[ ص: 116 ] إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا .
موقع هذه الجملة ذو شعب : فإن فيها بيانا لجملة وما لهم به من علم وعودا إلى جملة إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، وتأكيدا لمضمونها وتوطئة لتفريع فأعرض عن من تولى عن ذكرنا .
واستعير الاتباع للأخذ بالشيء واعتقاد مقتضاه ، أي : ما يأخذون في ذلك إلا بدليل الظن المخطئ .
وأطلق الظن على الاعتقاد المخطئ كما هو غالب إطلاقه مع قرينة قوله عقبه وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وتقدم نظيره آنفا .
وأظهر لفظ الظن دون ضميره لتكون الجملة مستقلة بنفسها فتسير مسير الأمثال .
ونفي الإغناء معناه نفي الإفادة ، أي : لا يفيد شيئا من الحق فحرف " من " بيان وهو مقدم على المبين أعني شيئا .
و " شيئا " منصوب على المفعول به ل " يغني " .
والمعنى : أن الحق حقائق الأشياء على ما هي عليه وإدراكها هو العلم ( المعرف بأنه تصور المعلوم على ما هو عليه والظن لا يفيد ذلك الإدراك بذاته فلو صادف الحق فذلك على وجه الصدفة والاتفاق ، وخاصة الظن المخطئ كما هنا .