[ ص: 379 ] 39 - قالوا : أحاديث يخالفها الإجماع
المسح على العمامة
قالوا : رويتم عن أيوب ، عن عن ابن سيرين ، عمرو بن وهب الثقفي ، عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - المغيرة بن شعبة . تبرز لحاجته ، فأتبعته بماء فتوضأ ومسح على عمامته ، ثم صلى الغداة
ورويتم عن أبي معاوية عن عن الأعمش ، الحكم ، عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، بلال : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخمار .
ورويتم عن عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري . توضأ فمسح على العمامة
[ ص: 380 ] قالوا : وهذه طرق جياد عندكم وقد تركتم العمل بها من غير أن ترووا لذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسخا .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إن الحق يثبت عندنا بالإجماع أكثر من ثبوته بالرواية ؛ لأن الحديث قد تعترض فيه عوارض من السهو والإغفال وتدخل عليه الشبه والتأويلات والنسخ ويأخذه الثقة عن غير الثقة ، وقد يأتي بأمرين مختلفين وهما جميعا جائزان كالتسليمة الواحدة والتسليمتين .
وقد يحضر الأمر - يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم - رجل ، ثم يأمر بخلافه ولا يحضره هو ، فينقل إلينا الأمر الأول ولا ينقل إلينا الثاني ؛ لأنه لم يعلمه ، والإجماع سليم من هذه الأسباب كلها ؛ ولذلك كان مالك - رحمه الله - يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث ، ثم يقول : والعمل ببلدنا على كذا لأمر يخالف ذلك الحديث ؛ لأن بلده بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان العمل في عصره على أمر من الأمور ، صار العمل في العصر الثاني عليه ، وكذلك في العصر الثالث والرابع وما بعده ، ولا يجوز أن يكون الناس جميعا ينتقلون عن شيء كانوا عليه في بلده وعصره إلى غيره ، فقرن عن قرن ، أكثر من واحد عن واحد ، وقد روى الناس أحاديث متصلة وتركوا العمل بها ، منها حديث سفيان عن وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار ، جابر ، عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس بالمدينة آمنا لا يخاف . جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء
والفقهاء جميعا على ترك العمل بهذا ، إما لأنه منسوخ ، أو لأنه فعله في حال ضرورة ، إما لمطر أو شغل .
[ ص: 381 ] ومنها حديث سفيان ، عن عن عمرو بن دينار ، عوسجة ، عن ابن عباس . والفقهاء على خلاف ذلك ، إما لاتهامهم أن رجلا توفي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه ، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراثه عوسجة بهذا وأنه ممن لا يثبت به فرض أو سنة .
وإما لتحريف في التأويل ، كأن تأويله لم يدع وارثا إلا مولى هو أعتق الميت .
، فيجوز على هذا التأويل أن يكون وارثا ؛ لأنه مولى المتوفى ، وإما النسخ .
ومنها حديث شعبة ، عن عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والناس يتنازعون في القنوت في الصبح ولا يختلفون في تركه في المغرب ، ومثل هذا كثير . كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب
وكذلك المسح على العمامة والخمار ، وقد أجمع الفقهاء على تركه ولم يجمعوا على ذلك مع مجيئه من الطريق المرتضى عندهم ، إلا لنسخ أو لأنه رئي يمسح على العمامة وعلى الرأس تحت العمامة ، فنقل الناقل أغرب الخبرين ؛ لأن المسح على الرأس لا ينكر ولا يستغرب إذ كان الناس جميعا عليه ، وإنما يستغرب الخمار .
[ ص: 382 ] واستشهدوا على ذلك بحديث آخر للمغيرة رواه عن الوليد بن مسلم ، ثور ، عن عن رجاء بن حيوة ، وراد ، عن المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمسح بالناصية فرض في الكتاب ، فلا يزول بحديث مختلف في لفظه ، ونحو هذا رواية بعضهم مسح بناصيته وعمامته ورواية آخر أنه أنه مسح على النعلين ، وإنما مسح على الجوربين في النعلين ، فنقل كل واحد أحد الأمرين . مسح على الجوربين ،