(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=33قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) .
" من " في : من شاطئ لابتداء الغاية ، و " من الشجرة " كذلك ، إذ هي بدل من الأولى ، أي من قبل الشجرة . و " الأيمن " : يحتمل أن يكون صفة للشاطئ وللوادي ، على معنى اليمن والبركة ، أو الأيمن : يريد المعادل للعضو الأيسر ، فيكون ذلك بالنسبة إلى
موسى ، لا للشاطئ ، ولا للوادي ، أي أيمن
موسى في استقباله حتى يهبط الوادي ، أو بعكس ذلك ؛ وكل هذه الأقوال في الأيمن مقول . وقرأ
الأشهب العقيلي ،
ومسلمة : " في البقعة " ، بفتح الباء . قال
أبو زيد : سمعت من العرب : هذه بقعة طيبة ، بفتح الباء ، ووصفت البقعة بالبركة ، لما خصت به من آيات الله وأنواره وتكليمه
لموسى - عليه السلام - أو لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة . ويتعلق في البقعة بـ " نودي " ، أو تكون في موضع الحال من " شاطئ " . والشجرة عناب ، أو عليق ، أو سمرة ، أو عوسج ، أقوال . و " أن " يحتمل أن تكون حرف تفسير ، وأن تكون مخففة من الثقيلة .
[ ص: 117 ] وقرأت فرقة : " أني أنا " بفتح الهمزة ، وفي إعرابه إشكال ؛ لأن " إن " إن كانت تفسيرية ، فينبغي كسر " إني " ، وإن كانت مصدرية ، تتقدر بالمفرد ، والمفرد لا يكون خبرا الضمير الشأن ، فتخريج هذه القراءة على أن تكون " إن " تفسيرية ، وإني معمول لمضمر تقديره : إني يا
موسى أعلم إني أنا الله .
وجاء في طه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=11نودي يا موسى إني أنا ربك ) وفي النمل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=8نودي أن بورك من في النار ) وهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30نودي من شاطئ ) ولا منافاة ، إذ حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه ذلك النداء . والجمهور : على أنه - تعالى - كلمه في هذا المقام من غير واسطة . وقال
الحسن : ناداه نداء الوحي ، لا نداء الكلام . وتقدم الكلام على نظير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ) ثم أمره فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسلك يدك في جيبك ) وهو فتح الجبة من حيث تخرج الرأس ، وكان كم الجبة في غاية الضيق . وتقدم الكلام على : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32تخرج بيضاء من غير سوء ) وفسر الجناح هنا باليد وبالعضد وبالعطاف ، وبما أسفل من العضد إلى الرسغ ، وبجيب مدرعته . والرهب : الخوف ، وتأتي القراءات فيه . وقيل : بفتح الراء والهاء : الكم ، بلغة
بني حنيفة وحمير ، وسمع
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي قائلا يقول : أعطني ما في رهبك ، أي في كمك ، والظاهر حمل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32واضمم إليك جناحك من الرهب ) على الحقيقة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : خاف
موسى أن يكون حدث به سوء ، فأمره - تعالى - أن يعيد يده إلى جيبه لتعود على حالتها الأولى ، فيعلم
موسى أنه لم يكن سوءا بل آية من الله . وقال
مجاهد ،
وابن زيد : أمره بضم عضده وذراعه ، وهو الجناح ، إلى جنبه ، ليخف بذلك فزعه . ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في وقت فزعه أن يقوى قلبه . وقيل : لما انقلبت العصا حية ، فزع
موسى واضطرب ، فاتقاها بيده ، كما يفعل الخائف من الشيء ، فقيل له : أدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء لتظهر معجزة أخرى ، وهذا القول بسطه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ؛ لأنه كالتكرار لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسلك يدك في جيبك ) . وقد قال هو : والجناح هنا اليد ، قال : لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر ، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى ، فقد ضم جناحه إليه . وقيل : المعنى إذا هالك أمر لما يغلب من شعاعها ، فاضممها إليك تسكن . وقالت فرقة : هو مجاز أمره بالعزم على ما أمره به ، كما تقول العرب : اشدد حيازيمك واربط جأشك ، أي شمر في أمرك ودع الرهب ، وذلك لما كثر تخوفه وفزعه في غير موطن ، قاله
