[ ص: 278 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28975_33307وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا وآتوا : أعطوا ، اليتامى جمع يتيم وهو من الناس من فقد أباه قبل بلوغه السن التي يستغني فيها عن كفالته ، ومن الحيوان من فقد أمه صغيرا ; لأن إناث الحيوان هي التي تكفل صغارها . وكل منفرد يتيم ، ومنه الدرة اليتيمة ، ولم ينقل من جمع فعيل على فعالى ما يعدونه به مقياسا ; ولذلك قيل : إن لفظ " يتيم " قد جمع هذا الجمع لأنه أجري مجرى الأسماء إلى آخر ما قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب أي لا تأخذوا الخبيث فتجعلوه بدلا من الطيب . يقال تبدل الشيء بالشيء . واستبدله به إذا أخذ الأول بدلا من الثاني الذي دخلت عليه الباء بعد أن كان حاصلا له ، أو في شرف الحصول ومظنته ، يستعملان دائما بالتعدي إلى المأخوذ بأنفسهما ، وإلى المتروك بالباء كما تقدم في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير [ 2 : 61 ] وأما التبديل فيستعمل بالوجهين . والخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان أو معقولا ، من خبث الحديد وهو صدؤه ، قال
الراغب : وأصله الرديء الدخلة الجاري مجرى خبث الحديد كما قال الشاعر :
سبكناه ونحسبه لجينا فأبدى الكير عن خبث الحديد
وذلك يتناول الباطل في الاعتقاد ، والكذب في المقال ، والقبيح في الفعال . ثم أورد الآيات في هذه المعاني المختلفة . قال : وأصل ( الطيب ) ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس .
أقول : وهو كمقابله يوصف به الشخص ، ومنه قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات [ 24 : 26 ] والأشياء ومنه قوله - تعالى - :
[ ص: 279 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث [ 7 : 157 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا [ - 7 : 58 ] والأعمال ، ومنه الآية التي نفسرها في قول من قال : إن معناها ولا تتبدلوا العمل الخبيث بالعمل الطيب أن تجعلوه بدلا منه . ومنه مثل الكلمة الطيبة ، والكلمة الخبيثة في سورة إبراهيم ( 14 : 24 - 26 ) . و ( الحوب ) : الإثم ، ومصدره بفتح الحاء . وذكر
الراغب أن الأصل فيه كلمة " حوب " لزجر الإبل . قال : وفلان يتحوب من كذا أي يتأثم . وقولهم : ألحق الله به أي المسكنة والحاجة ، وحقيقتها هي الحاجة التي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم ، والحوباء قيل : هي النفس ، وحقيقتها هي النفس المرتكبة للحوب اهـ . ويروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( رضي الله عنه ) تفسيره بالإثم وبالظلم . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني أن
نافع بن الأزرق سأله عنه فقال : هو الإثم بلغة الحبشة . قال : فهل تعرف العرب ذلك ؟ نعم ، أما سمعت قول
الأعشى :
فإني وما كلفتموني من أمركم ليعلم من أمسى أعق وأحوبا
وحاب يحوب حوبا وحابا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وهما كالقول والقال ، وقال القفال : أصله التحوب وهو التوجع ، فالحوب : ارتكاب ما يتوجع منه . و تقسطوا تعدلوا من الإقساط ، يقال : أقسط الرجل إذا عدل ، ويقال قسط إذا جار . قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [ 49 : 9 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=15وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا [ 72 : 15 وكلاهما من القسط وهو العدل ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29قل أمر ربي بالقسط ] 7 : 29 [ و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط [ 4 : 135 ] والقسط في الأصل : النصيب بالعدل . وقالوا : قسط فلان بوزن جلس إذا أخذ قسط غيره ، ونصيبه . وقالوا : أقسط إذا أعطى غيره قسطه ونصيبه . كذا قال
الراغب : والمشهور أن الهمزة في أقسط للسلب ، فقسط بمعنى : عدل ، وأقسط بمعنى : أزال القسط فلم يقمه ، كما يقال في شكا وأشكى ، فإن أشكاه بمعنى أزال شكواه . وقال في لسان العرب : كأن الهمزة للسلب .
فانكحوا معناه : فتزوجوا ، وتقدم في سورة البقرة في إطلاقه على العقد ، وعلى ما يقصد من العقد ، ولو بدونه . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3مثنى وثلاث ورباع معناه : ثنتين ثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا ، فتلك الألفاظ المفردة معدولة عن هذه الأعداد المكررة . ولما كان الخطاب للجمع حسن اختيار الألفاظ المعدولة الدالة على العدد المكرر ، وكانت من الإيجاز ليصيب كل من يريد الجمع من أفراد المخاطبين ثنتين فقط ، أو ثلاثا فقط ، أو أربعا فقط ، وليس بعد ذلك غاية في التعدد بشرطه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كما تقول للجماعة اقتسموا هذا المال وهو ألف درهم : درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، ولو أفردت لم يكن له معنى . أي
[ ص: 280 ] لو قلت للجمع : اقتسموا المال الكثير درهمين لم يصح الكلام ، فإذا قلت : درهمين درهمين كان المعنى أن كل واحد يأخذ درهمين فقط لا أربعة دراهم .
قال : فإن قلت لم جاء العطف بالواو دون " أو " ؟ قلت كما جاء بالواو في المثال الذي حذوته لك ، ولو ذهبت تقول : اقتسموا هذا المال درهمين درهمين ، أو ثلاثة ثلاثة ، أو أربعة أربعة ، علمت أنه لا يسوغ لهم أن يقتسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة ، وليس لهم أن يجمعوا بينها فيجعلوا بعض القسم على تثنية وبعضه على تثليث ، وبعضه على تربيع ، وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة الذي دلت عليه الواو . وتحريره أن الواو دلت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع إن شاءوا مختلفين في تلك الأعداد ، وإن شاءوا ومتفقين فيها محظورا عليهم ما وراء ذلك انتهى كلامه .
وهو ينقل ما ذهب إليه بعض الناس من دلالة العبارة على جواز جمع الواحد بين تسع نسوة ، وهو مجموع 2 و 3 و4 وبعض آخر على جواز الجمع بين 18 وهو مجموع ثنتين ثنتين ، وثلاث ثلاث ، وأربع أربع ، فإن قولك : وزع هذا المال على الفقراء قرشين قرشين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، معناه أعط بعضهم اثنين فقط ، وبعضهم ثلاثة فقط ، وبعضهم أربعة فقط ، وللموزع الخيار في التخصيص ، ولا يجوز له هذا النص أن يعطي أحدا منهم 9 قروش ، ولا 18 قرشا . واستدلال بعضهم على صحة ما قيل بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تسع نسوة ، وعقده على أكثر من ذلك لا يصح ; للإجماع على أن ذلك خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - .
و تعولوا تجوروا ، وأصل العول : الميل ، يقولون : عال الميزان إذا مال ، وميزان عائل . وجعله بعضهم بمعنى كثرة العيال . ويروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( رضي الله عنه ) ويقال عال الرجل عياله : إذا مانهم وأنفق عليهم ، كأنه أراد لئلا يكثر من تعولون ، والأول أظهر في الآية .
و صدقاتهن جمع - صدقة بضم الدال - وهو الصداق بفتح الصاد ، وكسرها أي ما تعطى المرأة من مهرها ،
nindex.php?page=treesubj&link=11352وإيتاء النساء صدقاتهن يحتمل المناولة بالفعل ، ويحتمل الالتزام والتخصيص ، يقال : أصدقها ، وأمهرها بكذا إذا ذكر ذلك في العقد ، وإن لم يقبض .
وقوله : نحلة روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وغيره من السلف تفسيرها بالفريضة ، وفسرها بعضهم بالعطية والهبة . ووجهه أنه مال تأخذه بلا عوض مالي ، وجعلها
الراغب مشتقة من النحل كأنها عطية كما يجني النحل . وهذا القول لا يعارض ما يدل عليه الأول من فرضية المهر ، وعدم جواز أكل شيء منه بدون رضا المرأة كما سيأتي .
