( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم ) مفعول ( يتوب ) محذوف وتقديره : يريد الله ، [ ص: 225 ] هذا هو مذهب فيما نقل سيبويه ابن عطية ، أي : تحليل ما حلل ، وتحريم ما حرم ، وتشريع ما تقدم ذكره . والمعنى : يريد الله تكليف ما كلف به عباده مما ذكر لأجل التبيين لهم بهدايتهم ، فمتعلق الإرادة غير التبيين وما عطف عليه ، هذا مذهب البصريين . ولا يجوز عندهم أن يكون متعلق الإرادة التبيين ، لأنه يؤدي إلى تعدي الفعل إلى مفعوله المتأخر بوساطة اللام ، وإلى إضمار ( أن ) بعد لام ليست لام الجحود ، ولا لام كي ، وكلاهما لا يجوز عندهم . ومذهب الكوفيين : أن متعلق الإرادة هو التبيين ، واللام هي الناصبة بنفسها لا ( أن ) مضمرة بعدها . وقال بعض البصريين : إذا جاء مثل هذا قدر الفعل الذي قبل اللام بالمصدر ، فالتقدير : إرادة الله لما يريد ليبين ، وكذلك أريد لا ينسى ذكرها ، أي : إرادتي لا ينسى ذكرها . وكذلك قوله تعالى : ( وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) أي : أمرنا بما أمرنا لنسلم انتهى . وهذا القول نسبه ابن عيسى و لسيبويه البصريين ، وهذا يبحث في علم النحو .
وقال : أصله : يريد الله أن يبين لكم ، فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين ، كما زيدت في لا أبا لك لتأكيد إضافة الأب ، والمعنى : يريد الله أن يبين لكم ما خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم . انتهى كلامه وهو خارج عن أقوال الزمخشري البصريين و الكوفيين . وأما كونه خارجا عن أقوال البصريين فلأنه جعل اللام مؤكدة مقوية لتعدي ( يريد ) ، والمفعول متأخر ، وأضمر ( أن ) بعد هذه اللام . وأما كونه خارجا عن قول الكوفيين فإنهم يجعلون النصب باللام ، لا بـ ( أن ) ، وهو جعل النصب بـ ( أن ) مضمرة بعد اللام . وذهب بعض النحويين إلى أن اللام في قوله : ليبين لكم لام العاقبة ، قال : كما في قوله : ليكون لهم عدوا وحزنا ولم يذكر مفعول ( يبين ) .
قال عطاء : يبين لكم ما يقربكم . وقال أبو الكلبي : يبين لكم أن الصبر عن نكاح الإماء خير . وقيل : ما فصل من المحرمات والمحللات . وقيل : شرائع دينكم ، ومصالح أموركم . وقيل : طريق من قبلكم إلى الجنة . ويجوز عندي أن يكون من باب الإعمال ، فيكون مفعول ( ليبين ) ضميرا محذوفا يفسره مفعول ( ويهديكم ) ، نحو : ضربت وأهنت زيدا ، التقدير : ليبينها لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ، أي ليبين لكم سنن الذين من قبلكم .
والسنن : جمع سنة ، وهي الطريقة . واختلفوا في قوله : سنن الذين من قبلكم ، هل ذلك على ظاهره من الهداية [ ص: 226 ] لسننهم ؟ أو على التشبيه ؟ أي : سننا مثل سنن الذين من قبلكم . فمن قال بالأول أراد أن السنن هي ما حرم علينا وعليهم بالنسب والرضاع والمصاهرة . وقيل : المراد بالسنن ما عنى في قوله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) وقيل : المراد بها ما ذكره في قوله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ) وقيل : طرق من قبلكم إلى الجنة . وقيل : مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين ، والطرق التي سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم ، وهذا قريب مما قبله . وعلى هذه الأقوال فيكون الذين من قبلكم المراد به الأنبياء وأهل الخير . وقيل : المراد بقوله سنن طرق أهل الخير والرشد والغي ، ومن كان قبلكم من أهل الحق والباطل ، لتجتنبوا الباطل ، وتتبعوا الحق .
والذين قالوا : إن ذلك على التشبيه - قالوا : إن المعنى أن طرق الأمم السابقة في هدايتها كان بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، وبيان الأحكام ، وكذلك جعل طريقكم أنتم . فأراد أن يرشدكم إلى شرائع دينكم وأحكام ملتكم بالبيان والتفصيل ، كما أرشد الذين من قبلكم من المؤمنين . وقيل : الهداية في أحد أمرين : أما أنا خوطبنا في كل قصة نهيا أو أمرا كما خوطبوا هم أيضا في قصصهم ، وشرع لنا كما شرع لهم ، فهدايتنا سننهم في الإرشاد ، وإن اختلفت أحكامنا وأحكامهم . والأمر الثاني : أن هدايتنا سننهم في أن سمعنا وأطعنا كما سمعوا وأطاعوا ، فوقع التماثل من هذه الجهة .
والمراد بالهداية هنا الإرشاد والتوضيح ، ولا يتوجه غير ذلك بقرينة السنن ، والذين من قبلنا هم المؤمنون من كل شريعة . وقال صاحب ري الظمآن وهو أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي : قوله تعالى : يريد الله ليبين لكم ، أي : يريد أن يبين ، أو يريد إنزال الآيات ليبين لكم . وقوله تعالى : ويهديكم ، قال المفسرون : معناهما واحد ، والتكرار لأجل التأكيد ، وهذا ضعيف . والحق أن المراد من الأول تبيين التكاليف ، ثم قال : ويهديكم . وفيه قولان : أحدهما : أن هذا دليل على أن كل ما بين تحريمه لنا وتحليله من النساء في الآيات المتقدمة ، فقد كان الحكم كذلك أيضا في جميع الشرائع ، وإن كانت مختلفة في نفسها ، متفقة في باب المصالح . انتهى . وتقدم معنى هذه الأقوال التي ذكرها . وقوله : أي يريد أن يبين ، موافق لقول . الزمخشري
( ويتوب عليكم ) أي يردكم من عصيانه إلى طاعته ، ويوفقكم لها .
( والله عليم حكيم ) عليم بأحوالكم وبما تقدم من الشرائع والمصالح ، حكيم يصيب بالأشياء مواضعها بحسب الحكمة والإتقان .
( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) تعلق الإرادة أولا بالتوبة على سبيل العلية على ما اخترناه من الأقوال ، لأن قوله : ويتوب عليكم ، معطوف على العلة ، فهو علة . وتعلقها هنا على سبيل المفعولية ، فقد اختلف التعلقان فلا تكرار . وكما أراد سبب التوبة فقد أراد التوبة عليهم ، إذ قد يصح إرادة السبب دون الفعل . ومن ذهب إلى أن متعلق الإرادة في الموضعين واحد كان قوله : والله يريد أن يتوب عليكم تكرارا لقوله : ويتوب عليكم ، لأن قوله : ويتوب عليكم ، معطوف على مفعول ، فهو مفعول به . قال ابن عطية : وتكرار إرادة الله للتوبة على عباده تقوية للإخبار الأول ، وليس المقصد في الآية إلا الإخبار عن إرادة الذين يتبعون الشهوات ، فقدمت إرادة الله توطئة مظهرة لفساد متبعي الشهوات . انتهى كلامه . فاختار مذهب الكوفيين في أن جعلوا قوله : ليبين ، في معنى أن يبين ، فيكون مفعولا ل ( يريد ) ، وعطف عليه : ويتوب ، فهو مفعول مثله ، ولذلك قال : وتكرار إرادة الله التوبة على عباده إلى آخر كلامه . وكان قد حكى قول الكوفيين وقال : وهذا ضعيف ، فرجع أخيرا إلى ما ضعفه ، وكان قد قدم أن مذهب : أن مفعول ( يريد ) محذوف ، والتقدير : يريد الله هذا التبيين . سيبويه
والشهوات جمع شهوة ، وهي ما يغلب على [ ص: 227 ] النفس محبته وهواه . ولما كانت التكاليف الشرعية فيها قمع النفس وردها عن مشتهياتها ، كان اتباع شهواتها سببا لكل مذمة ، وعبر عن الكافر والفاسق بمتبع الشهوات كما قال تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) واتباع الشهوة في كل حال مذموم ، لأن ذلك ائتمار لها من حيث ما دعته الشهوة إليه . أما إذا كان الاتباع من حيث العقل أو الشرع فذلك هو اتباع لهما لا للشهوة . ومتبعو الشهوات هنا هم الزناة قاله مجاهد ، أو اليهود والنصارى ، قاله . أو السدي اليهود خاصة ؛ لأنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح الأخوات من الأب ، أو المجوس كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب ، ونكاح بنات الأخ ، وبنات الأخت ، فلما حرمهن الله قالوا : فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة ، والعمة عليكم حرام ، فانكحوا بنات الأخ والأخت ، أو متبعو كل شهوة ، قاله ابن زيد ، ورجحه . وظاهره العموم والميل ، وإن كان مطلقا فالمراد هنا الميل عن الحق ، وهو الجور والخروج عن قصد السبيل . ولذلك قابل إرادة الله بإرادة متبعي الشهوات ، وشتان ما بين الإرادتين . وأكد فعل الميل بالمصدر على سبيل المبالغة ، لم يكتف حتى وصفه بالعظم . وذلك أن الميول قد تختلف ، فقد يترك الإنسان فعل الخير لعارض شغل أو لكسل أو لفسق يستلذ به ، أو لضلالة بأن يسبق له سوء اعتقاد . ويتفاوت رتب معالجة هذه الأشياء ، فبعضها أسهل من بعض ، فوصف مثل هؤلاء بالعظم ، إذ هو أبعد الميول معالجة وهو الكفر . كما قال تعالى : ( الطبري ودوا لو تكفرون ) ( ويريدون أن تضلوا السبيل ) .
وقرأ الجمهور : أن تميلوا بتاء الخطاب . وقرئ : بالياء على الغيبة . فالضمير في ( يميلوا ) يعود على الذين يتبعون الشهوات . وقرأ الجمهور : ميلا بسكون الياء . وقرأ الحسن بفتحها ، وجاءت الجملة الأولى اسمية ، والثانية فعلية لإظهار تأكيد الجملة الأولى ، لأنها أدل على الثبوت . ولتكرير اسم الله تعالى فيها على طريق الإظهار والإضمار . وأما الجملة الثانية فجاءت فعلية مشعرة بالتجدد ، لأن إرادتهم تتجدد في كل وقت . والواو في قوله : ويريد للعطف على ما قررناه . وأجاز الراغب أن تكون الواو للحال لا للعطف ، قال تنبيها على أنه يريد التوبة عليكم في حال ما تريدون أن تميلوا ، فخالف بين الإخبارين في تقديم المخبر عنه في الجمل الأولى ، وتأخيره في الجملة الثانية ، ليبين أن الثاني ليس على العطف انتهى . وهذا ليس بجيد ، لأن إرادته تعالى التوبة علينا ليست مقيدة بإرادة غيره الميل ، ولأن المضارع باشرته الواو ، وذلك لا يجوز ، وقد جاء منه شيء نادر يئول على إضمار مبتدأ قبله ، لا ينبغي أن يحمل القرآن عليه ، لا سيما إذا كان للكلام محمل صحيح فصيح ، فحمله على النادر تعسف لا يجوز . يريد الله أن يخفف عنكم لم يذكر متعلق التخفيف ، وفي ذلك أقوال : أحدها أن يكون في إباحة نكاح الأمة وغيره من الرخص . الثاني في تكليف النظر وإزالة الحيرة فيما بين لكم مما يجوز لكم من النكاح وما لا يجوز . الثالث : في وضع الإصر المكتوب على من قبلنا ، وبمجيء هذه الملة الحنيفية سهلة سمحة . الرابع : بإيصالكم إلى ثواب ما كلفكم من تحمل التكاليف . الخامس : أن يخفف عنكم إثم ما ترتكبون من المآثم لجهلكم . وأعربوا هذه الجملة حالا من قوله : والله يريد أن يتوب عليكم ، والعامل في الحال ( يريد ) ، التقدير : والله يريد أن يتوب عليكم مريدا أن يخفف عنكم ، وهذا الإعراب ضعيف ، لأنه قد فصل بين العامل والحال بجملة معطوفة على الجملة التي في ضمنها العامل ، وهي جملة أجنبية من العامل والحال ، فلا ينبغي أن يتجوز إلا بسماع من العرب . ولأنه رفع الفعل الواقع حالا الاسم الظاهر ، وينبغي أن يرفع ضميره لا ظاهره ، فصار نظير : زيد يخرج ، يضرب زيد عمرا . [ ص: 228 ] والذي سمع من ذلك إنما هو في الجملة الابتدائية ، أو في شيء من نواسخها . أما في جملة الحال فلا أعرف ذلك . وجواز ذلك فيما ورد إنما هو فصيح حيث يراد التفخيم والتعظيم ، فيكون الربط في الجملة الواقعة خبرا بالظاهر . أما جملة الحال أو الصفة فيحتاج الربط بالظاهر فيها إلى سماع من العرب ، والأحسن أن تكون الجملة مستأنفة ، فلا موضع لها من الإعراب . أخبر بها تعالى عن إرادته التخفيف عنا ، كما جاء يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر . وخلق الإنسان ضعيفا قال مجاهد وطاوس وابن زيد : الإخبار عن ضعف الإنسان إنما هو في باب النساء ، أي لما علمنا ضعفكم عن النساء خففنا عنكم بإباحة الإماء . قال : ليس يكون الإنسان أضعف منه في أمر النساء . وقال طاوس : ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا أتاهم من النساء ، فقد أتى علي ثمانون سنة وذهبت إحدى عيني وأنا أعشق بالأخرى ، وإن أخوف ما أخاف علي فتنة النساء . قال ابن المسيب : ضعيفا لا يصبر عن الشهوات ، وعلى مشاق الطاعات . قال الزمخشري ابن عطية : ثم بعد هذا المقصد أي : تخفيف الله بإباحة الإماء ، يخرج الآية مخرج التفضل ، لأنها تتناول كل ما خفف الله عن عباده وجعله الدين يسرا ، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاما حسب ما هو في نفسه ضعيف يستميله هواه في الأغلب . قال الراغب : ووصف الإنسان بأنه خلق ضعيفا ، إنما هو باعتباره بالملأ الأعلى نحو : أأنتم أشد خلقا أم السماء أو باعتباره بنفسه دون ما يعتريه من فيض الله ومعونته ، أو اعتبارا بكثرة حاجاته وافتقار بعضهم إلى بعض ، أو اعتبارا بمبدئه ومنتهاه كما قال تعالى : الله الذي خلقكم من ضعف فأما إذا اعتبر بعقله وما أعطاه من القوة التي يتمكن بها من خلافة الله في أرضه ويبلغ بها في الآخرة إلى جواره تعالى ، فهو أقوى ما في هذا العالم . ولهذا قال تعالى : وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا . وقال الحسن : ضعيفا لأنه خلق من ماء مهين . قال الله تعالى : الذي خلقكم من ضعف . وقرأ ابن عباس ومجاهد : وخلق الإنسان مبنيا للفاعل مسندا إلى ضمير اسم الله ، وانتصاب ضعيفا على الحال . وقيل : انتصب على التمييز . لأنه يجوز أن يقدر بـ ( من ) ، وهذا ليس بشيء . وقيل : انتصب على إسقاط حرف الجر ، والتقدير : من شيء ضعيف ، أي من طين ، أو من نطفة وعلقة ومضغة . ولما حذف الموصوف والجابر انتصبت الصفة بالفعل نفسه . قال ابن عطية : ويصح أن يكون خلق بمعنى جعل ، فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى مفعولين ، فيكون قوله : ضعيفا مفعولا ثانيا . انتهى . وهذا هو الذي ذكره من أن ( خلق ) يتعدى إلى اثنين بجعلها بمعنى جعل ، لا أعلم أحدا من النحويين ذهب إلى ذلك ، بل الذي ذكر الناس أن من أقسام جعل أن يكون بمعنى خلق ، فيتعدى إلى مفعول واحد ، كقوله تعالى : وجعل الظلمات والنور أما العكس فلم يذهب إلى ذلك أحد فيما علمناه ، والمتأخرون الذين تتبعوا هذه الأفعال لم يذكروا ذلك . وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البيان والبديع . منها : التجوز بإطلاق اسم الكل على البعض في قوله : يأتين الفاحشة ، لأن ( أل ) تستغرق كل فاحشة وليس المراد ، بل بعضها ، وإنما أطلق على البعض اسم الكل تعظيما لقبحه وفحشه ، فإن كان العرف في الفاحشة الزنا ، فليس من هذا الباب إذ تكون الألف واللام للعهد . والتجوز بالمراد من المطلق بعض مدلوله في قوله : فآذوهما إذ فسر بالتعيير أو الضرب بالنعال ، أو الجمع بينهما ، وبقوله : سبيلا والمراد الحد ، أو رجم المحصن . وبقوله : فأعرضوا عنهما أي اتركوهما . وإسناد الفعل إلى غير فاعله في قوله : حتى يتوفاهن الموت ، وفي قوله : حتى إذا حضر أحدهم الموت . والتجنيس المغاير في : إن تابا ، إن الله كان توابا ، وفي : أرضعنكم و من الرضاعة ، وفي : محصنات ، فإذا أحصن . والتجنيس المماثل في : فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا ، وفي : ولا تنكحوا ما نكح . [ ص: 229 ] والتكرار في اسم الله في مواضع ، وفي : إنما التوبة ، وليست التوبة ، وفي : زوج مكان زوج ، وفي : أمهاتكم ، وأمهاتكم اللاتي ، وفي : إلا ما قد سلف ، وفي : ( المؤمنات ) في قوله : المحصنات المؤمنات ، وفي : فتياتكم المؤمنات ، وفي : فريضة و من بعد الفريضة ، وفي : المحصنات من النساء والمحصنات ، و نصف ما على المحصنات ، وفي : بعضكم من بعض ، وفي : ( يريد ) في أربعة مواضع ، وفي : ( يتوب ) و ( أن يتوب ) ، وفي : إطلاق المستقبل على الماضي ، في : واللاتي يأتين الفاحشة وفي : واللذان يأتيانها منكم ، وفي : يعملون السوء وفي : ثم يتوبون ، وفي : ( يريد ) ، وفي : ليبين ، لأن إرادة الله وبيانه قديمان ، إذ تبيانه في كتبه المنزلة والإرادة والكلام من صفات ذاته وهي قديمة . والإشارة والإيماء في قوله : كرها ، فإن تحريم الإرث كرها يومئ إلى جوازه طوعا ، وقد صرح بذلك في قوله : فإن طبن ، وفي قوله : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، فله أن يعضلها على غير هذه الصفة لمصلحة لها تتعلق بها ، أو بمالها ، وفي : إنه كان فاحشة أومأ إلى نكاح الأبناء في الجاهلية نساء الآباء ، وفي : أحل لكم ما وراء ذلكم إشارة إلى ما تقدم في المحرمات ، ذلك لمن خشي العنت إشارة إلى تزويج الإماء . والمبالغة في تفخيم الأمر وتأكيده في قوله : وآتيتم إحداهن قنطارا عظم الأمر حتى ينتهى عنه . والاستعارة في قوله : وأخذن منكم ميثاقا غليظا ، استعار الأخذ للوثوق بالميثاق والتمسك به ، والميثاق معنى لا يتهيأ فيه الأخذ حقيقة ، وفي : كتاب الله عليكم أي فرض الله ، استعار للفرض لفظ الكتاب لثبوته وتقريره ، فدل بالأمر المحسوس على المعنى المعقول . وفي : محصنين ، استعار لفظ الإحصان وهو الامتناع في المكان الحصين للامتناع بالعقاب ، واستعار لكثرة الزنا السفح وهو صب الماء في الأنهار والعيون بتدفق وسرعة ، وكذلك : فآتوهن أجورهن استعار لفظ الأجور للمهور ، والأجر هو ما يدل على عمل ، فجعل تمكين المرأة من الانتفاع بها كأنه عمل تعمله . وفي قوله : طولا استعارة للمهر يتوصل به للغرض ، والطول وهو الفضل يتوصل به إلى معالي الأمور . وفي قوله : يتبعون الشهوات استعار الاتباع والميل اللذين هما حقيقة في الإجرام لموافقة هوى النفس المؤدي إلى الخروج عن الحق . وفي قوله : أن يخفف ، والتخفيف أصله من خفة الوزن وثقل الجرم ، وتخفيف التكاليف رفع مشاقها من النفس ، وذلك من المعاني . وتسمية الشيء بما يئول إليه في قوله : أن ترثوا النساء كرها ، سمي تزويج النساء أو منعهن للأزواج إرثا ، لأن ذلك سبب الإرث في الجاهلية . وفي قوله : وخلق الإنسان ضعيفا جعله ضعيفا باسم ما يئول إليه ، أو باسم أصله . والطباق المعنوي في قوله : فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ، وقد فسر الخير الكثير بما هو محبوب . وفي قوله : والمحصنات من النساء ، أي حرام عليكم ثم قال : وأحل لكم . والذي يظهر أنه من الطباق اللفظي ، لأن صدر الآية حرمت عليكم أمهاتكم ، ثم نسق المحرمات ، ثم قال : وأحل لكم ، فهذا هو الطباق . وفي قوله : محصنين غير مسافحين ، والمحصن الذي يمنع فرجه ، والمسافح الذي يبذله . والاحتراس في قوله : اللاتي دخلتم بهن احترز من اللاتي لم يدخل بهن ، وفي وربائبكم اللاتي في حجوركم احترس من اللاتي ليست في الحجور . وفي قوله : والمحصنات من النساء إذ المحصنات قد يراد بها الأنفس المحصنات ، فيدخل تحتها الرجال ، فاحترز بقوله : من النساء . والاعتراض بقوله : والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض . والحذف في مواضع لا يتم المعنى إلا بها .