أبو علي ، وكأنه طيره الفزع ، وآلة الطيران الجناح . فقيل له : اسكن ولا تخف ، وضم منشور جناحك من الخوف إليك ، وذكر هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، فقال والثاني أن يراد بضم جناحه إليه : تجلده وضبطه نفسه وتشدده عند انقلاب العصا حية ، حتى لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر ؛ لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما ، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32من الرهب ) من أجل الرهب ، أي إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية ، فاضمم إليك جناحك . جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32واضمم إليك جناحك ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسلك يدك في جيبك ) على أحد التفسيرين واحد ، ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء ، وفي الثاني إخفاء الرهب . ( فإن قلت ) : قد جعل الجناح ، وهو اليد ، في أحد الموضعين مضموما وفي الآخر مضموما إليه ، وذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32واضمم إليك جناحك ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=22واضمم يدك إلى جناحك ) فما التوفيق بينهما ؟ ( قلت ) : المراد بالجناح المضموم هو اليد اليمنى ، وبالمضموم إليه اليد اليسرى ، وكل واحدة من يمنى اليدين ويسراهما جناح . ومن بدع التفاسير أن الرهب : الكم ، بلغة
حمير ، وأنهم يقولون : أعطني ما في رهبك ؛ وليت شعري ؛ كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الأثبات الثقات التي ترضى عربيتهم ؟ ثم ليت شعري : كيف موقعه في الآية ؟ وكيف يعطيه الفصل كسائر كلمات
[ ص: 118 ] التنزيل ؟ على أن
موسى - صلوات الله عليه - ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف ، لا كمين لها . انتهى . أما قوله : وهل سمع من الأثبات ؟ وهذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي ، وهو ثقة ثبت . وأما قوله : كيف موقعه من الآية ؟ فقالوا : معناه أخرج يدك من كمك ، وكان قد أخذ العصا بالكم . وقرأ
الحرميان ،
وأبو عمرو : من الرهب ، بفتح الراء والهاء ؛
وحفص : بفتح الراء وسكون الهاء ؛ وباقي السبعة : بضم الراء وإسكان الهاء . وقرأ
قتادة ،
والحسن ،
وعيسى ،
والجحدري : بضمهما .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فذانك ) إشارة إلى العصا واليد ، وهما مؤنثتان ، ولكن ذكرا لتذكير الخبر ، كما أنه قد يؤنث المذكر لتأنيث الخبر ، كقراءة من قرأ : " : ثم لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا " بالياء في " تكن " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32برهانان ) حجتان نيرتان . وقرأ
ابن كثير ،
وأبو عمرو : " فذانك " ، بتشديد النون ؛ وباقي السبعة : بتخفيفها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وعيسى ،
وأبو نوفل ،
وابن هرمز ،
وشبل : فذانيك ، بياء بعد النون المكسورة ، وهي لغة
هذيل . وقيل : بل لغة
تميم ، ورواها
شبل عن
ابن كثير ، وعنه أيضا : فذانيك ، بفتح النون قبل الياء ، على لغة من فتح نون التثنية ، نحو قوله :
على أحوذيين استقلت عشية
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : بتشديد النون مكسورة بعدها ياء . قيل : وهي لغة
هذيل . وقال
المهدوي : بل لغتهم تخفيفها . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32إلى فرعون ) يتعلق بمحذوف دل عليه المعنى تقديره : اذهب إلى
فرعون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=33قال رب إني قتلت منهم نفسا ) هو القبطي الذي وكزه فمات ، فطلب من ربه ما يزداد به قوة ، وذكر أخاه والعلة التي تكون له زيادة التبليغ . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34أفصح ) يدل على أن فيه فصاحة ، ولكن أخوه أفصح . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34فأرسله معي ردءا ) أي معينا يصدقني ، ليس المعنى أنه يقول لي : صدقت ، إذ يستوي في قول هذا اللفظ العيي والفصيح ، وإنما المعنى : أنه لزيادة فصاحته يبالغ في التبيان ، وفي الإجابة عن الشبهات ، وفي جداله الكفار . وقرأ الجمهور : ردءا ، بالهمزة ؛
وأبو جعفر ،
ونافع ،
والمدنيان : بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال ؛ والمشهور عن
أبي جعفر بالنقل ، ولا همز ولا تنوين ، ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف . وقرأ
عاصم ،
وحمزة : يصدقني ، بضم القاف ، فاحتمل الصفة لـ " ردءا " ، والحال احتمل الاستئناف وقرأ باقي السبعة : بالإسكان . وقرأ
أبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : يصدقوني ، والضمير
لفرعون وقومه . قال
ابن خالويه : هذا شاهد لمن جزم ، لأنه لو كان رفعا لقال : يصدقونني . انتهى ، والجزم على جواب الأمر . والمعنى في يصدقوني : أرجو تصديقهم إياي ، فأجابه - تعالى - إلى طلبته وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سنشد عضدك بأخيك ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ،
والحسن : عضدك ، بضمتين . وعن
الحسن : بضم العين وإسكان الضاد . وعن بعضهم : بفتح العين وكسر الضاد ؛ وفتحهما ، قرأ به
عيسى ، ويقال فيه : عضد ، بفتح العين وسكون الضاد ، ولا أعلم أحدا قرأ به . والعضد : العضو المعروف ، وهي قوام اليد ، وبشدتها يشتد . قال الشاعر :
أبني لبينى لستما بيد إلا يدا ليست لها عضد
والمعنى فيه : سنقويك بأخيك . ويقال في الخير : شد الله عضدك ، وفي الشر : فت الله في عضدك . والسلطان : الحجة والغلبة والتسليط . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون إليكما ) أي بسوء ، أو إلى إذايتكما . ويحتمل (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35بآياتنا ) أن يتعلق بقوله : " ونجعل " ، أو بـ " يصلون " ، أو بـ " الغالبون " ، وإن كان موصولا على مذهب من يجوز عنده أن يتقدم الظرف والجار والمجرور على صلة أل ، وإن كان عنده موصولا على سبيل الاتساع ، أو بفعل محذوف ، أي اذهبا بآياتنا . كما علق " في تسع آيات " بـ " اذهب " ، أو على البيان ، فالعامل محذوف ، وهذه أعاريب منقولة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون قسما جوابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون ) مقدما عليه ، أو من لغو القسم . انتهى . أما إنه قسم جوابه (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون ) فإنه لا يستقيم على قول الجمهور ؛ لأن جواب القسم لا تدخله الفاء . وأما قوله : أو من
[ ص: 119 ] لغو القسم ، فكأنه يريد والله أعلم . إنه لم يذكر له جواب ، بل حذف للدلالة عليه ، أي بآياتنا لتغلبن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=33قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ) .
" مِنْ " فِي : مِنْ شَاطِئِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَ " مِنَ الشَّجَرَةِ " كَذَلِكَ ، إِذْ هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى ، أَيْ مِنْ قِبَلِ الشَّجَرَةِ . وَ " الْأَيْمَنِ " : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلشَّاطِئِ وَلِلْوَادِي ، عَلَى مَعْنَى الْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ ، أَوِ الْأَيْمَنِ : يُرِيدُ الْمُعَادِلَ لِلْعُضْوِ الْأَيْسَرِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى
مُوسَى ، لَا لِلشَّاطِئِ ، وَلَا لِلْوَادِي ، أَيْ أَيْمَنَ
مُوسَى فِي اسْتِقْبَالِهِ حَتَّى يَهْبِطَ الْوَادِيَ ، أَوْ بِعَكْسِ ذَلِكَ ؛ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي الْأَيْمَنِ مَقُولٌ . وَقَرَأَ
الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ ،
وَمَسْلَمَةُ : " فِي الْبَقْعَةِ " ، بِفَتْحِ الْبَاءِ . قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ : هَذِهِ بَقْعَةٌ طَيِّبَةٌ ، بِفَتْحِ الْبَاءِ ، وَوُصِفَتِ الْبُقْعَةُ بِالْبَرَكَةِ ، لِمَا خُصَّتْ بِهِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَأَنْوَارِهِ وَتَكْلِيمِهِ
لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ لِمَا حَوَتْ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَالثِّمَارِ الطَّيِّبَةِ . وَيَتَعَلَّقُ فِي الْبُقْعَةِ بِـ " نُودِيَ " ، أَوْ تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ " شَاطِئِ " . وَالشَّجَرَةُ عُنَّابٌ ، أَوْ عُلَّيْقٌ ، أَوْ سَمُرَةٌ ، أَوْ عَوْسَجٌ ، أَقْوَالٌ . وَ " أَنْ " يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ حَرْفَ تَفْسِيرٍ ، وَأَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ .
