الإركاس : الرد والرجع . قيل من آخره على أوله والركس : الرجيع . ومنه قوله في ، وقال الروثة هذا ركس : أمية بن أبي الصلت
فأركسوا في حميم النار أنهم كانوا عصاة وقالوا الإفك والزورا
وحكى الكسائي : ركس وأركس بمعنى واحد أي رجعهم . ويقال : ركس مشددا بمعنى أركس ، وارتكس هو أي ارتجع ، وقيل أركسه أوبقه قال : والنضر بن شميلبشؤمك أركستني في الخنا وأرميتني بضروب العنا
وأركستني عن طريق الهدى وصيرتني مثلا للعدا
ركسوا في فتنة مظلمة كسواد الليل يتلوها فتن
التعمد والعمد : القصد إلى الشيء [ ص: 312 ] ( الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) قال مقاتل : نزلت فيمن شك في البعث ؛ فأقسم الله ليبعثنه . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة ، وهي أنه تعالى لما ذكر أن الله كان على كل شيء حسيبا تلاه بالإعلام بوحدانية الله تعالى والحشر والبعث من القبور للحساب . ويحتمل أن يكون لا إله إلا هو خبرا عن الله ، ويحتمل أن يكون جملة اعتراض ، والخبر الجملة المقسم عليها ، وحذف هنا القسم للعلم به . وإلى إما على بابها ، ومعناها : من الغاية ، ويكون الجمع في القبور ، أو يضمن معنى : ليجمعنكم معنى : ليحشرنكم ، فيعدى بإلى . قيل أو تكون إلى بمعنى في ، كما أولوه في قول النابغة :
فلا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس مطلي به القار أجرب
( ومن أصدق من الله حديثا ) . هذا استفهام معناه النفي ، التقدير : لا أحد أصدق من الله حديثا . وفسر الحديث بالخبر أو بالوعد قولان والأظهر هنا الخبر . قال ابن عطية : وذلك أن دخول الكذب في حديث البشر ، إنما علته الخوف أو الرجاء أو سوء السجية ، وهذه منفية في حق الله تعالى ، والصدق في حقيقته أن يكون ما يجري على لسان المخبر موافقا لما في قلبه والأمر المخبر عنه في وجوده انتهى . وقال الماتريدي : أي أنكم تقبلون حديث بعضكم من بعض مع احتمال صدقه وكذبه ؛ فإن تقبلوا حديث من يستحيل عليه الكذب في كل ما أخبركم به من طريق الأولى . وطول هنا إشعارا بمذهبه فقال : لا يجوز عليه الكذب ، وذلك أن الكذب مستقبل بصارف عن الإقدام عليه ، وهو قبحه الذي هو كونه كذبا ، وإخبارا عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، فمن كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يكذب ليجر منفعة ، أو يدفع مضرة ، أو هو غني عنه إلا أنه يجهل غناه ، أو هو جاهل بقبحه ، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره ، ولا يبالي بأيهما نطق ، وربما كان الكذب أحلى على حنكه من الصدق . وعن بعض السفهاء : أنه عوتب على الكذب فقال : لو غرغرت لهواتك به ما فارقته . وقيل لكذاب : هل صدقت قط ؟ فقال : لولا أني صادق في قولي لا لقلتها . فكان الحكيم الغني الذي لا تجوز عليه الحاجات ، العالم بكل معلوم منزها عنه كما هو منزه عن سائر القبائح انتهى . وكلامه تكثير لا يليق بكتابه ، فإنه مختصر في التفسير . وقرأ الزمخشري حمزة والكسائي : ( أصدق ) بإشمام الصاد زايا ، وكذا فيما كان مثله من صاد ساكنة بعدها دال نحو : يصدقون ، وتصدية . وأما إبدالها زايا محضة في ذلك فهي لغة كلب . وأنشدوا :
يزيد الله في خيراته حامي الذمار عنده مصدوقاته