nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173nindex.php?page=treesubj&link=28974الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=175إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين .
يجوز أن يكون الذين قال لهم الناس إلى آخره ، بدلا من الذين استجابوا لله والرسول أو صفة له ، أو صفة ثانية للمؤمنين في قوله وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين على طريقة ترك العطف في الأخبار . وإنما جيء بإعادة الموصول ، دون أن تعطف الصلة على الصلة ، اهتماما بشأن هذه الصلة الثانية حتى لا تكون كجزء صلة ، ويجوز أن يكون ابتداء كلام مستأنف ، فيكون مبتدأ وخبره قوله إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه أي ذلك القول ، كما سيأتي . وهذا تخلص بذكر شأن من شئون المسلمين كفاهم الله به بأس عدوهم بعد يوم أحد بعام ، إنجازا لوعدهم مع
أبي سفيان إذ قال : موعدكم
بدر في العام القابل ، وكان
أبو سفيان قد كره الخروج إلى لقاء المسلمين في ذلك الأجل ، وكاد للمسلمين ليظهر إخلاف الوعد منهم ليجعل ذلك ذريعة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30569الإرجاف بين العرب بضعف المسلمين ، فجاعل ركبا من
عبد القيس مارين
بمر الظهران قرب
مكة قاصدين
المدينة للميرة ، أن يخبروا المسلمين بأن
قريشا جمعوا لهم جيشا عظيما ، وكان مع الركب
نعيم بن مسعود الأشجعي ، فأخبر نعيم ومن معه المسلمين بذلك فزاد ذلك المسلمين استعدادا وحمية للدين ، وخرجوا إلى الموعد
[ ص: 169 ] وهو
بدر فلم يجدوا المشركين وانتظروهم هناك ، وكانت هنالك سوق فاتجروا ورجعوا سالمين غير مذمومين ، فذلك قوله تعالى الذين قال لهم الناس أي الركب العبديون إن الناس قد جمعوا لكم أي إن قريشا قد جمعوا لكم . وحذف مفعول جمعوا أي جمعوا أنفسهم وعددهم وأحلافهم كما فعلوا يوم بدر الأول .
وقال بعض المفسرين وأهل العربية : إن لفظ الناس هنا أطلق على
نعيم بن مسعود وأبي سفيان ، وجعلوه شاهدا على استعمال الناس بمعنى الواحد والآية تحتمله ، وإطلاق لفظ الناس مرادا به واحد أو نحوه مستعمل لقصد الإبهام ، ومنه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله قال المفسرون : يعني بـ ( الناس )
محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله فزادهم إيمانا أي زادهم قول الناس ، فضمير الرفع المستتر في فزادهم عائد إلى القول المستفاد من فعل قال لهم الناس أو عائد إلى الناس ، ولما كان ذلك القول مرادا به تخويف المسلمين ورجوعهم عن قصدهم . وحصل منه خلاف ما أراد به المشركون ، جعل ما حصل به زائدا في إيمان المسلمين . فالظاهر أن الإيمان أطلق هنا على العمل ، أي العزم على النصر والجهاد وهو بهذا المعنى يزيد وينقص ومسألة زيادة الإيمان ونقصه مسألة قديمة ، والخلاف فيها مبني على أن الأعمال يطلق عليها اسم الإيمان ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما كان الله ليضيع إيمانكم يعني صلاتكم . أما التصديق القلبي وهو عقد القلب على إثبات وجود الله وصفاته وبعثه الرسل وصدق الرسول ، فلا يقبل النقص ، ولا يقبل الزيادة ، ولذلك لا خلاف بين المسلمين في هذا المعنى ، وإنما هو خلاف مبني على اللفظ ، غير أنه قد تقرر في علم الأخلاق أن الاعتقاد الجازم إذا تكررت أدلته ، أو طال زمانه ، أو قارنته التجارب ، يزداد جلاء وانكشافا ، وهو المعبر عنه بالملكة ، فلعل هذا المعنى مما يراد بالزيادة ، بقرينة أن القرآن لم يطلق وصف النقص في الإيمان بل ما ذكر إلا الزيادة ، وقد قال
إبراهيم - عليه السلام - بلى ولكن ليطمئن قلبي .
