في التنبيهات : اللزوم ، وكل شيء ملزوم فهو رهن ، وهذا رهن أي محبوس دائم لك ، وكل شيء ثبت ، ودام فقد رهن . ويسمى آخذ الرهن مرتهنا - بكسر الهاء - وينطلق على الراهن ; لأنه سبيل الرهن . الرهن
قال الجوهري : يجوز رهنته ، وأرهنته رهنا ، وجمعه رهان كحبل ، وحبال . ويقال : رهن - بضمها - جمعا لرهان مثل فراش ، وفرش . ورهن معناه دام ، وثبت ، والراهن الثابت ، والراهن المعزول من الإبل ، والناس ، وأرهنت في السلعة غاليت فيها ، وأرهنت فيها أي أسلفت فيها . وأصله قوله تعالى : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) وعلى جوازه في الحضر ما في الصحيحين ، وهو أنه عليه السلام اشترى طعاما بثمن إلى أجل ، ورهن فيه درعه بالمدينة .
قال اللخمي : الإجماع عليه سفرا وحضرا إلا مجاهد منعه في الحضر بمفهوم قوله تعالى : ( وإن كنتم على سفر ) فشرط السفر . وجوابه أنما خصص السفر لغلبة فقدان الكاتب الذي هو البينة فيه .
تنبيه : إنما رهن عند اليهودي حذرا من مسامحة المسلمين ، أو إبرائهم ، وهو يدل على جواز الشراء بالنسيئة ، وعلى جوازه في الديون ، وعلى جواز ، وإن كانت أموالهم لا تخلو عن ثمن الخمور والربا . قال صاحب القبس : لم يصح إلا حديثان : هذا ، وفي معاملة أهل الذمة : البخاري ، وآخر أرسله الرهن محلوب ، ومركوب ، ويركب بنفقته [ ص: 76 ] ويحلب بنفقته مالك في الموطأ . قال عليه السلام : . غير أن الفقهاء اتفقوا على الأخذ به ، وزاد لا يغلق الرهن فيه : " الدارقطني . ويعارض حديث لا يغلق الرهن ، الرهن من راهنه الذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه المتقدم حيث جعله محلوبا ، ومركوبا بنفقته . البخاري
واتفق العلماء على أن منافع الراهن . وقال ( ح ) : هي عطل للحيلولة بين الراهن ، والرهن ، وعدم ملك المرتهن ، فلا تكون لواحد منهما . ويرد عليه حديث : " له غنمه " الحديث ، ونهيه عليه السلام عن إضاعة المال ، ولأن الراهن مالك إجماعا ، فهو أحق بمنافع ملكه . وقال ( ش ) : يستوفيهما الراهن عند نفسه . وقوله عليه السلام : " البخاري " يحمل على أنها كانت عادتهم ، أو برضا المتراهنين ، ومعنى " لا يغلق الرهن " لا يذهب هدرا لقول الشاعر ، وهو يركب بنفقتها ، ويحلب زهير :
وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
أي ذهب بغير جبر ، وفي ذلك أحوال :
أحدها : تفسير مالك هذا .
وثانيها : يهلك عند المرتهن ، فهل يضمن بقيمته ؟ قاله ( ح ) ، أو لا ؟ قاله ( ش ) ، أو يفرق بين ما يغيب عليه ، وغيره . قاله مالك . قال صاحب الاستذكار : مرسل الموطأ متصل من طرق ثابتة ، وروايته بضم القاف على الخبر ، أي : لا يذهب باطلا ، فيقول : إن لم آتك بالدين فالرهن لك . وقال أبو عبيدة : لا تجيز العرب : غلق ضاع ، بل إذا استحقه المرتهن ، فذهب به ، وهو قول مالك ، وجماهير العلماء . قال الخطابي : قال أحمد : للمرتهن حلب الرهن ، وركوبه بقدر النفقة لظاهر الحديث . وقال : إن لم ينفق المرتهن ، فكذلك ، وإلا فلا لقوله عليه السلام : أبو ثور . وقال ( ش ) : المنافع [ ص: 77 ] للراهن اتفق أم لا ، ومعنى الحديث أن وعلى الذي يركب ، ويحلب نفقته لا تبطل الرهن لصحته أولا ، وهو يدل على أن دوام القبض ليس شرطا . عارية الرهن
فائدة : قال الجوهري : يغلق الرهن - بفتح اللام - في المستقبل ، وكسرها في الماضي . وغلقا بفتح اللام في المصدر . قال الخطابي : أي لا ينغلق ، ويعقد حتى لا يقبل الفك ، بل متى أدى الحق انفك بخلاف المبيع لا يرجع أصلا .
تنبيه : يجوز ، ولا يجب خلافا للظاهرية لقوله تعالى : ( الرهن فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) ولأنه جعله بدل الشهادة ، وهي لا تجب ، فلا يجب .