الأستاذ الإمام : قلنا إن الكلام في أوائل هذه السورة في الأهل ، والأقارب ، والأزواج
[ ص: 281 ] وهو يتسلسل في ذلك إلى قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا [ 4 : 36 ] الآية ; ولذلك افتتحها بالتذكير بالقرابة ، والأخوة العامة ، وهي كون الأمة من نفس واحدة ، ثم طفق يبين حقوق الضعفاء من الناس كاليتامى ، والنساء ، والسفهاء ، ويأمر بالتزامها ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28975_33307وآتوا اليتامى أموالهم واليتيم لغة : من مات أبوه مطلقا ، وفي عرف الفقهاء من مات أبوه وهو صغير ، فمتى بلغ زال يتمه إلا إذا بلغ سفيه ، فإنه يبقى حكم اليتيم ، ولا يزول عنه الحجر . ومعنى إيتاء اليتامى أموالهم هو جعلها لهم خاصة ، وعدم أكل شيء منها بالباطل ، أي أنفقوا عليهم من أموالهم حتى يزول يتمهم بالرشد كما سيأتي في آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى فعند ذلك يدفع إليهم ما بقي لهم بعد النفقة عليهم في زمن اليتم والقصور ، فهذه الآية في إعطاء اليتامى أموالهم في حالتي اليتم ، والرشد ، كل حالة بحسبها ، وتلك خاصة بحال الرشد . وليس في هذه تجوز كما قالوا ، فإن نفقة ولي اليتيم عليه من ماله يصدق عليه أنه إيتاء مال لليتيم . والمقصود من هذه الآية ظاهر ، وهو المحافظة على مال اليتيم وجعله خاصة ، وعدم هضم شيء منه ; لأن اليتيم ضعيف لا يقدر على حفظه والدفاع عنه ، ولذلك قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب المراد بالخبيث : الحرام ، وبالطيب : الحلال ، أي لا تتمتعوا بمال اليتيم في المواضع والأحوال التي من شأنكم أن تتمتعوا فيها بأموالكم ، يعني أن الإنسان إنما يباح له التمتع بمال نفسه في الطرق المشروعة ، فإذا عرض له استمتاع فعليه أن يجعله من مال نفسه لا من مال اليتيم الذي هو قيم ووصي عليه ، فإذا استمتع بمال اليتيم فقد جعل مال اليتيم في هذا الموضع بدلا من ماله ، وبهذا يظهر معنى التبدل والاستبدال .
[ ص: 278 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28975_33307وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا وَآتُوا : أَعْطُوا ، الْيَتَامَى جَمْعُ يَتِيمٍ وَهُوَ مِنَ النَّاسِ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ السِّنَّ الَّتِي يَسْتَغْنِي فِيهَا عَنْ كَفَالَتِهِ ، وَمِنَ الْحَيَوَانِ مَنْ فَقَدَ أُمَّهُ صَغِيرًا ; لِأَنَّ إِنَاثَ الْحَيَوَانِ هِيَ الَّتِي تَكْفُلُ صِغَارَهَا . وَكُلُّ مُنْفَرِدٍ يَتِيمٌ ، وَمِنْهُ الدُّرَّةُ الْيَتِيمَةُ ، وَلَمْ يُنْقَلْ مِنْ جَمْعِ فَعِيلٍ عَلَى فَعَالَى مَا يَعُدُّونَهُ بِهِ مِقْيَاسًا ; وَلِذَلِكَ قِيلَ : إِنَّ لَفْظَ " يَتِيمٍ " قَدْ جُمِعَ هَذَا الْجَمْعَ لِأَنَّهُ أُجْرِيَ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ إِلَى آخِرِ مَا قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أَيْ لَا تَأْخُذُوا الْخَبِيثَ فَتَجْعَلُوهُ بَدَلًا مِنَ الطَّيِّبِ . يُقَالُ تَبَدَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ . وَاسْتَبْدَلَهُ بِهِ إِذَا أَخَذَ الْأَوَّلَ بَدَلًا مِنَ الثَّانِي الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَاصِلًا لَهُ ، أَوْ فِي شَرَفِ الْحُصُولِ وَمَظِنَّتِهِ ، يُسْتَعْمَلَانِ دَائِمًا بِالتَّعَدِّي إِلَى الْمَأْخُوذِ بِأَنْفُسِهِمَا ، وَإِلَى الْمَتْرُوكِ بِالْبَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [ 2 : 61 ] وَأَمَّا التَّبْدِيلُ فَيُسْتَعْمَلُ بِالْوَجْهَيْنِ . وَالْخَبِيثُ مَا يُكْرَهُ رَدَاءَةً وَخَسَاسَةً مَحْسُوسًا كَانَ أَوْ مَعْقُولًا ، مِنْ خَبَثِ الْحَدِيدِ وَهُوَ صَدَؤُهُ ، قَالَ
