الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 357 ] 4 - باب الصوم والفطر في السفر

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ في كتابه ، أخبرنا الحسين بن المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا المحاملي ، أخبرنا علي بن عمر ، حدثنا أبو محمد الحسن بن رشيق المعدل ، حدثنا أحمد بن داود بن سليمان الحضرمي ، حدثنا مسعود بن سهل أبو سهل الأسود ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام في سفره عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم ، وأمر الناس بالإفطار ، فقيل له : الناس صاموا حين رأوك قد صمت . فدعا بإناء فيه ماء عند العصر ، فوضعه على يده حتى رآه الناس فشرب .

اختلف أهل العلم في الصوم والإفطار في السفر .

[ ص: 358 ] فذهب أكثرهم إلى أنه مخير : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ؛ ذكره أنس بن مالك ، وأبو سعيد عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه قال ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، والليث بن سعد ، وروينا عن عمر أنه قال : إن صام في السفر قضى في الحضر .

وعن ابن عباس رواية أخرى : أنه لا يجزئه .

وقال عبد الرحمن بن عوف : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر .

وذهب جماعة إلى أن الجواز منسوخ ، وتمسكوا في ذلك بظواهر .

أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد ، أخبرنا عبد الغفار بن محمد التاجر ، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح في رمضان ، فصام حتى بلغ الكديد ، ثم أفطر فأفطر الناس معه .

[ ص: 359 ] وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

قرأت على محمد بن عمر بن أحمد المديني ، أخبرك الحسن بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد العبدي ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، أخبرنا إسحاق الحنظلي ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر عن الزهري ، قال : ارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العمرة بعد ثلاث ، ثم غزا فتح مكة .

قال الزهري : فأخبرني عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من رمضان ، فصام وصام الناس معه ، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، ثم سار ومن معه من المسلمين حتى إذا كان بالكديد - وهو بين عسفان وقديد - أفطر وأفطر من معه من المسلمين ، ثم لم يصم بقية رمضان .

قال الزهري : وكان الفطر آخرهما ، إنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقال الزهري : فصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة لبضع عشر خلت من شهر رمضان .

التالي السابق


الخدمات العلمية