( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ) الآية . سبب النزول جميلة بنت عبد الله بن أبي كانت تحت ، وكانت تبغضه وهو يحبها ، فشكته إلى أبيها فلم يشكها ، ثم شكته إليه ثانية وثالثة وبها أثر ضرب فلم يشكها ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكته إليه وأرته أثر الضرب ، وقالت : لا أنا ولا ثابت لا يجمع رأسي ورأسه شيء ، والله لا أعتب عليه في دين ولا خلق ، لكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضا ، إني رفعت جانب الخيام فرأيته أقبل في عدة وهو أشدهم سوادا ، وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها . فقال ثابت بن قيس بن شماس ثابت : ما لي أحب إلي منها بعدك يا رسول الله ، وقد أعطيتها حديقة تردها علي ، وأنا أخلي سبيلها ، ففعلت ذلك فخلى سبيلها ، وكان ، ونزلت الآية أول خلع في الإسلام . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر تعالى الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان ، اقتضى ذلك أن من الإحسان أن يأخذ الزوج من امرأته شيئا مما أعطى ، واستثنى من هذه الحالة قصة الخلع ، فأباح للرجل أن يأخذ منها على ما سنبينه في الآية ، وكما قاله الله تعالى : ( أن وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) الآية ، والخطاب في " لكم " وما بعده ظاهره أنه للأزواج ؛ لأن الأخذ والإيتاء من الأزواج حقيقة ، فنهوا أن يأخذوا شيئا ؛ لأن العادة جرت بشح النفس وطلبها ما أعطت عند الشقاق والفراق ، وجوزوا أن يكون الخطاب للأئمة والحكام ؛ ليلتئم مع قوله : ( فإن خفتم ) ؛ لأنه خطاب لهم لا للأزواج ، ونسب الأخذ والإيتاء إليهم عند الترافع لأنهم الذين يمضون ذلك . ومن قال إنه للأزواج أجاب بأن الخطاب قد يختلف في الجملتين ، فيفرد كل خطاب إلى من يليق به ذلك الحكم ، ولا يستنكر مثل هذا ، ويكون حمل الشيء على الحقيقة إذ ذاك أولى من حمله على المجاز ، و ( مما آتيتموهن ) ظاهر في عموم ما آتوا على سبيل الصداق أو غيره من هبة ، وقد فسره بعضهم بالصدقات ، واللفظ عام ، و ( شيئا ) إشارة إلى خطر الأخذ منهن ، قليلا كان أو كثيرا ، و ( شيئا ) نكرة في سياق النهي فتعم ، و " مما " متعلق بقوله ( تأخذوا ) أو بمحذوف ؛ فيكون في موضع نصب على الحال من قوله ( شيئا ) ؛ لأنه لو تأخر لكان نعتا له .
( إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ) ، الألف واللام في يخافا ويقيما عائد على صنفي الزوجين ، وهو من باب الالتفات ؛ لأنه إذا [ ص: 197 ] اجتمع مخاطب وغائب ، وأسند إليهما حكم كان التغليب للمخاطب ، فتقول : أنت وزيد تخرجان ، ولا يجوز يخرجان ، وكذلك مع التكلم نحو : أنا وزيد نخرج ، ولما كان الاستثناء بعد مضي الجملة للخطاب جاز الالتفات ، ولو جرى على النسق الأول لكان : إلا أن تخافوا أن لا تقيموا ، ويكون الضمير إذ ذاك عائدا على المخاطبين وعلى أزواجهم ، والمعنى : إلا أن يخافا - أي صنفا الزوجين - ترك إقامة حدود الله فيما يلزمهما من حقوق الزوجية ، بما يحدث من بغض المرأة لزوجها ، حتى تكون شدة البغض سببا لمواقعة الكفر ، كما في قصة جميلة مع زوجها ثابت ، و ( أن يخافا ) ، قيل : في موضع نصب على الحال ، التقدير : إلا خائفين ، فيكون استثناء من الأحوال ، فكأنه قيل : فلا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا في كل حال إلا في حال الخوف أن لا يقيما حدود الله ، وذلك أن : أن مع الفعل بتأويل المصدر ، والمصدر في موضع اسم الفاعل ، فهو منصوب على الحال ، وهذا في إجازته نظر ؛ لأن وقوع المصدر حالا لا ينقاس ، فأحرى ما وقع موقعه ، وهو " أن والفعل " ، ويكثر المجاز ؛ فإن الحال إذ ذاك يكون " أن والفعل " الواقعان موقع المصدر الواقع موقع اسم الفاعل . وقد منع وقوع " أن والفعل " حالا ، نص على ذلك في آخر : هذا باب ما يختار فيه الرفع ويكون فيه الوجه في جميع اللغات . والذي يظهر أنه استثناء من المفعول له ، كأنه قيل : ولا يحل لكم أن تأخذوا بسبب من الأسباب ، إلا بسبب خوف عدم إقامة حدود الله ؛ فذلك هو المبيح لكم الأخذ ، ويكون حرف العلة قد حذف مع " أن " ، وهو جائز فصيحا كثيرا ، ولا يجيء هنا - خلاف الخليل سيبويه - أنه إذا حذف حرف الجر من " أن " هل ذلك في موضع نصب أو في موضع جر ؟ بل هذا في موضع نصب ؛ لأنه مقدر بالمصدر ، والمصدر لو صرح به كان منصوبا ، واصلا إليه العامل بنفسه ، فكذلك هذا المقدر به ، وهذا الذي ذكرناه من أن " أن والفعل " إذا كانا في موضع المفعول من أجله ؛ فالموضع نصب لا غير ، منصوص عليه من النحويين ، ووجهه ظاهر . وسيبويه
ومعنى الخوف هنا الإيقان ، قاله أبو عبيدة . أو العلم ، أي : إلا أن يعلما ، قاله ابن سلمة ، وإياه أراد أبو محجن بقوله :
أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ولذلك رفع الفعل بعد " أن " ، أو " الظن " ، قاله الفراء . وكذلك قرأ أبي : " إلا أن يظنا " ، وأنشد :
أتاني كلام من نصيب بقوله وما خفت يا سلام أنك عايبي
والأولى بقاء الخوف على بابه ، وهو أن يراد به الحذر من الشيء ، فيكون المعنى : إلا أن يعلم ، أو يظن ، أو يوقن ، أو يحذر ، كل واحد منهما بنفسه ، أن لا يقيم حقوق الزوجية لصاحبه حسبما يجب ، فيجوز الأخذ . وقرأ عبد الله : " إلا أن يخافوا أن لا يقيموا حقوق " ، أي إلا أن يخاف الأزواج والزوجات ، وهو من باب الالتفات ؛ إذ لو جرى عليه النسق الأول لكان بالتاء ، وروي عن عبد الله أنه قرأ أيضا : ( إلا أن تخافوا ) بالتاء . وقرأ حمزة ، ويعقوب ، ويزيد بن القوقاع : " إلا أن يخافوا " بضم الياء ، مبنيا للمفعول ، والفاعل المحذوف : الولاة . و ( أن لا يقيما ) : في موضع رفع بدل من الضمير ، أي : إلا أن يخاف عدم إقامتهما حدود الله ، وهو بدل اشتمال ، كما تقول : الزيدان أعجباني حسنهما ، والأصل : ( إلا أن يخافوا ) أنها الولاة ، عدم إقامتهما حدود الله . وقال ابن عطية : في قراءة يخافا بالضم ، أنها تعدت خاف إلى مفعولين : أحدهما أسند الفعل إليه ، والآخر بتقدير حرف جر بمحذوف ، فموضع أن خفض الجار المقدر عند ، سيبويه . ونصب عند غيرهما لأنه لما حذف الجار المقدر وصل الفعل إلى المفعول الثاني ، مثل : أستغفر الله ذنبا ، وأمرتك الخير . انتهى كلامه . وهو نص كلام والكسائي أبي علي الفارسي ، نقله من كتابه ، إلا التنظير بأستغفر ، وليس بصحيح تنظير ابن عطية خاف بأستغفر ؛ لأن خاف لا يتعدى إلى اثنين ، كأستغفر الله ، ولم يذكر ذلك [ ص: 198 ] النحويون حين عدوا ما يتعدى إلى اثنين وأصل أحدهما بحرف الجر ، بل إذا جاء : خفت زيدا ضربه عمرا ، كان ذلك بدلا ؛ إذ من ضربه عمرا كان مفعولا من أجله ، ولا يفهم ذلك على أنه مفعول ثان ، وقد وهم ابن عطية في نسبة أن الموضع خفض في مذهب ، والذي نقله سيبويه أبو علي وغيره أن مذهب أن الموضع بعد الحذف نصب ، وبه قال سيبويه الفراء ، وأن مذهب الخليل أنه جر ، وبه قال . وقدر غير الكسائي ابن عطية ذلك الحرف المحذوف " على " ، فقال : والتقدير إلا أن يخافا على أن يقيما ، فعلى هذا يمكن أن يصح قول علي وفيه بعد . وقد طعن في هذه القراءة من لا يحسن توجيه كلام العرب ، وهي قراءة صحيحة مستقيمة في اللفظ وفي المعنى ، ويؤيدها قوله بعد : ( فإن خفتم ) ؛ فدل على أن الخوف المتوقع هو من غير الأزواج ، وقد اختار هذه القراءة أبو عبيد . قال أبو جعفر الصفار : ما علمت في اختيار حمزة أبعد من هذا الحرف ؛ لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى ، أما الإعراب : فإن يحتج له بقراءة : " إلا أن يخافوا أن لا يقيموا " ، فهو في العربية ؛ إذ ذاك لما لم يسم فاعله ، فكان ينبغي أن لو قيل : إلا أن يخافا أن لا يقيما . وقد احتج عبد الله بن مسعود الفراء لحمزة ، وقال : إنه اعتبر قراءة عبد الله : " إلا أن يخافوا " ، وخطأه أبو علي ، وقال : لم يصب ؛ لأن الخوف في قراءة عبد الله واقع على " أن " ، وفي قراءة حمزة واقع على الرجل والمرأة ، وأما اللفظ ؛ فإن كان صحيحا فالواجب أن يقال : فإن خيفا ، وإن كان على لفظ " فإن " وجب أن يقال : إلا أن يخافوا . وأما المعنى : فإنه يبعد أن يقال : لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخاف غيركم ، ولم يقل جل وعز : فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية ؛ فيكون الخلع إلى السلطان ، وقد صح عن عمر وعثمان أنهما أجازا الخلع بغير سلطان . انتهى كلام الصفار . وما ذكره لا يلزم ، وتوجيه قراءة الضم ظاهر ؛ لأنه لما قال : ( ولا يحل لكم ) وجب على الحكام منع من أراد أن يأخذ شيئا من ذلك ، ثم قال : ( إلا أن يخافا ) ، الضمير للزوجين ، والخائف محذوف ، وهم : الولاة والحكام ، والتقدير : إلا حين يخاف الأولياء الزوجين أن لا يقيما حدود الله ، فيجوز الافتداء ، وتقدم تفسير الخوف هنا .
وأما قوله : فوجب أن يقال : فإن خيفا فلا يلزم ؛ لأن هذا من باب الالتفات ، وهو في القرآن كثير ، وهو من محاسن العربية ، ويلزم من فتح الياء أيضا على قول الصفار أن يقرأ : ( فإن خافا ) ، وإنما هو في القراءتين على الالتفات ، وأما تخطئة الفراء فليست صحيحة ؛ لأن قراءة عبد الله : ( إلا أن يخافوا ) دلالة على ذلك ؛ لأن التقدير : إلا أن يخافوهما أن لا يقيما ، والخوف واقع في قراءة حمزة على " أن " ؛ لأنها في موضع رفع على البدل من ضميرهما ، وهو بدل الاشتمال كما قررناه قبل ، فليس على ما تخيله أبو علي ، وذلك كما تقول : خيف زيد شره . وأما قوله : يبعد من جهة المعنى ، فقد تقدم الجواب عنه ، وهو أن لهما المنع من ذلك ، فمتى ظنوا أو أيقنوا ترك إقامة حدود الله ؛ فليس لهم المنع من ذلك ، وقد اختار أبو عبيدة قراءة الضم لقوله تعالى : " فإن خفتم " ؛ فجعل الخوف لغير الزوجين ، ولو أراد الزوجين لقال : فإن خافا . وقد قيل : إن قوله : ( ولا يحل لكم ) إلى آخره ، جملة معترضة بين قوله : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ، وبين قوله : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) .
( فإن خفتم ) : الضمير للأولياء أو السلطان ، فإن لم يكونوا [ ص: 199 ] فلصلحاء المسلمين ، وقيل : عائد على المجموع من قام به أجزأ . ( ألا يقيما حدود الله ) ، وترك إقامة الحدود هو ظهور النشوز وسوء الخلق منها ، قاله ، ابن عباس ومالك ، وجمهور الفقهاء . أو عدم طواعية أمره وإبرار قسمه ، قاله الحسن ، . وإظهار حال الكراهة له بلسانها ، قاله والشعبي عطاء . وعلى هذه الأقوال الثلاثة قيل : تكون التثنية أريد بها الواحد ، أو كراهة كل منهما صاحبه ، فلا يقيم ما أوجب الله عليه من حق صاحبه ، قاله ، طاوس . وعلى هذا القول التثنية على بابها . وروي أن امرأة نشزت على عهد وابن المسيب عمر ، فبيتها في اصطبل في بيت الزبل ثلاث ليال ، ثم دعاها ، فقال : كيف رأيت مكانك ؟ فقالت : ما رأيت ليالي أقر لعيني منها ، وما وجدت الراحة مذ كنت عنده إلا هذه الليالي . فقال عمر : هذا وأبيكم النشوز ، وقال لزوجها اخلعها ولو من قرطها ، اختلعها بما دون عقاص رأسها ، فلا خير لك فيها .
( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ، هذا جواب الشرط ، قالوا : وهو يقتضي مفهومه أن الخلع لا يجوز إلا بحضور من له الحكم من سلطان أو ولي ، وخوفه ترك إقامة حدود الله ، وما قالوه من اقتضاء المفهوم ، وجود الخوف صحيح ، أما الحضور فلا . وظاهر قوله : ( ولا يحل لكم ) - إذا كان خطابا للأزواج - أنه لا يشترط ذلك ، وخص الحسن الخلع بحضور السلطان ، والضمير في " عليهما " عائد على الزوجين معا ، أي : لا جناح على الزوج فيما أخذه ، ولا على الزوجة فيما افتدت به . وقال الفراء : " عليهما " ، أي : عليه ، كقوله : ( يخرج منهما ) ، أي : المالح ، و ( نسيا حوتهما ) ، والناسي يوشع ، قال الشاعر :
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا
وظاهر قوله : ( فيما افتدت به ) العموم بصداقها ، وبأكثر منه ، وبكل ما لها ، قاله عمر ، وعثمان ، ، وابن عباس ومجاهد ، وعكرمة ، والنخعي ، والحسن ، ، وقبيصة بن ذؤيب ومالك ، وأبو حنيفة ، ، والشافعي ، وقضى بذلك وأبو ثور عمر . وقيل : فيما افتدت به من الصداق وحده من غير زيادة منه ، قاله علي ، ، وطاوس ، وعمرو بن شعيب وعطاء ، ، والزهري ، وابن المسيب ، والشعبي والحسن ، والحكم ، وحماد ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن الربيع ، وكان يقرأ هو والحسن : " فيما افتدت به منه " ، بزيادة " منه " ، يعني : مما آتيتموهن ، وهو المهر ، وحكى هذا القول عن مكي أبي حنيفة . وقيل : ببعض صداقها ، ولا يجوز بجميعه إذا دخل بها ؛ حتى يبقى منه بقية ليكون بدلا عن استمتاعه بها . وظاهر قوله : ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله ) ، تشريكهما في ترك إقامة الحدود ، وأن جواز الأخذ منوط بوجود ذلك منهما معا . وقد حرم الله على الزوج أن يأخذ إلا بعد الخوف أن لا يقيما حدود الله ، وأكد التحريم بقوله : ( فلا تعتدوها ) ، ثم توعد على الاعتداء ، وأجمع عامة أهل العلم على تحريم أخذ مالها ، إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قبلها ، قال ابن المنذر : روينا معنى ذلك عن ، ابن عباس ، والشعبي ومجاهد ، وعطاء ، والنخعي ، ، وابن سيرين والقاسم ، وعروة ، وحميد بن عبد الرحمن ، وقتادة ، ، والثوري ومالك ، وإسحاق ، . وقال وأبي ثور مالك ، ، وغيرهما : إن كان مع فساد الزوجة ونشوزها فساد من الزوج ، وتفاقم ما بينهما ؛ فالفدية جائزة للزوج . قال والشعبي أبو محمد بن عطية : ومعنى ذلك أن يكون الزوج ، لو ترك فساده لم يزل نشوزها هي ، وأما إن انفرد الزوج بالفساد ؛ فلا أعلم أحدا يجيز له الفدية إلا ما روي عن أبي حنيفة أنه قال : إذا جاء الظلم والنشوز من قبله ، فخالعته ، فهو جائز ماض ، وهو آثم لا يحل ما صنع ، ولا يرد ما أخذ ، وبه قال أصحابه : أبو يوسف ، ومحمد ، وزفر . وقال مالك : يمضي الطلاق إذ ذاك ، ويرد عليها مالها . وقال في من خالع امرأته وهي مريضة : إن كانت ناشزة كان في ثلثها ، أو غير ناشزة رد عليها ، وله عليها الرجعة ، قال : ولو اجتمعا على فسخ النكاح قبل البناء منها ، ولم يبن منها نشوز ؛ لم أر بذلك بأسا . وقال الأوزاعي ، الحسن بن صالح : إن كانت [ ص: 200 ] الإساءة من قبله فليس له أن يخلعها ، أو من قبلها فله ذلك على ما تراضيا عليه . وظاهر الآية أنه إذا لم يقع الخوف فلا يجوز لها أن تعطي على الفراق . وشذ وعثمان البتي ، فقال : لا يجوز للرجل أن يأخذ من زوجته شيئا خلعا ، لا قليلا ولا كثيرا ، قال : وهذه الآية منسوخة بقوله : ( بكر بن عبد الله المزني وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج ) الآية ، وضعف قوله بإجماع الأمة على إجازة الفدية ، وبأن المعنى المقترن بآية الفدية غير المعنى الذي في آية إرادة الاستبدال . واختلفوا : هل يندرج تحت عموم قوله : ( فيما افتدت به ) الضرر والمجهول ، كالتمر الذي لم يبد صلاحه ، والجمل الشارد ، والعبد الآبق ، والجنين في البطن ، وما يثمره نخلها ، وما تلده غنمها ، وإرضاع ولدها منه ؟ وكل هذا وما فرعوا عليه مذكور في كتب الفقه . قالوا : وظاهر قوله : ( فيما افتدت به ) أن الخلع فسخ إذا لم ينو به الطلاق ؛ لقوله بعد : ( فإن طلقها ) ، وأجمعوا على أن هذه هي الثالثة ، فلو كان الخلع قبلها طلاقا لكانت رابعة ، وهو خلاف الإجماع ، قاله ، ابن عباس ، وطاوس وعكرمة ، وأحمد ، وإسحاق ، . وروي عن وأبو ثور علي ، وعثمان ، ، وجماعة من التابعين : أنه طلاق ، وبه قال الجمهور : وابن مسعود مالك ، ، والثوري ، والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه ، . ولا يدل ظاهرها على أن الخلع فسخ كما ذكروا ؛ لأن الآية إنما جيء بها لبيان أحكام الخلع ، من غير تعرض له ، والشافعي فلو نوى تطليقتين أو ثلاثا ، فقال أهو فسخ أم طلاق ؟ مالك : هو ما نوى . وقال أبو حنيفة : إن نوى ثلاثا فثلاثا ، أو اثنتين فواحدة بائنة .