[
nindex.php?page=treesubj&link=29120أصناف الواضعين ] ( والواضعون ) جمع واضع ( للحديث ) وهم جمع كثيرون معروفون في كتب الضعفاء خصوصا ( الميزان ) للذهبي و " لسانه " لشيخنا ، بل أفردهم الحافظ البرهان الحلبي في تأليف سماه ( الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ) وهو قابل للاستدراك ، ويختلف حالهم في الكثرة والقلة .
وفي
nindex.php?page=treesubj&link=29120السبب الحامل لهم على الوضع ( أضرب ) أي : أصناف ، فصنف
كالزنادقة ، وهم المبطنون للكفر المظهرون للإسلام ، أو الذين لا يتدينون بدين ، يفعلون ذلك استخفافا بالدين ; ليضلوا به الناس .
فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد فيما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : إنهم وضعوا أربعة عشر ألف حديث .
وقال
المهدي فيما رويناه عنه : أقر عندي رجل من
الزنادقة بوضع مائة حديث ، فهي تجول في أيدي الناس .
ومنهم : الحارث الكذاب الذي ادعى النبوة ،
ومحمد بن سعيد المصلوب ،
والمغيرة بن سعيد الكوفي ، وغيرهم
كعبد الكريم بن أبي العوجاء خال
nindex.php?page=showalam&ids=17125معن بن زائدة ، الذي أمر بقتله وصلبه
محمد بن سليمان بن علي العباسي أمير
البصرة في
[ ص: 317 ] زمن
المهدي ، بعد الستين ومائة ، واعترف حينئذ بوضع أربعة آلاف حديث تحرم حلالها وتحل حرامها .
وصنف
كالخطابية ، فرقة من غلاة
الشيعة المشايعين
عليا - رضي الله عنه - ينتسبون
لأبي الخطاب الأسدي ، كان يقول بالحلول في أناس من أهل البيت على التعاقب ، ثم ادعى الإلهية وقتل .
وهذه الطائفة مندرجة في
الرافضة ; إذ
الرافضة فرق متنوعة من
الشيعة ، وانتسبوا كذلك ; لأنهم بايعوا
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ، ثم قالوا له : تبرأ من الشيخين فأبى ، وقال : كانا وزيري جدي - صلى الله عليه وسلم - فتركوه ورفضوه .
وكالسالمية : فرقة ينتسبون لمذهب
الحسن بن محمد بن أحمد بن سالم السالمي في الأصول ، وكان مذهبا مشهورا
بالبصرة وسوادها ، فهؤلاء كلهم يفعلونه
nindex.php?page=treesubj&link=29120انتصارا وتعصبا لمذهبهم .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم في مقدمة كتاب ( الجرح والتعديل ) عن شيخ من
الخوارج أنه كان يقول بعدما تاب : انظروا عمن تأخذون دينكم ، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا ، زاد غيره في رواية : ونحتسب الخير في إضلالكم .
وكذا قال
محرز أبو رجاء ، وكان يرى القدر فتاب منه : لا ترووا عن أحد من أهل القدر شيئا ، فوالله لقد كنا نضع الأحاديث ، ندخل بها الناس في القدر ، نحتسب بها إلى غير ذلك .
بل قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - كما سيأتي في معرفة من تقبل روايته - : ما في
[ ص: 318 ] أهل الأهواء أشهد بالزور من
الرافضة .
nindex.php?page=treesubj&link=29120وصنف يتقربون لبعض الخلفاء والأمراء بوضع ما يوافق فعلهم وآراءهم ; ليكون كالعذر لهم فيما أتوه وأرادوه ;
كغياث بن إبراهيم النخعي ; حيث وضع
للمهدي محمد بن المنصور عبد الله العباسي والد
nindex.php?page=showalam&ids=14370هارون الرشيد في حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929847لا سبق إلا في نصل أو خف ، فزاد فيه : " أو جناح " .
وكان
المهدي إذ ذاك يلعب بالحمام ، فأمر له ببدرة يعني عشرة آلاف درهم ، فلما قفى قال : أشهد على قفاك أنه قفا كذاب ، ثم ترك الحمام ، وأمر بذبحها وقال : أنا حملته على ذلك ، ذكرها
أبو خيثمة .
لكن أسند
الخطيب في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=11828وهب بن وهب أبي البختري من ( تأريخه ) من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي أنه قال : قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد : أتعلم أن أحدا روى : " لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح " ؟ فقال : ما روى ذاك إلا ذاك الكذاب
أبو البختري .
بل روى
الخطيب في ترجمته أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14451زكريا الساجي أن
أبا البختري دخل وهو قاض على
الرشيد ، وهو إذ ذاك يطير الحمام ، فقال : هل تحفظ في هذا شيئا ، فقال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطير الحمام ، فقال
الرشيد : اخرج عني ، ثم قال : لولا أنه رجل من
قريش لعزلته .
وصنف في
nindex.php?page=treesubj&link=29120ذم من يريدون ذمه ، كما روينا عن
سعد بن طريف الإسكاف المخرج له في
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه أنه رأى ابنه يبكي فقال : ما لك ؟ قال : ضربني المعلم ، فقال : أما والله لأخزينهم ، حدثني
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : معلمو صبيانكم شراركم .
[ ص: 319 ] nindex.php?page=treesubj&link=29120وصنف كانوا يتكسبون بذلك ، ويرتزقون به في قصصهم ومواعظهم .
nindex.php?page=treesubj&link=29120وصنف يلجئون إلى إقامة دليل على ما أفتوا فيه بآرائهم فيضعونه .