[ ص: 117 ] وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ : " أَنِّي أَنَا " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، وَفِي إِعْرَابِهِ إِشْكَالٌ ؛ لِأَنَّ " إِنْ " إِنْ كَانَتْ تَفْسِيرِيَّةً ، فَيَنْبَغِي كَسْرُ " إِنِّي " ، وَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً ، تَتَقَدَّرُ بِالْمُفْرَدِ ، وَالْمُفْرَدُ لَا يَكُونُ خَبَرًا الضَّمِيرُ الشَّأْنُ ، فَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ " إِنْ " تَفْسِيرِيَّةً ، وَإِنِّي مَعْمُولٌ لِمُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ : إِنِّي يَا
مُوسَى أَعْلَمُ إِنِّي أَنَا اللَّهُ .
وَجَاءَ فِي طه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=11نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ) وَفِي النَّمْلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=8نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) وَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ ) وَلَا مُنَافَاةَ ، إِذْ حَكَى فِي كُلِّ سُورَةٍ بَعْضَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّدَاءُ . وَالْجُمْهُورُ : عَلَى أَنَّهُ - تَعَالَى - كَلَمَّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : نَادَاهُ نِدَاءَ الْوَحْيِ ، لَا نِدَاءَ الْكَلَامِ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ) ثُمَّ أَمَرَهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) وَهُوَ فَتْحُ الْجُبَّةِ مِنْ حَيْثُ تَخْرُجُ الرَّأْسُ ، وَكَانَ كُمُّ الْجُبَّةِ فِي غَايَةِ الضِّيقِ . وَتَقَدَّمُ الْكَلَامُ عَلَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) وَفُسِّرَ الْجَنَاحُ هُنَا بِالْيَدِ وَبِالْعَضُدِ وَبِالْعِطَافِ ، وَبِمَا أَسْفَلَ مِنَ الْعَضُدِ إِلَى الرُّسْغِ ، وَبِجَيْبِ مِدْرَعَتِهِ . وَالرَّهْبُ : الْخَوْفُ ، وَتَأْتِي الْقِرَاءَاتُ فِيهِ . وَقِيلَ : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَاءِ : الْكُمُّ ، بِلُغَةِ
بَنِي حَنِيفَةَ وَحِمْيَرَ ، وَسَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ قَائِلًا يَقُولُ : أَعْطِنِي مَا فِي رَهْبِكَ ، أَيْ فِي كُمِّكَ ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ) عَلَى الْحَقِيقَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : خَافَ
مُوسَى أَنْ يَكُونَ حَدَثَ بِهِ سُوءٌ ، فَأَمَرَهُ - تَعَالَى - أَنْ يُعِيدَ يَدَهُ إِلَى جَيْبِهِ لِتَعُودَ عَلَى حَالَتِهَا الْأُولَى ، فَيَعْلَمَ
مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سُوءًا بَلْ آيَةً مِنَ اللَّهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : أَمَرَهُ بِضَمِّ عَضُدِهِ وَذِرَاعِهِ ، وَهُوَ الْجَنَاحُ ، إِلَى جَنْبِهِ ، لِيَخِفَّ بِذَلِكَ فَزَعُهُ . وَمِنْ شَأْنِ الْإِنْسَانِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ فَزَعِهِ أَنْ يَقْوَى قَلْبُهُ . وَقِيلَ : لَمَّا انْقَلَبَتِ الْعَصَا حَيَّةً ، فَزِعَ
مُوسَى وَاضْطَرَبَ ، فَاتَّقَاهَا بِيَدِهِ ، كَمَا يَفْعَلُ الْخَائِفُ مِنَ الشَّيْءِ ، فَقِيلَ لَهُ : أَدْخِلْ يَدَكَ تَحْتَ عَضُدِكَ مَكَانَ اتِّقَائِكَ بِهَا ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا بَيْضَاءَ لِتَظْهَرَ مُعْجِزَةٌ أُخْرَى ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَسَطَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْرَارِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) . وَقَدْ قَالَ هُوَ : وَالْجَنَاحُ هُنَا الْيَدُ ، قَالَ : لِأَنَّ يَدَيِ الْإِنْسَانِ بِمَنْزِلَةِ جَنَاحَيِ الطَّائِرِ ، وَإِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ عَضُدِهِ الْيُسْرَى ، فَقَدْ ضَمَّ جَنَاحَهُ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى إِذَا هَالَكَ أَمْرٌ لِمَا يَغْلِبُ مِنْ شُعَاعِهَا ، فَاضْمُمْهَا إِلَيْكَ تَسْكُنْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هُوَ مُجَازٌ أَمَرَهُ بِالْعَزْمِ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ وَارْبُطْ جَأْشَكَ ، أَيْ شِمِّرْ فِي أَمْرِكَ وَدَعِ الرَّهْبَ ، وَذَلِكَ لَمَّا كَثُرَ تَخَوُّفُهُ وَفَزَعُهُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ ، قَالَهُ
أَبُو عَلِيٍّ ، وَكَأَنَّهُ طَيَّرَهُ الْفَزَعُ ، وَآلَةُ الطَّيَرَانِ الْجَنَاحُ . فَقِيلَ لَهُ : اسْكُنْ وَلَا تَخَفْ ، وَضُمَّ مَنْشُورَ جَنَاحِكَ مِنَ الْخَوْفِ إِلَيْكَ ، وَذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، فَقَالَ وَالثَّانِي أَنْ يُرَادَ بِضَمِّ جَنَاحِهِ إِلَيْهِ : تَجَلُّدُهُ وَضَبْطُهُ نَفْسَهُ وَتَشَدُّدُهُ عِنْدَ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً ، حَتَّى لَا يَضْطَرِبَ وَلَا يَرْهَبَ ، اسْتِعَارَةً مِنْ فِعْلِ الطَّائِرِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا خَافَ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ وَأَرْخَاهُمَا ، وَإِلَّا فَجَنَاحَاهُ مَضْمُومَانِ إِلَيْهِ مُشَمَّرَانِ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32مِنَ الرَّهْبِ ) مِنْ أَجْلِ الرَّهْبِ ، أَيْ إِذَا أَصَابَكَ الرَّهْبُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْحَيَّةِ ، فَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ . جَعَلَ الرَّهْبَ الَّذِي كَانَ يُصِيبُهُ سَبَبًا وَعِلَّةً فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ ضَمِّ جَنَاحِهِ إِلَيْهِ . وَمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ) عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ وَاحِدٌ ، وَلَكِنْ خُولِفَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا كُرِّرَ الْمَعْنَى الْوَاحِدُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْغَرَضَ فِي أَحَدِهِمَا خُرُوجُ الْيَدِ بَيْضَاءَ ، وَفِي الثَّانِي إِخْفَاءُ الرَّهْبِ . ( فَإِنْ قُلْتَ ) : قَدْ جُعِلَ الْجَنَاحُ ، وَهُوَ الْيَدُ ، فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ مَضْمُومًا وَفِي الْآخَرِ مَضْمُومًا إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=22وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ) فَمَا التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا ؟ ( قُلْتُ ) : الْمُرَادُ بِالْجَنَاحِ الْمَضْمُومِ هُوَ الْيَدُ الْيُمْنَى ، وَبِالْمَضْمُومِ إِلَيْهِ الْيَدُ الْيُسْرَى ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ يُمْنَى الْيَدَيْنِ وَيُسْرَاهُمَا جَنَاحٌ . وَمِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ أَنَّ الرَّهْبَ : الْكُمُّ ، بِلُغَةِ
حِمْيَرَ ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : أَعْطِنِي مَا فِي رَهْبِكَ ؛ وَلَيْتَ شِعْرِي ؛ كَيْفَ صِحَّتُهُ فِي اللُّغَةِ ؟ وَهَلْ سُمِعَ مِنَ الْأَثْبَاتِ الثِّقَاتِ الَّتِي تُرْضَى عَرَبِيَّتُهُمْ ؟ ثُمَّ لَيْتَ شِعْرِي : كَيْفَ مَوْقِعُهُ فِي الْآيَةِ ؟ وَكَيْفَ يُعْطِيهِ الْفَصْلُ كَسَائِرِ كَلِمَاتِ
[ ص: 118 ] التَّنْزِيلِ ؟ عَلَى أَنَّ
