الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ للحسن قسمان ] ( وقال ) أي : ابن الصلاح ( بان ) أي : ظهر ( لي بإمعاني ) أي : بإطالتي وإكثاري ( النظر ) والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ، ملاحظا مواقع استعمالهم ( أن له ) أي الحسن ( قسمين ) : أحدهما - يعني وهو المسمى بالحسن لغيره - : أن يكون في الإسناد مستور لم تتحقق أهليته ، غير مغفل ، ولا كثير الخطأ في روايته ، ولا يتهم بتعمد الكذب فيها ، ولا ينسب إلى مفسق آخر ، واعتضد بمتابع أو شاهد .

وثانيهما - يعني وهو الحسن لذاته - : أن تشتهر رواته بالصدق ، ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح .

قلت : وهذا الثاني هو الحسن حقيقة ، بخلاف الآخر ، فهو لكونه يطلق على مرتبة من مراتب الضعيف - مجاز ، كما يطلق اسم الصحيح مجازا على الثاني .

ثم إن القسمين ( كل ) من الترمذي والخطابي ( قد ذكر ) منهما ( قسما ) ، وترك آخر لظهوره ، كما هو مقتضى كل من الاحتمالين الماضيين في الترمذي - أو ذهوله ; فكلام الترمذي يتنزل عند ابن الصلاح على أولهما ، وكلام الخطابي على ثانيهما ، لكن ليس الأول عنده من قبيل الحسن .

وحينئذ فتركه له لذلك ، لا لما تقدم ، ( وزاد ) أي ابن الصلاح في كل منهما ( كونه ما عللا ولا بنكر أو شذوذ ) أي : بكل منهما ( شملا ) بناء على تغايرهما ، أما مع [ ص: 92 ] ترادفهما - كما سيأتي البحث فيه - فاشتراط انتفاء أحدهما كاف .

ولذا اقتصر في الصحيح على نفي الشذوذ فقط ، بل وكذا الحسن ، كما صرح به الترمذي ، وحينئذ فزيادة ابن الصلاح له إنما هي بالنسبة للخطابي خاصة بخلاف العلة مع إمكان أن يكون مجيء الجابر على وفقه يغني الترمذي عن التصريح بنفيها .

ولكن قد قرر شيخنا منع اشتراطه نفيها ، وظهر بما قررته تفصيل ما أجمله ابن دقيق العيد ; حيث قال عقب كلام ابن الصلاح : وفيه مباحثات ومناقشات على بعض الألفاظ ، ولذلك مع اختلال غيرها من تعاريفه ، قيل : إنه لا مطمع في تمييزه .

ولكن الحق أن من خاض بحار هذا الفن ، سهل ذلك عليه ، كما قاله شيخنا ; ولذا عرف الحسن لذاته ، فقال : هو الحديث المتصل الإسناد برواة معروفين بالصدق ، في ضبطهم قصور عن ضبط رواة الصحيح ، ولا يكون معلولا ولا شاذا ، ومحصله أنه هو والصحيح سواء ، إلا في تفاوت الضبط .

فراوي الصحيح يشترط أن يكون موصوفا بالضبط الكامل ، وراوي الحسن لا يشترط أن يبلغ تلك الدرجة ، وإن كان ليس عريا عن الضبط في الجملة ; ليخرج عن كونه مغفلا ، وعن كونه كثير الخطأ ، وما عدا ذلك من الأوصاف المشترطة في الصحيح ، فلا بد من اشتراط كله في النوعين . انتهى .

وأما مطلق الحسن فهو الذي اتصل سنده بالصدوق الضابط المتقن غير تامهما ، أو بالضعيف بما عدا الكذب إذا اعتضد مع خلوهما عن الشذوذ والعلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية