وذكر المفسرون في
nindex.php?page=treesubj&link=32008أصحاب الأخدود أقوالا فوق العشرة ، ولكل قول منها قصة طويلة كسلنا عن كتابتها في كتابنا هذا ، ومضمنها أن ناسا من الكفار خدوا أخدودا في الأرض وسجروه نارا وعرضوا المؤمنين عليها ، فمن رجع عن دينه تركوه ، ومن أصر على الإيمان أحرقوه ، وأصحاب الأخدود هم المحرقون للمؤمنين . وقال
الربيع ،
وأبو العالية ،
وابن إسحاق : بعث الله على المؤمنين ريحا فقبضت أرواحهم أو نحو هذا ، وخرجت النار فأحرقت الكافرين الذين كانوا على حافتي الأخدود ، فعلى هذا يكون القتل حقيقة لا بمعنى اللعن ، ويكون خبرا عن ما فعله الله بالكفار والذين أرادوا أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم . وقول هؤلاء مخالف لقول الجمهور ولما دل عليه القصص الذي ذكروه . وقرأ الجمهور : ( النار ) بالجر ، وهو بدل اشتمال ، أو بدل كل من كل على تقدير محذوف ، أي أخدود النار . وقرأ قوم : ( النار ) بالرفع . قيل : وعلى معنى قتلهم ، ويكون أصحاب الأخدود إذ ذاك المؤمنين ، وقتل على حقيقته . وقرأ
الحسن ،
وأبو رجاء ،
وأبو حيوة ،
وعيسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5الوقود ) بضم الواو وهو مصدر ، والجمهور : بفتحها ، وهو ما يوقد به . وقد حكى
[ ص: 451 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه بالفتح أيضا مصدر كالضم ، والظاهر أن الضمير في ( إذ هم ) عائد على الذين يحرقون المؤمنين ، وكذلك في ( وهم ) على قول
الربيع يعود على الكافرين ، ويكون هم أيضا عائدا عليهم ، ويكون معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7على ما يفعلون ) ما يريدون من فعلهم بالمؤمنين . وقيل : أصحاب الأخدود محرق ، وتم الكلام عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5ذات الوقود ) ويكون المراد بقوله : ( وهم )
قريش الذين كانوا يفتنون المؤمنين والمؤمنات ، و " إذ " العامل فيه " قتل " ، أي لعنوا وقعدوا على النار ، أو على ما يدنو منها من حافات الأخدود ، كما قال
الأعشى :
تشب لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7شهود ) يشهد بعضهم لبعض عند الملك ، أي لم يفرط فيما أمر به ، أو شهود يوم القيامة على ما فعلوا بالمؤمنين ، يوم تشهد عليهم جوارحهم بأعمالهم . وقرأ الجمهور : ( نقموا ) بفتح القاف ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وأبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : بكسرها ، أي ما عابوا ولا أنكروا الإيمان ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=59هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله ) وكقول
قيس الرقيات :
ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا
جعلوا ما هو في غاية الحسن قبيحا حتى نقموا عليه ، كما قال الشاعر :
ولا عيب فيها غير شكلة عينها كذاك عتاق الطير شكل عيونها
وفي المنتخب : إنما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=8إلا أن يؤمنوا ) لأن التعذيب إنما كان واقعا على الإيمان في المستقبل ، ولو كفروا في المستقبل لم يعذبوا على ما مضى ، فكأنه قال : إلا أن يديموا على إيمانهم . انتهى . وذكر الأوصاف التي يستحق بها تعالى أن يؤمن به ، وهو كونه تعالى عزيزا غالبا قادرا يخشى عقابه ، حميدا منعما يجب له الحمد على نعمته ، له ملك السماوات والأرض وكل من فيهما يحق عليه عبادته والخشوع له تقريرا ؛ لأن ما نقموا منهم هو الحق الذي لا ينقمه إلا مبطل منهمك في الغي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29056والله على كل شيء شهيد ) وعيد لهم أي إنه علم ما فعلوا فهو يجازيهم . والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10الذين