فروع تتعلق بهذه المسألة
التي هي ما يمتنع بالإحرام على المحرم حتى يحل من إحرامه
الفرع الأول : اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي : أن ; لأن الرجعة ليست بنكاح مؤتنف ; لأنها لا يحتاج فيها إلى عقد ، ولا صداق ، ولا إلى إذن الولي ولا الزوجة فلا تدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " المحرم يجوز له أن يرتجع مطلقته في حال الإحرام " وجواز الرجعة في الإحرام هو قول جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة ، وأصحابهم : [ ص: 27 ] لا ينكح المحرم ولا ينكح مالك ، والشافعي وأبو حنيفة ، وهو إحدى الروايتين ، عن ، وعزاه الإمام أحمد النووي في " شرح المهذب " لعامة العلماء إلا رواية عن . الإمام أحمد
وقال في " المغني " في شرحه قول ابن قدامة الخرقي : وللمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع ، ويرتجع امرأته - ما نصه :
فأما الرجعة : فالمشهور إباحتها ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وفيه رواية ثانية أنها لا تباح . إلى أن قال : وجه الرواية الصحيحة : أن الرجعية زوجة والرجعة إمساك بدليل قوله تعالى : فأمسكوهن بمعروف [ 65 \ 2 ] فأبيح ذلك كالإمساك قبل الطلاق . انتهى محل الغرض منه .
وقال مالك في " الموطأ " في الرجل المحرم : أنه يراجع امرأته ، إذا كانت في عدة منه . وذكر النووي عن الخراسانيين من الشافعية وجهين ، أصحهما : جواز الرجعة ، والثاني : منعها في الإحرام .
الفرع الثاني : اعلم أن التحقيق أن الولي إذا وكل وكيلا على تزويج وليته ، فلا يجوز لذلك الوكيل تزويجها بالوكالة في حالة إحرامه ; لأنه يدخل في عموم الحديث المذكور ، وكذلك وكيل الزوج .
الفرع الثالث : اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي : أن ، لدخوله في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " السلطان لا يجوز له أن يزوج بالولاية العامة في حال إحرامه " فلا يجوز إخراج السلطان من هذا العموم ، إلا بدليل خاص به من كتاب أو سنة ، ولم يرد بذلك دليل ; فالتحقيق منع تزويجه في الإحرام ، وهو قول جمهور العلماء خلافا لبعض لا ينكح المحرم ولا ينكح الشافعية القائلين : يجوز ذلك للسلطان ، ولا دليل معهم من كتاب ولا سنة ، وإنما يحتجون بأن الولاية العامة أقوى من الولاية الخاصة . بدليل أن الولي المسلم الخاص ، لا يزوج الكافرة بخلاف السلطان ، فله عندهم أن يزوج الكافرة بالولاية العامة .
الفرع الرابع : اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي : أن ; لأن الشاهد لا يتناوله حديث : " للشاهد المحرم أن يشهد على عقد نكاح " لأن عقد النكاح بالإيجاب والقبول والشاهد لا صنع له في ذلك ، وخالف في ذلك لا ينكح المحرم ، ولا ينكح من الشافعية ، قائلا : إن شهادة الشاهد ركن في العقد ، فلم تجز في حال الإحرام كالولي ، وكره بعض أهل العلم للمحرم أن يشهد على النكاح . أبو سعيد الإصطخري
[ ص: 28 ] الفرع الخامس : الأظهر عندي : أن لما تقدم من حديث المحرم لا يجوز له أن يخطب امرأة ، وكذلك المحرمة ، لا يجوز للرجل خطبتها عثمان ، عند مسلم : " " فالظاهر أن حرمة الخطبة كحرمة النكاح ، لأن الصيغة فيهما متحدة ، فالحكم بحرمة أحدهما دون الآخر ، يحتاج إلى دليل خاص ، ولا دليل عليه . والظاهر من الحديث حرمة النكاح وحرمة وسيلته التي هي الخطبة كما تحرم خطبة المعتدة . لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب
وبه تعلم أن ما ذكره كثير من أهل العلم من أن الخطبة لا تحرم في الإحرام ، وإنما تكره أنه خلاف الظاهر من النص ولا دليل عليه ، وما استدل به بعض أهل العلم من الشافعية وغيرهم : على أن المتعاطفين قد يكون أحدهما مخالفا لحكم الآخر ; كقوله تعالى : كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده الآية [ 6 \ 141 ] . قالوا : الأكل مباح وإيتاء الحق واجب ، لا دليل فيه ; لأن الأمر بالأكل معلوم أنه ليس للوجوب ، بخلاف قوله في الحديث " ولا يخطب " فلا دليل على أنه ليس للتحريم ، كقوله قبله : " " . لا ينكح المحرم
الفرع السادس : إذا ، فالعقد فاسد ، ولا يحتاج إلى فسخه بطلاق ; كما هو ظاهر الآثار التي قدمنا ، ومذهب وقع عقد النكاح في حال إحرام أحد الزوجين أو الولي مالك وأحمد : أنه يفسخ بطلاق مراعاة لقول من أجازه كأبي حنيفة ومن تقدم ذكرهم .
الفرع السابع : أظهر قولي أهل العلم عندي : أنه إذا أن الوكالة لا تنفسخ بذلك ، بل له أن يزوج بعد التحلل بالوكالة السابقة ، خلافا لمن قال : تنفسخ الوكالة بذلك ، والتحقيق أن الوكيل إذا كان حلالا والموكل محرما ، فليس للوكيل الحلال عقد النكاح ، قبل تحلل موكله خلافا لمن حكى وجها بجواز ذلك ، ولا شك أن تجويز ذلك غلط . وكل حلال حلالا في التزويج ، ثم أحرم أحدهما أو المرأة