( ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) . أي : ذلك الصرف عن الآيات هو سبب تكذيبهم بها وغفلتهم عن النظر فيها والتفكر في دلالتها ، والمعنى : أنهم استمر كذبهم وصار لهم ذلك ديدنا حتى صارت تلك الآيات لا تخطر لهم ببال فحصلت الغفلة عنها والنسيان لها حتى كانوا لا يذكرونها ولا شيئا منها ، والظاهر أن الصرف سببه التكذيب والغفلة من جميعهم ، ويحتمل أن الصرف سببه التكذيب ، ويكون قوله : ( وكانوا عنها غافلين استئناف إخبار منه تعالى عنهم ، أي : من شأنهم أنهم كانوا غافلين عن الآيات وتدبرها فأورثتهم الغفلة التكذيب بها ، والظاهر أن ذلك مبتدأ وخبره بأنهم ، أي : ذلك الصرف كائن بأنهم كذبوا ، وجوزوا أن يكون منصوبا فقدره ابن عطية فعلنا ذلك ، وقدره صرفهم الله ذلك الصرف بعينه ، وفي قوله تعالى : ( الزمخشري سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) [ ص: 391 ] إشعار بأن الصرف سببه هذا التكبر ، وفي قوله : ( ذلك بأنهم كذبوا ) إعلام بأن ذلك الصرف سببه التكذيب ، والجمع بينهما أن التكبر سبب أول نشأ عنه التكذيب ، فنسبة الصرف إلى السبب الأول وإلى ما تسبب عنه .