فتنوا ) عام في كل من ابتلى المؤمنين والمؤمنات بتعذيب أو أذى ، وأن لهم عذابين : عذابا لكفرهم ، وعذابا لفتنتهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يجوز أن يريد بالذين فتنوا أصحاب الأخدود خاصة ، وبالذين آمنوا المطروحين في الأخدود ، ومعنى فتنوهم : عذبوهم بالنار وأحرقوهم . ( فلهم ) في الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10عذاب جهنم ) بكفرهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ولهم عذاب الحريق ) وهي نار أخرى عظيمة تتسع كما يتسع الحريق ، أو لهم عذاب جهنم في الآخرة ، ولهم عذاب الحريق في الدنيا لما روي أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم . انتهى . وينبغي أن لا يجوز هذا الذي جوزه ؛ لأن في الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثم لم يتوبوا ) وأولئك المحرقون لم ينقل لنا أن أحدا منهم تاب ، بل الظاهر أنهم لم يلعنوا إلا وهم قد ماتوا على الكفر . وقال
ابن عطية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثم لم يتوبوا ) يقوي أن الآيات في
قريش ؛ لأن هذا اللفظ في
قريش أحكم منه في أولئك الذين قد علموا أنهم ماتوا على كفرهم . وأما
قريش فكان فيهم وقت نزول الآية من تاب وآمن . انتهى . وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11إن الذين آمنوا ) المراد به العموم لا المطروحون في النار ، والبطش : الأخذ بقوة (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13يبدئ ويعيد ) قال
ابن زيد والضحاك : يبدئ الخلق بالإنشاء ، ويعيده بالحشر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عام في جميع الأشياء ، أي كل ما يبدأ وكل ما يعاد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : يبدئ العذاب ويعيده على الكفار ، ونحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : تأكلهم النار حتى يصيروا فحما ، ثم يعيدهم خلقا جديدا . وقرئ : ( يبدأ ) من بدأ ثلاثيا ، حكاه
أبو زيد .
ولما ذكر شدة بطشه ذكر كونه ، غفورا ساترا لذنوب عباده ، ودودا لطيفا بهم محسنا إليهم ، وهاتان صفتا فعل . والظاهر أن الودود مبالغة في الواد ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المتودد إلى عباده بالمغفرة . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد عن القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد :
[ ص: 452 ] وأركب في الروع عريانة ذلول الجماع لقاحا ودودا
أي : لا ولد لها تحن إليه . وقيل : الودود فعول بمعنى مفعول ، كركوب وحلوب ، أي يوده عباده الصالحون (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29056ذو العرش ) خص العرش بإضافة نفسه تشريفا للعرش وتنبيها على أنه أعظم المخلوقات . وقرأ الجمهور : ( ذو ) بالواو ،
وابن عامر في رواية : ذي بالياء ، صفة لربك . وقال
القفال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذو العرش ) ذو الملك والسلطان . ويجوز أن يراد بالعرش السرير العالي ، ويكون خلق سريرا في سمائه في غاية العظمة ، بحيث لا يعرف عظمته إلا هو ومن يطلعه عليه . انتهى . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد ،
وابن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش والمفضل عن
عاصم ، والأخوان : ( المجيد ) بخفض الدال ، صفة للعرش ، ومجادته : عظمه وعلوه ومقداره وحسن صورته وتركيبه ، فإنه قيل : العرش أحسن الأجسام صورة وتركيبا . ومن قرأ : ذي العرش بالياء ، جاز أن يكون ( المجيد ) بالخفض صفة لذي ، والأحسن جعل هذه المرفوعات أخبارا عن هو ، فيكون ( فعال ) خبرا . ويجوز أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14الودود ذو العرش ) صفتين للغفور ، " وفعال " خبر مبتدأ وأتى بصيغة فعال ؛ لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة ، والمعنى : أن كل ما تعلقت به إرادته فعله لا معترض عليه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29056هل أتاك حديث الجنود ) تقرير لحال الكفرة ، أي قد أتاك حديثهم ، وما جرى لهم مع أنبيائهم ، وما حل بهم من العقوبات بسبب تكذيبهم ، فكذلك يحل
بقريش من العذاب مثل ما حل بهم ، والجنود : الجموع المعدة للقتال (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=18فرعون وثمود ) بدل من الجنود ، وكأنه على حذف مضاف ، أي جنود فرعون ، واختصر ما جرى لهم إذ هم مذكورون في غير ما سورة من القرآن ، وذكر ثمود لشهرة قصتهم في بلاد العرب وهي متقدمة ، وذكر فرعون لشهرة قصته عند أهل الكتاب وعند العرب الجاهلية أيضا ، ألا ترى إلى
زهير بن أبي سلمى وقوله :
ألم تر أن الله أهلك تبعا وأهلك لقمان بن عاد وعاديا
وأهلك ذا القرنين من قبل ما لوى وفرعون جبارا طغى والنجاشيا
وكان
فرعون من المتأخرين في الهلاك ، فدل بقصته وقصة ثمود على أمثالهما من قصص الأمم المكذبين وهلاكهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19بل الذين كفروا ) أي من قومك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19في تكذيب ) حسدا لك ، لم يعتبروا بما جرى لمن قبلهم حين كذبوا أنبياءهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=20والله من ورائهم محيط ) أي هو قادر على أن ينزل بهم ما أنزل
بفرعون وثمود ومن كان محاطا به ، فهو محصور في غاية لا يستطيع دفعا ، والمعنى : دنو هلاكهم ، ولما ذكر أنهم في تكذيب ، وأن التكذيب عمهم حتى صار كالوعاء لهم ، وكان صلى الله عليه وسلم ، قد كذبوه وكذبوا ما جاء به وهو القرآن ، أخبر تعالى عن الذي جاء به وكذبوا فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بل هو قرآن ) أي بل الذي كذبوا به قرآن مجيد ، ومجادته : شرفه على سائر الكتب بإعجازه في نظمه وصحة معانيه ، وإخباره بالمغيبات وغير ذلك في محاسنه ، وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21قرآن مجيد ) موصوف وصفة ، وقرأ
ابن السميقع : ( قرآن مجيد ) بالإضافة ، قال
ابن خالويه : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري يقول معناه : بل هو قرآن رب مجيد ، كما قال الشاعر :
ولكن الغنى رب غفور
معناه : ولكن الغنى غنى رب غفور . انتهى . وعلى هذا أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقال
ابن عطية : وقرأ
اليماني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21قرآن مجيد ) على الإضافة ، وأن يكون الله تعالى هو المجيد . انتهى . ويجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته ، فيكون مدلوله ومدلول التنوين ورفع ( مجيد ) واحدا ، وهذا أولى لتوافق القراءتين ، وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22في لوح ) بفتح اللام ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22محفوظ ) بالخفض صفة للوح ، واللوح المحفوظ هو الذي فيه جميع الأشياء ، وقرأ
ابن يعمر وابن السميقع : بضم اللام ، قال
ابن خالويه : اللوح : الهواء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح
[ ص: 453 ] المحفوظ من وصول الشياطين إليه . انتهى . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وابن محيصن ،
ونافع بخلاف عنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22محفوظ ) بالرفع صفة لقرآن ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9وإنا له لحافظون ) ، أي هو محفوظ في القلوب ، لا يلحقه خطأ ولا تبديل .
وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32008أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ أَقْوَالًا فَوْقَ الْعَشَرَةِ ، وَلِكُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ كَسِلْنَا عَنْ كِتَابَتِهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَمُضَمَّنُهَا أَنَّ نَاسًا مِنَ الْكُفَّارِ خَدُّوا أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ وَسَجَّرُوهُ نَارًا وَعَرَضُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهَا ، فَمَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ تَرَكُوهُ ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِيمَانِ أَحْرَقُوهُ ، وَأَصْحَابُ الْأُخْدُودِ هُمُ الْمُحَرِّقُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ
الرَّبِيعُ ،
وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
وَابْنُ إِسْحَاقَ : بَعَثَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ رِيحًا فَقَبَضَتْ أَرْوَاحَهُمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا ، وَخَرَجَتِ النَّارُ فَأَحْرَقَتِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى حَافَّتَيِ الْأُخْدُودِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْقَتْلُ حَقِيقَةً لَا بِمَعْنَى اللَّعْنِ ، وَيَكُونُ خَبَرًا عَنْ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ بِالْكُفَّارِ وَالَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَفْتِنُوا الْمُؤْمِنِينَ عَنْ دِينِهِمْ . وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقَصَصُ الَّذِي ذَكَرُوهُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( النَّارِ ) بِالْجَرِّ ، وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ ، أَوْ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ ، أَيْ أُخْدُودِ النَّارِ . وَقَرَأَ قَوْمٌ : ( النَّارُ ) بِالرَّفْعِ . قِيلَ : وَعَلَى مَعْنَى قَتْلِهِمْ ، وَيَكُونُ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ إِذْ ذَاكَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقُتِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَأَبُو رَجَاءٍ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
وَعِيسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5الْوَقُودِ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرٌ ، وَالْجُمْهُورُ : بِفَتْحِهَا ، وَهُوَ مَا يُوقَدُ بِهِ . وَقَدْ حَكَى
[ ص: 451 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا مَصْدَرٌ كَالضَّمِّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ( إِذْ هُمْ ) عَائِدٌ عَلَى الَّذِينَ يُحَرِّقُونَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ فِي ( وَهُمْ ) عَلَى قَوْلِ
الرَّبِيعِ يَعُودُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، وَيَكُونُ هُمْ أَيْضًا عَائِدًا عَلَيْهِمْ ، وَيَكُونُ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ) مَا يُرِيدُونَ مِنْ فِعْلِهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ : أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ مُحْرِقٌ ، وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5ذَاتِ الْوَقُودِ ) وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : ( وَهُمْ )
قُرَيْشٌ الَّذِينَ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَ " إِذْ " الْعَامِلُ فِيهِ " قُتِلَ " ، أَيْ لُعِنُوا وَقَعَدُوا عَلَى النَّارِ ، أَوْ عَلَى مَا يَدْنُو مِنْهَا مِنْ حَافَّاتِ الْأُخْدُودِ ، كَمَا قَالَ
الْأَعْشَى :
تُشَبُّ لِمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهَا وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلِّقُ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7شُهُودٌ ) يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عِنْدِ الْمَلِكِ ، أَيْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيمَا أُمِرَ بِهِ ، أَوْ شُهُودٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا فَعَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( نَقَمُوا ) بِفَتْحِ الْقَافِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : بِكَسْرِهَا ، أَيْ مَا عَابُوا وَلَا أَنْكَرُوا الْإِيمَانَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=59هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ ) وَكَقَوْلِ
