[ ص: 182 ] قالوا حديثان متناقضان .
14 - تفضيل النبي .
قالوا : رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يونس بن متى ولا تخايروا بين الأنبياء لا تفضلوني على ثم رويتم أنه قال : قالوا : وهذا اختلاف وتناقض . أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، ولا فخر
قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس هاهنا اختلاف ولا تناقض ، وإنما أراد أنه سيد ولد آدم يوم القيامة ، لأنه الشافع يومئذ والشهيد ، وله لواء الحمد والحوض ، وهو أول من تنشق عنه الأرض . وأراد بقوله لا تفضلوني على يونس من طريق التواضع .
وكذلك قول أبي بكر - رضي الله عنه - : " وليتكم ولست بخيركم " . وخص يونس ؛ لأنه دون غيره من الأنبياء ، مثل إبراهيم وموسى وعيسى - صلى الله عليهم وسلم أجمعين - . يريد فإذا كنت لا أحب أن أفضل على يونس فكيف غيره ممن هو فوقه ؟ [ ص: 183 ] وقد قال الله تعالى : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت أراد : أن يونس لم يكن له صبر كصبر غيره من الأنبياء .
وفي هذه الآية ما دلك على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل منه لأن الله تعالى يقول له لا تكن مثله . وذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد بقوله : لا تفضلوني عليه ، طريق التواضع ، ويجوز أن يريد : لا تفضلوني عليه في العمل ، فلعله أكثر عملا مني ، ولا في البلوى والامتحان فإنه أعظم مني محنة .
وليس ما أعطى الله تعالى نبينا - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة من السؤدد والفضل على جميع الأنبياء والرسل بعمله ، بل بتفضيل الله تعالى إياه ، واختصاصه له وكذلك أمته أسهل الأمم محنة .
بعثه الله تعالى إليها بالحنيفية السهلة ، ووضع عنها الإصر والأغلال التي كانت على بني إسرائيل في فرائضهم ، وهي مع هذا خير أمة أخرجت للناس بفضل الله تعالى .