وقد حصل الضرر بجميع هؤلاء و ( أضرهم قوم لزهد ) وصلاح ( نسبوا ) ;
كأبي بشر أحمد بن محمد المروزي الفقيه ،
وأبي داود النخعي ( قد وضعوها ) أي : الأحاديث في الفضائل والرغائب ( حسبة ) أي : للحسبة بمعنى أنهم يحتسبون بزعمهم الباطل وجهلهم ، لا يفرقون بسببه بين ما يجوز لهم ويمتنع عليهم في صنيعهم ذلك - الأجر وطلب الثواب ; لكونهم يرونه قربة ، ويحتسبون أنهم يحسنون صنعا .
كما يحكى عمن كان يتصدى للشهادة برؤية هلال رمضان من غير رؤية ; زاعما للخير بذلك ; لكون اشتغال الناس بالتعبد بالصوم يكفهم عن مفاسد تقع منهم ذلك اليوم ( فقبلت ) تلك الموضوعات ( منهم ركونا لهم ) بضم الميم ; أي ميلا إليهم ووثوقا بهم ; لما اتصفوا به من التدين .
( ونقلت ) عنهم على لسان من هو في الصلاح والخيرية بمكان ; لما عنده من حسن الظن وسلامة الصدر ، وعدم المعرفة المقتضي لحمل ما سمعه على الصدق ، وعدم الاهتداء لتمييز الخطأ من الصواب ( فقيض الله لها ) أي لهذه الموضوعات ( نقادها ) جمع ناقد يقال : نقدت الدراهم ، إذا استخرجت منها الزيف ، وهم الذين خصهم الله بنور السنة ، وقوة البصيرة ، فلم تخف عنهم حال مفتر ، ولا زور كذاب .
( فبينوا بنقدهم فسادها ) ، وميزوا الغث من السمين ، والمزلزل من المكين ، وقاموا بأعباء ما تحملوه ، ولذا لما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك : هذه الأحاديث المصنوعة ؟ قال : تعيش لها الجهابذة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ الحجر : 9 ] . انتهى .
[ ص: 320 ] ومن حفظه هتك من يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : يا
أهل بغداد ، لا تظنوا أن أحدا يقدر أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حي ، وقد تعين جماعة من كل هذه الأصناف عند أهل الصنعة وعلماء الرجال .
ولذلك - لا سيما الأخير - أمثلة ( نحو ) ما رويناه عن (
أبي عصمة ) بكسر أوله
نوح بن أبي مريم القرشي مولاهم المروزي قاضيها في حياة شيخه
أبي حنيفة ، والملقب لجمعه بين التفسير ، والحديث ، والمغازي ، والفقه مع العلم بأمور الدنيا - الجامع .
( إذ رأى الورى ) أي الخلق ( زعما ) بتثليث الزاي باطلا منه ( نأوا ) أي : أعرضوا ( عن القرآن ) بنقل حركة الهمزة - كقراءة
ابن كثير - واشتغلوا بفقه
أبي حنيفة ، ومغازي
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، مع أنهما من شيوخه ( فافترى ) أي : اختلق ( لهم ) أي : للورى من عند نفسه حسبة باعترافه حسب ما نقله عنه أبو عمار أحد المجاهيل ( حديثا في فضائل السور ) كلها سورة سورة .
ورواه عن
عكرمة ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ) - رضي الله عنهما - ( فبئس ) كما زاده الناظم ( ما ابتكر ) في وضع هذا الحديث ، وما أدركه من الإثم بسببه ، وممن صرح بوضع
أبي عصمة له
الحاكم ، وكأنه ثبت عنده الطريق إليه به .
وقال هو
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان : إنه جمع كل شيء إلا الصدق ، و ( كذا الحديث ) الطويل ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ) هو ابن كعب - رضي الله عنه - في فضائل سور القرآن أيضا ( اعترف راويه بالوضع ) له .
فقد روى
الخطيب من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16862أبي عبد الرحمن المؤمل بن إسماعيل العدوي البصري ثم
المكي المتوفى بعد المائتين .
وكان - كما قال
أبو حاتم -
[ ص: 321 ] شديدا في السنة ، ورفع
أبو داود من شأنه ، ما معناه : أنه لما سمعه من بعض الشيوخ سأله عن شيخه فيه ، فقال : رجل بالمدائن وهو حي ، فارتحل إليه ، فأحال على شيخ بواسط ، فارتحل إليه ، فأحال على شيخ
بالبصرة ، فارتحل إليه ، فأحال على شيخ بعبادان .
قال
المؤمل : فلما صرت إليه ، أخذ بيدي فأدخلني بيتا ، فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدثني ، فقلت له : يا شيخ ، من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : لم يحدثني به أحد ، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن ، فوضعنا لهم هذا الحديث ; ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك فيما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي من طريقه قال : أظن
الزنادقة وضعته ، بل قيل : إن أبا عصمة واضع الذي قبله هو الذي وضع هذا أيضا .
وعلى كل حال فهو موضوع ، وإن كان له عن
أبي طرق ( وبئس ) كما زاده الناظم أيضا ( ما اقترف ) أي : اكتسب واضعه ( و ) لهذا ( كل من أودعه كتابه ) في التفسير ( كـ )
أبي الحسن علي بن أحمد ( الواحدي ) بمهملتين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم : لا أدري لم نسب كذلك ، إلا أنه يقال : هو واحد قومه وواحد أمه ، فلعله نسب إلى أب أو جد ، أو قريب هذه صفته ،
وأبي بكر بن مردويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13968وأبي إسحاق الثعلبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وأبي القاسم الزمخشري .
