nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29034_30514_32944يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون .
انتقال من كشف أحوال المنافقين المسوق للحذر منهم والتحذير من صفاتهم . إلى الإقبال على خطاب المؤمنين بنهيهم عما شأنه أن يشغل عن التذكر لما أمر الله ونهى ، ثم الأمر بالإنفاق في سبل الخير في سبيل الله ومصالح المسلمين وجماعتهم وإسعاف آحادهم ، لئلا يستهويهم قول المنافقين
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=7لا تنفقوا على من عند رسول الله والمبادرة إلى ذلك قبل إتيان الموت الذي لا يدرى وقت حلوله حين تمنى أن يكون قد تأخر أجله ليزيد من العمل الصالح فلا ينفعه التمني وهو تمهيد لقوله بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وأنفقوا من ما رزقناكم ، فالمناسبة لهذا الانتقال هو حكاية مقال المنافقين ولذلك قدم ذكر الأقوال على ذكر الأولاد لأنها أهم بحسب السياق .
[ ص: 251 ] ونودي المخاطبون بطريق الموصول لما تؤذن به الصلة من التهمم لامتثال النهي .
وخص الأموال والأولاد بتوجه النهي عن الاشتغال بها اشتغالا يلهي عن ذكر الله لأن الأموال مما يكثر إقبال الناس على إنمائها والتفكير في اكتسابها بحيث تكون أوقات الشغل بها أكثر من أوقات الشغل بالأولاد . ولأنها كما تشغل عن ذكر الله بصرف الوقت في كسبها ونمائها ، تشغل عن ذكره أيضا بالتذكير لكنزها بحيث ينسى ذكر ما دعا الله إليه من إنفاقها .
وأما ذكر الأولاد فهو إدماج لأن الاشتغال بالأولاد والشفقة عليهم وتدبير شئونهم وقضاء الأوقات في التأنس بهم من شأنه أن ينسي عن تذكر أمر الله ونهيه في أوقات كثيرة فالشغل بهذين أكثر من الشغل بغيرهما .
وصيغ الكلام في قالب توجيه النهي عن الإلهاء عن الذكر ، إلى الأموال والأولاد والمراد نهي أصحابها ، وهو استعمال معروف وقرينته هنا قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون . وأصله مجاز عقلي مبالغة في نهي أصحابها عن الاشتغال بسببها عن ذكر الله ، فنزل سبب الإلهاء منزلة اللاهي للملابسة بينهما وهو كثير في القرآن وغيره كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان وقولهم لا أعرفنك تفعل كذا .
و ( لا ) في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9ولا أولادكم ) نافية عاطفة أولادكم على أموالكم ، والمعطوف عليه مدخول لا الناهية لأن النهي يتضمن النفي إذ هو طلب عدم الفعل ف ( لا ) الناهية أصلها ( لا ) النافية أشربت معنى النهي عند قصد النهي فجزمت الفعل حملا على مضادة معنى لام الأمر فأكد النهي عن الاشتغال بالأولاد بحرف النفي ليكون للاشتغال بالأولاد حظ مثل حظ الأموال .
و ذكر الله مستعمل في معنييه الحقيقي والمجازي . فيشمل الذكر باللسان كالصلاة وتلاوة القرآن ، والتذكر بالعقل كالتدبر في صفاته واستحضار امتثاله قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه .
وفيه أن الاشتغال بالأموال والأولاد الذي لا يلهي عن ذكر الله ليس بمذموم وله مراتب .
[ ص: 252 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ، دليل على قول علماء أصول الفقه النهي اقتضاء كف عن فعل .
والإشارة بذلك إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28373_32944اللهو عن ذكر الله بسبب الأموال والأولاد ، أي ومن يله عن ذكر الله ، أي يترك ذكر الله الذي أوجبه مثل الصلاة في الوقت ويترك تذكر الله ، أي مراعاة أوامره ونواهيه .
ومتى كان اللهو عن ذكر الله بالاشتغال بغير الأموال وغير الأولاد كان أولى بحكم النهي والوعيد عليه .
وأفاد ضمير الفصل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9فأولئك هم الخاسرون قصر صفة الخاسر على الذين يفعلون الذي نهوا عنه ، وهو قصر ادعائي للمبالغة في اتصافهم بالخسران كأن خسران غيرهم لا يعد خسرانا بالنسبة إلى خسرانهم .
والإشارة إليهم ب أولئك للتنبيه على أنهم استحقوا ما بعد اسم الإشارة بسبب ما ذكر قبل اسم الإشارة ، أعني اللهو عن ذكر الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29034_30514_32944يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ .
انْتِقَالٌ مِنْ كَشْفِ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ الْمَسُوقِ لِلْحَذَرِ مِنْهُمْ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ صِفَاتِهِمْ . إِلَى الْإِقْبَالِ عَلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ بِنَهْيِهِمْ عَمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَشْغَلَ عَنِ التَّذَكُّرِ لِمَا أَمْرَ اللَّهُ وَنَهَى ، ثُمَّ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَتِهِمْ وَإِسْعَافِ آحَادِهِمْ ، لِئَلَّا يَسْتَهْوِيَهُمْ قَوْلُ الْمُنَافِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=7لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى ذَلِكَ قَبْلَ إِتْيَانِ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يُدْرَى وَقْتُ حُلُولِهِ حِينَ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ قَدْ تَأَخَّرَ أَجَلُهُ لِيَزِيدَ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَلَا يَنْفَعُهُ التَّمَنِّي وَهُوَ تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ ، فَالْمُنَاسِبَةُ لِهَذَا الِانْتِقَالِ هُوَ حِكَايَةُ مَقَالِ الْمُنَافِقِينَ وَلِذَلِكَ قَدَّمَ ذِكْرَ الْأَقْوَالِ عَلَى ذِكْرِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهَا أَهَمُّ بِحَسَبِ السِّيَاقِ .
[ ص: 251 ] وَنُودِيَ الْمُخَاطَبُونَ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِ لِمَا تُؤْذِنُ بِهِ الصِّلَةُ مِنَ التَّهَمُّمِ لِامْتِثَالِ النَّهْيِ .
وَخُصَّ الْأَمْوَالُ وَالْأَوْلَادُ بِتَوَجُّهِ النَّهْيِ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِهَا اشْتِغَالًا يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ مِمَّا يَكْثُرُ إِقْبَالُ النَّاسِ عَلَى إِنْمَائِهَا وَالتَّفْكِيرِ فِي اكْتِسَابِهَا بِحَيْثُ تَكُونُ أَوْقَاتُ الشُّغْلِ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَوْقَاتِ الشُّغْلِ بِالْأَوْلَادِ . وَلِأَنَّهَا كَمَا تَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِصَرْفِ الْوَقْتِ فِي كَسْبِهَا وَنَمَائِهَا ، تَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِهِ أَيْضًا بِالتَّذْكِيرِ لِكَنْزِهَا بِحَيْثُ يُنْسَى ذِكْرُ مَا دَعَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ إِنْفَاقِهَا .
وَأَمَّا ذِكْرُ الْأَوْلَادِ فَهُوَ إِدْمَاجٌ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْأَوْلَادِ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ وَتَدْبِيرَ شُئُونِهِمْ وَقَضَاءَ الْأَوْقَاتِ فِي التَّأَنُّسِ بِهِمْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُنْسِيَ عَنْ تَذَكُّرِ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ فَالشُّغْلُ بِهَذَيْنِ أَكْثَرُ مِنَ الشُّغْلِ بِغَيْرِهِمَا .
وَصِيغَ الْكَلَامُ فِي قَالَبِ تَوْجِيهِ النَّهْيِ عَنِ الْإِلْهَاءِ عَنِ الذَّكْرِ ، إِلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمُرَادُ نَهْيُ أَصْحَابِهَا ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ مَعْرُوفٌ وَقَرِينَتُهُ هُنَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ . وَأَصْلُهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ مُبَالَغَةً فِي نَهْيِ أَصْحَابِهَا عَنِ الِاشْتِغَالِ بِسَبَبِهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، فَنُزِّلَ سَبَبُ الْإِلْهَاءِ مَنْزِلَةَ اللَّاهِي لِلْمُلَابَسَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ وَقَوْلِهِمْ لَا أَعْرِفَنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا .
وَ ( لَا ) فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9وَلَا أَوْلَادُكُمْ ) نَافِيَةٌ عَاطِفَةٌ أَوْلَادُكُمْ عَلَى أَمْوَالُكُمْ ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مَدْخُولُ لَا النَّاهِيَةِ لِأَنَّ النَّهْيَ يَتَضَمَّنُ النَّفْيَ إِذْ هُوَ طَلَبُ عَدَمِ الْفِعْلِ فَ ( لَا ) النَّاهِيَةِ أَصْلُهَا ( لَا ) النَّافِيَةُ أُشْرِبَتْ مَعْنَى النَّهْيِ عِنْدَ قَصْدِ النَّهْيِ فَجَزَمَتِ الْفِعْلَ حَمْلًا عَلَى مُضَادَّةِ مَعْنَى لَامِ الْأَمْرِ فَأُكِّدَ النَّهْيُ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْأَوْلَادِ بِحَرْفِ النَّفْيِ لِيَكُونَ لِلِاشْتِغَالِ بِالْأَوْلَادِ حَظٌّ مِثْلُ حَظِّ الْأَمْوَالِ .
وَ ذِكْرِ اللَّهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْهِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ . فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ بِالْلِسَانِ كَالصَّلَاةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، وَالتَّذَكُّرَ بِالْعَقْلِ كَالتَّدَبُّرِ فِي صِفَاتِهِ وَاسْتِحْضَارِ امْتِثَالِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالْلِسَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ .
وَفِيهِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ الَّذِي لَا يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ وَلَهُ مَرَاتِبُ .
[ ص: 252 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ، دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِ عُلَمَاءِ أُصُولِ الْفِقْهِ النَّهْيُ اقْتِضَاءُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ .
وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28373_32944اللَّهْوِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِسَبَبِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ، أَيْ وَمَنْ يُلْهَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، أَيْ يَتْرُكُ ذِكْرَ اللَّهِ الَّذِي أُوجَبَهُ مِثْلَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَيَتْرُكُ تَذَكُّرَ اللَّهِ ، أَيْ مُرَاعَاةَ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ .
وَمَتَى كَانَ اللَّهْوُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِ الْأَوْلَادِ كَانَ أَوْلَى بِحُكْمِ النَّهْيِ وَالْوَعِيدِ عَلَيْهِ .
وَأَفَادَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قَصْرَ صِفَةِ الْخَاسِرِ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الَّذِي نُهُوا عَنْهُ ، وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي اتِّصَافِهِمْ بِالْخُسْرَانِ كَأَنَّ خُسْرَانَ غَيْرِهِمْ لَا يُعَدُّ خُسْرَانًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى خُسْرَانِهِمْ .
وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِمْ بِ أُولَئِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا مَا بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، أَعْنِي اللَّهْوَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ .