nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145nindex.php?page=treesubj&link=28977_23988_25199_518_33217_33220قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم
استئناف بياني نشأ عن إبطال تحريم ما حرمه المشركون ، إذ يتوجه سؤال سائل من المسلمين عن المحرمات الثابتة ، إذ أبطلت المحرمات الباطلة ،
[ ص: 137 ] فلذلك خوطب الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان المحرمات في شريعة الإسلام بعد أن خوطب ببيان ما ليس بمحرم مما حرمه المشركون في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144قل آلذكرين حرم أم الأنثيين ) الآيات .
وافتتح الكلام المأمور بأن يقوله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145لا أجد ) إدماجا للرد على المشركين في خلال بيان ما حرم على المسلمين ، وهذا الرد جار على طريقة كناية الإيماء بأن لم ينف تحريم ما ادعوا تحريمه صريحا ، ولكنه يقول لا أجده فيما أوحي إلي ، ويستفاد من ذلك أنه ليس تحريمه من الله في شرعه ؛ لأنه لا طريق إلى تحريم شيء مما يتناوله الناس إلا بإعلام من الله تعالى ؛ لأن الله هو الذي يحل ما شاء ويحرم ما شاء ويحرم ما شاء على وفق علمه وحكمته ، وذلك الإعلام لا يكون إلا بطريق الوحي أو ما يستنبط منه ، فإذا كان حكم غير موجود في الوحي ولا في فروعه فهو حكم غير حق ، فاستفيد بطلان تحريم ما زعموه بطريقة الإيماء ، وهي طريقة استدلالية ؛ لأن فيها نفي الشيء بنفي ملزومه .
و ( أجد ) بمعنى : أظفر ، وهو الذي مصدره الوجد والوجدان ، وهو هنا مجاز في حصول الشيء وبلوغه ، يقال : وجدت فلانا ناصرا ؛ أي : حصلت عليه ، فشبه التحصيل للشيء بالظفر وإلفاء المطلوب ، وهو متعد إلى مفعول واحد .
والمراد بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145ما أوحي ) ما أعلمه الله رسوله صلى الله عليه وسلم بوحي غير القرآن ؛ لأن القرآن النازل قبل هذه الآية ليس فيه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وإنما نزل القرآن بتحريم ما ذكر في هذه الآية ثم في سورة المائدة .
والطاعم : الآكل ، يقال : طعم كعلم ، إذا أكل الطعام ، ولا يقال ذلك للشارب ، وأما طعم بمعنى ذاق فيستعمل في ذوق المطعومات والمشروبات ، وأكثر استعماله في النفي ، وتقدم بيانه عند قوله تعالى :
[ ص: 138 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249ومن لم يطعمه فإنه مني في سورة البقرة ، وبذلك تكون الآية قاصرة على بيان محرم المأكولات .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145يطعمه ) صفة لـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145طاعم ) وهي صفة مؤكدة مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ولا طائر يطير بجناحيه .
والاستثناء من عموم الأكوان التي دل عليها وقوع النكرة في سياق النفي ؛ أي : لا أجد كائنا محرما إلا كونه ميتة إلخ ، أي : إلا الكائن ميتة إلخ ، فالاستثناء متصل .
والحصر المستفاد من المنفي والاستثناء حقيقي بحسب وقت نزول هذه الآية ، فلم يكن يومئذ من محرمات الأكل غير هذه المذكورات ؛ لأن الآية مكية ثم نزلت سورة المائدة
بالمدينة فزيد في المحرمات كما يأتي قريبا .
والمسفوح : المصبوب السائل ، وهو ما يخرج من المذبح والمنحر ، أو من الفصد في بعض عروق الأعضاء فيسيل ، وقد كان العرب يأكلون الدم الذي يسيل من أوداج الذبيحة أو من منحر المنحورة ويجمعونه في مصير أو جلد ويجففونه ثم يشوونه ، وربما فصدوا من قوائم الإبل مفصدا فأخذوا ما يحتاجون من الدم بدون أن يهلك البعير ، وربما خلطوا الدم بالوبر ويسمونه العلهز ، وذلك في المجاعات .
