الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
416 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه ، ذكر وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وكان يمسح الماقين ، وقال : الأذنان من الرأس . رواه ابن ماجه ، وأبو داود ، والترمذي . وذكرا : قال حماد : لا أدري : ( الأذنان من الرأس ) من قول أبي أمامة أم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


416 - ( وعن أبي أمامة ) : أنصاري خزرجي ، كذا ذكره الطيبي . وقال المصنف : هو سعد بن حنيف الأنصاري الأوسي مشهور بكنيته ، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بعامين ، ويقال : إنه سماه باسم جده لأمه سعد بن زرارة ، وكناه بكنيته ، ولم يسمع منه شيئا لصغره ، ولذلك ذكره بعضهم في الذين بعد الصحابة ، وأثبته ابن عبد البر في جملة الصحابة ثم قال : وهو أحد الجلة من العلماء من كبار التابعين بالمدينة ، سمع أباه وأبا سعيد وغيرهما ، روى نفر عنه ، مات سنة مائة وله اثنتان وسبعون سنة اهـ . فحديثه من مراسيل الصحابة وهو مقبول اتفاقا ، ويحتمل أن يكون المراد بأبي أمامة هنا أبا أمامة الباهلي ، وهو من المكثرين في الرواية من الصحابة ، والله أعلم . ( ذكر وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بعد ذكره أحوالا من جملة وضوئه ( قال ) : وهو بدل من ذكر ، قال أي : أبو أمامة ( وكان ) : أي : رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ( يمسح الماقين ) : تثنية مأق بالفتح وسكون الهمزة ، ويجوز تخفيفها أي : يدلكهما . قال التوربشتي : الماق طرف العين الذي يلي الأنف قاله أبو عبيد الهروي : وفي كتاب الجوهري : الذي يلي الأنف والأذن ، واللغة المشهورة موق . وقال الطيبي : وإنما مسحهما على الاستحباب مبالغة في الإسباغ لأن العين قلما تخلو من قذى ترميه من كحل وغيره أو رمص ، فيسيل وينعقد على طرف العين ، ومسح كلا الطرفين أحوط ; لأن العلة مشتركة . قلت : ولعل إيراد التثنية لهذه النكتة . ( وقال ) : يحتمل الموقوف والمرفوع . ( الأذنان من الرأس ) : قال ابن الملك في شرح المصابيح : قال أي أبو أمامة : وقال صلى الله عليه وسلم : الأذنان من الرأس . وقيل : هذا من قول أبي أمامة اهـ . ( رواه ابن ماجه ، وأبو داود والترمذي ) وقال : إسناده ليس بذلك القائم ، وقال الدارقطني : رفعه وهم ، والصواب أنه موقوف ، قاله السيد جمال الدين نقلا عن التخريج . ( وذكرا ) : أي : أبو داود ، والترمذي ، ولذا قدم المصنف عليهما ابن ماجه مع أنه خلاف العادة . ( قال حماد : لا أدرى " الأذنان من الرأس " من قول أبي أمامة ) أي : موقوفا ( أم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي : مرفوعا . قال الطيبي : إنما نشأ تردد حماد من احتمال أن يكون ، وقال عطفا على كان فيكون من كلام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي : كان يغسل ويمسح الماقين ، ولم يوصل الماء إلى الأذنين ، وقال : هما من الرأس فيمسحان بمسحه ، واحتمال أن يكون عطفا على قال أي قيل : فكان فيكون من قول أبي أمامة أي : قال الراوي : ذكر أبو أمامة كان رسول الله يغسل الوجه ويمسح الماقين وقال : إنهما من الرأس اهـ .

وأنت خبير بأن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي ، فموقوفه في حكم المرفوع أيضا . وفي شرح السنة اختلف في أنه هل يؤخذ للأذنين ماء جديد ، قال الشافعي : هما عضوان على حيالهما يمسحان ثلاثا بثلاثة مياه جدد . وذهب أكثرهم إلى أنهما من الرأس يمسحان معه أي : بماء واحد ، وبه أخذ أبو حنيفة ومالك وأحمد ، كذا قيده ابن الملك . وقال الزهري : هما من الوجه يمسحان معه . وقال الشعبي : ظاهرهما من الرأس وباطنهما من الوجه . وقال حماد : يغسل ظاهرهما وباطنهما . وقال إسحاق : الاختيار أن يمسح مقدمهما مع الوجه ومؤخرهما مع الرأس .




الخدمات العلمية