[ ص: 170 ] وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173nindex.php?page=treesubj&link=33155_32071حسبنا الله ونعم الوكيل كلمة لعلهم ألهموها أو تلقوها عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - . وحسب : أي كاف ، وهو اسم جامد بمعنى الوصف ليس له فعل ، قالوا : ومنه اسمه تعالى الحسيب ، فهو فعيل بمعنى مفعل . وقيل : الإحساب هو الإكفاء ، وقيل : هو اسم فعل بمعنى كفى ، وهو ظاهر القاموس . ورده
ابن هشام في توضيحه بأن دخول العوامل عليه نحو فإن حسبك الله ، وقولهم : بحبسك درهم ، ينافي دعوى كونه اسم فعل لأن أسماء الأفعال لا تدخل عليها العوامل ، وقيل : هو مصدر ، وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه . وهو من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا دون معنى ، فيبنى على الضم مثل : قبل وبعد ، كقولهم : اعطه درهمين فحسب ، ويتجدد له معنى حينئذ فيكون بمعنى لا غير . وإضافته لا تفيده تعريضا لأنه في قوة المشتق ولذلك توصف به النكرة ، وهو ملازم الإفراد والتذكير فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث لأنه لجموده شابه المصدر ، أو لأنه لما كان اسم فعل فهو كالمصدر ، أو لأنه مصدر ، وهو شأن المصادر ، ومعناها : إنهم اكتفوا بالله ناصرا وإن كانوا في قلة وضعف .
وجملة ونعم الوكيل معطوفة على حسبنا الله في كلام القائلين ، فالواو من المحكي لا من الحكاية ، وهو من عطف الإنشاء على الخبر الذي لا تطلب فيه إلا المناسبة .
والمخصوص بالمدح محذوف لتقدم دليله .
و ( الوكيل ) فعيل بمعنى مفعول أي موكول إليه . يقال : وكل حاجته إلى فلان إذا اعتمد عليه في قضائها وفوض إليه تحصيلها ، ويقال للذي لا يستطيع القيام بشئونه بنفسه : رجل وكل - بفتحتين - أي كثير الاعتماد على غيره ، فالوكيل هو القائم بشأن من وكله ، وهذا القيام بشأن الموكل يختلف باختلاف الأحوال الموكل فيها ، وبذلك الاختلاف يختلف معنى الوكيل ، فإن كان القيام في دفع العداء والجور فالوكيل الناصر والمدافع قل لست عليكم بوكيل ، ومنه فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا . ومنه الوكيل في الخصومة ، وإن كان في شئون الحياة فالوكيل الكافل والكافي ومنه
[ ص: 171 ] أن لا تتخذوا من دوني وكيلا كما قال وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ولذلك كان
nindex.php?page=treesubj&link=28706_28723من أسمائه تعالى : الوكيل ، وقوله وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ومنه الوكيل على المال ، ولذلك أطلق على هذا المعنى أيضا اسم الكفيل في قوله تعالى وقد جعلتم الله عليكم كفيلا . وقد حمل الزمخشري الوكيل على ما يشمل هذا عند قوله تعالى وهو على كل شيء وكيل في سورة الأنعام ، فقال : وهو مالك لكل شيء من الأرزاق والآجال رقيب على الأعمال . وذلك يدل على أن الوكيل اسم جامع للرقيب والحافظ في الأمور التي يعنى الناس بحفظها ورقابتها وادخارها ، ولذلك يتقيد ويتعمم بحسب المقامات .
وقوله فانقلبوا بنعمة من الله تعقيب للإخبار عن
nindex.php?page=treesubj&link=30614_29676ثبات إيمانهم وقولهم : حسبنا الله ونعم الوكيل ، وهو تعقيب لمحذوف يدل عليه فعل فانقلبوا ، لأن الانقلاب يقتضي أنهم خرجوا للقاء العدو الذي بلغ عنهم أنهم جمعوا لهم ولم يعبئوا بتخويف الشيطان ، والتقدير : فخرجوا فانقلبوا بنعمة من الله .
والباء للملابسة أي ملابسين لنعمة وفضل من الله . فالنعمة هي ما أخذوه من الأموال ، والفضل فضل الجهاد . ومعنى لم يمسسهم سوء لم يلاقوا حربا مع المشركين .
وجملة
nindex.php?page=treesubj&link=30464_28798إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه إما استئناف بياني إن جعلت قوله الذين قال لهم الناس بدلا أو صفة كما تقدم ، وإما خبر عن الذين قال لهم الناس إن جعلت قوله الذين قال لهم الناس مبتدأ ، والتقدير : الذين قال لهم الناس إلى آخره إنما مقالهم يخوف الشيطان به . ورابط هذه الجملة بالمبتدأ ، وهو الذين قال لهم الناس على هذا التقدير ، عن اسم الإشارة ، واسم الإشارة مبتدأ .
ثم الإشارة بقوله ذلكم إما عائد إلى المقال فلفظ الشيطان على هذا مبتدأ ثان ، ولفظه مستعمل في معناه الحقيقي ، والمعنى : أن ذلك المقال ناشئ
[ ص: 172 ] عن
nindex.php?page=treesubj&link=29567وسوسة الشيطان في نفوس الذين دبروا مكيدة الإرجاف بتلك المقالة لتخويف المسلمين بواسطة ركب عبد القيس .
وإما أن تعود الإشارة إلى الناس من قوله قال لهم الناس لأن الناس مؤول بشخص ، أعني نعيم بن مسعود ، فالشيطان بدل أو بيان من اسم الإشارة ، وأطلق عليه لفظ شيطان على طريقة التشبيه البليغ .
وقوله يخوف أولياءه تقديره يخوفكم أولياءه ، فحذف المفعول الأول يخوف بقرينة قوله بعده فلا تخافوهم فإن " خوف " يتعدى إلى مفعولين إذ هو مضاعف خاف المجرد ، وخاف يتعدى إلى مفعول واحد فصار بالتضعيف متعديا إلى مفعولين من باب كسا كما قال تعالى ويحذركم الله نفسه .
وضمير فلا تخافوهم على هذا يعود إلى أولياءه . وجملة وخافون معترضة بين جملة فلا تخافوهم وجملة إن كنتم مؤمنين .
وقوله إن كنتم مؤمنين شرط مؤخر تقدم دليل جوابه ، وهو تذكير وإحماء لإيمانهم ، وإلا فقد علم أنهم مؤمنون حقا .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173nindex.php?page=treesubj&link=28974الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=175إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِلَى آخِرِهِ ، بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أَوْ صِفَةً لَهُ ، أَوْ صِفَةً ثَانِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى طَرِيقَةِ تَرْكِ الْعَطْفِ فِي الْأَخْبَارِ . وَإِنَّمَا جِيءَ بِإِعَادَةِ الْمَوْصُولِ ، دُونَ أَنْ تُعْطَفَ الصِّلَةُ عَلَى الصِّلَةِ ، اهْتِمَامًا بِشَأْنِ هَذِهِ الصِّلَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ كَجُزْءِ صِلَةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ مُسْتَأْنَفٍ ، فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ ، كَمَا سَيَأْتِي . وَهَذَا تَخَلُّصٌ بِذِكْرِ شَأْنٍ مِنْ شُئُونِ الْمُسْلِمِينَ كَفَاهُمُ اللَّهُ بِهِ بَأْسَ عَدُوِّهِمْ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ بِعَامٍ ، إِنْجَازًا لِوَعْدِهِمْ مَعَ
أَبِي سُفْيَانَ إِذْ قَالَ : مَوْعِدُكُمْ
بَدْرٌ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ ، وَكَانَ
أَبُو سُفْيَانَ قَدْ كَرِهَ الْخُرُوجَ إِلَى لِقَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ ، وَكَادَ لِلْمُسْلِمِينَ لِيُظْهِرَ إِخْلَافَ الْوَعْدِ مِنْهُمْ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30569الْإِرْجَافِ بَيْنَ الْعَرَبِ بِضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ ، فَجَاعَلَ رَكْبًا مِنْ
عَبْدِ الْقَيْسِ مَارِّينَ
بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قُرْبَ
مَكَّةَ قَاصِدِينَ
الْمَدِينَةَ لِلْمِيرَةِ ، أَنْ يُخْبِرُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ
قُرَيْشًا جَمَعُوا لَهُمْ جَيْشًا عَظِيمًا ، وَكَانَ مَعَ الرَّكْبِ
نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ ، فَأَخْبَرَ نُعَيْمٌ وَمَنْ مَعَهُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ فَزَادَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ اسْتِعْدَادًا وَحَمِيَّةً لِلدِّينِ ، وَخَرَجُوا إِلَى الْمَوْعِدِ
[ ص: 169 ] وَهُوَ
بَدْرٌ فَلَمْ يَجِدُوا الْمُشْرِكِينَ وَانْتَظَرُوهُمْ هُنَاكَ ، وَكَانَتْ هُنَالِكَ سُوقٌ فَاتَّجَرُوا وَرَجَعُوا سَالِمِينَ غَيْرَ مَذْمُومِينَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ أَيِ الرَّكْبُ الْعَبْدِيُّونَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ أَيْ إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ . وَحَذَفَ مَفْعُولَ جَمَعُوا أَيْ جَمَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَعَدَدَهُمْ وَأَحْلَافَهُمْ كَمَا فَعَلُوا يَوْمَ بَدْرٍ الْأَوَّلِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ : إِنَّ لَفْظَ النَّاسَ هُنَا أُطْلِقَ عَلَى
نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سُفْيَانَ ، وَجَعَلُوهُ شَاهِدًا عَلَى اسْتِعْمَالِ النَّاسِ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُهُ ، وَإِطْلَاقُ لَفْظِ النَّاسَ مُرَادًا بِهِ وَاحِدٌ أَوْ نَحْوُهُ مُسْتَعْمَلٌ لِقَصْدِ الْإِبْهَامِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : يَعْنِي بِـ ( النَّاسَ )
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَوْلُهُ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا أَيْ زَادَهُمْ قَوْلُ النَّاسِ ، فَضَمِيرُ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ فِي فَزَادَهُمُ عَائِدٌ إِلَى الْقَوْلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ فِعْلِ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ أَوْ عَائِدٌ إِلَى النَّاسُ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مُرَادًا بِهِ تَخْوِيفُ الْمُسْلِمِينَ وَرُجُوعِهِمْ عَنْ قَصْدِهِمْ . وَحَصَلَ مِنْهُ خِلَافُ مَا أَرَادَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ ، جَعَلَ مَا حَصَلَ بِهِ زَائِدًا فِي إِيمَانِ الْمُسْلِمِينَ . فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِيمَانَ أُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْعَمَلِ ، أَيِ الْعَزْمِ عَلَى النَّصْرِ وَالْجِهَادِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَمَسْأَلَةُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنَقْصِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِيمَةٌ ، وَالْخِلَافُ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْإِيمَانِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ يَعْنِي صَلَاتَكُمْ . أَمَّا التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ وَهُوَ عَقْدُ الْقَلْبِ عَلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَبَعْثِهِ الرُّسُلَ وَصِدْقِ الرَّسُولِ ، فَلَا يَقْبَلُ النَّقْصَ ، وَلَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ ، وَلِذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأَخْلَاقِ أَنَّ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ إِذَا تَكَرَّرَتْ أَدِلَّتُهُ ، أَوْ طَالَ زَمَانُهُ ، أَوْ قَارَنَتْهُ التَّجَارِبُ ، يَزْدَادُ جَلَاءً وَانْكِشَافًا ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَلَكَةِ ، فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا يُرَادُ بِالزِّيَادَةِ ، بِقَرِينَةِ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُطْلِقْ وَصْفَ النَّقْصِ فِي الْإِيمَانِ بَلْ مَا ذَكَرَ إِلَّا الزِّيَادَةَ ، وَقَدْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .
[ ص: 170 ] وَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173nindex.php?page=treesubj&link=33155_32071حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ كَلِمَةٌ لَعَلَّهُمْ أُلْهَمُوهَا أَوْ تَلَقَّوْهَا عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَحَسْبُ : أَيْ كَافٍ ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِدٌ بِمَعْنَى الْوَصْفِ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ ، قَالُوا : وَمِنْهُ اسْمُهُ تَعَالَى الْحَسِيبُ ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ . وَقِيلَ : الْإِحْسَابُ هُوَ الْإِكْفَاءُ ، وَقِيلَ : هُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى كَفَى ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقَامُوسِ . وَرَدَّهُ
ابْنُ هِشَامٍ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ دُخُولَ الْعَوَامِلِ عَلَيْهِ نَحْوَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ، وَقَوْلُهُمْ : بِحَبْسِكَ دِرْهَمٌ ، يُنَافِي دَعْوَى كَوْنِهِ اسْمَ فِعْلٍ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَفْعَالِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا الْعَوَامِلُ ، وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَرٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ . وَهُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ لِلْإِضَافَةِ لَفْظًا دُونَ مَعْنًى ، فَيُبْنَى عَلَى الضَّمِّ مِثْلُ : قَبْلُ وَبَعْدُ ، كَقَوْلِهِمْ : اعْطِهِ دِرْهَمَيْنِ فَحَسْبُ ، وَيَتَجَدَّدُ لَهُ مَعْنَى حِينَئِذٍ فَيَكُونُ بِمَعْنَى لَا غَيْرَ . وَإِضَافَتُهُ لَا تُفِيدُهُ تَعْرِيضًا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الْمُشْتَقِّ وَلِذَلِكَ تُوصَفُ بِهِ النَّكِرَةُ ، وَهُوَ مُلَازِمُ الْإِفْرَادِ وَالتَّذْكِيرِ فَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ لِأَنَّهُ لَجُمُودِهِ شَابَهَ الْمَصْدَرَ ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْمَ فِعْلٍ فَهُوَ كَالْمَصْدَرِ ، أَوْ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ ، وَهُوَ شَأْنُ الْمَصَادِرِ ، وَمَعْنَاهَا : إِنَّهُمُ اكْتَفَوْا بِاللَّهِ نَاصِرًا وَإِنْ كَانُوا فِي قِلَّةٍ وَضَعْفٍ .
وَجُمْلَةُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَسْبُنَا اللَّهُ فِي كَلَامِ الْقَائِلِينَ ، فَالْوَاوُ مِنَ الْمَحْكِيِّ لَا مِنَ الْحِكَايَةِ ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي لَا تُطْلَبُ فِيهِ إِلَّا الْمُنَاسَبَةُ .
وَالْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِتَقَدُّمِ دَلِيلِهِ .
وَ ( الْوَكِيلُ ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مَوْكُولٍ إِلَيْهِ . يُقَالُ : وَكَلَ حَاجَتَهُ إِلَى فُلَانٍ إِذَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي قَضَائِهَا وَفَوَّضَ إِلَيْهِ تَحْصِيلَهَا ، وَيُقَالُ لِلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ بِشُئُونِهِ بِنَفْسِهِ : رَجُلٌ وَكَلٌ - بِفَتْحَتَيْنِ - أَيْ كَثِيرُ الِاعْتِمَادِ عَلَى غَيْرِهِ ، فَالْوَكِيلُ هُوَ الْقَائِمُ بِشَأْنِ مَنْ وَكَّلَهُ ، وَهَذَا الْقِيَامُ بِشَأْنِ الْمُوَكِّلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ الْمُوَكَّلِ فِيهَا ، وَبِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ يَخْتَلِفُ مَعْنَى الْوَكِيلُ ، فَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ فِي دَفْعِ الْعَدَاءِ وَالْجَوْرِ فَالْوَكِيلُ النَّاصِرُ وَالْمُدَافِعُ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ، وَمِنْهُ فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا . وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي شُئُونِ الْحَيَاةِ فَالْوَكِيلُ الْكَافِلُ وَالْكَافِي وَمِنْهُ
[ ص: 171 ] أَنْ لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا كَمَا قَالَ وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا وَلِذَلِكَ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28706_28723مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى : الْوَكِيلُ ، وَقَوْلُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَمِنْهُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمَالِ ، وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا اسْمُ الْكَفِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا . وَقَدْ حَمَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْوَكِيلَ عَلَى مَا يَشْمَلُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، فَقَالَ : وَهُوَ مَالِكٌ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ رَقِيبٌ عَلَى الْأَعْمَالِ . وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلرَّقِيبِ وَالْحَافِظِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُعْنَى النَّاسُ بِحِفْظِهَا وَرِقَابَتِهَا وَادِّخَارِهَا ، وَلِذَلِكَ يَتَقَيَّدُ وَيَتَعَمَّمُ بِحَسَبِ الْمَقَامَاتِ .
وَقَوْلُهُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعْقِيبٌ لِلْإِخْبَارِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30614_29676ثَبَاتِ إِيمَانِهِمْ وَقَوْلِهِمْ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَهُوَ تَعْقِيبٌ لِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ فَانْقَلَبُوا ، لِأَنَّ الِانْقِلَابَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ خَرَجُوا لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ الَّذِي بَلَغَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَمَعُوا لَهُمْ وَلَمْ يَعْبَئُوا بِتَخْوِيفِ الشَّيْطَانِ ، وَالتَّقْدِيرُ : فَخَرَجُوا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ .
وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلَابِسِينَ لِنِعْمَةٍ وَفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ . فَالنِّعْمَةُ هِيَ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَالْفَضْلُ فَضْلُ الْجِهَادِ . وَمَعْنَى لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ لَمْ يُلَاقُوا حَرْبًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=30464_28798إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ إِمَّا اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ إِنْ جَعَلْتَ قَوْلَهُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ بَدَلًا أَوْ صِفَةً كَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنْ جَعَلْتَ قَوْلَهُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ مُبْتَدَأً ، وَالتَّقْدِيرُ : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِلَى آخِرِهِ إِنَّمَا مَقَالُهُمْ يُخَوِّفُ الشَّيْطَانُ بِهِ . وَرَابِطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِالْمُبْتَدَأِ ، وَهُوَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ .
ثُمَّ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ذَلِكُمْ إِمَّا عَائِدٌ إِلَى الْمَقَالِ فَلَفْظُ الشَّيْطَانِ عَلَى هَذَا مُبْتَدَأٌ ثَانٍ ، وَلَفْظُهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ ذَلِكَ الْمَقَالَ نَاشِئٌ
[ ص: 172 ] عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29567وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ فِي نُفُوسِ الَّذِينَ دَبَّرُوا مَكِيدَةَ الْإِرْجَافِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ لِتَخْوِيفِ الْمُسْلِمِينَ بِوَاسِطَةِ رَكْبِ عَبْدِ الْقَيْسِ .
وَإِمَّا أَنْ تَعُودَ الْإِشَارَةُ إِلَى النَّاسُ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ لِأَنَّ النَّاسَ مُؤَوَّلٌ بِشَخْصٍ ، أَعْنِي نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ ، فَالشَّيْطَانُ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ شَيْطَانٍ عَلَى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ .
وَقَوْلُهُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ تَقْدِيرُهُ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ ، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ يُخَوِّفُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ فَإِنَّ " خَوَّفَ " يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ إِذْ هُوَ مُضَاعَفُ خَافَ الْمُجَرَّدِ ، وَخَافَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ فَصَارَ بِالتَّضْعِيفِ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولَيْنِ مِنْ بَابِ كَسَا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ .
وَضَمِيرُ فَلَا تَخَافُوهُمْ عَلَى هَذَا يَعُودُ إِلَى أَوْلِيَاءَهُ . وَجُمْلَةُ وَخَافُونِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَجُمْلَةِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
وَقَوْلُهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شَرْطٌ مُؤَخَّرٌ تَقَدَّمَ دَلِيلُ جَوَابِهِ ، وَهُوَ تَذْكِيرٌ وَإِحْمَاءٌ لِإِيمَانِهِمْ ، وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ حَقًّا .