قوله تعالى : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم .
بين في هذه الآية الكريمة ما ينبغي أن يعامل به الجهلة من شياطين الإنس والجن . فبين أن شيطان الإنس يعامل باللين ، وأخذ العفو ، والإعراض عن جهله وإساءته . وأن شيطان الجن لا منجى منه إلا بالاستعاذة بالله منه ، قال في الأول : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين [ 7 \ 199 ] ، وقال في الثاني : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم [ 7 \ 200 ] ، وبين هذا الذي ذكرنا في موضعين آخرين .
أحدهما : في سورة قد أفلح المؤمنون [ 32 \ 1 ] ، قال فيه في شيطان الإنس : ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون [ 96 ] ، وقال في الآخر : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون [ 79 ، 98 ] .
والثاني : في حم " السجدة " قال فيه في شيطان الإنس : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم [ 41 \ 34 ] ، وزاد هنا أن ذلك لا يعطاه كل الناس ، بل لا يعطيه الله إلا لذي الحظ الكبير والبخت العظيم عنده فقال : وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [ 41 \ 35 ] ، ثم قال في شيطان الجن : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم [ 41 \ 36 ] .