( ) التأمين بعد الفاتحة
عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : آمين ابن شهاب . رواه الجماعة ، إلا أن وقال الترمذي لم يذكر قول ، وفي رواية : " إذا قال الإمام : ( ابن شهاب غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقولوا : آمين ، فإن الملائكة تقول : آمين ، وإن الإمام يقول : آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه أحمد . وعن والنسائي قال : " أبي هريرة غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال : آمين . حتى يسمع من يليه من الصف الأول " رواه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تلا ( أبو داود وقال : " وابن ماجه " حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد قال : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ ( وائل بن حجر غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقال : آمين . يمد بها صوته ، رواه وعن أحمد وأبو داود . اهـ ( منتقى الأخبار ) . والترمذي
وهذه الأحاديث كلها صحيحة وأخرجها غير من ذكر ، وزاد أبو داود في الأخير منها " ورفع بها صوته " قال الحافظ ابن حجر : وسنده صحيح ، وخطأ في إعلانه إياه بجهالة ابن القطان حجر بن عنبس وقال : إنه ثقة معروف ، قيل : إن له صحبة .
وهنالك أحاديث أخرى في المسألة تبلغ مع هذه سبعة عشر حديثا ، وهذه أصحها .
قال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح حديث الأول : والحديث يدل على أبي هريرة . قال الحافظ : وهذا الأمر عند الجمهور للندب ، وحكى مشروعية التأمين ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوبه عملا بظاهر الأمر ، وأوجبته الظاهرية على كل من يصلي ، والظاهر من الحديث وجوبه على المأموم فقط ، لكن لا مطلقا بل مقيدا بأن يؤمن الإمام ، وأما الإمام والمنفرد فمندوب فقط .
( قال ) : وحكى المهدي في البحر عن العترة جميعا ، أن التأمين بدعة ـ وقد عرفت ثبوته عن علي - رضي الله عنه - من فعله وروايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتب أهل البيت وغيرهم ـ على أنه قد حكى السيد العلامة الإمام محمد بن إبراهيم الوزير عن الإمام المهدي .
[ ص: 83 ] محمد بن المطهر وهو أحد أئمتهم المشاهير أنه قال في كتابه ( الرياض الندية ) : إن رواة التأمين جم غفير ، قال : وهو مذهب زيد بن علي وأحمد بن عيسى . ا هـ .
وقد استدل صاحب البحر على أن التأمين بدعة بحديث معاوية بن الحكم السلمي " " ولا شك أن أحاديث التأمين خاصة وهذا عام ، وإن كانت أحاديثه الواردة عن جمع من الصحابة لا يقوى بعضها على تخصيص حديث واحد من الصحابة ـ مع أنها مندرجة تحت تلك العمومات القاضية بمشروعية مطلق الدعاء في الصلاة ؛ لأن التأمين دعاء ، فليس في الصلاة تشهد ، وقد أثبته إن هذه صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الناس العترة ، فما هو جوابهم في إثباته فهو الجواب في إثبات ذلك . على أن المراد بكلام الناس في الحديث هو تكليمهم ؛ لأنه اسم مصدر كلم لا تكلم ويدل على ذلك السبب المذكور في الحديث .
والمراد بقوله السبب المذكور في الحديث : هو معاوية بن الحكم السلمي شمت عاطسا في الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرماه القوم بأبصارهم فقال : وا ثكل أماه ، مالكم تنظرون إلي ؟ إلخ . وجملة القول : أن التأمين في الصلاة مشروع بنص الأحاديث الصحيحة الصريحة ، فلا وجه لمنعه بعموم أحاديث أخرى لا تنافيها ، ولو عارضتها لوجب ترجيحها عليها . أن
واختلف في ، هل هو بعد قول الإمام : ( موضعه بالنسبة إلى المأموم ولا الضالين ) أم عند قوله : " آمين " ؟ وهو مبني على أن بين الحديثين في ذلك تعارضا ، وهو غفلة عن كون الإمام إنما يؤمن بعد قوله : ( ولا الضالين ) كما صرح به في رواية أحمد لحديث والنسائي فمعنى الحديثين متفق ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة " مبني على أن من شأن الإمام أن يؤمن عقب إتمام الفاتحة اتباعا للسنة فلا مفهوم للشرط فيه . إذا أمن الإمام فأمنوا