مُوسَى - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - مَا كَانَ عَلَيْهِ لَيْلَةَ الْمُنَاجَاةَ إِلَّا زُرْمَانِقَةٌ مِنْ صُوفٍ ، لَا كُمَّيْنِ لَهَا . انْتَهَى . أَمَّا قَوْلُهُ : وَهَلْ سَمِعَ مَنِ الْأَثْبَاتِ ؟ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيِّ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : كَيْفَ مَوْقِعُهُ مِنَ الْآيَةِ ؟ فَقَالُوا : مَعْنَاهُ أَخْرِجْ يَدَكَ مِنْ كُمِّكَ ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ الْعَصَا بِالْكُمِّ . وَقَرَأَ
الْحَرَمِيَّانِ ،
وَأَبُو عَمْرٍو : مِنَ الرَّهَبِ ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَاءِ ؛
وَحَفْصٌ : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ ؛ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ . وَقَرَأَ
قَتَادَةُ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَعِيسَى ،
وَالْجَحْدَرِيُّ : بِضَمِّهِمَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فَذَانِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْعَصَا وَالْيَدِ ، وَهُمَا مُؤَنَّثَتَانِ ، وَلَكِنْ ذُكِّرَا لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يُؤَنَّثُ الْمُذَكَّرُ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ ، كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : " : ثُمَّ لَمْ يَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا " بِالْيَاءِ فِي " تَكُنْ " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32بُرْهَانَانِ ) حُجَّتَانِ نَيِّرَتَانِ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو : " فَذَانِّكَ " ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ ؛ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِتَخْفِيفِهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
وَعِيسَى ،
وَأَبُو نَوْفَلٍ ،
وَابْنُ هُرْمُزَ ،
وَشِبْلٌ : فَذَانِيكَ ، بِيَاءٍ بَعْدَ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ ، وَهِيَ لُغَةُ
هُذَيْلٍ . وَقِيلَ : بَلْ لُغَةُ
تَمِيمٍ ، وَرَوَاهَا
شِبْلٌ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : فَذَانَيْكَ ، بِفَتْحِ النُّونِ قَبْلَ الْيَاءِ ، عَلَى لُغَةِ مَنْ فَتَحَ نُونَ التَّثْنِيَةِ ، نَحْوَ قَوْلِهِ :
عَلَى أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : بِتَشْدِيدِ النُّونِ مَكْسُورَةً بَعْدَهَا يَاءٌ . قِيلَ : وَهِيَ لُغَةُ
هُذَيْلٍ . وَقَالَ
الَمَهْدَوِيُّ : بَلْ لُغَتُهُمْ تَخْفِيفُهَا . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32إِلَى فِرْعَوْنَ ) يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ : اذْهَبْ إِلَى
فِرْعَوْنَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=33قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا ) هُوَ الْقِبْطِيُّ الَّذِي وَكَزَهُ فَمَاتَ ، فَطَلَبَ مِنْ رَبِّهِ مَا يَزْدَادُ بِهِ قُوَّةً ، وَذَكَرَ أَخَاهُ وَالْعِلَّةَ الَّتِي تَكُونُ لَهُ زِيَادَةُ التَّبْلِيغِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34أَفْصَحُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهِ فَصَاحَةً ، وَلَكِنْ أَخُوهُ أَفْصَحُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=34فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا ) أَيْ مُعِينًا يُصَدِّقُنِي ، لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَقُولُ لِي : صَدَقْتَ ، إِذْ يَسْتَوِي فِي قَوْلِ هَذَا اللَّفْظِ الْعَيِيُّ وَالْفَصِيحُ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى : أَنَّهُ لِزِيَادَةِ فَصَاحَتِهِ يُبَالِغُ فِي التِّبْيَانِ ، وَفِي الْإِجَابَةِ عَنِ الشُّبَهَاتِ ، وَفِي جِدَالِهِ الْكُفَّارَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : رِدْءًا ، بِالْهَمْزَةِ ؛
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَنَافِعٌ ،