قَيْسِ الرُّقُيَاتِ :
مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا أَنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَضِبُوا
جَعَلُوا مَا هُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ قَبِيحًا حَتَّى نَقَمُوا عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَا عَيْبَ فِيهَا غَيْرَ شُكْلَةِ عَيْنِهَا كَذَاكَ عِتَاقُ الطَّيْرِ شُكْلٌ عُيُونُهَا
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : إِنَّمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=8إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا ) لِأَنَّ التَّعْذِيبَ إِنَّمَا كَانَ وَاقِعًا عَلَى الْإِيمَانِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَلَوْ كَفَرُوا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يُعَذَّبُوا عَلَى مَا مَضَى ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِلَّا أَنْ يُدِيمُوا عَلَى إِيمَانِهِمْ . انْتَهَى . وَذَكَرَ الْأَوْصَافَ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا تَعَالَى أَنْ يُؤْمَنَ بِهِ ، وَهُوَ كَوْنُهُ تَعَالَى عَزِيزًا غَالِبًا قَادِرًا يُخْشَى عِقَابُهُ ، حَمِيدًا مُنْعِمًا يَجِبُ لَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعْمَتِهِ ، لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ مَنْ فِيهِمَا يَحِقُّ عَلَيْهِ عِبَادَتُهُ وَالْخُشُوعُ لَهُ تَقْرِيرًا ؛ لِأَنَّ مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْقِمُهُ إِلَّا مُبْطِلٌ مُنْهَمِكٌ فِي الْغَيِّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29056وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وَعِيدٌ لَهُمْ أَيْ إِنَّهُ عَلِمَ مَا فَعَلُوا فَهُوَ يُجَازِيهِمْ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10الَّذِينَ فَتَنُوا ) عَامٌّ فِي كُلِّ مَنِ ابْتَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِتَعْذِيبٍ أَوْ أَذًى ، وَأَنَّ لَهُمْ عَذَابَيْنِ : عَذَابًا لِكُفْرِهِمْ ، وَعَذَابًا لِفِتْنَتِهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالَّذِينِ فَتَنُوا أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ خَاصَّةً ، وَبِالَّذِينِ آمَنُوا الْمَطْرُوحِينَ فِي الْأُخْدُودِ ، وَمَعْنَى فَتَنُوهُمْ : عَذَّبُوهُمْ بِالنَّارِ وَأَحْرَقُوهُمْ . ( فَلَهُمْ ) فِي الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10عَذَابُ جَهَنَّمَ ) بِكُفْرِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) وَهِيَ نَارٌ أُخْرَى عَظِيمَةٌ تَتَّسِعُ كَمَا يَتَّسِعُ الْحَرِيقُ ، أَوْ لَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ فِي الدُّنْيَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّارَ انْقَلَبَتْ عَلَيْهِمْ فَأَحْرَقَتْهُمْ . انْتَهَى . وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا الَّذِي جَوَّزَهُ ؛ لِأَنَّ فِي الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) وَأُولَئِكَ الْمُحَرِّقُونَ لَمْ يُنْقَلْ لَنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ تَابَ ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُلْعَنُوا إِلَّا وَهُمْ قَدْ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) يُقَوِّي أَنَّ الْآيَاتِ فِي
قُرَيْشٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي
قُرَيْشٍ أَحْكَمُ مِنْهُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى كُفْرِهِمْ . وَأَمَّا
قُرَيْشٌ فَكَانَ فِيهِمْ وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ مَنْ تَابَ وَآمَنَ . انْتَهَى . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) الْمُرَادُ بِهِ الْعُمُومُ لَا الْمَطْرُوحُونَ فِي النَّارِ ، وَالْبَطْشُ : الْأَخْذُ بِقُوَّةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ وَالضَّحَّاكُ : يُبْدِئُ الْخَلْقَ بِالْإِنْشَاءِ ، وَيُعِيدُهُ بِالْحَشْرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، أَيْ كُلُّ مَا يُبْدَأُ وَكُلُّ مَا يُعَادُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : يُبْدِئُ الْعَذَابَ وَيُعِيدُهُ عَلَى الْكُفَّارِ ، وَنَحْوُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَأْكُلُهُمُ النَّارُ حَتَّى يَصِيرُوا فَحْمًا ، ثُمَّ يُعِيدُهُمْ خَلْقًا جَدِيدًا . وَقُرِئَ : ( يَبْدَأُ ) مِنْ بَدَأَ ثُلَاثِيًّا ، حَكَاهُ
أَبُو زَيْدٍ .
وَلَمَّا ذَكَرَ شِدَّةَ بَطْشِهِ ذَكَرَ كَوْنَهُ ، غَفُورًا سَاتِرًا لِذُنُوبِ عِبَادِهِ ، وَدُودًا لَطِيفًا بِهِمْ مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ ، وَهَاتَانِ صِفَتَا فِعْلٍ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَدُودَ مُبَالَغَةٌ فِي الْوَادِّ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : الْمُتَوَدِّدُ إِلَى عِبَادِهِ بِالْمَغْفِرَةِ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ عَنِ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12429إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَدُودَ هُوَ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ ، وَأَنْشَدَ :
[ ص: 452 ] وَأَرْكَبُ فِي الرَّوْعِ عُرْيَانَةً ذَلُولَ الْجِمَاعِ لِقَاحًا وَدُودَا
أَيْ : لَا وَلَدَ لَهَا تَحِنُّ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : الْوَدُودُ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، كَرَكُوبٍ وَحَلُوبٍ ، أَيْ يَوَدُّهُ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29056ذُو الْعَرْشِ ) خَصَّ الْعَرْشَ بِإِضَافَةِ نَفْسِهِ تَشْرِيفًا لِلْعَرْشِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( ذُو ) بِالْوَاوِ ،
وَابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةٍ : ذِي بِالْيَاءِ ، صِفَةٌ لِرَبِّكَ . وَقَالَ
الْقَفَّالُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذُو الْعَرْشِ ) ذُو الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَرْشِ السَّرِيرُ الْعَالِي ، وَيَكُونُ خَلَقَ سَرِيرًا فِي سَمَائِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ ، بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُ عَظَمَتَهُ إِلَّا هُوَ وَمَنْ يُطْلِعُهُ عَلَيْهِ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=16711وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ،
وَابْنُ وَثَّابٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ ، وَالْأَخَوَانِ : ( الْمَجِيدِ ) بِخَفْضِ الدَّالِ ، صِفَةٌ لِلْعَرْشِ ، وَمَجَادَتُهُ : عِظَمُهُ وَعُلُوُّهُ وَمِقْدَارُهُ وَحُسْنُ صُورَتِهِ وَتَرْكِيبُهُ ، فَإِنَّهُ قِيلَ : الْعَرْشُ أَحْسَنُ الْأَجْسَامِ صُورَةً وَتَرْكِيبًا . وَمَنْ قَرَأَ : ذِي الْعَرْشِ بِالْيَاءِ ، جَازَ أَنْ يَكُونَ ( الْمَجِيدِ ) بِالْخَفْضِ صِفَةً لِذِي ، وَالْأَحْسَنُ جَعْلُ هَذِهِ الْمَرْفُوعَاتِ أَخْبَارًا عَنْ هُوَ ، فَيَكُونُ ( فَعَّالٌ ) خَبَرًا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ ) صِفَتَيْنِ لِلْغَفُورِ ، " وَفَعَّالٌ " خَبَرَ مُبْتَدَأٍ وَأَتَى بِصِيغَةِ فَعَّالٍ ؛ لِأَنَّ مَا يُرِيدُ وَيَفْعَلُ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ كُلَّ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ فِعْلُهُ لَا مُعْتَرِضَ عَلَيْهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=29056هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ) تَقْرِيرٌ لِحَالِ الْكَفَرَةِ ، أَيْ قَدْ أَتَاكَ حَدِيثُهُمْ ، وَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ ، فَكَذَلِكَ يَحِلُّ
بِقُرَيْشٍ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلُ مَا حَلَّ بِهِمْ ، وَالْجُنُودُ : الْجُمُوعُ الْمُعَدَّةُ لِلْقِتَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=18فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ) بَدَلٌ مِنَ الْجُنُودِ ، وَكَأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ جُنُودِ فِرْعَوْنَ ، وَاخْتَصَرَ مَا جَرَى لَهُمْ إِذْ هُمْ مَذْكُورُونَ فِي غَيْرِ مَا سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَذَكَرَ ثَمُودَ لِشُهْرَةِ قِصَّتِهِمْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ ، وَذَكَرَ فِرْعَوْنَ لِشُهْرَةِ قِصَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعِنْدَ الْعَرَبِ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا ، أَلَا تَرَى إِلَى
زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى وَقَوْلِهِ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ تُبَّعًا وَأَهْلَكَ لُقْمَانَ بْنَ عَادٍ وَعَادِيَا
وَأَهْلَكَ ذَا الْقَرْنَيْنِ مِنْ قَبْلُ مَا لَوَى وَفِرْعَوْنَ جَبَّارًا طَغَى وَالنَّجَاشِيَا
وَكَانَ
فِرْعَوْنُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْهَلَاكِ ، فَدَلَّ بِقِصَّتِهِ وَقِصَّةِ ثَمُودَ عَلَى أَمْثَالِهِمَا مِنْ قِصَصِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ وَهَلَاكِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أَيْ مِنْ قَوْمِكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19فِي تَكْذِيبٍ ) حَسَدًا لَكَ ، لَمْ يَعْتَبِرُوا بِمَا جَرَى لِمَنْ قَبْلَهُمْ حِينَ كَذَّبُوا أَنْبِيَاءَهُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=20وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ) أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ مَا أَنْزَلَ
بِفِرْعَوْنَ وَثَمُودَ وَمَنْ كَانَ مُحَاطًا بِهِ ، فَهُوَ مَحْصُورٌ فِي غَايَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعًا ، وَالْمَعْنَى : دُنُوُّ هَلَاكِهِمْ ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُمْ فِي تَكْذِيبٍ ، وَأَنَّ التَّكْذِيبَ عَمَّهُمْ حَتَّى صَارَ كَالْوِعَاءِ لَهُمْ ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ كَذَّبُوهُ وَكَذَّبُوا مَا جَاءَ بِهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ، أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ وَكَذَّبُوا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ ) أَيْ بَلِ الَّذِي كَذَّبُوا بِهِ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ، وَمَجَادَتُهُ : شَرَفُهُ عَلَى سَائِرِ الْكُتُبِ بِإِعْجَازِهِ فِي نَظْمِهِ وَصِحَّةِ مَعَانِيهِ ، وَإِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي مَحَاسِنِهِ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) مَوْصُوفٌ وَصْفَةٌ ، وَقَرَأَ
ابْنُ السَّمَيْقَعِ : ( قُرْآنُ مَجِيدٍ ) بِالْإِضَافَةِ ، قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنَ الْأَنْبَارِيِّ يَقُولُ مَعْنَاهُ : بَلْ هُوَ قُرْآنُ رَبٍّ مَجِيدٍ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَكِنْ الْغِنَى رَبٌّ غَفُورُ
مَعْنَاهُ : وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى رَبٍّ غَفُورٍ . انْتَهَى . وَعَلَى هَذَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَرَأَ
الْيَمَانِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) عَلَى الْإِضَافَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَجِيدَ . انْتَهَى . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِصِفَتِهِ ، فَيَكُونُ مَدْلُولُهُ وَمَدْلُولُ التَّنْوِينِ وَرَفْعُ ( مَجِيدٌ ) وَاحِدًا ، وَهَذَا أَوْلَى لِتَوَافُقِ الْقِرَاءَتَيْنِ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22فِي لَوْحٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22مَحْفُوظٍ ) بِالْخَفْضِ صِفَةٌ لِلَوْحٍ ، وَاللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ هُوَ الَّذِي فِيهِ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ يَعْمَرَ وَابْنُ السَّمَيْقَعِ : بِضَمِّ اللَّامِ ، قَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : اللَّوْحُ : الْهَوَاءُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَعْنِي اللَّوْحَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الَّذِي فِيهِ اللَّوْحُ
[ ص: 453 ] الْمَحْفُوظُ مِنْ وُصُولِ الشَّيَاطِينِ إِلَيْهِ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَنَافِعٌ بِخِلَافٍ عَنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22مَحْفُوظٍ ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِقُرْآنٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، أَيْ هُوَ مَحْفُوظٌ فِي الْقُلُوبِ ، لَا يَلْحَقُهُ خَطَأٌ وَلَا تَبْدِيلٌ .