الرَّاغِبُ : وَأَصْلُهُ الرَّدِيءُ الدُّخْلَةُ الْجَارِي مَجْرَى خَبَثِ الْحَدِيدِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
سَبَكْنَاهُ وَنَحْسَبُهُ لُجَيْنًا فَأَبْدَى الْكِيرُ عَنْ خَبَثِ الْحَدِيدِ
وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْبَاطِلَ فِي الِاعْتِقَادِ ، وَالْكَذِبَ فِي الْمَقَالِ ، وَالْقَبِيحَ فِي الْفِعَالِ . ثُمَّ أَوْرَدَ الْآيَاتِ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ . قَالَ : وَأَصْلُ ( الطَّيِّبِ ) مَا تَسْتَلِذُّهُ الْحَوَاسُّ وَمَا تَسْتَلِذُّهُ النَّفْسُ .
أَقُولُ : وَهُوَ كَمُقَابِلِهِ يُوصَفُ بِهِ الشَّخْصُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ، وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [ 24 : 26 ] وَالْأَشْيَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
[ ص: 279 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ 7 : 157 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا [ - 7 : 58 ] وَالْأَعْمَالُ ، وَمِنْهُ الْآيَةُ الَّتِي نُفَسِّرُهَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَعْنَاهَا وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْعَمَلَ الْخَبِيثَ بِالْعَمَلِ الطَّيِّبِ أَنْ تَجْعَلُوهُ بَدَلًا مِنْهُ . وَمِنْهُ مَثَلُ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ ، وَالْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ( 14 : 24 - 26 ) . وَ ( الْحُوبُ ) : الْإِثْمُ ، وَمَصْدَرُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ . وَذَكَرَ
الرَّاغِبُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ كَلِمَةُ " حُوبٍ " لِزَجْرِ الْإِبِلِ . قَالَ : وَفُلَانٌ يَتَحَوَّبُ مِنْ كَذَا أَيْ يَتَأَثَّمُ . وَقَوْلُهُمْ : أَلْحَقَ اللَّهُ بِهِ أَيِ الْمَسْكَنَةَ وَالْحَاجَةَ ، وَحَقِيقَتُهَا هِيَ الْحَاجَةُ الَّتِي تَحْمِلُ صَاحِبَهَا عَلَى ارْتِكَابِ الْإِثْمِ ، وَالْحَوْبَاءُ قِيلَ : هِيَ النَّفْسُ ، وَحَقِيقَتُهَا هِيَ النَّفْسُ الْمُرْتَكِبَةُ لِلْحُوبِ اهـ . وَيُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) تَفْسِيرُهُ بِالْإِثْمِ وَبِالظُّلْمِ . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ
نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ سَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ : هُوَ الْإِثْمُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ . قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ ؟ نَعَمْ ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ
الْأَعْشَى :
فَإِنِّي وَمَا كَلَّفْتُمُونِي مِنْ أَمْرِكُمْ لِيُعْلَمَ مَنْ أَمْسَى أَعَقَّ وَأَحْوَبَا
وَحَابَ يَحُوبُ حُوبًا وَحَابًا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَهُمَا كَالْقَوْلِ وَالْقَالِ ، وَقَالَ الْقَفَّالُ : أَصْلُهُ التَّحَوُّبُ وَهُوَ التَّوَجُّعُ ، فَالْحُوبُ : ارْتِكَابُ مَا يُتَوَجَّعُ مِنْهُ . وَ تُقسِطُوا تَعْدِلُوا مِنَ الْإِقْسَاطِ ، يُقَالُ : أَقْسَطَ الرَّجُلُ إِذَا عَدَلَ ، وَيُقَالُ قَسَطَ إِذَا جَارَ . قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ 49 : 9 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=15وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [ 72 : 15 وَكِلَاهُمَا مِنَ الْقِسْطِ وَهُوَ الْعَدْلُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ] 7 : 29 [ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ [ 4 : 135 ] وَالْقِسْطُ فِي الْأَصْلِ : النَّصِيبُ بِالْعَدْلِ . وَقَالُوا : قَسَطَ فُلَانٌ بِوَزْنِ جَلَسَ إِذَا أَخَذَ قِسْطَ غَيْرِهِ ، وَنَصِيبَهُ . وَقَالُوا : أَقْسَطَ إِذَا أَعْطَى غَيْرَهُ قِسْطَهُ وَنَصِيبَهُ . كَذَا قَالَ
الرَّاغِبُ : وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَقْسَطَ لِلسَّلْبِ ، فَقَسَطَ بِمَعْنَى : عَدَلَ ، وَأَقْسَطَ بِمَعْنَى : أَزَالَ الْقِسْطَ فَلَمْ يُقِمْهُ ، كَمَا يُقَالُ فِي شَكَا وَأَشْكَى ، فَإِنَّ أَشْكَاهُ بِمَعْنَى أَزَالَ شَكْوَاهُ . وَقَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ : كَأَنَّ الْهَمْزَةَ لِلسَّلْبِ .
فَانْكِحُوا مَعْنَاهُ : فَتَزَوَّجُوا ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي إِطْلَاقِهِ عَلَى الْعَقْدِ ، وَعَلَى مَا يُقْصَدُ مِنَ الْعَقْدِ ، وَلَوْ بِدُونِهِ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ مَعْنَاهُ : ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا ، وَأَرْبَعًا أَرْبَعًا ، فَتِلْكَ الْأَلْفَاظُ الْمُفْرَدَةُ مَعْدُولَةٌ عَنْ هَذِهِ الْأَعْدَادِ الْمُكَرَّرَةِ . وَلَمَّا كَانَ الْخِطَابُ لِلْجَمْعِ حَسُنَ اخْتِيَارُ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعَدَدِ الْمُكَرَّرِ ، وَكَانَتْ مِنَ الْإِيجَازِ لِيُصِيبَ كُلَّ مَنْ يُرِيدُ الْجَمْعَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُخَاطَبِينَ ثِنْتَيْنِ فَقَطْ ، أَوْ ثَلَاثًا فَقَطْ ، أَوْ أَرْبَعًا فَقَطْ ، وَلَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ غَايَةٌ فِي التَّعَدُّدِ بِشَرْطِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَمَا تَقُولُ لِلْجَمَاعَةِ اقْتَسِمُوا هَذَا الْمَالَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ : دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ ، وَثَلَاثَةً ثَلَاثَةً ، وَأَرْبَعَةً أَرْبَعَةً ، وَلَوْ أَفْرَدْتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى . أَيْ
[ ص: 280 ] لَوْ قُلْتَ لِلْجَمْعِ : اقْتَسِمُوا الْمَالَ الْكَثِيرَ دِرْهَمَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْكَلَامُ ، فَإِذَا قُلْتَ : دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ دِرْهَمَيْنِ فَقَطْ لَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ .
قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ لِمَ جَاءَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ دُونَ " أَوْ " ؟ قُلْتُ كَمَا جَاءَ بِالْوَاوِ فِي الْمِثَالِ الَّذِي حَذَوْتُهُ لَكَ ، وَلَوْ ذَهَبْتَ تَقُولُ : اقْتَسَمُوا هَذَا الْمَالَ دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً ، أَوْ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً ، عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهُ إِلَّا عَلَى أَحَدِ أَنْوَاعِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَهَا فَيَجْعَلُوا بَعْضَ الْقَسْمِ عَلَى تَثْنِيَةٍ وَبَعْضَهُ عَلَى تَثْلِيثٍ ، وَبَعْضَهُ عَلَى تَرْبِيعٍ ، وَذَهَبَ مَعْنَى تَجْوِيزِ الْجَمْعِ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْوَاوُ . وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْوَاوَ دَلَّتْ عَلَى إِطْلَاقِ أَنْ يَأْخُذَ النَّاكِحُونَ مَنْ أَرَادُوا نِكَاحَهَا مِنَ النِّسَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ إِنْ شَاءُوا مُخْتَلِفِينَ فِي تِلْكَ الْأَعْدَادِ ، وَإِنْ شَاءُوا وَمُتَّفِقِينَ فِيهَا مَحْظُورًا عَلَيْهِمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَهُوَ يَنْقُلُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ دَلَالَةِ الْعِبَارَةِ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْوَاحِدِ بَيْنَ تِسْعِ نِسْوَةٍ ، وَهُوَ مَجْمُوعُ 2 و 3 و4 وَبَعْضٌ آخَرُ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ 18 وَهُوَ مَجْمُوعُ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ ، وَثَلَاثٍ ثَلَاثٍ ، وَأَرْبَعٍ أَرْبَعٍ ، فَإِنَّ قَوْلَكَ : وَزِّعْ هَذَا الْمَالَ عَلَى الْفُقَرَاءِ قِرْشَيْنِ قِرْشَيْنِ ، وَثَلَاثَةً ثَلَاثَةً ، وَأَرْبَعَةً أَرْبَعَةً ، مَعْنَاهُ أَعْطِ بَعْضَهُمُ اثْنَيْنِ فَقَطْ ، وَبَعْضَهُمْ ثَلَاثَةً فَقَطْ ، وَبَعْضَهُمْ أَرْبَعَةً فَقَطْ ، وَلِلْمُوَزِّعِ الْخِيَارُ فِي التَّخْصِيصِ ، وَلَا يُجَوِّزُ لَهُ هَذَا النَّصُّ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ 9 قُرُوشٍ ، وَلَا 18 قِرْشًا . وَاسْتِدْلَالُ بَعْضِهِمْ عَلَى صِحَّةِ مَا قِيلَ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ ، وَعَقْدِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ ; لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَ تَعُولُوا تَجُورُوا ، وَأَصْلُ الْعَوْلِ : الْمَيْلُ ، يَقُولُونَ : عَالَ الْمِيزَانُ إِذَا مَالَ ، وَمِيزَانٌ عَائِلٌ . وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ بِمَعْنَى كَثْرَةِ الْعِيَالِ . وَيُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) وَيُقَالُ عَالَ الرَّجُلُ عِيَالَهُ : إِذَا مَانَهُمْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ ، كَأَنَّهُ أَرَادَ لِئَلَّا يَكْثُرَ مَنْ تَعُولُونَ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي الْآيَةِ .
وَ صَدُقَاتِهِنَّ جَمْعُ - صَدُقَةٍ بِضَمِّ الدَّالِّ - وَهُوَ الصَّدَاقُ بِفَتْحِ الصَّادِ ، وَكَسْرِهَا أَيْ مَا تُعْطَى الْمَرْأَةُ مِنْ مَهْرِهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=11352وَإِيتَاءُ النِّسَاءِ صَدُقَاتِهِنَّ يَحْتَمِلُ الْمُنَاوَلَةَ بِالْفِعْلِ ، وَيَحْتَمِلُ الِالْتِزَامَ وَالتَّخْصِيصَ ، يُقَالُ : أَصْدَقَهَا ، وَأَمْهَرَهَا بِكَذَا إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ .
وَقَوْلُهُ : نِحْلَةً رُوِي عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ تَفْسِيرُهَا بِالْفَرِيضَةِ ، وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ وَالْهِبَةِ . وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَالٌ تَأْخُذُهُ بِلَا عِوَضٍ مَالِيٍّ ، وَجَعَلَهَا
الرَّاغِبُ مُشْتَقَّةً مِنَ النَّحْلِ كَأَنَّهَا عَطِيَّةٌ كَمَا يَجْنِي النَّحْلُ . وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُعَارِضُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مِنْ فَرْضِيَّةِ الْمَهْرِ ، وَعَدَمِ جَوَازِ أَكْلِ شَيْءٍ مِنْهُ بِدُونِ رِضَا الْمَرْأَةِ كَمَا سَيَأْتِي .
الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : قُلْنَا إِنَّ الْكَلَامَ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي الْأَهْلِ ، وَالْأَقَارِبِ ، وَالْأَزْوَاجِ
[ ص: 281 ] وَهُوَ يَتَسَلْسَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [ 4 : 36 ] الْآيَةَ ; وَلِذَلِكَ افْتَتَحَهَا بِالتَّذْكِيرِ بِالْقَرَابَةِ ، وَالْأُخُوَّةِ الْعَامَّةِ ، وَهِيَ كَوْنُ الْأُمَّةِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ طَفِقَ يُبَيِّنُ حُقُوقَ الضُّعَفَاءِ مِنَ النَّاسِ كَالْيَتَامَى ، وَالنِّسَاءِ ، وَالسُّفَهَاءِ ، وَيَأْمُرُ بِالْتِزَامِهَا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28975_33307وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَالْيَتِيمُ لُغَةً : مَنْ مَاتَ أَبُوهُ مُطْلَقًا ، وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ ، فَمَتَى بَلَغَ زَالَ يُتْمُهُ إِلَّا إِذَا بَلَغَ سَفِيهٌ ، فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُ الْيَتِيمِ ، وَلَا يَزُولُ عَنْهُ الْحَجْرُ . وَمَعْنَى إِيتَاءِ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ هُوَ جَعْلُهَا لَهُمْ خَاصَّةً ، وَعَدَمُ أَكْلِ شَيْءٍ مِنْهَا بِالْبَاطِلِ ، أَيْ أَنْفِقُوا عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى يَزُولَ يُتْمُهُمْ بِالرُّشْدِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى فَعِنْدَ ذَلِكَ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ مَا بَقِيَ لَهُمْ بَعْدَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ فِي زَمَنِ الْيُتْمِ وَالْقُصُورِ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ فِي إِعْطَاءِ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ فِي حَالَتَيِ الْيُتْمِ ، وَالرُّشْدِ ، كُلُّ حَالَةٍ بِحَسَبِهَا ، وَتِلْكَ خَاصَّةٌ بِحَالِ الرُّشْدِ . وَلَيْسَ فِي هَذِهِ تَجَوُّزٌ كَمَا قَالُوا ، فَإِنَّ نَفَقَةَ وَلِيِّ الْيَتِيمِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِيتَاءُ مَالٍ لِلْيَتِيمِ . وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ظَاهِرٌ ، وَهُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَجَعْلُهُ خَاصَّةً ، وَعَدَمُ هَضْمِ شَيْءٍ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْيَتِيمَ ضَعِيفٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ وَالدِّفَاعِ عَنْهُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ الْمُرَادُ بِالْخَبِيثِ : الْحَرَامُ ، وَبِالطَّيِّبِ : الْحَلَالُ ، أَيْ لَا تَتَمَتَّعُوا بِمَالِ الْيَتِيمِ فِي الْمَوَاضِعِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي مِنْ شَأْنِكُمْ أَنْ تَتَمَتَّعُوا فِيهَا بِأَمْوَالِكُمْ ، يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِمَالِ نَفْسِهِ فِي الطُّرُقِ الْمَشْرُوعَةِ ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُ اسْتِمْتَاعٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ قَيِّمٌ وَوَصِيٌّ عَلَيْهِ ، فَإِذَا اسْتَمْتَعَ بِمَالِ الْيَتِيمِ فَقَدْ جَعَلَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَدَلًا مِنْ مَالِهِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَعْنَى التَّبَدُّلِ وَالِاسْتِبْدَالِ .