[ ص: 238 ] هنالك دعا زكرياء ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء .
أي في ذلك المكان ، قبل أن يخرج ، وقد نبهه إلى الدعاء مشاهدة خوارق العادة مع قول مريم : إن الله يرزق من يشاء بغير حساب والحكمة ضالة المؤمن ، وأهل النفوس الزكية يعتبرون بما يرون ويسمعون ، فلذلك عمد إلى الدعاء بطلب الولد في غير إبانه ، وقد كان في حسرة من عدم الولد كما حكى الله عنه في سورة مريم . وأيضا فقد كان حينئذ في مكان شهد فيه فيضا إلهيا . ولم يزل كذلك ، وما هي إلا كالذوات الصالحة في أنها محال تجليات رضا الله . أهل الخير يتوخون الأمكنة بما حدث فيها من خير ، والأزمنة الصالحة
وسأل الذرية الطيبة لأنها التي يرجى منها خير الدنيا والآخرة بحصول الآثار الصالحة النافعة . ومشاهدة خوارق العادات خولت لزكرياء الدعاء بما هو من الخوارق ، أو من المستبعدات ، لأنه رأى نفسه غير بعيد عن عناية الله تعالى ، لا سيما في زمن الفيض أو مكانه ، فلا يعد دعاؤه بذلك تجاوزا لحدود الأدب مع الله على نحو ما قرره القرافي في الفرق بين ما يجوز من الدعاء وما لا يجوز . وسميع هنا بمعنى مجيب .