[ ص: 88 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28975_31931_18717_31851_31788أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا .
( أم ) للإضراب الانتقالي ، وهي تؤذن بهمزة استفهام محذوفة بعدها ، أي : بل ألهم نصيب من الملك فلا يؤتون الناس نقيرا .
والاستفهام إنكاري حكمه حكم النفي . والعطف بالفاء على جملة لهم نصيب ، وكذلك " إذن " هي جزاء لجملة لهم نصيب ، واعتبر الاستفهام داخلا على مجموع الجملة وجزائها معا ، لأنهم ينتفي إعطاؤهم الناس نقيرا على تقدير ثبوت الملك لهم لا على انتفائه . وهذا الكلام تهكم عليهم في انتظارهم أن يرجع إليهم ملك إسرائيل ، وتسجيل عليهم بالبخل الذي لا يؤاتي من يرجون الملك . كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13873أبو الفتح البستي :
إذا ملك لم يكن ذا هبه فدعه فدولته ذاهبـه
وشحهم وبخلهم معروف مشهور .
والنقير : شكلة في النواة كالدائرة ، يضرب بها المثل في القلة .
لذلك عقب هذا الكلام بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله .
والاستفهام المقدر بعد ( أم ) هذه إنكار على حسدهم ، وليس مفيدا لنفي الحسد لأنه واقع . والمراد بالناس النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، والفضل النبوة ، أو المراد به النبيء والمؤمنون ، والفضل الهدى والإيمان .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب عطف على مقدر من معنى الاستفهام الإنكاري ، وتوجيها للإنكار عليهم ، أي فلا بدع فيما حسدوه إذ قد آتينا
آل إبراهيم الكتاب والحكمة والملك .
و
آل إبراهيم : أبناؤه وعقبه ونسله ، وهو داخل في الحكم لأنهم إنما أعطوه لأجل كرامته عند الله ووعد الله إياه بذلك . وتعريف الكتاب تعريف الجنس ، فيصدق
[ ص: 89 ] بالمتعدد ، فيشمل صحف
إبراهيم ، وصحف
موسى ، وما أنزل بعد ذلك . والحكمة : النبوة . والملك : هو ما وعد الله به
إبراهيم أن يعطيه ذريته وما آتى الله
داود وسليمان وملوك إسرائيل . وضمير " منهم " يجوز أن يعود إلى ما عاد إليه ضمير " يحسدون " . وضمير " به " يعود إلى الناس المراد منه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : أي فمن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من آمن
بمحمد ، ومنهم من أعرض . والتفريع في قوله ( فمنهم ) على هذا التفسير ناشئ على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس . ويجوز أن يعود ضمير " فمنهم " إلى
آل إبراهيم ، وضمير " به " إلى
إبراهيم ، أي فقد آتيناهم ما ذكر . ومن " آله " من آمن به ، ومنهم من كفر مثل أبيه
آزر ، وامرأة ابن أخيه لوط ، أي فليس تكذيب
اليهود محمدا بأعجب من ذلك ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ليكون قد حصل الاحتجاج عليهم في الأمرين في إبطال مستند تكذيبهم ، بإثبات أن إتيان النبوة ليس ببدع ، وأن
محمدا من
آل إبراهيم ، فليس إرساله بأعجب من إرسال
موسى . وفي تذكيرهم بأن هذه سنة الأنبياء حتى لا يعدوا تكذيبهم
محمدا - صلى الله عليه وسلم - ثلمة في نبوته ، إذ لا يعرف رسول أجمع أهل دعوته على تصديقه من
إبراهيم فمن بعده .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55وكفى بجهنم سعيرا تهديد ووعيد للذين يؤمنون بالجبت والطاغوت . وتفسير هذا التركيب تقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وكفى بالله وليا من هذه السورة .
[ ص: 88 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28975_31931_18717_31851_31788أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذَا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا .
( أَمْ ) لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ ، وَهِيَ تُؤْذِنُ بِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ مَحْذُوفَةٍ بَعْدَهَا ، أَيْ : بَلْ أَلَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَلَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا .
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّفْيِ . وَالْعَطْفُ بِالْفَاءِ عَلَى جُمْلَةِ لَهُمْ نَصِيبٌ ، وَكَذَلِكَ " إِذَنْ " هِيَ جَزَاءٌ لِجُمْلَةِ لَهُمْ نَصِيبٌ ، وَاعْتُبِرَ الِاسْتِفْهَامُ دَاخِلًا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ وَجَزَائِهَا مَعًا ، لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِي إِعْطَاؤُهُمُ النَّاسَ نَقِيرًا عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْمُلْكِ لَهُمْ لَا عَلَى انْتِفَائِهِ . وَهَذَا الْكَلَامُ تَهَكُّمٌ عَلَيْهِمْ فِي انْتِظَارِهِمْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ مُلْكُ إِسْرَائِيلَ ، وَتَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِالْبُخْلِ الَّذِي لَا يُؤَاتِي مَنْ يَرْجُونَ الْمُلْكَ . كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13873أَبُو الْفَتْحِ الْبُسْتِيُّ :
إِذَا مَلِكٌ لَمْ يَكُنْ ذَا هِبَهْ فَدَعْهُ فَدَوْلَتُهُ ذَاهِبَـهْ
وَشُحُّهُمْ وَبُخْلُهُمْ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ .
وَالنَّقِيرُ : شَكْلَةٌ فِي النَّوَاةِ كَالدَّائِرَةِ ، يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْقِلَّةِ .
لِذَلِكَ عَقَّبَ هَذَا الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ ( أَمْ ) هَذِهِ إِنْكَارٌ عَلَى حَسَدِهِمْ ، وَلَيْسَ مُفِيدًا لِنَفْيِ الْحَسَدِ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ . وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالْفَضْلُ النُّبُوَّةُ ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ النَّبِيءُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَالْفَضْلُ الْهُدَى وَالْإِيمَانُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ ، وَتَوْجِيهًا لِلْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ ، أَيْ فَلَا بِدْعَ فِيمَا حَسَدُوهُ إِذْ قَدْ آتَيْنَا
آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالْمُلْكَ .
وَ
آلَ إِبْرَاهِيمَ : أَبْنَاؤُهُ وَعَقِبُهُ وَنَسْلُهُ ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أُعْطُوهُ لِأَجْلِ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَوَعْدِ اللَّهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ . وَتَعْرِيفُ الْكِتَابِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ ، فَيَصْدُقُ
[ ص: 89 ] بِالْمُتَعَدِّدِ ، فَيَشْمَلُ صُحُفَ
إِبْرَاهِيمَ ، وَصُحُفَ
مُوسَى ، وَمَا أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَالْحِكْمَةُ : النُّبُوَّةُ . وَالْمُلْكُ : هُوَ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ
إِبْرَاهِيمَ أَنْ يُعْطِيَهُ ذُرِّيَّتَهُ وَمَا آتَى اللَّهُ
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَمُلُوكَ إِسْرَائِيلَ . وَضَمِيرُ " مِنْهُمْ " يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ " يَحْسُدُونَ " . وَضَمِيرُ " بِهِ " يَعُودُ إِلَى النَّاسِ الْمُرَادِ مِنْهُ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَيْ فَمِنَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ مَنْ آمَنَ
بِمُحَمَّدٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ . وَالتَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ ( فَمِنْهُمْ ) عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ نَاشِئٌ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ضَمِيرُ " فَمِنْهُمْ " إِلَى
آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَضَمِيرُ " بِهِ " إِلَى
إِبْرَاهِيمَ ، أَيْ فَقَدْ آتَيْنَاهُمْ مَا ذُكِرَ . وَمِنْ " آلِهِ " مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ مِثْلَ أَبِيهِ
آزَرَ ، وَامْرَأَةِ ابْنِ أَخِيهِ لُوطٍ ، أَيْ فَلَيْسَ تَكْذِيبُ
الْيَهُودِ مُحَمَّدًا بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا لِيَكُونَ قَدْ حَصَلَ الِاحْتِجَاجُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْرَيْنِ فِي إِبْطَالِ مُسْتَنَدِ تَكْذِيبِهِمْ ، بِإِثْبَاتِ أَنَّ إِتْيَانَ النُّبُوَّةِ لَيْسَ بِبِدْعٍ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا مِنْ
آلِ إِبْرَاهِيمَ ، فَلَيْسَ إِرْسَالُهُ بِأَعْجَبَ مِنْ إِرْسَالِ
مُوسَى . وَفِي تَذْكِيرِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى لَا يَعُدُّوا تَكْذِيبَهُمْ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُلْمَةً فِي نُبُوَّتِهِ ، إِذْ لَا يُعْرَفُ رَسُولٌ أَجْمَعَ أَهْلُ دَعْوَتِهِ عَلَى تَصْدِيقِهِ مِنْ
إِبْرَاهِيمَ فَمَنْ بَعْدَهُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ لِلَّذِينِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ . وَتَفْسِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ .