قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر .
وقوله قالت رب جملة معترضة ، من كلامها ، بين كلام الملائكة .
والنداء للتحسر وليس للخطاب : لأن الذي كلمها هو الملك ، وهي قد توجهت إلى الله .
والاستفهام في قوله أنى يكون لي ولد للإنكار والتعجب ولذلك أجيب جوابين أحدهما كذلك الله يخلق ما يشاء فهو لرفع إنكارها ، والثاني إذا قضى أمرا إلخ ، لرفع تعجبها .
وجملة قال كذلك الله يخلق إلخ جواب استفهامها ولم تعطف لأنها جاءت على طريقة المحاورات كما تقدم في قوله تعالى : قالوا أتجعل فيها وما بعدها في سورة البقرة والقائل لها هو الله تعالى بطريق الوحي .
واسم الإشارة في قوله : " كذلك " راجع إلى معنى المذكور في قوله : إن الله يبشرك بكلمة منه إلى قوله " وكهلا " أي مثل ذلك الخلق المذكور يخلق الله ما يشاء .
وتقديم اسم الجلالة على الفعل في قوله الله يخلق لإفادة تقوي الحكم وتحقيق الخبر .
[ ص: 249 ] وعبر عن تكوين الله لعيسى بفعل " يخلق " لأنه إيجاد كائن من غير الأسباب المعتادة لإيجاد مثله ، فهو خلق أنف غير ناشئ عن أسباب إيجاد الناس ، فكان لفعل " يخلق " هنا موقع متعين ، فإن الصانع إذا صنع شيئا من مواد معتادة وصنعة معتادة ، لا يقول خلقت وإنما يقول صنعت .