nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29055_29468_30356_28760فأما من أوتي كتابه بيمينه nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=8فسوف يحاسب حسابا يسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=9وينقلب إلى أهله مسرورا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وأما من أوتي كتابه وراء ظهره nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=11فسوف يدعو ثبورا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=12ويصلى سعيرا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=13إنه كان في أهله مسرورا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إنه ظن أن لن يحور nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=15بلى إن ربه كان به بصيرا .
هذا تفصيل الإجمال الذي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه أي : رجوع جميع الناس أولئك إلى الله ، فمن أوتي كتابه بيمينه فريق من الناس هم المؤمنون ، ومن أوتي كتابه وراء ظهره فريق آخر وهم المشركون كما دل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إنه ظن أن لن يحور ، وبين منتهاهما مراتب ، وإنما جاءت هذه الآية على اعتبار تقسيم الناس يومئذ بين أتقياء ومشركين .
والكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=30356صحيفة الأعمال ، وجعل إيتاؤه إياه بيمينه شعارا للسعادة لما هو متعارف من أن اليد اليمنى تتناول الأشياء الزكية ، وهذا في غريزة البشر نشأ عن كون الجانب الأيمن من الجسد أقدر وأبدر للفعل الذي يتعلق العزم بعمله ، فارتكز في النفوس أن البركة في الجانب الأيمن حتى سموا البركة والسعادة يمنا ، ووسموا ضدها بالشؤم ، فكانت بركة اليمين مما وضعه الله تعالى في أصل فطرة الإنسان ، وتقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين في سورة الصافات ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=27وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=41وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سورة الواقعة ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة في سورة الواقعة .
والباء في قوله : بيمينه للملابسة أو المصاحبة ، أو هي بمعنى في ، وهي متعلقة بـ أوتي .
وحرف سوف أصله لحصول الفعل في المستقبل ، والأكثر أن يراد به
[ ص: 223 ] المستقبل البعيد وذلك هو الشائع ، ويقصد به في الاستعمال البليغ تحقق حصول الفعل واستمراره ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98قال سوف أستغفر لكم ربي في سورة يوسف ، وهو هنا مفيد للتحقيق والاستمرار بالنسبة إلى الفعل القابل للاستمرار وهو ينقلب إلى أهله مسرورا وهو المقصود من هذا الوعد . وقد تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فسوف نصليه نارا في سورة النساء .
nindex.php?page=treesubj&link=30362والحساب اليسير : هو عرض أعماله عليه دون مناقشة فلا يطول زمنه فيعجل به إلى الجنة ، وذلك إذا كانت أعماله صالحة ، فالحساب اليسير كناية عن عدم المؤاخذة .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10من أوتي كتابه وراء ظهره هو الكافر . والمعنى : أنه يؤتى كتابه بشماله كما تقتضيه المقابلة بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=7من أوتي كتابه بيمينه وذلك أيضا في سورة الحاقة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ، أي : يعطى كتابه من خلفه فيأخذه بشماله تحقيرا له ويناول له من وراء ظهره إظهارا للغضب عليه بحيث لا ينظر مناوله كتابه إلى وجهه .
وظرف
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وراء ظهره في موضع الحال من كتابه .
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=9وينقلب إلى أهله أي : يرجع . والانقلاب : الرجوع إلى المكان الذي جيء منه ، وقد تقدم قريبا في سورة المطففين .
والأهل : العشيرة من زوجة وأبناء وقرابة .
وهذا التركيب تمثيل لحال المحاسب حسابا يسيرا في المسرة والفوز والنجاة بعد العمل الصالح في الدنيا ، بحال المسافر لتجارة حين يرجع إلى أهله سالما رابحا لما في الهيئة المشبه بها من وفرة المسرة بالفوز والربح والسلامة ولقاء الأهل وكلهم في مسرة فذلك وجه الشبه بين الهيأتين وهو السرور المألوف للمخاطبين ، فالكلام استعارة تمثيلية .
وليس المراد رجوعه إلى منزله في الجنة ; لأنه لم يكن فيه من قبل حتى يقال لمصيره إليه انقلاب ، ولأنه قد لا يكون له أهل . وهو أيضا كناية عن طول الراحة ; لأن المسافر إذا رجع إلى أهله فارق المتاعب زمان .
[ ص: 224 ] والمراد بالدعاء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=11يدعو ثبورا النداء ، أي : ينادي الثبور بأن يقول : يا ثبوري ، أو يا ثبورا ، كما يقال : يا ويلي ويا ويلتنا .
والثبور : الهلاك وسوء الحال وهي كلمة يقولها من وقع في شقاء وتعس .
والنداء في مثل هذه الكلمات مستعمل في التحسر والتوجع من معنى الاسم الواقع بعد حرف النداء .
ويصلى قرأه
نافع وابن كثير وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بتشديد اللام مضاعف صلاه إذا أحرقه . وقرأه
أبو عمرو وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخلف ويصلى بفتح التحتية وتخفيف اللام مضارع صلي اللازم إذا مسته النار كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=15يصلونها يوم الدين .
وانتصب سعيرا على نزع الخافض بتقدير يصلى بسعير ، وهذا الوجه هو الذي يطرد في جميع المواضع التي جاء فيها لفظ النار ونحوه منصوبا بعد الأفعال المشتقة من الصلي والتصلية ، وقد قدمنا وجهه في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وسيصلون سعيرا في سورة النساء فانظره .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=13إنه كان في أهله مسرورا مستعمل في التعجيب من حالهم كيف انقلبت من ذلك السرور الذي كان لهم في الحياة الدنيا المعروف من أحوالهم بما حكي في آيات كثيرة مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11أولي النعمة وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=31وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين فآلوا إلى ألم النار في الآخرة حتى دعوا بالثبور .
وتأكيد الخبر من شأن الأخبار المستعملة في التعجيب كقول
عمر nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة بن اليمان " إنك عليه لجريء " أي : على النبيء صلى الله عليه وسلم .
وهذه الجملة معترضة .
وموقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إنه ظن أن لن يحور موقع التعليل لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وأما من أوتي كتابه وراء ظهره إلى آخرها .
وحرف إن فيها مغن عن فاء التعليل ، فالمعنى : يصلى سعيرا لأنه ظن أن لن يحور ، أي : لن يرجع إلى الحياة بعد الموت ، أي لأنه يكذب بالبعث ، يقال : حار
[ ص: 225 ] يحور ، إذا رجع إلى المكان الذي كان فيه ، ثم أطلق على الرجوع إلى حالة كان فيها بعد أن فارقها ، وهو المراد هنا وهو من المجاز الشائع في إطلاق الرجوع عليه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23ثم إلينا مرجعكم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=8إنه على رجعه لقادر وسمي يوم البعث يوم المعاد .
وجيء بحرف لن الدال على تأكيد النفي وتأييده لحكاية جزمهم وقطعهم بنفيه .
وحرف بلى يجاب به الكلام المنفي لإبطال نفيه وأكثر وقوعه بعد الاستفهام عن النفي نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى ويقع بعد غير الاستفهام أيضا نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=7زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن .
وموقع بلى الاستئناف كأحرف الجواب .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=15إن ربه كان به بصيرا مبينة للإبطال الذي أفاده حرف بلى على وجه الإجمال يعني : أن ظنه باطل ; لأن ربه أنبأه بأنه يبعث .
والمعنى : إن ربه عليم بمآله . وتأكيد ذلك بحرف إن لرده إنكاره البعث الذي أخبر الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فآل المعنى الحاصل من حرف الإبطال ومن حرف التأكيد إلى معنى : أن ربه بصير به ، وأما هو فغير بصير بحاله كقوله : والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
وتعدية بصيرا بالباء لأنه من بصر القاصر بضم الصاد به إذا رآه رؤية محققة ، فالباء فيه معناها الملابسة أو الإلصاق .
وفيه إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=29468_28787حكمة البعث للجزاء ; لأن رب الناس عليم بأحوالهم ، فمنهم المصلح ومنهم المفسد والكل متفاوتون في ذلك ، فليس من الحكمة أن يذهب المفسد بفساده وما ألحقه بالموجودات من مضار وأن يهمل صلاح المصلح ، فجعل الله الحياة الأبدية وجعلها للجزاء على ما قدم صاحبها في حياته الأولى .
وأطلق البصر هنا على العلم التام بالشيء .
[ ص: 226 ] وعلق وصف بصير بضمير الإنسان الذي ظن أن لن يحور ، والمراد : العلم بأحواله لا بذاته .
وتقديم المجرور على متعلقه للاهتمام بهذا المجرور ، أي : بصير به لا محالة مع مراعاة الفواصل .
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29055_29468_30356_28760فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=8فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=9وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=11فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=12وَيُصَلَّى سَعِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=13إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=15بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا .
هَذَا تَفْصِيلُ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=6إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ أَيْ : رُجُوعُ جَمِيعِ النَّاسِ أُولَئِكَ إِلَى اللَّهِ ، فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَرِيقٌ آخَرُ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ، وَبَيْنَ مُنْتَهَاهُمَا مَرَاتِبُ ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى اعْتِبَارِ تَقْسِيمِ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ أَتْقِيَاءَ وَمُشْرِكِينَ .
وَالْكِتَابُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30356صَحِيفَةُ الْأَعْمَالِ ، وَجُعِلَ إِيتَاؤُهُ إِيَّاهُ بِيَمِينِهِ شِعَارًا لِلسَّعَادَةِ لِمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ مِنْ أَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى تَتَنَاوَلُ الْأَشْيَاءَ الزَّكِيَّةَ ، وَهَذَا فِي غَرِيزَةِ الْبَشَرِ نَشَأَ عَنْ كَوْنِ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنَ الْجَسَدِ أَقْدَرُ وَأَبْدَرُ لِلْفِعْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ الْعَزْمُ بِعَمَلِهِ ، فَارْتَكَزَ فِي النُّفُوسِ أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ حَتَّى سَمَّوُا الْبَرَكَةَ وَالسَّعَادَةَ يُمْنًا ، وَوَسَمُوا ضِدَّهَا بِالشُّؤْمِ ، فَكَانَتْ بَرَكَةُ الْيَمِينِ مِمَّا وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَصْلِ فِطْرَةِ الْإِنْسَانِ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=27وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ . وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=41وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ .
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ : بِيَمِينِهِ لِلْمُلَابَسَةِ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ ، أَوْ هِيَ بِمَعْنَى فِي ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ أُوتِيَ .
وَحَرْفُ سَوْفَ أَصْلُهُ لِحُصُولِ الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَالْأَكْثَرُ أَنْ يُرَادَ بِهِ
[ ص: 223 ] الْمُسْتَقْبَلُ الْبَعِيدُ وَذَلِكَ هُوَ الشَّائِعُ ، وَيُقْصَدُ بِهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْبَلِيغِ تَحَقُّقُ حُصُولِ الْفِعْلِ وَاسْتِمْرَارِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=98قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فِي سُورَةِ يُوسُفَ ، وَهُوَ هَنَا مُفِيدٌ لِلتَّحْقِيقِ وَالِاسْتِمْرَارِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِعْلِ الْقَابِلِ لِلِاسْتِمْرَارِ وَهُوَ يَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْوَعْدِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
nindex.php?page=treesubj&link=30362وَالْحِسَابُ الْيَسِيرُ : هُوَ عَرْضُ أَعْمَالِهِ عَلَيْهِ دُونَ مُنَاقَشَةٍ فَلَا يَطُولُ زَمَنُهُ فَيُعَجَّلُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَعْمَالُهُ صَالِحَةً ، فَالْحِسَابُ الْيَسِيرُ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ هُوَ الْكَافِرُ . وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُؤْتَى كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ كَمَا تَقْتَضِيهِ الْمُقَابَلَةُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=7مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَذَلِكَ أَيْضًا فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=25وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ، أَيْ : يُعْطَى كِتَابَهُ مِنْ خَلْفِهِ فَيَأْخُذُهُ بِشَمَالِهِ تَحْقِيرًا لَهُ وَيُنَاوَلُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إِظْهَارًا لِلْغَضَبِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُ مُنَاوِلُهُ كِتَابَهُ إِلَى وَجْهِهِ .
وَظَرْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وَرَاءَ ظَهْرِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ كِتَابِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=9وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ أَيْ : يَرْجِعُ . وَالِانْقِلَابُ : الرُّجُوعُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي جِيءَ مِنْهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي سُورَةِ الْمُطَفِّفِينَ .
وَالْأَهْلُ : الْعَشِيرَةُ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَبْنَاءٍ وَقَرَابَةٍ .
وَهَذَا التَّرْكِيبُ تَمْثِيلٌ لِحَالِ الْمُحَاسَبِ حِسَابًا يَسِيرًا فِي الْمَسَرَّةِ وَالْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ بَعْدَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الدُّنْيَا ، بِحَالِ الْمُسَافِرِ لِتِجَارَةٍ حِينَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا رَابِحًا لِمَا فِي الْهَيْئَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا مِنْ وَفْرَةِ الْمَسَرَّةِ بِالْفَوْزِ وَالرِّبْحِ وَالسَّلَامَةِ وَلِقَاءِ الْأَهْلِ وَكُلِّهِمْ فِي مَسَرَّةٍ فَذَلِكَ وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ الْهَيْأَتَيْنِ وَهُوَ السُّرُورُ الْمَأْلُوفُ لِلْمُخَاطَبِينَ ، فَالْكَلَامُ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ رُجُوعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ قَبْلُ حَتَّى يُقَالَ لِمَصِيرِهِ إِلَيْهِ انْقِلَابٌ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ أَهْلٌ . وَهُوَ أَيْضًا كِنَايَةٌ عَنْ طُولِ الرَّاحَةِ ; لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَارَقَ الْمَتَاعِبَ زَمَانٌ .
[ ص: 224 ] وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=11يَدْعُو ثُبُورًا النِّدَاءُ ، أَيْ : يُنَادِي الثُّبُورَ بِأَنْ يَقُولَ : يَا ثُبُورِي ، أَوْ يَا ثُبُورًا ، كَمَا يُقَالُ : يَا وَيْلِيَ وَيَا وَيْلَتَنَا .
وَالثُّبُورُ : الْهَلَاكُ وَسُوءُ الْحَالِ وَهِيَ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا مَنْ وَقَعَ فِي شَقَاءٍ وَتَعْسٍ .
وَالنِّدَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحَسُّرِ وَالتَّوَجُّعِ مِنْ مَعْنَى الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ حَرْفِ النِّدَاءِ .
وَيُصَلَّى قَرَأَهُ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مُضَاعَفُ صَلَاهُ إِذَا أَحْرَقَهُ . وَقَرَأَهُ
أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ وَيَصْلَى بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ مُضَارِعُ صَلِيَ اللَّازِمِ إِذَا مَسَّتْهُ النَّارُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=15يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ .
وَانْتَصَبَ سَعِيرًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ بِتَقْدِيرِ يَصْلَى بِسَعِيرٍ ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا لَفْظُ النَّارِ وَنَحْوُهُ مَنْصُوبًا بَعْدَ الْأَفْعَالِ الْمُشْتَقَّةِ مِنَ الصِّلِيِّ وَالتَّصْلِيَةِ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَانْظُرْهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=13إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْجِيبِ مِنْ حَالِهِمْ كَيْفَ انْقَلَبَتْ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْمَعْرُوفِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ بِمَا حُكِيَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11أُولِي النَّعْمَةِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=31وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ فَآلُوا إِلَى أَلَمِ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى دَعَوْا بِالثُّبُورِ .
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ مِنْ شَأْنِ الْأَخْبَارِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي التَّعْجِيبِ كَقَوْلِ
عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=21لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ " إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ " أَيْ : عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ .
وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=14إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ مَوْقِعُ التَّعْلِيلِ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=10وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ إِلَى آخِرِهَا .
