الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
443 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر ، وأنقوا البشرة " . رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وقال . الترمذي : هذا حديث غريب ، والحارث بن وجيه الراوي وهو شيخ ، ليس بذلك .

التالي السابق


443 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تحت كل شعرة ) : بالسكون ويفتح ( " جنابة ، فاغسلوا الشعر " ) بفتح العين ويسكن أي : جميعه ، فلو بقيت شعرة واحدة لم يصل إليها الماء بقيت جنابته ( " وأنقوا " ) : من الإنقاء ( " البشرة " ) بالباء . قال ابن الملك : البشرة ظاهر الجلد أي : نظفوها من الوسخ ، فلو منع الوسخ - يعني كالطين اليابس والعجين والشمع - وصول الماء لم يرفع الجنابة ، وإنما كانت كثافة اللحية في الوضوء مانعة لوجوب إيصال الماء إلى باطنها ; لأن فيه مشقة عظيمة إذ الوضوء يتكرر في كل يوم مرات بخلاف الغسل ( رواه أبو داود ) وضعفه ( والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : هذا حديث غريب والحارث بن وجيه ) : على وزن فعيل ، وقيل : بفتح الواو وسكون الجيم بعدها موحدة ، كذا في التقريب ( الراوي ) : أي : الحارث ( وهو ) : أي : الراوي للحديث ( شيخ ) : أي : كبير وغلب عليه النسيان ( ليس بذاك ) : المقام الذي يوثق به أي : روايته ليست بقوية ، كذا في الطيبي ، وظاهره يقتضي أن قوله : وهو شيخ للجرح ، وهو مخالف لما عليه عامة أصحاب الجرح والتعديل من أن قولهم : شيخ من ألفاظ مراتب التعديل ، فعلى هذا يجيء إشكال آخر في قول الترمذي ; لأن قولهم : ليس بذاك ; من ألفاظ الجرح اتفاقا ، فالجمع بينهما في شخص واحد جمع بين المتنافيين ، فالصواب أن يحمل قوله : وهو شيخ ، على الجرح بقرينة مقارنته بقوله : ليس بذاك ، وإن كان من ألفاظ التعديل ، ولإشعاره بالجرح ; لأنهم وإن عدوه في ألفاظ التعديل صرحوا أيضا بإشعاره بالقرب من التجريح . أو نقول : لا بد في كون الشخص ثقة من شيئين : العدالة والضبط ، كما بين في موضعه ، فإذا وجد في الشخص العدالة دون الضبط يجوز أن يعدل باعتبار الصفة الأولى ، ويجوز أن يجرح باعتبار الصفة الثانية . فإذا كان كذلك لا يكون الجمع بينهما جمعا بين المتنافيين ، كذا في السيد جمال الدين رحمه الله .

[ ص: 430 ]



الخدمات العلمية