ما يدل على سوء . ورواية الرفع أرجح وهي التي يقتضيها استشهاد ببيت بعده في باب ظن . ولعل ما وقع في ديوان الحماسة من تغييرات سيبويه أبي تمام التي نسب إليه بعضها في بعض أبيات الحماسة لأنه رأى النصب أصح معنى .
فالمراد بـ " الألقاب " في الآية الألقاب المكروهة بقرينة " ولا تنابزوا " .
واللقب ما أشعر بخسة أو شرف سواء كان ملقبا به صاحبه أم اخترعه له النابز له .
وقد خصص النهي في الآية بـ " الألقاب " التي لم يتقادم عهدها حتى صارت كالأسماء لأصحابها وتنوسي منها قصد الذم والسب خص بما وقع في كثير من الأحاديث كقول النبيء صلى الله عليه وسلم ، وقوله أصدق ذو اليدين : يا لأبي هريرة أبا هر ، ولقب شاول ملك إسرائيل في القرآن طالوت ، وقول المحدثين ، الأعرج لعبد الرحمن بن هرمز . والأعمش لسليمان بن مهران
وإنما قال : " ولا تلمزوا " بصيغة الفعل الواقع من جانب واحد وقال : " ولا تنابزوا " بصيغة الفعل الواقع من جانبين ، لأن اللمز قليل الحصول ، فهو كثير في الجاهلية في قبائل كثيرة ، منهم : بنو سلمة بالمدينة قاله ابن عطية .