( وقد آن أن نشرع فيما قصدنا وننجز ما به وعدنا ، ونبدأ برسم لعلم التفسير ، فإني لم أقف لأحد من علماء التفسير على رسم له ) فنقول :
nindex.php?page=treesubj&link=28954التفسير في اللغة الاستبانة والكشف ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : ومنه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسرة ، وكأنه تسمية بالمصدر لأن مصدر فعل جاء أيضا على تفعلة نحو جرب تجربة وكرم تكرمة ، وإن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل كقوله تعالى "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وأحسن تفسيرا " ، وينطلق أيضا التفسير على التعرية للانطلاق ، قال
ثعلب : تقول : فسرت الفرس عريته لينطلق في حصره ، وهو راجع لمعنى الكشف فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري . ( وأما الرسم في الاصطلاح ) فنقول : التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية
[ ص: 14 ] ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك ، فقولنا علم هو جنس يشمل سائر العلوم ، وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات ، وقولنا ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم ، وقولنا ( وأحكامها الإفرادية والتركيبية ) هذا يشمل علم التصريف وعلم الإعراب وعلم البيان وعلم البديع ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب ، شمل بقوله التي ( تحمل عليها ) ما لا دلالة عليه بالحقيقة وما دلالته عليه بالمجاز ، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصد عن الحمل على الظاهر صاد ، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر وهو المجاز ، وقولنا ( وتتمات لذلك ) هو معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما انبهم في القرآن ونحو ذلك .
( وَقَدْ آنَ أَنْ نَشْرَعَ فِيمَا قَصَدْنَا وَنُنْجِزَ مَا بِهِ وَعَدْنَا ، وَنَبْدَأَ بِرَسْمٍ لِعِلْمِ التَّفْسِيرِ ، فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ عَلَى رَسْمٍ لَهُ ) فَنَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28954التَّفْسِيرُ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِبَانَةُ وَالْكَشْفُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ : وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ الطَّبِيبُ تَفْسِرَةٌ ، وَكَأَنَّهُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ مَصْدَرَ فَعَّلَ جَاءَ أَيْضًا عَلَى تَفْعِلَةٍ نَحْوَ جَرَّبَ تَجْرِبَةً وَكَرَّمَ تَكْرِمَةً ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ فَعَّلَ التَّفْعِيلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا " ، وَيَنْطَلِقُ أَيْضًا التَّفْسِيرُ عَلَى التَّعْرِيَةِ لِلِانْطِلَاقِ ، قَالَ
ثَعْلَبٌ : تَقُولُ : فَسَّرْتُ الْفَرَسَ عَرَّيْتُهُ لِيَنْطَلِقَ فِي حَصْرِهِ ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الْكَشْفِ فَكَأَنَّهُ كَشَفَ ظَهْرَهُ لِهَذَا الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْهُ مِنَ الْجَرْيِ . ( وَأَمَّا الرَّسْمُ فِي الِاصْطِلَاحِ ) فَنَقُولُ : التَّفْسِيرُ عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَمَدْلُولَاتِهَا وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ
[ ص: 14 ] وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ ، فَقَوْلُنَا عُلِمٌ هُوَ جِنْسٌ يَشْمَلُ سَائِرَ الْعُلُومِ ، وَقَوْلُنَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ هَذَا هُوَ عِلْمُ الْقِرَاءَاتِ ، وَقَوْلُنَا وَمَدْلُولَاتِهَا أَيْ مَدْلُولَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا هُوَ عِلْمُ اللُّغَةِ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ ، وَقَوْلُنَا ( وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ ) هَذَا يَشْمَلُ عِلْمَ التَّصْرِيفِ وَعِلْمَ الْإِعْرَابِ وَعِلْمَ الْبَيَانِ وَعِلْمَ الْبَدِيعِ وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ ، شَمِلَ بُقُولِهِ الَّتِي ( تُحْمَلُ عَلَيْهَا ) مَا لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ وَمَا دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ بِالْمَجَازِ ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ قَدْ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ شَيْئًا وَيَصُدُّ عَنِ الْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ صَادٌ ، فَيَحْتَاجُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَجَازُ ، وَقَوْلُنَا ( وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ ) هُوَ مَعْرِفَةُ النَّسْخِ وَسَبَبِ النُّزُولِ وَقِصَّةٍ تُوَضِّحُ بَعْضَ مَا انْبَهَمَ فِي الْقُرْآنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ .