الغسل للجمعة
في قوله تعالى : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ترتيب السعي إلى ذكر الله على النداء ، ومعلوم أن هذا مقيد بسبق الطهر إجماعا ، وقد جاء في قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [ 5 \ 6 ] ، فكانت الطهارة بالوضوء شرطا في صحة الصلاة .
وهنا في خصوص الجمعة لم يذكر شيء في خصوص الطهر لها بوضوء أو غسل .
وقد جاءت أحاديث في منها حديث غسل الجمعة أبي سعيد من قوله صلى الله عليه وسلم : " " ، وهذا نص صريح في وجوب الغسل على كل من بلغ سن الحلم . غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " ، وفي لفظ : " طهر يوم الجمعة واجب على كل محتلم كطهر الجنابة
وجاء حديث آخر : " " ، وهذا نص صريح في من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل ، وبالتالي صحة الجمعة بالوضوء وهذا مذهب الجمهور . أفضلية الغسل على الوضوء
[ ص: 185 ] وقد جاء عند مالك في الموطأ : أن عثمان دخل يوم الجمعة ، وعمر يخطب فعاتبه على تأخره ، فأخبره أنه ما إن سمع النداء حتى توضأ ، وأتى إلى المسجد ، فقال له : والوضوء أيضا ، وذلك بمحضر من الصحابة ، فلم يأمره بالعودة إلى الغسل ، ولو كان واجبا لما تركه عثمان من نفسه ، ولا أقره عمر وتركه على وضوئه .
فقال الجمهور : إن الحديث الأول قد نسخ الوجوب فيه بحديث المفاضلة المذكور ، واستدلوا على ذلك بأمرين : الأول قصة عمر مع عثمان هذه .
والثاني : قول عائشة - رضي الله عنها - كانوا في أول الأمر هم فعلة أنفسهم فكانوا يأتون إلى المسجد ويشتد عرقهم فتظهر لهم روائح فعزم عليهم - صلى الله عليه وسلم - بالغسل ، ولما فتح الله عليهم وجاءتهم العلوج وكفوا مؤنة العمل ، رخص لهم في ذلك ، وهذا هو مذهب الجمهور ، كما قدمنا .
وعند الظاهرية وجوب الغسل ، ولكن لليوم لا للجمعة ; لنص الحديث : " " ولم يقل الغسل لصلاة الجمعة ، واستدلوا لما ذهبوا إليه من النصوص في تعهد الشعور والأظافر والغسل بصيغة عامة كل يوم على الإطلاق ، وقيدوه في الغسل بخصوص الجمعة ، وعليه فإن من لم يغتسل عندهم قبل الصلاة فعليه أن يغتسل بعدها ، وأنه ليس شرطا عندهم لصحتها ، والذي يظهر هو صحة مذهب الجمهور لأمرين : غسل يوم الجمعة
الأول : أن مناسبة الغسل في هذا اليوم أنسب ما تكون لهذا التجمع ، كما أشارت عائشة - رضي الله عنها - فإذا أهدرنا هذه المناسبة كان يوم الجمعة وغيره سواء .
الثاني : أن سياق الآية يشير إشارة خفية إلى عدم وجوب الغسل ; لأنه لم يذكر نوع طهارة عند السعي بعد الأذان ، ومعلوم أنه لا بد من طهر لها ، فيكون إحالة على الآية الثانية العامة في كل الصلوات : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية ، فيكتفى بالوضوء وتحصل الفضلية بالغسل ، والعلم عند الله تعالى .