وإنه لتذكرة للمتقين عطف على إنه لقول رسول كريم ، والضمير عائد إلى القرآن الذي تقدم ضميره في قوله إنه لقول رسول كريم فلما أبطل طعنهم في القرآن بأنه قول شاعر ، أو قول كاهن أعقب ببيان شرفه ونفعه ، إمعانا في إبطال كلامهم بإظهار الفرق البين بينه وبين شعر الشعراء وزمزمة الكهان ؛ إذ هو تذكرة وليس ما ألحقوه به من أقوال أولئك من التذكير في شيء .
والتذكرة : اسم مصدر التذكير وهو التنبيه إلى مغفول عنه .
والإخبار : ب ( إنه تذكرة ) إخبار بالمصدر للمبالغة في الوصف . والمعنى : أنه مذكر للناس بما يغفلون عنه من العلم بالله وما يليق بجلاله لينتشلهم من هوة التمادي في الغفلة حتى يفوت الفوات ، سواء تذكر أم لم يتذكر ، وقد تقدم تسمية القرآن بالذكر والتذكير في آيات عديدة منها قوله تعالى في سورة طه فالقرآن في ذاته تذكرة لمن يريد أن يتذكر إلا تذكرة لمن يخشى وقوله وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر في سورة الحجر .
والمراد بالمتقين المؤمنون فإنهم المتصفون بتقوى الله لأنهم يؤمنون بالبعث والجزاء دون المشركين . فالقرآن كان هاديا إياهم للإيمان كما قال تعالى هدى للمتقين [ ص: 149 ] وكلما نزل منه شيء أو تلوا منه شيئا ذكرهم بما علموا ؛ لئلا تعتريهم غفلة أو نسيان فالقرآن تذكرة للمتقين في الماضي والحال والمستقبل ، فإن الإخبار عنه باسم المصدر يتحمل الأزمنة الثلاثة ؛ إذ المصدر لا إشعار له بوقت بخلاف الفعل وما أشبهه .
وإنما علق ( للمتقين ) بكونه تذكرة ؛ لأن المتقين هم الذين أدركوا مزيته .