فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون .
فرع على وعيدهم إنذار آخر بالويل ، أو إنشاء زجر .
والويل : الشر وسوء الحال ، وتقدم في قوله " فويل لهم مما كتبت أيديهم " في سورة البقرة ، وتنكيره للتعظيم .
والكلام يحتمل الإخبار بحصول ويل ، أي : عذاب وسوء حال لهم يوم أوعدوا به ، ويحتمل إنشاء الزجر والتعجيب من سوء حالهم في يوم أوعدوه .
و من للابتداء المجازي ، أي : سوء حال بترقبهم عذابا آتيا من اليوم الذي أوعدوه .
[ ص: 32 ] والذين كفروا : هم الذين ظلموا ، عدل عن ضميرهم إلى الاسم الظاهر لما فيه من تأكيد الاسم السابق تأكيدا بالمرادف ، مع ما في صفة الكفر من الإيماء إلى أنهم لم يشكروا نعمة خالقهم .
واليوم الذي أوعدوه هو زمن حلول العذاب فيحتمل أن يراد يوم القيامة ويحتمل حلول العذاب في الدنيا ، وأيا ما كان فمضمون هذه الجملة مغاير لمضمون التي قبلها .
وإضافة يوم إلى ضميرهم للدلالة على اختصاصه بهم ، أي : هو معين لجزائهم كما أضيف يوم إلى ضمير المؤمنين في قوله تعالى وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون .
واليوم : يصدق بيوم القيامة ، ويصدق بيوم بدر الذي استأصل الله فيه شوكتهم .
ولما كان المضاف إليه ضمير الكفار المعينين وهم كفار مكة ، ترجح أن يكون المراد من هذا اليوم يوما خاصا بهم وإنما هو يوم بدر ؛ لأن يوم القيامة لا يختص بهم بل هو عام لكفار الأمم كلهم بخلاف اليوم الذي في قوله في سورة الأنبياء وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ؛ لأن ضمير الخطاب فيه عائد إلى الذين سبقت لهم منا الحسنى كلهم .
وفي الآية من اللطائف تمثيل ما سيصيب الذين كفروا بالذنوب ، والذنوب يناسب القليب وقد كان مثواهم يوم بدر قليب بدر الذي رميت فيه أشلاء سادتهم وهو اليوم القائل فيه شداد بن أوس الليثي المكنى أبا بكر يرثي قتلاهم : وماذا بالقليب قليب بدر من الشيزى تزين بالسنام تحيي بالسلامة أم بكر
وهل لي بعد قومي من سلام ولعل هذا مما يشمل قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - حين وقف على القليب يوم بدر . قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا
[ ص: 33 ] وفي قوله من يومهم الذي يوعدون مع قوله في أول السورة إنما توعدون لصادق رد العجز على الصدر ، ففيه إيذان بانتهاء السورة وذلك من براعة المقطع .