وَحَرْفُ إِنَّ فِيهَا مُغْنٍ عَنْ فَاءِ التَّعْلِيلِ ، فَالْمَعْنَى : يَصْلَى سَعِيرًا لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ، أَيْ : لَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، أَيْ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُ بِالْبَعْثِ ، يُقَالُ : حَارَ
[ ص: 225 ] يَحُورُ ، إِذَا رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى حَالَةٍ كَانَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ فَارَقَهَا ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ مِنَ الْمَجَازِ الشَّائِعِ فِي إِطْلَاقِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=8إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ وَسُمِّيَ يَوْمُ الْبَعْثِ يَوْمَ الْمَعَادِ .
وَجِيءَ بِحَرْفِ لَنِ الدَّالِّ عَلَى تَأْكِيدِ النَّفْيِ وَتَأْيِيدِهِ لِحِكَايَةِ جَزْمِهِمْ وَقَطْعِهِمْ بِنَفْيِهِ .
وَحَرْفُ بَلَى يُجَابُ بِهِ الْكَلَامُ الْمَنْفِيُّ لِإِبْطَالِ نَفْيِهِ وَأَكْثَرُ وُقُوعِهِ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ عَنِ النَّفْيِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى وَيَقَعُ بَعْدَ غَيْرِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْضًا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=7زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ .
وَمَوْقِعُ بَلَى الِاسْتِئْنَافُ كَأَحْرُفِ الْجَوَابِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=15إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا مُبَيِّنَةٌ لِلْإِبْطَالِ الَّذِي أَفَادَهُ حَرْفُ بَلَى عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ يَعْنِي : أَنَّ ظَنَّهُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ رَبَّهُ أَنْبَأَهُ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ .
وَالْمَعْنَى : إِنَّ رَبَّهُ عَلِيمٌ بِمَآلِهِ . وَتَأْكِيدُ ذَلِكَ بِحَرْفِ إِنَّ لِرَدِّهِ إِنْكَارَهُ الْبَعْثَ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآلَ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ مِنْ حَرْفِ الْإِبْطَالِ وَمِنْ حَرْفِ التَّأْكِيدِ إِلَى مَعْنَى : أَنَّ رَبَّهُ بَصِيرٌ بِهِ ، وَأَمَّا هُوَ فَغَيْرُ بَصِيرٍ بِحَالِهِ كَقَوْلِهِ : وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
وَتَعْدِيَةُ بَصِيرًا بِالْبَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ بَصُرَ الْقَاصِرِ بِضَمِّ الصَّادِ بِهِ إِذَا رَآهُ رُؤْيَةً مُحَقَّقَةً ، فَالْبَاءُ فِيهِ مَعْنَاهَا الْمُلَابَسَةُ أَوِ الْإِلْصَاقُ .
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29468_28787حِكْمَةِ الْبَعْثِ لِلْجَزَاءِ ; لِأَنَّ رَبَّ النَّاسِ عَلِيمٌ بِأَحْوَالِهِمْ ، فَمِنْهُمُ الْمُصْلِحُ وَمِنْهُمُ الْمُفْسِدُ وَالْكُلُّ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَلِكَ ، فَلَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ يَذْهَبَ الْمُفْسِدُ بِفَسَادِهِ وَمَا أَلْحَقَهُ بِالْمَوْجُودَاتِ مِنْ مَضَارَّ وَأَنْ يُهْمَلَ صَلَاحُ الْمُصْلِحِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ الْحَيَاةَ الْأَبَدِيَّةَ وَجَعَلَهَا لِلْجَزَاءِ عَلَى مَا قَدَّمَ صَاحِبُهَا فِي حَيَاتِهِ الْأُولَى .
وَأُطْلِقَ الْبَصَرُ هُنَا عَلَى الْعِلْمِ التَّامِّ بِالشَّيْءِ .
[ ص: 226 ] وَعُلِّقَ وَصْفُ بَصِيرٍ بِضَمِيرِ الْإِنْسَانِ الَّذِي ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ، وَالْمُرَادُ : الْعِلْمُ بِأَحْوَالِهِ لَا بِذَاتِهِ .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْمَجْرُورِ ، أَيْ : بَصِيرٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ مَعَ مُرَاعَاةِ الْفَوَاصِلِ .