وَالْمَدَنِّيَانِ : بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَنَقْلِ حَرَكَتِهَا إِلَى الدَّالِ ؛ وَالْمَشْهُورُ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ بِالنَّقْلِ ، وَلَا هَمْزَ وَلَا تَنْوِينَ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ ،
وَحَمْزَةُ : يُصَدِّقُنِي ، بِضَمِّ الْقَافِ ، فَاحْتَمَلَ الصِّفَةَ لِـ " رِدْءًا " ، وَالْحَالُ احْتَمَلَ الِاسْتِئْنَافَ وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ : بِالْإِسْكَانِ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : يُصَدِّقُونِي ، وَالضَّمِيرُ
لِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ . قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : هَذَا شَاهِدٌ لِمَنْ جَزَمَ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَفْعًا لَقَالَ : يُصَدِّقُونَنِي . انْتَهَى ، وَالْجَزْمُ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ . وَالْمَعْنَى فِي يُصَدِّقُونِي : أَرْجُو تَصْدِيقَهُمْ إِيَّايَ ، فَأَجَابَهُ - تَعَالَى - إِلَى طِلْبَتِهِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَالْحَسَنُ : عُضُدَكَ ، بِضَمَّتَيْنِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ . وَعَنْ بَعْضِهِمْ : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الضَّادِ ؛ وَفَتْحِهِمَا ، قَرَأَ بِهِ
عِيسَى ، وَيُقَالُ فِيهِ : عَضْدٌ ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الضَّادِ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ . وَالْعَضُدُ : الْعُضْوُ الْمَعْرُوفُ ، وَهِيَ قِوَامُ الْيَدِ ، وَبِشِدَّتِهَا يَشْتَدُّ . قَالَ الشَّاعِرُ :
أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمَا بِيَدٍ إِلَّا يَدًا لَيْسَتْ لَهَا عَضُدُ
وَالْمَعْنَى فِيهِ : سَنُقَوِّيكَ بِأَخِيكَ . وَيُقَالُ فِي الْخَيْرِ : شَدَّ اللَّهُ عَضُدَكَ ، وَفِي الشَّرِّ : فَتَّ اللَّهُ فِي عَضُدِكَ . وَالسُّلْطَانُ : الْحُجَّةُ وَالْغَلَبَةُ وَالتَّسْلِيطُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ) أَيْ بِسُوءٍ ، أَوْ إِلَى إِذَايَتِكُمَا . وَيُحْتَمَلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35بِآيَاتِنَا ) أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ : " وَنَجْعَلُ " ، أَوْ بِـ " يَصِلُونَ " ، أَوْ بِـ " الْغَالِبُونَ " ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الظَّرْفُ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ عَلَى صِلَةِ أل ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَوْصُولًا عَلَى سَبِيلِ الِاتِّسَاعِ ، أَوْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ ، أَيِ اذْهَبَا بِآيَاتِنَا . كَمَا عَلَّقَ " فِي تِسْعِ آيَاتٍ " بِـ " اذْهَبْ " ، أَوْ عَلَى الْبَيَانِ ، فَالْعَامِلُ مَحْذُوفٌ ، وَهَذِهِ أَعَارِيبُ مَنْقُولَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا جَوَابُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ ) مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ، أَوْ مِنْ لَغْوِ الْقَسَمِ . انْتَهَى . أَمَّا إِنَّهُ قَسَمٌ جَوَابُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْقَسَمِ لَا تَدْخُلُهُ الْفَاءُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : أَوْ مِنْ
[ ص: 119 ] لَغْوِ الْقَسَمِ ، فَكَأَنَّهُ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . إِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ جَوَابٌ ، بَلْ حُذِفَ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ ، أَيْ بِآيَاتِنَا لَتَغْلِبُنَّ .