17076 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قال : أخبرني الزهري وكان أبوه شهد عبد الله بن عامر بن ربيعة بدرا إن استعمل [ ص: 241 ] عمر بن الخطاب على قدامة بن مظعون البحرين وهو خال حفصة فقدم وعبد الله بن عمر ، الجارود سيد عبد القيس على عمر من البحرين فقال : يا أمير المؤمنين ، إن قدامة شرب فسكر ، ولقد رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك ، فقال عمر : " من يشهد معك " قال فدعا أبو هريرة : فقال : بم أشهد ؟ قال : لم أره يشرب ولكني رأيته سكران فقال أبا هريرة عمر : " لقد تنطعت في الشهادة " قال : ثم كتب إلى قدامة أن يقدم إليه من البحرين فقال الجارود لعمر : أقم على هذا كتاب الله عز وجل ، فقال عمر : " أخصم أنت أم شهيد ؟ " قال : بل شهيد " قال : " فقد أديت شهادتك " قال : فقد صمت الجارود حتى غدا على عمر فقال : أقم على هذا حد الله ، فقال عمر : " ما أراك إلا خصما ، وما شهد معك إلا رجل " فقال الجارود : إني أنشدك الله ، فقال عمر : " لتمسكن لسانك أو لأسوءنك " فقال الجارود : أما والله ما ذاك بالحق أن شرب ابن عمك وتسوءني ، فقال : إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة أبو هريرة الوليد [ ص: 242 ] فسلها ، وهي امرأة قدامة فأرسل عمر إلى هند ابنة الوليد ينشدها فأقامت الشهادة على زوجها فقال عمر لقدامة : " إني حادك " فقال : لو شربت كما يقولون ما كان لكم أن تجلدوني ، فقال عمر : " لم ؟ " قال قدامة : قال الله تعالى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا الآية .
فقال عمر : " أخطأت التأويل " قال : ثم أقبل إنك إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله عليك عمر على الناس فقال : " ماذا ترون في جلد قدامة ؟ " قالوا : لا نرى أن تجلده ما كان مريضا ، فسكت عن ذلك أياما وأصبح يوما وقد عزم على جلده فقال لأصحابه : " ماذا ترون في جلد قدامة ؟ " قالوا : لا نرى أن تجلده ما كان ضعيفا فقال عمر : " لأن يلقى الله تحت السياط أحب إلي من أن يلقاه وهو في عنقي ، ائتوني بسوط تام " فأمر بقدامة فجلد ، فغاضب عمر قدامة وهجره ، فحج وقدامة معه مغاضبا له ، فلما قفلا من حجهما ونزل عمر بالسقيا نام ، ثم استيقظ من نومه قال : " عجلوا علي بقدامة فائتوني به فوالله إني لأرى آت أتاني " فقال : سالم قدامة فإنه أخوك ، فعجلوا [ ص: 243 ] إلي به . فلما أتوه أبى أن يأتي ، فأمر به عمر إن أبى إن يجروه إليه ، فكلمه عمر واستغفر له ، فكان ذلك أول صلحهما .