عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين .
تفريع على ما تقدم من الأمر بالقتال ، ومن وصف المثبطين عنه ، والمتذمرين منه ، والذين يفتنون المؤمنين في شأنه ، لأن جميع ذلك قد أفاد الاهتمام بأمر القتال ، والتحريض عليه ، فتهيأ الكلام لتفريع الأمر به .
ولك أن تجعل الفاء فصيحة بعد تلك الجمل الكثيرة ، أي : إذا كان كما علمت فقاتل في سبيل الله ، وهذا عود إلى ما مضى من التحريض على الجهاد ، وما بينهما اعتراض . فالآية أوجبت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 143 ] القتال ، وأوجبت عليه تبليغ المؤمنين الأمر بالقتال وتحريضهم عليه ، .
فعبر عنه بقوله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين وهذا الأسلوب طريق من طرق الحث والتحريض لغير المخاطب ، لأنه إيجاب القتال على الرسول ، وقد علم إيجابه على جميع المؤمنين بقوله فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة فهو أمر للقدوة بما يجب اقتداء الناس به فيه . وبين لهم علة الأمر وهي رجاء كف بأس المشركين ، فـ " عسى " هنا مستعارة للوعد . والمراد بهم هنا كفار مكة ، فالآيات تهيئة لفتح مكة .
وجملة والله أشد بأسا وأشد تنكيلا تذييل لتحقيق الرجاء أو الوعد ، والمعنى أنه أشد بأسا إذا شاء إظهار ذلك ، ومن دلائل المشيئة امتثال أوامره التي منها الاستعداد وترقب المسببات من أسبابها .
والتنكيل عقاب يرتدع به رائيه فضلا عن الذي عوقب به .