وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر يجوز أن يكون تذييلا للإخبار بانشقاق القمر ، فيكون المراد ب " آية " في قوله وإن يروا آية القمر . فقد جاء في بعض الآثار : أن المشركين لما رأوا انشقاق [ ص: 172 ] القمر قالوا : هذا سحر محمد بن أبي كبشة ، وفي رواية قالوا : قد سحر محمد القمر ، ويجوز أن يكون كلاما مستأنفا من ذكر أحوال تكذيبهم ومكابرتهم ، وعلى كلا الوجهين فإن وقوع آية وهو نكرة في سياق الشرط يفيد العموم .
وجيء بهذا الخبر في صورة الشرط للدلالة على أن هذا ديدنهم ودأبهم .
وضمير " يروا " عائد إلى ضمير غير مذكور في الكلام دال عليه المقام ، وهو المشركون ، كما جاء في مواضع كثيرة من القرآن ، مع أن قصة انشقاق القمر وطعنهم فيها مشهور يومئذ معروفة أصحابه ، فهم مستمرون عليه كلما رأوا آية على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
ووصف " مستمر " يجوز أن يكون مشتقا من فعل مر الذي هو مجاز في الزوال ، والسين والتاء للتقوية في الفعل ، أي لا يبقى القمر منشقا . ويجوز أن يكون مشتقا من المرة بكسر الميم ، أي القوة ، والسين والتاء للطلب ، أي طلب لفعله مرة ، أي : قوة ، أي تمكننا . والمعنى : هذا سحر معروف متكرر ، أي : معهود منه مثله .