افتتحت هذه السورة بالتنويه بالقرآن والوعد بتيسيره على النبيء - صلى الله عليه وسلم - ليبلغه وكان افتتاحها كلاما جامعا وهو مناسب [ ص: 8 ] لما اشتملت عليه السورة من المقاصد فهو افتتاح وارد على أحسن وجوه البيان وأكملها شأن سور القرآن .
وتدور مقاصد هذه السورة على محور مقاصد ; منها : النهي عن اتخاذ الشركاء من دون الله .
وإنذار المشركين عن سوء عاقبة الشرك في الدنيا والآخرة .
ووصف ما حل بالمشركين والذين كذبوا الرسل : من سوء العذاب في الدنيا ، وما سيحل بهم في الآخرة .
تذكير الناس بنعمة خلق الأرض ، وتمكين النوع الإنساني من خيرات الأرض ، وبنعمة الله على هذا النوع بخلق أصله وتفضيله .
وما نشأ من عداوة جنس الشيطان لنوع الإنسان .
وتحذير الناس من التلبس ببقايا مكر الشيطان من تسويله إياهم حرمان أنفسهم الطيبات ، ومن الوقوع فيما يزج بهم في العذاب في الآخرة .
ووصف أهوال يوم الجزاء للمجرمين وكراماته للمتقين .
والتذكير بالبعث وتقريب دليله .
والنهي عن الفساد في الأرض التي أصلحها الله لفائدة الإنسان .
والتذكير ببديع ما أوجده الله لإصلاحها وإحيائها .
والتذكير بما أودع الله في فطرة الإنسان من وقت تكوين أصله أن يقبلوا دعوة رسل الله إلى التقوى والإصلاح .
وأفاض في أحوال الرسل مع أقوامهم المشركين ، ومما لاقوه من عنادهم وأذاهم ، وأنذر بعدم الاغترار بإمهال الله الناس قبل أن ينزل بهم العذاب ، وإعذارا لهم أن يقلعوا عن كفرهم وعنادهم ، فإن العذاب يأتيهم بغتة بعد ذلك الإمهال .
[ ص: 9 ] وأطال القول في قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون ، وفي تصرفات بني إسرائيل مع موسى - عليه السلام .
وتخلل قصته بشارة الله ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصفة أمته وفضل دينه .
ثم تخلص إلى موعظة المشركين كيف بدلوا الحنيفية وتقلدوا الشرك ، وضرب لهم مثلا بمن آتاه الله الآيات فوسوس له الشيطان فانسلخ عن الهدى .
ووصف حال أهل الضلالة ووصف تكذيبهم بما جاء به الرسول ووصف آلهتهم بما ينافي الإلهية وأن لله الصفات الحسنى صفات الكمال .
ثم أمر الله رسوله - عليه الصلاة والسلام - والمسلمين بسعة الصدر والمداومة على الدعوة وحذرهم من مداخل الشيطان بمراقبة الله بذكره سرا وجهرا والإقبال على عبادته .