الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4224 - وعن سعد - رضي الله عنه - قال : مرضت مرضا أتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي ، وقال : " إنك رجل مفئود ، ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف ، فإنه رجل يتطبب ، فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة ، فليجأهن بنواهن ، ثم ليلدك بهن " . رواه أبو داود .

التالي السابق


4224 - ( وعن سعد قال : مرضت مرضا ) : أي شديدا وكان بمكة عام الفتح ( أتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي فيه ( يعودني ) : حال أو استئناف بيان ( فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها ) : أي برد يده ( على فؤادي ) : أي قلبي ، والظاهر أن محله كان مكشوفا ( وقال : إنك رجل مفئود ) : اسم مفعول مأخوذ من الفؤاد ، وهو الذي أصابه داء في فؤاده . قال التوربشتي : أهل اللغة يقولون الفؤاد هو القلب ، وقيل : غشاء القلب ، أو كان مصدورا فكنى بالفؤاد عن الصدر لأنه محله ( ائت ) : أمر من أتى يأتي ومفعوله ( الحارث بن كلدة ) : بفتح الكاف واللام والدال المهملة ( أخا ثقيف ) : أي أحدا من بني ثقيف ونصبه على أنه بدل أو عطف بيان ( فإنه رجل يتطبب ) : أي يعرف الطب مطلقا أو هذا النوع من المرض ، فيكون مخصوصا بالمهارة والحذاقة ، قال الشراح : وفيه جواز مشاورة أهل الكفر في الطب ؛ لأنه مات في أول الإسلام ولم يصح إسلامه ( فليأخذ ) : أي الحارث ( سبع تمرات ) : بفتحات ( من عجوة المدينة ) : قال القاضي : ضرب من أجود التمر بالمدينة ونخلها يسمى ( لينة ) . قال تعالى : ما قطعتم من لينة وتخصيص المدينة إما لما فيها من البركة التي جعلت فيها بدعائه ، أو لأن ثمرها أوفق لمزاجه من أجل تعوده بها ، وقوله : ( فليجأهن ) : بفتح الجيم وسكون الهمزة أي فليكسرهن وليدقهن ( بنواهن ) : أي معها ( ثم ليلدك بهن ) : بكسر اللام ويسكن وبفتح الياء وضم اللام وتشديد الدال المفتوحة أي ليشفك من لده الدواء إذا صبه في فمه ، واللدد بفتح أوله ما يصب من الأدوية في أحد شقي الفم ، وإنما قال ذلك لأنه وجده على حالة من المرض لم يكن يسهل له تناول الدواء إلا على تلك الهيئة ، أو علم أن تناوله على تلك الهيئة أنجح وأنفع وأيسر وأليق .

قال القاضي : وإنما أمر الطبيب بذلك لأنه يكون أعلم باتخاذ الدواء وكيفية استعماله . وقال التوربشتي : وإنما نعت له العلاج بعد ما أحاله إلى الطبيب لما رأى هذا النوع من العلاج أيسر وأنفع ، أو ليثق على قول الطبيب إذا رآه موافقا لما نعته . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية