[ ص: 222 ] ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر .
التفت من طريق الغيبة إلى الخطاب ومرجع الخطاب هم المشركون لظهور أنهم المقصود بالتهديد ، وهو تصريح بما تضمنه قوله أكفاركم خير من أولئكم فهو بمنزلة النتيجة لقوله إنا كل شيء خلقناه بقدر إلى كلمة كلمح بالبصر .
وهذا الخبر مستعمل في التهديد بالإهلاك وبأنه يفاجئهم قياسا على إهلاك الأمم السابقة ، وهذا المقصد هو الذي لأجله أكد الخبر بلام القسم وحرف ( قد ) . أما إهلاك من قبلهم فهو معلوم . لا يحتاج إلى تأكيد .
ولك أن تجعل مناط التأكيد إثبات أن إهلاكهم كان لأجل شركهم وتكذيبهم الرسل . وتفريع فهل من مدكر قرينة على إرادة المعنيين فإن قوم نوح بقوا أزمانا فما أقلعوا عن إشراكهم حتى أخذهم الطوفان بغتة . وكذلك عاد وثمود كانوا غير مصدقين بحلول العذاب بهم فلما حل بهم العذاب حل بهم بغتة ، وقوم فرعون خرجوا مقتفين موسى وبني إسرائيل واثقين بأنهم مدركوهم واقتربوا منهم وظنوا أنهم تمكنوا منهم فما راعهم إلا أن أنجى الله بني إسرائيل وانطبق البحر على الآخرين .
والمعنى : فكما أهلكنا أشياعكم نهلككم ، وكذلك كان ، فإن المشركين لما حلوا ببدر وهم أوفر عددا وعددا كانوا واثقين بأنهم منقذون عيرهم وهازمون المسلمين فقال أبو جهل وقد ضرب فرسه وتقدم إلى الصف " اليوم ننتصر من محمد وأصحابه " فلم تجل الخيل جولة حتى شاهدوا صناديدهم صرعى ببدر : أبا جهل ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف وغيرهم في سبعين رجلا ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة .
والأشياع : جمع شيعة .
والشيعة : الجماعة الذين يؤيدون من يضافون إليه ، وتقدم في قوله تعالى إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا في آخر سورة الأنعام .
[ ص: 223 ] وأطلق الأشياع هنا على الأمثال والأشباه في الكفر على طريق الاستعارة بتشبيههم وهم منقرضون بأشياع موجودين .
وفرع على هذا الإنذار قوله فهل من مدكر وتقدم نظيره في هذه السورة .