فمهل الكافرين أمهلهم رويدا
الفاء لتفريع الأمر بالإمهال على مجموع الكلام السابق من قوله : إنه لقول فصل بما فيه من صريح وتعريض وتبيين ووعد بالنصر ، أي : فلا تستعجل لهم بطلب إنزال العقاب فإنه واقع بهم لا محالة .
والتمهيل : مصدر مهل بمعنى أمهل ، وهو الإنظار إلى وقت معين أو غير معين ، فالجمع بين مهل وأمهلهم تكرير للتأكيد لقصد زيادة التسكين ، وخولف بين الفعلين في التعدية مرة بالتضعيف وأخرى بالهمز لتحسين التكرير .
والمراد بـ الكافرين ما عاد عليه ضمير إنهم يكيدون فهو إظهار في مقام الإضمار للنداء عليهم بمذمة الكفر ، فليس المراد جميع الكافرين بل أريد الكافرون المعهودون .
ورويدا تصغير رود بضم الراء بعدها واو ، ولعله اسم مصدر ، وأما [ ص: 269 ] قياس مصدره فهو رود بفتح الراء وسكون الواو ، وهو المهل وعدم العجلة وهو مصدر مؤكد لفعل أمهلهم فقد أكد قوله : فمهل الكافرين مرتين .
والمعنى : انتظر ما سيحل بهم ولا تستعجل لهم انتظار تربص واتياد فيكون رويدا كناية عن تحقق ما يحل بهم من العقاب ; لأن المطمئن لحصول شيء لا يستعجل به .
وتصغيره للدلالة على التقليل ، أي : مهلة غير طويلة .
ويجوز أن يكون رويدا هنا اسم فعل للأمر ، كما في قولهم : رويدك ; لأن اقترانه بكاف الخطاب إذا أريد به اسم الفعل ليس شرطا ، ويكون الوقف على قوله : الكافرين ورويدا كلاما مستقلا ، فليس وجود فعل من معناه قبله بدليل على أنه مراد به المصدر ، أي : تصبر ولا تستعجل نزول العذاب بهم فيكون كناية عن الوعد بأنه واقع لا محالة .