الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        375 - الحديث الثالث : عن أم سلمة رضي الله عنها { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته ، فخرج إليهم ، فقال : ألا إنما أنا بشر ، وإنما يأتيني الخصم ، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ، فأحسب أنه صادق ، فأقضي له . فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار ، فليحملها أو يذرها } .

                                        التالي السابق


                                        فيه دليل على إجراء الأحكام على الظاهر ، وإعلام الناس بأن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره وإن كان يفترق مع الغير في إطلاعه على ما يطلعه الله عز وجل عليه من الغيوب الباطنة ، وذلك في أمور مخصوصة ، لا في الأحكام العامة ، وعلى هذا يدل قوله عليه السلام " إنما أنا بشر " وقد قدمنا في أول الكتاب : أن الحصر في " إنما " يكون عاما ، ويكون خاصا وهذا من الخاص وهو فيما يتعلق بالحكم بالنسبة إلى الحجج الظاهرة . ويستدل بهذا الحديث من يرى أنالقضاء لا ينفذ في الظاهر والباطن معا مطلقا ، وأن حكم القاضي لا يغير حكما شرعيا في الباطن . واتفق أصحاب الشافعي على أن القاضي الحنفي إذا قضى بشفعة الجار : للشافع أخذها في الظاهر ، واختلفوا في حل ذلك في الباطن له على وجهين والحديث عام بالنسبة إلى سائر الحقوق .

                                        والذي يتفقون عليه - أعني أصحاب الشافعي - أن الحجج إذا كانت باطلة في نفس الأمر ، بحيث لو اطلع عليها القاضي لم يجز له الحكم بها : أن ذلك لا يؤثر ، وإنما وقع التردد في الأمور الاجتهادية إذا خالف اعتقاد القاضي اعتقاد المحكوم له ، كما قلنا في شفعة الجار .




                                        الخدمات العلمية