تداين : تفاعل من الدين ، يقال : داينت الرجل عاملته بدين معطيا أو آخذا ، كما تقول : بايعته إذا بعته أو باعك قال رؤبة :
داينت أروى والديون تقضى فمطلت بعضا وأدت بعضا
ويقال : دنت الرجل إذا بعته بدين ، وادنت أنا أي : أخذت بدين .
أمل وأملى لغتان : الأولى لأهل الحجاز وبني أسد ، والثانية لتميم ، يقال : أمليت وأمللت على الرجل أي : ألقيت عليه ما يكتبه ، وأصله في اللغة الإعادة مرة بعد أخرى ، قال الشاعر :
ألا يا ديار الحي بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان
وقيل : الأصل أمللت ، أبدل من اللام ياء لأنها أخف .
البخس : النقص ، يقال منه : بخس يبخس ، ويقال : بالصاد ، والبخس : إصابة العين ، ومنه : استعير بخس حقه ، كقولهم : عور حقه ، وتباخسوا في البيع تغابنوا ، كان كل واحد يبخس صاحبه عن ما يريده منه باحتياله . السأم والسآمة : الملل من الشيء والضجر منه ، يقال منه : سئم يسأم .
الصغير : اسم فاعل من صغر يصغر ، ومعناه قلة الجرم ، ويستعمل في المعاني أيضا . القسط : بكسر القاف : العدل ، يقال منه : أقسط الرجل أي : عدل ، وبفتح القاف : الجور ، ويقال منه : قسط الرجل أي : جار ، والقسط بالكسر أيضا : النصيب . الرهن : ما دفع إلى الدائن على استيثاق دينه ، ويقال : رهن يرهن رهنا ، ثم أطلق المصدر على المرهون ، ويقال : رهن الشيء دام ، قال الشاعر :
اللحم والخبز لهم راهن وقهوة راووقها ساكب
وأرهن لهم الشراب : دام ، قال ابن سيده : ورهنه ، أي : أدامه ، ويقال : أرهن في السلعة إذا غالى بها حتى أخذها بكثير الثمن ، قال الشاعر :
يطوي ابن سلمى بها من راكب بعرا عيدية أرهنت فيها الدنانير
العيد : بطن من مهر ، وإبل مهرة موصوفة بالنجابة ، ويقال ، من الرهن الذي هو من التوثقة : أرهن إرهانا ، قال همام بن مرة :
فلما خشيت أظافيرهم نجوت وأرهنتهم مالكا
[ ص: 343 ] وقال ، ابن الأعرابي : يقال في الرهن رهنت وأرهنت ، وقال والزجاج الأعشى :
حتى يفيدك من بنيه رهينة نعش ويرهنك السماك الفرقدا
وتقول : رهنت لساني بكذا ، ولا يقال فيه : أرهنت ، ولما أطلق الرهن على المرهون صار اسما ، فكسر تكسير الأسماء وانتصب بفعله نصب المفاعيل ، فرهنت رهنا كرهنت ثوبا . الإصر : الأمر الغليظ الصعب ، والآصرة في اللغة : الأمر الرابط من ذمام أو قرابة ، أو عهد ، ونحوه ، والإصار : الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها ، يقال : أصر يأصر أصرا ، والإصر ، بكسر الهمزة ، الاسم من ذلك ، وروي الأصر بضمها وقد قرئ به ، قال الشاعر :
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرقوا
( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) قال : نزلت في السلم خاصة ، يعنى : أن سلم ابن عباس أهل المدينة كان السبب ، ثم هي تتناول جميع الديون بالإجماع . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما أمر بالنفقة في سبيل الله ، وبترك الربا ، وكلاهما يحصل به تنقيص المال ، نبه على طريق حلال في تنمية المال وزيادته ، وأكد في كيفية حفظه ، وبسط في هذه الآية وأمر فيها بعدة أوامر على ما سيأتي بيانه .
وذكر قوله : ( بدين ) ليعود الضمير عليه في قوله : ( فاكتبوه ) وإن كان مفهوما من : تداينتم ، أو لإزالة اشتراك تداين ، فإنه يقال : تداينوا ، أي : جازى بعضهم بعضا ، فلما قال : ( بدين ) دل على غير هذا المعنى ، أو للتأكيد ، أو ليدل على أي دين كان صغيرا أو كبيرا ، وعلى أي وجه كان من سلم أو بيع ( إلى أجل مسمى ) ليس هذا الوصف احترازا من أن الدين لا يكون إلى أجل مسمى ، بل ، فأما الآجال المجهولة فلا يجوز ، والمراد بالمسمى الموقت المعلوم ، نحو : التوقيت بالسنة والأشهر والأيام ، ولو قال : إلى الحصاد ، أو إلى الدياس ، أو رجوع الحاج ، لم يجز لعدم التسمية ، وإلى أجل ، متعلق : بتداينتم ، أو في موضع الصفة لقوله : ( لا يقع الدين إلا إلى أجل مسمى بدين ) فيتعلق بمحذوف .
( فاكتبوه ) أمر تعالى بكتابته ؛ لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان ، وأبعد من الجحود ، وظاهر الأمر الوجوب ، وقد قال بعض أهل العلم ، منهم ، وأهل الظاهر ، وقال الجمهور : هو أمر ندب يحفظ به المال ، وتزال به الريبة ، وفي ذلك حث على الاعتراف به وحفظه ، فإن الكتاب خليفة اللسان ، واللسان خليفة القلب . الطبري
وروي عن ، أبي سعيد الخدري وابن زيد ، ، والشعبي أنهم كانوا يرون أن قوله : ( وابن جريج فإن أمن بعضكم بعضا ) ناسخ لقوله : ( فاكتبوه ) وقال الربيع وجب بقوله : ( فاكتبوه ) ثم خفف بقوله : ( فإن أمن ) .
( وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) وهذا الأمر قيل : على الوجوب على الكفاية كالجهاد ، قال عطاء وغيره : يجب على الكاتب أن يكتب على كل حال ، وقال ، أيضا : إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب ، وقال الشعبي : هو واجب مع الفراغ ، واختار السدي الراغب أن الصحيح كون الكتابة فرضا على الكفاية ، وقال : الكتابة فيما بين المتبايعين ، وإن لم تكن واجبة ، فقد تجب على الكاتب إذا أتوه ، كما أن الصلاة النافلة ، وإن لم تكن واجبة على فاعلها ، فقد يجب على العالم تبيينها إذا أتاه مستفت .
ومعنى : بينكم ، أي : بين صاحب الدين والمستدين ، والبائع والمشتري ، والمقرض والمستقرض ، والتثنية تقتضي أن لا ينفرد أحد المتعاملين ؛ لأنه يتهم في الكتابة ، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعا على ما سطره الكاتب .