وفي فضائل القرآن
nindex.php?page=showalam&ids=11939كأبي بكر بن أبي داود الحافظ ابن الحافظ فهو ( مخطئ ) في ذلك ( صوابه ) ; إذ الصواب تجنب إيراد الموضوع إلا مقرونا ببيانه كما تقدم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري [ ص: 322 ] أشدهم خطأ ; حيث أورده بصيغة الجزم غير مبرز لسنده ، وتبعه
البيضاوي بخلاف الآخرين ، فإنهم ساقوا إسناده .
وإن حكينا فيما تقدم قريبا عدم جوازه أيضا ( وجوز الوضع ) على النبي - صلى الله عليه وسلم - ( على ) وجه ( الترغيب ) للناس في الطاعة وفضائل الأعمال ( قوم )
nindex.php?page=showalam&ids=17017أبي عبد الله محمد ( ابن كرام ) بالتشديد على المشهور ; كما قاله شيخنا وغيره ، وكذلك ضبطه
الخطيب nindex.php?page=showalam&ids=13484وابن ماكولا وابن السمعاني ، وجزم به
مسعود الحارثي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إنه لا يعدل عنه .
وأباه متكلم
الكرامية nindex.php?page=showalam&ids=11821محمد بن الهيثم فقال : المعروف في ألسنة المشايخ - يعني : مشايخهم - بالفتح والتخفيف ، وزعم أنه بمعنى كرامة أو كريم ، فقال : ويقال : بكسر الكاف على لفظ جمع كريم ، قال : وهو الجاري على ألسنة أهل
سجستان ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13873أبي الفتح البستي فيه ، وكان ولعا بالجناس :
إن الذين بجهلهم لم يقتدوا بمحمد بن كرام غير كرام الفقه فقه أبي حنيفة وحده
والدين دين محمد بن كرام
- شاهد للتخفيف فيه [ إن لم يكن ضرورة ] ، وهو
السجستاني الذي كان عابدا زاهدا ثم خذل - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان - فالتقط من المذاهب أردأها ، ومن الأحاديث أوهاها ، وصحب
أحمد بن عبد الله الجوباري ، فكان يضع له الحديث
[ ص: 323 ] على وفق مذهبه .
( و ) كذا جوزوا
nindex.php?page=treesubj&link=29120الوضع ( في الترهيب ) زجرا عن المعصية ، محتجين في ذلك - مع كونه خلاف إجماع من يعتد به من المسلمين - بأن الكذب في الترغيب والترهيب هو للشارع - صلى الله عليه وسلم - ; لكونه مقويا لشريعته ، لا عليه ، والكذب عليه إنما هو كأن يقال : إنه ساحر ، أو مجنون أو نحو ذلك ، مما يقصد شينه به ، وعيب دينه ، وبزيادة : " ليضل به الناس " في حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929717من كذب علي متعمدا التي هي مقيدة للإطلاق .
وبكون حديث : " من كذب " إنما ورد في رجل معين ، ذهب إلى قوم وادعى أنه رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فحكم في دمائهم وأموالهم ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقتله ، فقال هذا الحديث .
وفي هذه متمسك للمحتسبين أيضا الذين هم أخص من هؤلاء ، لكنها مردودة عليهما .
[
nindex.php?page=treesubj&link=29120وجوه الرد على المحتسبين ] أما الأول - كما قال شيخنا - جهل منهم باللسان ; لأنه كذب عليه في وضع الأحكام ، فإن المندوب قسم منها ، ويتضمن ذلك الإخبار عن الله في الوعد على ذلك العمل بذلك الثواب .
وأما الثاني : فالزيادة المذكورة اتفق الأئمة على ضعفها ، وعلى تقدير قبولها فاللام ليست للتعليل ، وإنما هي لام العاقبة أي : يصير كذبهم للإضلال ; كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا [ القصص : 8 ] وهم
[ ص: 324 ] لم يلتقطوه لأجل ذلك ، أو لام التأكيد - يعني كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي - ولا مفهوم لها ; كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم [ الأنعام : 144 ] ; لأن افتراءه الكذب على الله محرم مطلقا ; سواء قصد به الإضلال ، أم لم يقصد .
وأما الثالث : فالسبب المذكور لم يثبت إسناده ، ولو ثبت لم يكن لهم فيه متمسك ; لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . ونحو هذا المذهب الرديء قول
nindex.php?page=showalam&ids=14788محمد بن سعيد الآتي قريبا ، ومما يرد به على أهل هذا المذهب أن فيما ورد من الآيات والأخبار كفاية عن غيرها ، فقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء [ الأنعام : 38 ] .
وقول القائل : إن ذلك تكرر على الأسماع وسقط وقعه ، وما هو جديد فوقعه أعظم ، هو كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في الإحياء : هوس
nindex.php?page=treesubj&link=25046_18985والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكبائر التي لا يقاومها شيء ; بحيث لا تقبل رواية من فعله ، وإن تاب وحسنت توبته كما سيأتي ، بل بالغ
nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني فكفر متعمده .
( والواضعون ) أيضا ( بعضهم قد صنعا ) ما وضعه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلاما مبتكرا ( من عند نفسه وبعض ) منهم قد ( وضعا كلام بعض الحكماء ) أو الزهاد ، أو الصحابة ، أو ما يروى في الإسرائيليات ( في المسند ) المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ترويجا له .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي في الضعفاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=14788محمد بن سعيد ، كأنه المصلوب ، أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29120لا [ ص: 325 ] بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسنادا .
وذكر
الترمذي في العلل التي بآخر ( جامعه ) عن
أبي مقاتل الخراساني ; أنه حدث عن
عون بن أبي شداد وبأحاديث طوال في وصية
لقمان ، فقال له ابن أخيه : يا عم ، لا تقل : حدثنا
عون ، فإنك لم تسمع منه هذا ، فقال : يابن أخي ، إنه كلام حسن .
وأغرب من هذا كله ما عزاه
الزركشي - وتبعه شيخنا -
لأبي العباس القرطبي صاحب ( المفهم ) قال : استجاز بعض فقهاء أصحاب الرأي [
nindex.php?page=treesubj&link=29120نسبة الحكم الذي دل عليه القياس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] نسبة قولية ، فيقول في ذلك : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا .
ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة ; لأنها تشبه فتاوى الفقهاء ، ولا تليق بجزالة كلام سيد المرسلين ; ولأنهم لا يقيمون لها سندا صحيحا ، قال : وهؤلاء يشملهم الوعيد في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . انتهى .
[
nindex.php?page=treesubj&link=29120أَصْنَافُ الْوَاضِعِينَ ] ( وَالْوَاضِعُونَ ) جَمْعُ وَاضِعٍ ( لِلْحَدِيثِ ) وَهُمْ جَمْعٌ كَثِيرُونَ مَعْرُوفُونَ فِي كُتُبِ الضُّعَفَاءِ خُصُوصًا ( الْمِيزَانَ ) لِلذَّهَبِيِّ وَ " لِسَانَهُ " لِشَيْخِنَا ، بَلْ أَفْرَدَهُمُ الْحَافِظُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي تَأْلِيفٍ سَمَّاهُ ( الْكَشْفَ الْحَثِيثَ عَمَّنْ رُمِيَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ ) وَهُوَ قَابِلٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ ، وَيَخْتَلِفُ حَالُهُمْ فِي الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ .
وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=29120السَّبَبِ الْحَامِلِ لَهُمْ عَلَى الْوَضْعِ ( أَضْرُبُ ) أَيْ : أَصْنَافٌ ، فَصِنْفٌ
كَالزَّنَادِقَةِ ، وَهُمُ الْمُبْطِنُونَ لِلْكُفْرِ الْمُظْهِرُونَ لِلْإِسْلَامِ ، أَوِ الَّذِينَ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِدِينٍ ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ ; لِيُضِلُّوا بِهِ النَّاسَ .
فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيُّ : إِنَّهُمْ وَضَعُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ .
وَقَالَ
الْمَهْدِيُّ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ : أَقَرَّ عِنْدِي رَجُلٌ مِنَ
الزَّنَادِقَةِ بِوَضْعِ مِائَةِ حَدِيثٍ ، فَهِيَ تَجُولُ فِي أَيْدِي النَّاسِ .
وَمِنْهُمُ : الْحَارِثُ الْكَذَّابُ الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ ،
وَالْمُغِيرَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ
كَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ خَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=17125مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ ، الَّذِي أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَصَلْبِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ أَمِيرُ
الْبَصْرَةِ فِي
[ ص: 317 ] زَمَنِ
الْمَهْدِيِّ ، بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ ، وَاعْتَرَفَ حِينَئِذٍ بِوَضْعِ أَرْبَعَةِ آلَافِ حَدِيثٍ تُحَرِّمُ حَلَالَهَا وَتُحِلُّ حَرَامَهَا .
وَصِنْفٌ
كَالْخَطَّابِيَّةِ ، فِرْقَةٍ مِنْ غُلَاةِ
الشِّيعَةِ الْمُشَايِعِينَ
عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَنْتَسِبُونَ
لِأَبِي الْخَطَّابِ الْأَسَدِيِّ ، كَانَ يَقُولُ بِالْحُلُولِ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى التَّعَاقُبِ ، ثُمَّ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ وَقُتِلَ .
وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ مُنْدَرِجَةٌ فِي
الرَّافِضَةِ ; إِذِ
الرَّافِضَةُ فِرَقٌ مُتَنَوِّعَةٌ مِنَ
الشِّيعَةِ ، وَانْتَسَبُوا كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ بَايَعُوا
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ : تَبَرَّأْ مِنَ الشَّيْخَيْنِ فَأَبَى ، وَقَالَ : كَانَا وَزِيرَيْ جَدِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَكُوهُ وَرَفَضُوهُ .
وَكَالسَّالِمِيَّةِ : فِرْقَةٍ يَنْتَسِبُونَ لِمَذْهَبِ
الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ السَّالِمِيِّ فِي الْأُصُولِ ، وَكَانَ مَذْهَبًا مَشْهُورًا
بِالْبَصْرَةِ وَسَوَادِهَا ، فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَفْعَلُونَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29120انْتِصَارًا وَتَعَصُّبًا لِمَذْهَبِهِمْ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ ( الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ) عَنْ شَيْخٍ مِنَ
الْخَوَارِجِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَمَا تَابَ : انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا هَوِينَا أَمْرًا صَيَّرْنَاهُ حَدِيثًا ، زَادَ غَيْرُهُ فِي رِوَايَةٍ : وَنَحْتَسِبُ الْخَيْرَ فِي إِضْلَالِكُمْ .
وَكَذَا قَالَ
مُحْرِزٌ أَبُو رَجَاءٍ ، وَكَانَ يَرَى الْقَدْرَ فَتَابَ مِنْهُ : لَا تَرْوُوا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ شَيْئًا ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نَضَعُ الْأَحَادِيثَ ، نُدْخِلُ بِهَا النَّاسَ فِي الْقَدَرِ ، نَحْتَسِبُ بِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
بَلْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - كَمَا سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ - : مَا فِي
[ ص: 318 ] أَهْلِ الْأَهْوَاءِ أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنَ
الرَّافِضَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29120وَصِنْفٌ يَتَقَرَّبُونَ لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِوَضْعِ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ وَآرَاءَهُمْ ; لِيَكُونَ كَالْعُذْرِ لَهُمْ فِيمَا أَتَوْهُ وَأَرَادُوهُ ;
كَغَيَّاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ; حَيْثُ وَضَعَ
لِلْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ وَالِدِ
nindex.php?page=showalam&ids=14370هَارُونَ الرَّشِيدِ فِي حَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929847لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ ، فَزَادَ فِيهِ : " أَوْ جَنَاحٍ " .
وَكَانَ
الْمَهْدِيُّ إِذْ ذَاكَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِبَدْرَةٍ يَعْنِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، فَلَمَّا قَفَّى قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى قَفَاكَ أَنَّهُ قَفَا كَذَّابٍ ، ثُمَّ تَرَكَ الْحَمَامَ ، وَأَمَرَ بِذَبْحِهَا وَقَالَ : أَنَا حَمَلْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ، ذَكَرَهَا
أَبُو خَيْثَمَةَ .
لَكِنْ أَسْنَدَ
الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11828وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ مِنْ ( تَأْرِيخِهِ ) مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12352إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ : أَتَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا رَوَى : " لَا سَبْقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ جَنَاحٍ " ؟ فَقَالَ : مَا رَوَى ذَاكَ إِلَّا ذَاكَ الْكَذَّابُ
أَبُو الْبَخْتَرِيِّ .
بَلْ رَوَى
الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَتِهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14451زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ أَنَّ
أَبَا الْبَخْتَرِيِّ دَخَلَ وَهُوَ قَاضٍ عَلَى
الرَّشِيدِ ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ ، فَقَالَ : هَلْ تَحْفَظُ فِي هَذَا شَيْئًا ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ ، فَقَالَ
الرَّشِيدُ : اخْرُجْ عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ : لَوْلَا أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ لَعَزَلْتُهُ .
وَصِنْفٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29120ذَمِّ مَنْ يُرِيدُونَ ذَمَّهُ ، كَمَا رُوِّينَا عَنْ
سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ الْإِسْكَافِ الْمُخَرَّجِ لَهُ فِي
التِّرْمِذِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ رَأَى ابْنَهُ يَبْكِي فَقَالَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : ضَرَبَنِي الْمُعَلِّمُ ، فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لِأُخْزِيَنَّهُمْ ، حَدَّثَنِي
عِكْرِمَةُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ .
[ ص: 319 ] nindex.php?page=treesubj&link=29120وَصِنْفٌ كَانُوا يَتَكَسَّبُونَ بِذَلِكَ ، وَيَرْتَزِقُونَ بِهِ فِي قِصَصِهِمْ وَمَوَاعِظِهِمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=29120وَصِنْفٌ يَلْجَئُونَ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى مَا أَفْتَوْا فِيهِ بِآرَائِهِمْ فَيَضَعُونَهُ .
وَقَدْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ وَ ( أَضَرُّهُمْ قَوْمٌ لِزُهْدٍ ) وَصَلَاحٍ ( نُسِبُوا ) ;
كَأَبِي بِشْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ الْفَقِيهِ ،
وَأَبِي دَاوُدَ النَّخَعِيِّ ( قَدْ وَضَعُوهَا ) أَيِ : الْأَحَادِيثَ فِي الْفَضَائِلِ وَالرَّغَائِبِ ( حِسْبَةً ) أَيْ : لِلْحِسْبَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَحْتَسِبُونَ بِزَعْمِهِمُ الْبَاطِلِ وَجَهْلِهِمْ ، لَا يُفَرِّقُونَ بِسَبَبِهِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ لَهُمْ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ فِي صَنِيعِهِمْ ذَلِكَ - الْأَجْرَ وَطَلَبَ الثَّوَابِ ; لِكَوْنِهِمْ يَرُونَهُ قُرْبَةً ، وَيَحْتَسِبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا .
كَمَا يُحْكَى عَمَّنْ كَانَ يَتَصَدَّى لِلشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ ; زَاعِمًا لِلْخَيْرِ بِذَلِكَ ; لِكَوْنِ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِالتَّعَبُّدِ بِالصَّوْمِ يَكُفُّهُمْ عَنْ مَفَاسِدَ تَقَعُ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ ( فَقُبِلَتْ ) تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتُ ( مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ; أَيْ مَيْلًا إِلَيْهِمْ وَوُثُوقًا بِهِمْ ; لِمَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنَ التَّدَيُّنِ .
( وَنُقِلَتْ ) عَنْهُمْ عَلَى لِسَانِ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِيَّةِ بِمَكَانٍ ; لِمَا عِنْدَهُ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ ، وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ الْمُقْتَضِي لِحَمْلِ مَا سَمِعَهُ عَلَى الصِّدْقِ ، وَعَدَمِ الِاهْتِدَاءِ لِتَمْيِيزِ الْخَطَأِ مِنَ الصَّوَابِ ( فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهَا ) أَيْ لِهَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ ( نُقَّادَهَا ) جَمْعَ نَاقِدٍ يُقَالُ : نَقَدْتُ الدَّرَاهِمَ ، إِذَا اسْتَخْرَجْتَ مِنْهَا الزَّيْفَ ، وَهُمُ الَّذِينَ خَصَّهُمُ اللَّهُ بِنُورِ السُّنَّةِ ، وَقُوَّةِ الْبَصِيرَةِ ، فَلَمْ تَخْفَ عَنْهُمْ حَالُ مُفْتَرٍ ، وَلَا زُورُ كَذَّابٍ .
( فَبَيَّنُوا بِنَقْدِهِمْ فَسَادَهَا ) ، وَمَيَّزُوا الْغَثَّ مِنَ السَّمِينِ ، وَالْمُزَلْزَلَ مِنَ الْمَكِينِ ، وَقَامُوا بِأَعْبَاءِ مَا تَحَمَّلُوهُ ، وَلِذَا لَمَّا قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418لِابْنِ الْمُبَارَكِ : هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَصْنُوعَةُ ؟ قَالَ : تَعِيشُ لَهَا الْجَهَابِذَةُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [ الْحِجْرِ : 9 ] . انْتَهَى .
[ ص: 320 ] وَمِنْ حِفْظِهِ هَتْكُ مَنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : يَا
أَهْلَ بَغْدَادَ ، لَا تَظُنُّوا أَنَّ أَحَدًا يَقْدِرُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا حَيٌّ ، وَقَدْ تَعَيَّنَ جَمَاعَةٌ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الْأَصْنَافِ عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَعُلَمَاءِ الرِّجَالِ .
وَلِذَلِكَ - لَا سِيَّمَا الْأَخِيرُ - أَمْثِلَةٌ ( نَحْوُ ) مَا رُوِّينَاهُ عَنْ (
أَبِي عِصْمَةَ ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ
نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْقُرَشِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمَرْوَزِيِّ قَاضِيهَا فِي حَيَاةِ شَيْخِهِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالْمُلَقَّبِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ التَّفْسِيرِ ، وَالْحَدِيثِ ، وَالْمَغَازِي ، وَالْفِقْهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأُمُورِ الدُّنْيَا - الْجَامِعُ .
( إِذْ رَأَى الْوَرَى ) أَيِ الْخَلْقَ ( زَعْمًا ) بِتَثْلِيثِ الزَّايِ بَاطِلًا مِنْهُ ( نَأَوْا ) أَيْ : أَعْرَضُوا ( عَنِ الْقُرْآنِ ) بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ - كَقِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ - وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَغَازِي
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ ، مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ ( فَافْتَرَى ) أَيِ : اخْتَلَقَ ( لَهُمْ ) أَيْ : لِلْوَرَى مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ حِسْبَةً بِاعْتِرَافِهِ حَسَبَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو عَمَّارٍ أَحَدُ الْمَجَاهِيلِ ( حَدِيثًا فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ ) كُلِّهَا سُورَةً سُورَةً .
وَرَوَاهُ عَنْ
عِكْرِمَةَ ( عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ( فَبِئْسَ ) كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ ( مَا ابْتَكَرْ ) فِي وَضْعِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمَا أَدْرَكَهُ مِنَ الْإِثْمِ بِسَبَبِهِ ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِوَضْعِ
أَبِي عِصْمَةَ لَهُ
الْحَاكِمُ ، وَكَأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ الطَّرِيقُ إِلَيْهِ بِهِ .
وَقَالَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ : إِنَّهُ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الصِّدْقَ ، وَ ( كَذَا الْحَدِيثُ ) الطَّوِيلُ ( عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ ) هُوَ ابْنُ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فَضَائِلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَيْضًا ( اعْتَرَفْ رَاوِيهِ بِالْوَضْعِ ) لَهُ .
فَقَدْ رَوَى
الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16862أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْعَدَوِيِّ الْبَصْرِيِّ ثُمَّ
الْمَكِّيِّ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ .
وَكَانَ - كَمَا قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ -
[ ص: 321 ] شَدِيدًا فِي السُّنَّةِ ، وَرَفَعَ
أَبُو دَاوُدَ مِنْ شَأْنِهِ ، مَا مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ سَأَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ فِيهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ حَيٌّ ، فَارْتَحَلَ إِلَيْهِ ، فَأَحَالَ عَلَى شَيْخٍ بِوَاسِطَ ، فَارْتَحَلَ إِلَيْهِ ، فَأَحَالَ عَلَى شَيْخٍ
بِالْبَصْرَةِ ، فَارْتَحَلَ إِلَيْهِ ، فَأَحَالَ عَلَى شَيْخٍ بِعَبَادَانَ .