وتقييد الدم بالمسفوح للتنبيه على العفو عن
nindex.php?page=treesubj&link=25643الدم الذي ينز من عروق اللحم عند طبخه فإنه لا يمكن الاحتراز عنه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فإنه رجس جملة معترضة بين المعطوفات ، والضمير قيل : عائد إلى لحم الخنزير ، والأظهر أن يعود إلى جميع ما قبله ، وإن إفراد الضمير على تأويله بالمذكور ؛ أي : فإن المذكور رجس ، كما يفرد اسم الإشارة مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68ومن يفعل ذلك يلق أثاما .
[ ص: 139 ] والرجس : الخبيث والقذر ، وقد مضى بيانه عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون في هذه السورة ، فإن كان الضمير عائدا إلى لحم الخنزير خاصة فوصفه برجس تنبيه على ذمه ، وهو ذم زائد على التحريم ، فوصفه به تحذير من تناوله ، وتأنيس للمسلمين بتحريمه ؛ لأن معظم العرب كانوا يأكلون لحم الخنزير بخلاف الميتة والدم فما يأكلونها إلا في الخصاصة .
nindex.php?page=treesubj&link=33217_518وخباثة الخنزير علمها الله تعالى الذي خلقه ، وتبين أخيرا أن لحمه يشتمل على ذرات حيوانية مضرة لآكله أثبتها علم الحيوان وعلم الطب ، وقيل : أريد أنه نجس ؛ لأنه يأكل النجاسات وهذا لا يستقيم ؛ لأن بعض الدواب تأكل النجاسة وتسمى الجلالة وليست محرمة الأكل في صحيح أقوال العلماء .
وإن كان الضمير عائدا إلى الثلاثة بتأويل المذكور كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فإنه رجس ) تنبيها على علة التحريم وأنها لدفع مفسدة تحصل من أكل هذه الأشياء ، وهي مفسدة بدنية ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=33220الميتة فلما يتحول إليه جسم الحيوان بعد الموت من التعفن ، ولأن المرض الذي كان سبب موته قد ينتقل إلى آكله ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=226الدم فلأن فيه أجزاء مضرة ، ولأن شربه يورث ضراوة .
والفسق : الخروج عن شيء ، وهو حقيقة شرعية في الخروج عن الإيمان ، أو الطاعة الشرعية ، فلذلك يوصف به الفعل الحرام باعتبار كونه سببا لفسق صاحبه عن الطاعة ، وقد سمى القرآن ما أهل به لغير الله فسقا في الآية السالفة وفي هذه الآية ، فصار وصفا مشهورا لما أهل به لغير الله ، ولذلك أتبعه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أهل لغير الله به فتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أهل لغير الله به صفة أو بيانا لـ ( فسقا وفي هذا تنبيه على أن تحريم ما أهل لغير الله به ليس لأن لحمه مضر بل لأن ذلك كفر بالله .
وقد دلت الآية على انحصار المحرمات من الحيوان في هذه الأربعة ، وذلك الانحصار بحسب ما كان محرما يوم نزول هذه الآية ، فإنه لم
[ ص: 140 ] يحرم
بمكة على غيرها من لحم الحيوان الذي يأكلونه ، وهذه السور مكية كلها على الصحيح ، ثم حرم
بالمدينة أشياء أخرى ، وهي : المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع بآية سورة العقود ، وحرم لحم الحمر الإنسية بأمر النبيء صلى الله عليه وسلم على اختلاف بين العلماء في أن تحريمه لذاته كالخنزير ، أو لكونها يومئذ حمولة جيش
خيبر ، وفي أن تحريمه عند القائلين بأنه لذاته مستمر أو منسوخ ، والمسألة ليست من غرض التفسير فلا حاجة بنا إلى ما تكلفوه من تأويل حصر هذه الآية المحرمات في الأربعة ، وكذلك مسألة تحريم لحم كل ذي ناب من السباع ولحم سباع الطير وقد بسطها
القرطبي ، وتقدم معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أهل لغير الله به في سورة المائدة .
وقرأ الجمهور : ( إلا أن يكون ) بياء تحتية ونصب ( ميتة ) وما عطف عليها وقرأه
ابن كثير وابن عامر وحمزة بتاء فوقية ونصب ( ميتة ) وما عطف عليه عند من - عدا
ابن عامر ، وقرأه
ابن عامر وأبو جعفر بتاء فوقية ورفع ( ميتة ) - ويشكل على هذه القراءة أن المعطوف على ( ميتة ) منصوبات وهي : أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به ولم يعرج عليها صاحب الكشاف ، وقد خرجت هذه القراءة على أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أو دما مسفوحا عطفا على ( أن ) وصلتها ؛ لأنه محل نصب بالاستثناء فالتقدير : إلا وجود ميتة ، فلما عبر عن الوجود بفعل يكون التام ارتفع ما كان مضافا إليه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فمن اضطر غير باغ ولا عاد تقدم القول في نظيره في سورة البقرة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه .
وإنما جاء المسند إليه في جملة الجزاء وهو ( ربك ) معرفا بالإضافة دون العلمية كما في آية سورة البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=192فإن الله غفور رحيم لما يؤذن به لفظ الرب من الرأفة واللطف بالمربوب والولاية ، تنبيها على أن الله جعل هذه الرخصة
[ ص: 141 ] للمسلمين الذين عبدوه ولم يشركوا به ، وأنه أعرض عن المشركين الذين أشركوا معه غيره ؛ لأن الإضافة تشعر بالاختصاص ؛ لأنها على تقدير لام الاختصاص ، فلما عبر عن الغفور تعالى بأنه رب النبيء عليه الصلاة والسلام علم أنه رب الذين اتبعوه ، وأنه ليس رب المشركين باعتبار ما في معنى الرب من الولاية ، فهو في معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم أي : لا مولى يعاملهم بآثار الولاية وشعارها ؛ ذلك لأن هذه الآية وقعت في سياق حجاج المشركين بخلاف آية البقرة فإنها مفتتحة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=172يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم .
والإخبار بأنه غفور رحيم ، مع كون ذلك معلوما من مواضع كثيرة ، هو هنا كناية عن الإذن في تناول تلك المحرمات عند الاضطرار ورفع حرج التحريم عنها حينئذ فهو في معنى قوله في سورة البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145nindex.php?page=treesubj&link=28977_23988_25199_518_33217_33220قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ نَشَأَ عَنْ إِبْطَالِ تَحْرِيمِ مَا حَرَّمَهُ الْمُشْرِكُونَ ، إِذْ يَتَوَجَّهُ سُؤَالُ سَائِلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ الثَّابِتَةِ ، إِذْ أُبْطِلَتِ الْمُحَرَّمَاتُ الْبَاطِلَةُ ،
[ ص: 137 ] فَلِذَلِكَ خُوطِبَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ خُوطِبَ بِبَيَانِ مَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ مِمَّا حَرَّمَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ) الْآيَاتِ .
وَافْتُتِحَ الْكَلَامُ الْمَأْمُورُ بِأَنْ يَقُولَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145لَا أَجِدُ ) إِدْمَاجًا لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي خِلَالِ بَيَانِ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا الرَّدُّ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ كِنَايَةِ الْإِيمَاءِ بِأَنْ لَمْ يُنْفَ تَحْرِيمُ مَا ادَّعَوْا تَحْرِيمَهُ صَرِيحًا ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ لَا أَجِدُهُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ تَحْرِيمُهُ مِنَ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَى تَحْرِيمِ شَيْءٍ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ النَّاسُ إِلَّا بِإِعْلَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُحِلُّ مَا شَاءَ وَيُحَرِّمُ مَا شَاءَ وَيُحَرِّمُ مَا شَاءَ عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَذَلِكَ الْإِعْلَامُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِطَرِيقِ الْوَحْيِ أَوْ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ ، فَإِذَا كَانَ حُكْمٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْوَحْيِ وَلَا فِي فُرُوعِهِ فَهُوَ حُكْمٌ غَيْرُ حَقٍّ ، فَاسْتُفِيدَ بُطْلَانُ تَحْرِيمِ مَا زَعَمُوهُ بِطَرِيقَةِ الْإِيمَاءِ ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ اسْتِدْلَالِيَّةٌ ؛ لِأَنَّ فِيهَا نَفْيَ الشَّيْءِ بِنَفْيِ مَلْزُومِهِ .
وَ ( أَجِدُ ) بِمَعْنَى : أَظْفَرُ ، وَهُوَ الَّذِي مَصْدَرُهُ الْوَجْدُ وَالْوِجْدَانُ ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي حُصُولِ الشَّيْءِ وَبُلُوغِهِ ، يُقَالُ : وَجَدْتُ فُلَانًا نَاصِرًا ؛ أَيْ : حَصَلْتُ عَلَيْهِ ، فَشَبَّهَ التَّحْصِيلَ لِلشَّيْءِ بِالظَّفَرِ وَإِلْفَاءِ الْمَطْلُوبِ ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ .
وَالْمُرَادُ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145مَا أُوحِيَ ) مَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ النَّازِلَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ .
وَالطَّاعِمُ : الْآكِلُ ، يُقَالُ : طَعِمَ كَعَلِمَ ، إِذَا أَكَلَ الطَّعَامَ ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلشَّارِبِ ، وَأَمَّا طَعِمَ بِمَعْنَى ذَاقَ فَيُسْتَعْمَلُ فِي ذَوْقِ الْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي النَّفْيِ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 138 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْآيَةُ قَاصِرَةً عَلَى بَيَانِ مُحَرَّمِ الْمَأْكُولَاتِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145يَطْعَمُهُ ) صِفَةٌ لِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145طَاعِمٍ ) وَهِيَ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ .
وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ الْأَكْوَانِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا وُقُوعُ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ؛ أَيْ : لَا أَجِدُ كَائِنًا مُحَرَّمًا إِلَّا كَوْنَهُ مَيْتَةً إِلَخْ ، أَيْ : إِلَّا الْكَائِنَ مَيْتَةً إِلَخْ ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ .
وَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الْمَنْفِيِّ وَالِاسْتِثْنَاءِ حَقِيقِيٌّ بِحَسَبِ وَقْتِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْأَكْلِ غَيْرَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ
بِالْمَدِينَةِ فَزِيدَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا .
وَالْمَسْفُوحُ : الْمَصْبُوبُ السَّائِلُ ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَذْبَحِ وَالْمَنْحَرِ ، أَوْ مِنَ الْفَصْدِ فِي بَعْضِ عُرُوقِ الْأَعْضَاءِ فَيَسِيلُ ، وَقَدْ كَانَ الْعَرَبُ يَأْكُلُونَ الدَّمَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ أَوْدَاجِ الذَّبِيحَةِ أَوْ مِنْ مَنْحَرِ الْمَنْحُورَةِ وَيَجْمَعُونَهُ فِي مَصِيرٍ أَوْ جِلْدٍ وَيُجَفِّفُونَهُ ثُمَّ يَشْوُونَهُ ، وَرُبَّمَا فَصَدُوا مِنْ قَوَائِمِ الْإِبِلِ مُفَصَّدًا فَأَخَذُوا مَا يَحْتَاجُونَ مِنَ الدَّمِ بِدُونِ أَنْ يَهْلِكَ الْبَعِيرُ ، وَرُبَّمَا خَلَطُوا الدَّمَ بِالْوَبَرِ وَيُسَمُّونَهُ الْعِلْهِزَ ، وَذَلِكَ فِي الْمَجَاعَاتِ .
وَتَقْيِيدُ الدَّمِ بِالْمَسْفُوحِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=25643الدَّمِ الَّذِي يَنِزُّ مِنْ عُرُوقِ اللَّحْمِ عِنْدَ طَبْخِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فَإِنَّهُ رِجْسٌ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفَاتِ ، وَالضَّمِيرُ قِيلَ : عَائِدٌ إِلَى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَعُودَ إِلَى جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ ، وَإِنَّ إِفْرَادَ الضَّمِيرِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمَذْكُورِ ؛ أَيْ : فَإِنَّ الْمَذْكُورَ رِجْسٌ ، كَمَا يُفْرَدُ اسْمُ الْإِشَارَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا .
[ ص: 139 ] وَالرِّجْسُ : الْخَبِيثُ وَالْقَذَرُ ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ خَاصَّةً فَوَصْفُهُ بِرِجْسٍ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَمِّهِ ، وَهُوَ ذَمٌّ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ ، فَوَصْفُهُ بِهِ تَحْذِيرٌ مِنْ تَنَاوُلِهِ ، وَتَأْنِيسٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِتَحْرِيمِهِ ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْعَرَبِ كَانُوا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَمَا يَأْكُلُونَهَا إِلَّا فِي الْخَصَاصَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=33217_518وَخَبَاثَةُ الْخِنْزِيرِ عَلِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَهُ ، وَتَبَيَّنَ أَخِيرًا أَنَّ لَحْمَهُ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَرَّاتٍ حَيَوَانِيَّةٍ مُضِرَّةٍ لِآكِلِهِ أَثْبَتَهَا عِلْمُ الْحَيَوَانِ وَعِلْمُ الطِّبِّ ، وَقِيلَ : أُرِيدَ أَنَّهُ نَجِسٌ ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ النَّجَاسَاتِ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ تَأْكُلُ النَّجَاسَةِ وَتُسَمَّى الْجَلَّالَةَ وَلَيْسَتْ مُحَرَّمَةَ الْأَكْلِ فِي صَحِيحِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ .
وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى الثَّلَاثَةِ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) تَنْبِيهًا عَلَى عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهَا لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ تَحْصُلُ مَنْ أَكْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ، وَهِيَ مَفْسَدَةٌ بَدَنِيَّةٌ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=33220الْمَيْتَةُ فَلِمَا يَتَحَوَّلُ إِلَيْهِ جِسْمُ الْحَيَوَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ التَّعَفُّنِ ، وَلِأَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ قَدْ يَنْتَقِلُ إِلَى آكِلِهِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=226الدَّمُ فَلِأَنَّ فِيهِ أَجْزَاءً مُضِرَّةً ، وَلِأَنَّ شُرْبَهُ يُورِثُ ضَرَاوَةً .
وَالْفِسْقُ : الْخُرُوجُ عَنْ شَيْءٍ ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْإِيمَانِ ، أَوِ الطَّاعَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَلِذَلِكَ يُوصَفُ بِهِ الْفِعْلُ الْحَرَامُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِفِسْقِ صَاحِبِهِ عَنِ الطَّاعَةِ ، وَقَدْ سَمَى الْقُرْآنُ مَا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فِسْقًا فِي الْآيَةِ السَّالِفَةِ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَصَارَ وَصْفًا مَشْهُورًا لِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلِذَلِكَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ صِفَةً أَوْ بَيَانًا لِـ ( فِسْقًا وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ لَيْسَ لِأَنَّ لَحْمُهُ مُضِرٌّ بَلْ لِأَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ بِاللَّهِ .
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى انْحِصَارِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ ، وَذَلِكَ الِانْحِصَارُ بِحَسَبِ مَا كَانَ مُحَرَّمًا يَوْمَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّهُ لَمْ
[ ص: 140 ] يُحَرَّمْ
بِمَكَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ ، وَهَذِهِ السُّوَرُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا عَلَى الصَّحِيحِ ، ثُمَّ حَرَّمَ
بِالْمَدِينَةِ أَشْيَاءَ أُخْرَى ، وَهِيَ : الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَأَكِيلَةُ السَّبُعِ بِآيَةِ سُورَةِ الْعُقُودِ ، وَحَرَّمَ لَحْمَ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ بِأَمْرِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ تَحْرِيمَهُ لِذَاتِهِ كَالْخِنْزِيرِ ، أَوْ لِكَوْنِهَا يَوْمَئِذٍ حَمُولَةَ جَيْشِ
خَيْبَرَ ، وَفِي أَنَّ تَحْرِيمَهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لِذَاتِهِ مُسْتَمِرٌّ أَوْ مَنْسُوخٌ ، وَالْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ غَرَضِ التَّفْسِيرِ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَا تَكَلَّفُوهُ مِنْ تَأْوِيلِ حَصْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْأَرْبَعَةِ ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ تَحْرِيمِ لَحْمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَحْمِ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَقَدْ بَسَطَهَا
الْقُرْطُبِيُّ ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( إِلَّا أَنْ يَكُونَ ) بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ وَنَصْبِ ( مَيْتَةً ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ وَنَصْبِ ( مَيْتَةً ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ - عَدَا
ابْنِ عَامِرٍ ، وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ وَرَفْعِ ( مَيْتَةٌ ) - وَيُشْكَلُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى ( مَيْتَةً ) مَنْصُوبَاتٌ وَهِيَ : أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهَا صَاحِبُ الْكَشَّافِ ، وَقَدْ خُرِّجَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا عَطْفًا عَلَى ( أَنْ ) وَصِلَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ نَصْبٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالتَّقْدِيرُ : إِلَّا وُجُودَ مَيْتَةٍ ، فَلَمَّا عَبَّرَ عَنِ الْوُجُودِ بِفِعْلِ يَكُونُ التَّامِّ ارْتَفَعَ مَا كَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ .
وَإِنَّمَا جَاءَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ فِي جُمْلَةِ الْجَزَاءِ وَهُوَ ( رَبَّكَ ) مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ دُونَ الْعَلَمِيَّةِ كَمَا فِي آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=192فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَا يُؤْذِنُ بِهِ لَفْظُ الرَّبِّ مِنَ الرَّأْفَةِ وَاللُّطْفِ بِالْمَرْبُوبِ وَالْوِلَايَةِ ، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ هَذِهِ الرُّخْصَةَ
[ ص: 141 ] لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِهِ ، وَأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا مَعَهُ غَيْرَهُ ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تُشْعِرُ بِالِاخْتِصَاصِ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى تَقْدِيرِ لَامِ الِاخْتِصَاصِ ، فَلَمَّا عَبَّرَ عَنِ الْغَفُورِ تَعَالَى بِأَنَّهُ رَبُّ النَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عُلِمَ أَنَّهُ رَبُّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ رَبُّ الْمُشْرِكِينَ بِاعْتِبَارِ مَا فِي مَعْنَى الرَّبِّ مِنَ الْوِلَايَةِ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ أَيْ : لَا مَوْلَى يُعَامِلُهُمْ بِآثَارِ الْوِلَايَةِ وَشِعَارِهَا ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ حِجَاجِ الْمُشْرِكِينَ بِخِلَافِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهَا مُفْتَتَحَةٌ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=172يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ .
وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ مَعْلُومًا مِنْ مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ، هُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْإِذْنِ فِي تَنَاوُلِ تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ وَرَفْعِ حَرَجِ التَّحْرِيمِ عَنْهَا حِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .