[ ص: 392 ] تنبيه
nindex.php?page=treesubj&link=28905قراءة " مت " بكسر الميم كثيرا ما يخفى على طلبة العلم وجهها ; لأن لغة " مات يموت " لا يصح منها " مت " بكسر الميم ، ووجه القراءة بكسر الميم أنه من مات يمات ، كخاف يخاف ، لا من مات يموت ، كقال يقول .
nindex.php?page=treesubj&link=28906فلفظ " مات " فيها لغتان عربيتان فصيحتان ، الأولى منهما موت بفتح الواو فأبدلت الواو ألفا على القاعدة التصريفية المشار لها بقوله في الخلاصة :
من ياء أو واو بتحريك أصل ألفا ابدل بعد فتح متصل
إن حرك الثاني . . . إلخ ،ومضارع هذه المفتوحة " يموت " بالضم على القياس وفي هذه ونحوها إن أسند الفعل إلى تاء الفاعل أو نونه سقطت العين بالاعتلال وحركت الفاء بحركة تناسب العين ، والحركة المناسبة للواو هي الضمة ، فتقول " مت " بضم الميم ، ولا يجوز غير ذلك .
الثانية أنها " موت " بكسر الواو ، أبدلت الواو ألفا للقاعدة المذكورة آنفا ، ومضارع هذه " يمات " بالفتح ; لأن " فعل " بكسر العين ينقاس في مضارعها بـ " فعل " بفتح العين ، كما قال
ابن مالك في اللامية :
وافتح موضع الكسر في المبني من فعلا
ويستثنى من هذه القاعدة كلمات معروفة سماعية تحفظ ولا يقاس عليها ، والمقرر في فن الصرف أن كل فعل ثلاثي أجوف - أعني معتل العين - إذا كان على وزن فعل بكسر العين ، أو فعل بضمها ، فإنه إذا أسند إلى تاء الفاعل أو نونه تسقط عينه بالاعتلال وتنقل حركة عينه الساقطة بالاعتلال إلى الفاء فتكسر فاؤه إن كان من فعل بكسر العين ، وتضم إن كان من فعل بضمها ، مثال الأول " مت " من مات يمات ; لأن أصلها " موت " بالكسر وكذلك خاف يخاف ، ونام ينام ، فإنك تقول فيها " مت " بكسر الميم ، و " نمت " بكسر النون ، " وخفت " بكسر الخاء ; لأن حركة العين نقلت إلى الفاء وهي الكسرة ، ومثاله في الضم " طال " فأصلها " طول " بضم الواو فتقول فيها " طلت " بالضم لنقل حركة العين إلى الفاء ، أما إذا كان الثلاثي من فعل بفتح العين كمات يموت ، وقال يقول ، فإن العين تسقط بالاعتلال وتحرك الفاء بحركة مناسبة للعين الساقطة فتضم الفاء إن كانت العين الساقطة واوا كمات يموت ، وقال يقول ، فتقول مت وقلت ، بالضم . وتكسر الفاء إن
[ ص: 393 ] كانت العين الساقطة ياء ، كباع وسار ، فتقول : بعت وسرت بالكسر فيهما ، وإلى هذا أشار
ابن مالك في اللامية بقوله :
وانقل لفاء الثلاثي في شكل عين إذا اعتلت
وكان بـ " نا " الإضمار متصلا أو نونه وإذا فتحا يكون منه
اعتض مجانس تلك العين منتقلا
واعلم أن مات يمات ، من فعل بالكسر يفعل بالفتح لغة فصيحة ، ومنها قول الراجز :
بنيتي سيدة البنات عيشي ولا نأمن أن تمات
وأما مات يميت فهي لغة ضعيفة ، وقد أشار إلى اللغات الثلاث - الفصيحتين والردية - بعض أدباء قطر شنقيط في بيت رجز هو قوله :
من منعت زوجته منه المبيت مات يموت ويمات ويميت
وأقوال العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=31981قدر المدة التي حملت فيها مريم بعيسى قبل الوضع لم نذكرها ; لعدم دليل على شيء منها ، وأظهرها أنه حمل كعادة حمل النساء وإن كان منشؤه خارقا للعادة ، والله تعالى أعلم .
[ ص: 392 ] تَنْبِيهٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28905قِرَاءَةُ " مِتُّ " بِكَسْرِ الْمِيمِ كَثِيرًا مَا يَخْفَى عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَجْهُهَا ; لِأَنَّ لُغَةَ " مَاتَ يَمُوتُ " لَا يَصِحُّ مِنْهَا " مِتُّ " بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَوَجْهُ الْقِرَاءَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَنَّهُ مِنْ مَاتَ يَمَاتُ ، كَخَافَ يَخَافُ ، لَا مِنْ مَاتَ يَمُوتُ ، كَقَالَ يَقُولُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28906فَلَفْظُ " مَاتَ " فِيهَا لُغَتَانِ عَرَبِيَّتَانِ فَصِيحَتَانِ ، الْأُولَى مِنْهُمَا مَوَتَ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ أَلِفًا عَلَى الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ :
مِنْ يَاءٍ أَوْ وَاوٍ بِتَحْرِيكٍ أَصِلْ أَلِفًا ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ
إِنْ حُرِّكَ الثَّانِي . . . إِلَخْ ،وَمُضَارِعُ هَذِهِ الْمَفْتُوحَةِ " يَمُوتُ " بِالضَّمِّ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي هَذِهِ وَنَحْوِهَا إِنْ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى تَاءِ الْفَاعِلِ أَوْ نُونِهِ سَقَطَتِ الْعَيْنُ بِالِاعْتِلَالِ وَحُرِّكَتِ الْفَاءُ بِحَرَكَةٍ تُنَاسِبُ الْعَيْنَ ، وَالْحَرَكَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلْوَاوِ هِيَ الضَّمَّةُ ، فَتَقُولُ " مُتُّ " بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ .
الثَّانِيَةُ أَنَّهَا " مَوِتَ " بِكَسْرِ الْوَاوِ ، أُبْدِلَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا ، وَمُضَارِعُ هَذِهِ " يَمَاتُ " بِالْفَتْحِ ; لِأَنَّ " فَعِلَ " بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَنْقَاسُ فِي مُضَارِعِهَا بِـ " فَعَلَ " بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ مَالِكٍ فِي اللَّامِيَّةِ :
وَافْتَحْ مَوْضِعَ الْكَسْرِ فِي الْمَبْنِيِّ مِنْ فَعَلَا
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَلِمَاتٌ مَعْرُوفَةٌ سَمَاعِيَّةٌ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ، وَالْمُقَرَّرُ فِي فَنِّ الصَّرْفِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ أَجْوَفَ - أَعْنِي مُعْتَلَّ الْعَيْنِ - إِذَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ، أَوْ فَعُلَ بِضَمِّهَا ، فَإِنَّهُ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى تَاءِ الْفَاعِلِ أَوْ نُونِهِ تَسْقُطُ عَيْنُهُ بِالِاعْتِلَالِ وَتُنْقَلُ حَرَكَةُ عَيْنِهِ السَّاقِطَةِ بِالِاعْتِلَالِ إِلَى الْفَاءِ فَتُكْسَرُ فَاؤُهُ إِنْ كَانَ مِنْ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ، وَتُضَمُّ إِنْ كَانَ مِنْ فَعُلَ بِضَمِّهَا ، مِثَالُ الْأَوَّلِ " مِتُّ " مِنْ مَاتَ يَمَاتُ ; لِأَنَّ أَصْلَهَا " مَوِتَ " بِالْكَسْرِ وَكَذَلِكَ خَافَ يَخَافُ ، وَنَامَ يَنَامُ ، فَإِنَّكَ تَقُولُ فِيهَا " مِتُّ " بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَ " نِمْتُ " بِكَسْرِ النُّونِ ، " وَخِفْتُ " بِكَسْرِ الْخَاءِ ; لِأَنَّ حَرَكَةَ الْعَيْنِ نُقِلَتْ إِلَى الْفَاءِ وَهِيَ الْكَسْرَةُ ، وَمِثَالُهُ فِي الضَّمِّ " طَالَ " فَأَصْلُهَا " طَوُلَ " بِضَمِّ الْوَاوِ فَتَقُولُ فِيهَا " طُلْتُ " بِالضَّمِّ لِنَقْلِ حَرَكَةِ الْعَيْنِ إِلَى الْفَاءِ ، أَمَّا إِذَا كَانَ الثُّلَاثِيُّ مِنْ فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَاتَ يَمُوتُ ، وَقَالَ يَقُولُ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَسْقُطُ بِالِاعْتِلَالِ وَتُحَرَّكُ الْفَاءُ بِحَرَكَةٍ مُنَاسِبَةٍ لِلْعَيْنِ السَّاقِطَةِ فَتُضَمُّ الْفَاءُ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ السَّاقِطَةُ وَاوًا كَمَاتَ يَمُوتُ ، وَقَالَ يَقُولُ ، فَتَقُولُ مُتُّ وَقُلْتُ ، بِالضَّمِّ . وَتُكْسَرُ الْفَاءُ إِنْ
[ ص: 393 ] كَانَتِ الْعَيْنُ السَّاقِطَةُ يَاءً ، كَبَاعَ وَسَارَ ، فَتَقُولُ : بِعْتُ وَسِرْتُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ
ابْنُ مَالِكٍ فِي اللَّامِيَّةِ بِقَوْلِهِ :
وَانْقُلْ لِفَاءِ الثُّلَاثِيِّ فِي شَكْلِ عَيْنٍ إِذَا اعْتَلَّتْ
وَكَانَ بِـ " نَا " الْإِضْمَارِ مُتَّصِلَا أَوْ نَوِّنْهُ وَإِذَا فُتِحَا يَكُونُ مِنْهُ
اعْتَضَّ مُجَانِسَ تِلْكَ الْعَيْنِ مُنْتَقِلَا
وَاعْلَمْ أَنَّ مَاتَ يَمَاتُ ، مِنْ فَعِلَ بِالْكَسْرِ يَفْعَلُ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ ، وَمِنْهَا قَوْلُ الرَّاجِزِ :
بُنَيَّتِي سَيِّدَةَ الْبَنَاتِ عِيشِي وَلَا نَأْمَنُ أَنْ تَمَاتِ
وَأَمَّا مَاتَ يَمِيتُ فَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ - الْفَصِيحَتَيْنِ وَالرَّدِيَّةِ - بَعْضُ أُدَبَاءِ قُطْرِ شِنْقِيطَ فِي بَيْتِ رَجَزٍ هُوَ قَوْلُهُ :
مَنْ مَنَعَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ الْمَبِيتَ مَاتَ يَمُوتُ وَيَمَاتُ وَيَمِيتُ
وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31981قَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي حَمَلَتْ فِيهَا مَرْيَمُ بِعِيسَى قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ نَذْكُرْهَا ; لِعَدَمِ دَلِيلٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا ، وَأَظْهَرُهَا أَنَّهُ حَمْلٌ كَعَادَةِ حَمْلِ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَ مَنْشَؤُهُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .