قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29033_1000_1001_1002يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون .
[ ص: 121 ] هذه الآية الكريمة ، وهذا السياق يشبه في مدلوله وصورته قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم [ 22 \ 27 ] مع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام [ 2 \ 198 ] .
ففي كل منهما نداء ، وأذان الحج صلاة وسعي وإتيان وذكر لله ، ثم انتشار وإفاضة مما يربط الجمعة بالحج في الشكل وإن اختلف الحجم ، وفي الكيف وإن تفاوتت التفاصيل ، وفي المباحث والأحكام كثرة وتنويع من متفق عليه ومختلف فيه ، مما يجعل مباحث الجمعة لا تقل أهمية عن مباحث الحج ، وتتطلب عناية بها كالعناية به .
وقد نقل عن الشيخ - رحمة الله تعالى عليه - أنه كان عازما على بسط الكلام فيها كعادته - رحمة الله تعالى عليه - ولكن إرادته نافذة ، وقدرته غالية . وإن كل إنسان يستشعر مدى مباحث الشيخ وبسطه وتحقيقه للمسائل ليحجم ويترك الدخول فيها تقاصرا دونها ولا سيما وأن ربط هذه المباحث بنصوص القرآن ليس بالأمر المبين ، كما أشار إليه
أبو حيان في مضمون قوله في نهاية تفسيره لهذه السورة بعد إيجاز الكلام عن أحكامها ، قال ما نصه : وقد ملأ المفسرون كثيرا من أوراقهم بأحكام وخلاف في مسائل الجمعة مما لا تعلق لها بلفظ القرآن . ا هـ .
فهو يشير بأن لفظ القرآن لا تعلق له بتلك الأحكام التي ناقشها المفسرون في مباحث الجمعة ، ولكن الدارس لمنهج الشيخ - رحمة الله تعالى عليه - في الأضواء ، والمتذوق لأسلوبه لم يقتصر على اللفظ فقط ، أي : دلالة النص التطابقي وتأمل أنواع الدلالات من تضمن والتزام وإيماء وتنبيه ، فإنه يجد لأكثر أو كل ما قاله المفسرون ، والمحدثون ، والفقهاء من المباحث أصولا من أصول تلك الدلالات .
وإني أستلهم الله تعالى الرشد وأستمد ، العون والتوفيق لبيان كل ما يظهر من ذلك إن شاء الله ، فإن وفقت فبفضل من الله وخدمة لكتابه ، وإلا فإنها محاولة تغتفر بجانب القصور العلمي وتحسين القصد ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29033_1000_1001_1002يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
[ ص: 121 ] هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، وَهَذَا السِّيَاقُ يُشْبِهُ فِي مَدْلُولِهِ وَصُورَتِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [ 22 \ 27 ] مَعَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [ 2 \ 198 ] .
فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نِدَاءٌ ، وَأَذَانُ الْحَجِّ صَلَاةٌ وَسَعْيٌ وَإِتْيَانٌ وَذِكْرٌ لِلَّهِ ، ثُمَّ انْتِشَارٌ وَإِفَاضَةٌ مِمَّا يَرْبُطُ الْجُمُعَةَ بِالْحَجِّ فِي الشَّكْلِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْحَجْمُ ، وَفِي الْكَيْفِ وَإِنْ تَفَاوَتَتِ التَّفَاصِيلُ ، وَفِي الْمَبَاحِثِ وَالْأَحْكَامِ كَثْرَةٌ وَتَنْوِيعٌ مِنْ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ ، مِمَّا يَجْعَلُ مَبَاحِثَ الْجُمُعَةِ لَا تَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنْ مَبَاحِثِ الْحَجِّ ، وَتَتَطَلَّبُ عِنَايَةً بِهَا كَالْعِنَايَةِ بِهِ .
وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - أَنَّهُ كَانَ عَازِمًا عَلَى بَسْطِ الْكَلَامِ فِيهَا كَعَادَتِهِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - وَلَكِنَّ إِرَادَتَهُ نَافِذَةٌ ، وَقُدْرَتَهُ غَالِيَةٌ . وَإِنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَسْتَشْعِرُ مَدَى مَبَاحِثِ الشَّيْخِ وَبَسْطِهِ وَتَحْقِيقِهِ لِلْمَسَائِلِ لِيُحْجِمَ وَيَتْرُكَ الدُّخُولَ فِيهَا تَقَاصُرًا دُونَهَا وَلَا سِيَّمَا وَأَنَّ رَبْطَ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِالْأَمْرِ الْمُبَيَّنِ ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
أَبُو حَيَّانَ فِي مَضْمُونِ قَوْلِهِ فِي نِهَايَةِ تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ السُّورَةِ بَعْدَ إِيجَازِ الْكَلَامِ عَنْ أَحْكَامِهَا ، قَالَ مَا نَصُّهُ : وَقَدْ مَلَأَ الْمُفَسِّرُونَ كَثِيرًا مِنْ أَوْرَاقِهِمْ بِأَحْكَامٍ وَخِلَافٍ فِي مَسَائِلِ الْجُمُعَةِ مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِلَفْظِ الْقُرْآنِ . ا هـ .
فَهُوَ يُشِيرُ بِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ الَّتِي نَاقَشَهَا الْمُفَسِّرُونَ فِي مَبَاحِثِ الْجُمُعَةِ ، وَلَكِنَّ الدَّارِسَ لِمَنْهَجِ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - فِي الْأَضْوَاءِ ، وَالْمُتَذَوِّقَ لِأُسْلُوبِهِ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى اللَّفْظِ فَقَطْ ، أَيْ : دَلَالَةِ النَّصِّ التَّطَابُقِيِّ وَتَأَمُّلِ أَنْوَاعِ الدَّلَالَاتِ مِنْ تَضَمُّنٍ وَالْتِزَامٍ وَإِيمَاءٍ وَتَنْبِيهٍ ، فَإِنَّهُ يَجِدُ لِأَكْثَرَ أَوْ كُلِّ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ ، وَالْمُحَدِّثُونَ ، وَالْفُقَهَاءُ مِنَ الْمَبَاحِثِ أُصُولًا مِنْ أُصُولِ تِلْكَ الدَّلَالَاتِ .
وَإِنِّي أَسْتَلْهِمُ اللَّهَ تَعَالَى الرُّشْدَ وَأَسْتَمِدُّ ، الْعَوْنَ وَالتَّوْفِيقَ لِبَيَانِ كُلِّ مَا يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَإِنْ وُفِّقْتُ فَبِفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ وَخِدْمَةٍ لِكِتَابِهِ ، وَإِلَّا فَإِنَّهَا مُحَاوَلَةٌ تُغْتَفَرُ بِجَانِبِ الْقُصُورِ الْعِلْمِيِّ وَتَحْسِينُ الْقَصْدِ ، وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ .