( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) وسمى ، كما سمى أزواج رسول الله أمهات المؤمنين . ولما سمى المرضعة أما ، والمرضعة مع الراضع أختا ، نبه بذلك على إجراء الرضاع مجرى النسب . وذلك لأنه حرم بسبب النسب سبع : اثنتان هما المنتسبتان بطريق الولادة وهما : الأم والبنت . وخمس بطريق الأخوة ، وهن : الأخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الأخ ، وبنت الأخت . ولما ذكر [ ص: 211 ] الرضاع ذكر من كل قسم من هذين القسمين صورة تنبيها على الباقي ، فذكر من قسم قرابة الأولاد الأمهات ، ومن قسم قرابة الأخوة الأخوات ، ونبه بهذين المثالين على أن الحال في باب الرضاع كالحال في باب النسب . ثم إنه أكد هذا بصريح قوله صلى الله عليه وسلم : ( المرضعات أمهات لأجل الحرمة ) فصار صريح الحديث مطابقا لما أشارت إليه الآية . فزوج المرضعة أبوه ، وأبواه جداه ، وأخته عمته . وكل ولد ولد له من غير المرضعة قبل الرضاع وبعده فهم إخوته وأخواته لأبيه ، وأم المرضعة جدته ، وأختها خالته . وكل من ولد لها من هذا الزوج فهم إخوته وأخواته لأبيه وأمه . وأما ولدها من غيره فهم إخوته وأخواته لأمه . يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
وقالوا : : إحداهما أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من النسب ، ويجوز له أن يتزوج أخت ابنه من الرضاع ؛ لأن المعنى في النسب وطؤه أمها ، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع . والثانية : لا يجوز أن يتزوج أم أخيه من النسب ، ويجوز في الرضاع . لأن المانع في النسب وطء الأب إياها ، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع ، وظاهر الكلام إطلاق الرضاع . ولم تتعرض الآية إلى سن الراضع ، ولا عدد الرضعات . ولا للبن الفحل ، ولا لإرضاع الرجل لبن نفسه للصبي ، أو إيجاره به ، أو تسعيطه بحيث يصل إلى الجوف . وفي هذا كله خلاف مذكور في كتب الفقه . وقرأ الجمهور : تحريم الرضاع كتحريم النسب إلا في مسألتين اللاتي أرضعنكم . وقرأ : ( اللاي ) بالياء . وقرأ الأعمش ابن هرمز : ( التي ) . وقرأ أبو حيوة : ( من الرضاعة ) بكسر الراء .
( وأمهات نسائكم ) الجمهور على أنها على العموم . فسواء عقد عليها ولم يدخل ، أم دخل بها . وروي عن علي ومجاهد وغيرهما : أنه إذا طلقها قبل الدخول ، فله أن يتزوج أمها . وأنها في ذلك بمنزلة الربيبة .