قَالَ
الْمُؤَمَّلُ : فَلَمَّا صِرْتُ إِلَيْهِ ، أَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي بَيْتًا ، فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَمَعَهُمْ شَيْخٌ ، فَقَالَ : هَذَا الشَّيْخُ حَدَّثَنِي ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا شَيْخُ ، مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ؟ فَقَالَ : لَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ أَحَدٌ ، وَلَكِنَّا رَأَيْنَا النَّاسَ قَدْ رَغِبُوا عَنِ الْقُرْآنِ ، فَوَضَعْنَا لَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ ; لِيَصْرِفُوا قُلُوبَهُمْ إِلَى الْقُرْآنِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنِ الْمُبَارَكِ فِيمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ : أَظُنُّ
الزَّنَادِقَةَ وَضَعَتْهُ ، بَلْ قِيلَ : إِنَّ أَبَا عِصْمَةَ وَاضِعُ الَّذِي قَبْلَهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ هَذَا أَيْضًا .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَوْضُوعٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَنْ
أُبَيٍّ طُرُقٌ ( وَبِئْسَ ) كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ أَيْضًا ( مَا اقْتَرَفْ ) أَيِ : اكْتَسَبَ وَاضِعُهُ ( وَ ) لِهَذَا ( كُلُّ مَنْ أَوْدَعَهُ كِتَابَهُ ) فِي التَّفْسِيرِ ( كَـ )
أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ ( الْوَاحِدِيِّ ) بِمُهْمَلَتَيْنِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ : لَا أَدْرِي لِمَ نُسِبَ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ يُقَالُ : هُوَ وَاحِدُ قَوْمِهِ وَوَاحِدُ أُمِّهِ ، فَلَعَلَّهُ نُسِبَ إِلَى أَبٍ أَوْ جَدٍّ ، أَوْ قَرِيبٍ هَذِهِ صِفَتُهُ ،
وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مَرْدَوَيْهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13968وَأَبِي إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَأَبِي الْقَاسِمِ الزَّمَخْشَرِيِّ .
وَفِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11939كَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الْحَافِظِ ابْنِ الْحَافِظِ فَهُوَ ( مُخْطِئٌ ) فِي ذَلِكَ ( صَوَابَهُ ) ; إِذِ الصَّوَابُ تَجَنُّبُ إِيرَادِ الْمَوْضُوعِ إِلَّا مَقْرُونًا بِبَيَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ [ ص: 322 ] أَشَدُّهُمْ خَطَأً ; حَيْثُ أَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ غَيْرَ مُبْرِزٍ لِسَنَدِهِ ، وَتَبِعَهُ
الْبَيْضَاوِيُّ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ ، فَإِنَّهُمْ سَاقُوا إِسْنَادَهُ .
وَإِنْ حَكَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَدَمَ جَوَازِهِ أَيْضًا ( وَجَوَّزَ الْوَضْعَ ) عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( عَلَى ) وَجْهِ ( التَّرْغِيبِ ) لِلنَّاسِ فِي الطَّاعَةِ وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ ( قَوْمُ )
nindex.php?page=showalam&ids=17017أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ ( ابْنِ كَرَّامٍ ) بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْمَشْهُورِ ; كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ، وَكَذَلِكَ ضَبَطَهُ
الْخَطِيبُ nindex.php?page=showalam&ids=13484وَابْنُ مَاكُولَا وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ ، وَجَزَمَ بِهِ
مَسْعُودٌ الْحَارِثِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : إِنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ .
وَأَبَاهُ مُتَكَلِّمُ
الْكَرَّامِيَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=11821مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ فَقَالَ : الْمَعْرُوفُ فِي أَلْسِنَةِ الْمَشَايِخِ - يَعْنِي : مَشَايِخَهُمْ - بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ بِمَعْنَى كَرَامَةٍ أَوْ كَرِيمٍ ، فَقَالَ : وَيُقَالُ : بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى لَفْظِ جَمْعٍ كَرِيمٍ ، قَالَ : وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ
سِجِسْتَانَ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13873أَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ فِيهِ ، وَكَانَ وَلِعًا بِالْجِنَاسِ :
إِنَّ الَّذِينَ بِجَهْلِهِمْ لَمْ يَقْتَدُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ كِرَامَ غَيْرُ كِرَامِ الْفِقْهُ فِقْهُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ
وَالدِّينُ دِينُ مُحَمَّدِ بْنِ كِرَامِ
- شَاهِدٌ لِلتَّخْفِيفِ فِيهِ [ إِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً ] ، وَهُوَ
السِّجِسْتَانِيُّ الَّذِي كَانَ عَابِدًا زَاهِدًا ثُمَّ خُذِلَ - كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ - فَالْتَقَطَ مِنَ الْمَذَاهِبِ أَرْدَأَهَا ، وَمِنَ الْأَحَادِيثِ أَوْهَاهَا ، وَصَحِبَ
أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُوبَارِيَّ ، فَكَانَ يَضَعُ لَهُ الْحَدِيثَ
[ ص: 323 ] عَلَى وَفْقِ مَذْهَبِهِ .
( وَ ) كَذَا جَوَّزُوا
nindex.php?page=treesubj&link=29120الْوَضْعَ ( فِي التَّرْهِيبِ ) زَجْرًا عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، مُحْتَجِّينَ فِي ذَلِكَ - مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ إِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - بِأَنَّ الْكَذِبَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ هُوَ لِلشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِكَوْنِهِ مُقَوِّيًا لِشَرِيعَتِهِ ، لَا عَلَيْهِ ، وَالْكَذِبَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ كَأَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ سَاحِرٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، مِمَّا يُقْصَدُ شَيْنُهُ بِهِ ، وَعَيْبُ دِينِهِ ، وَبِزِيَادَةِ : " لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ " فِي حَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929717مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا الَّتِي هِيَ مُقَيِّدَةٌ لِلْإِطْلَاقِ .
وَبِكَوْنِ حَدِيثِ : " مَنْ كَذَبَ " إِنَّمَا وَرَدَ فِي رَجُلٍ مُعَيَّنٍ ، ذَهَبَ إِلَى قَوْمٍ وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ ، فَحَكَمَ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَقَالَ هَذَا الْحَدِيثَ .
وَفِي هَذِهِ مُتَمَسَّكٌ لِلْمُحْتَسِبِينَ أَيْضًا الَّذِينَ هُمْ أَخَصُّ مِنْ هَؤُلَاءِ ، لَكِنَّهَا مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِمَا .
[
nindex.php?page=treesubj&link=29120وُجُوهُ الرَّدِّ عَلَى الْمُحْتَسِبِينَ ] أَمَّا الْأَوَّلُ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - جَهْلٌ مِنْهُمْ بِاللِّسَانِ ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَيْهِ فِي وَضْعِ الْأَحْكَامِ ، فَإِنَّ الْمَنْدُوبَ قِسْمٌ مِنْهَا ، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْإِخْبَارَ عَنِ اللَّهِ فِي الْوَعْدِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ بِذَلِكَ الثَّوَابِ .
وَأَمَّا الثَّانِي : فَالزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى ضَعْفِهَا ، وَعَلَى تَقْدِيرِ قَبُولِهَا فَاللَّامُ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ ، وَإِنَّمَا هِيَ لَامُ الْعَاقِبَةِ أَيْ : يَصِيرُ كَذِبُهُمْ لِلْإِضْلَالِ ; كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا [ الْقَصَصِ : 8 ] وَهُمْ
[ ص: 324 ] لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ ، أَوْ لَامُ التَّأْكِيدِ - يَعْنِي كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ - وَلَا مَفْهُومَ لَهَا ; كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ [ الْأَنْعَامِ : 144 ] ; لِأَنَّ افْتِرَاءَهُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا ; سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ الْإِضْلَالَ ، أَمْ لَمْ يَقْصِدْ .
وَأَمَّا الثَّالِثُ : فَالسَّبَبُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ ، وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ مُتَمَسَّكٌ ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ . وَنَحْوُ هَذَا الْمَذْهَبِ الرَّدِيءِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14788مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْآتِي قَرِيبًا ، وَمِمَّا يُرَدُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ كِفَايَةً عَنْ غَيْرِهَا ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [ الْأَنْعَامِ : 38 ] .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : إِنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ عَلَى الْأَسْمَاعِ وَسَقَطَ وَقْعُهُ ، وَمَا هُوَ جَدِيدٌ فَوَقْعُهُ أَعْظَمُ ، هُوَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ : هَوَسٌ
nindex.php?page=treesubj&link=25046_18985وَالْكَذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْكَبَائِرِ الَّتِي لَا يُقَاوِمُهَا شَيْءٌ ; بِحَيْثُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ فَعَلَهُ ، وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي ، بَلْ بَالَغَ
nindex.php?page=showalam&ids=14048أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فَكَفَّرَ مُتَعَمِّدَهُ .
( وَالْوَاضِعُونَ ) أَيْضًا ( بَعْضُهُمْ قَدْ صَنَعَا ) مَا وَضَعَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَامًا مُبْتَكَرًا ( مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَبَعْضٌ ) مِنْهُمْ قَدْ ( وَضَعَا كَلَامَ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ ) أَوِ الزُّهَّادِ ، أَوِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ مَا يُرْوَى فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ( فِي الْمُسْنَدِ ) الْمَرْفُوعِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; تَرْوِيجًا لَهُ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14788مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ، كَأَنَّهُ الْمَصْلُوبُ ، أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29120لَا [ ص: 325 ] بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلَامٌ حَسَنٌ أَنْ تَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا .
وَذَكَرَ
التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الَّتِي بِآخِرِ ( جَامِعِهِ ) عَنْ
أَبِي مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيِّ ; أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ
عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ وَبِأَحَادِيثَ طِوَالٍ فِي وَصِيَّةِ
لُقْمَانَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيهِ : يَا عَمِّ ، لَا تَقُلْ : حَدَّثَنَا
عَوْنٌ ، فَإِنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا ، فَقَالَ : يَابْنَ أَخِي ، إِنَّهُ كَلَامٌ حَسَنٌ .
وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا عَزَاهُ
الزَّرْكَشِيُّ - وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا -
لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ صَاحِبِ ( الْمُفْهِمِ ) قَالَ : اسْتَجَازَ بَعْضُ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ [
nindex.php?page=treesubj&link=29120نِسْبَةَ الْحُكْمِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ] نِسْبَةً قَوْلِيَّةً ، فَيَقُولُ فِي ذَلِكَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا .
وَلِهَذَا تَرَى كُتُبَهُمْ مَشْحُونَةً بِأَحَادِيثَ تَشْهَدُ مُتُونُهَا بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ ; لِأَنَّهَا تُشْبِهُ فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ ، وَلَا تَلِيقُ بِجَزَالَةِ كَلَامِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ; وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ لَهَا سَنَدًا صَحِيحًا ، قَالَ : وَهَؤُلَاءِ يَشْمَلُهُمُ الْوَعِيدُ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . انْتَهَى .