[ ص: 245 ] السبب الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=14907التبذير ; لقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا " الآية المتقدمة ، فجعله تعالى مسلوب العبارة في الإقرار ، ومن سقط إقراره حجر عليه . وفي الكتاب : المبذر لماله سرفا في لذاته من الشراب والفسق وغيرهما ، ويسقط في ذلك سقوط من لا يعد المال شيئا يحجر عليه دون المصلح لماله الفاسق في دينه ، وإن كان له مال عند وصي قبضه ; لأن أثر الحجر صون المال ، وهو مصدق ، قال
ابن يونس : قال
أشهب : لا يحجر على الكبير إلا في البين التبذير ، قال
ابن القاسم : ، بل على الكل من لو كان له وصي لم يعط له ماله ، وكذلك من دفع إليه ماله ، ثم بذر ، ووافقنا ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال ( ح ) : لا يبتدأ
nindex.php?page=treesubj&link=14907الحجر على بالغ عاقل ، وإن بلغ مبذرا دفع إليه ماله بعد خمس وعشرين سنة ، وللمسألة أصلان : أحدهما : أن انتفاء ثمرة العقل كانتفائه عندنا ، وعنده المعتبر أصل العقل . وثانيهما : الحجر يثبت بالشرع تارة ، وبحكم الحاكم أخرى كالولاية ، وعنده بالشرع فقط .
لنا : الآية المتقدمة ، ولا يصح قولهم : السفيه المجنون ; لأن السفه يقابل بالرشد ، والجنون يقابل بالعقل ، والسفيه ليس برشيد ، والضعيف الصبي ، والذي لا يستطيع أن يمل : المجنون ، نفيا للترادف ، وقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال المفسرون قولين : أموالنا وأموالهم فعلى الأولى ، يدل بطريق الأولى ; لأنا إذا حجر علينا في أموالنا لهم أولى أموالهم ، وعلى الثاني : فهو المقصود ، ويكون مثل قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم " ، و : "
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فسلموا على أنفسكم " أي لا يقتل بعضكم بعضا ، ويسلم بعضكم على بعض ; ولأنه إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - . فقد مر
عثمان - رضي الله عنه - بأرض سبخة اشتراها
عبد الله بن جعفر بستين ألف درهم ، فقال : ما يسرني أن تكون لي بنعل ،
[ ص: 246 ] ( ثم لقي
عليا فقال : أما تقبض على يد ابن أخيك ؛ اشترى أرضا ما يسرني أن أتملكها بنعلي ) فقال
علي : لأحجرن عليه ، ففزع
عبد الله بن جعفر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام وأخبره بذلك ، فقال له
الزبير : لا تبالي وأنا شريكك ، ثم جاء علي إلى
عثمان فسأله الحجر عليه . فقال
عثمان : كيف أحجر على رجل شريكه
الزبير ؟ ولم ينكر منهم أحد ذلك . فكان إجماعا ، وهذا هو المعهود في السلف والخلف ، ولو صح ما قاله ( ح ) لقال له
الزبير : لا يحجر على بالغ .
ولا يقال : هذا حجة عليكم ; لأن التبذير وجد وما حصل حجر ، بل ينبغي الحجر على
الزبير مع
عبد الله لما ذكرتم .
لأنا نقول : لما اقتسما الغبن صار نصيب كل واحد بغبن الرشيد في مثله ، وأما قول
عثمان - رضي الله عنه - : لا يسرني بنعل ، أي ما رغبته ، والعقلاء الرشداء تختلف رغباتهم اختلافا شديدا ; ولأنه معني لو قارن البلوغ منع دفع المال ، فكذلك إذا طرأ بعده كالجنون .
احتجوا بقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده " ، والأشد خمس وعشرون سنة . ومفهومه : أنه لا يقرب بعد الأشد وهو المطلوب ; ولأن حقوق الأبد أن تتعلق به فأولى الأموال ، ويقبل إقراره في نفسه بالجنايات فأولى في ماله ، ولأن الآية التي تمسك بها الخصم تدل لنا ; لقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " إلى قوله تعالى "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليملل وليه " ، فمقتضاها أن السفيه يداين ويعامل .
[ ص: 247 ] والجواب عن الأول : أن الأشد البلوغ ، وعن الثاني : يبطل فالعبد والمريض محجور عليهما في المال دون النفس ، والسر أن الوازع الطبيعي يمنع من الإقرار بالقصاص والحدود ، ويحث على اللذات والشهوات ; فلذلك حمل إقراره في الأبدان على تحقق السبب الشرعي بخلاف المال ، وعن الثالث : أن الاستثناء أخرج هؤلاء الثلاثة عن المداينة ، ولا يصح قولهم : الهاء في ( وليه ) للحق ; لأن إقرار صاحب الحق لا يوجب شيئا ، ولأنه جمع الثلاثة بحرف العطف ، والصبي والمجنون يقر عنه وليه بالبيع والشراء وقبض الثمن ، والسلم فكذلك المبذر ; لأن العطف يقتضي التسوية ، قال
مالك : ولا يتولى الحجر إلا القاضي دون صاحب الشرط ، أمر مختلف فيه فيحتاج إلى اجتهاد في الاختبار ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=14932أراد الحجر على ولده أتى به الإمام ليحجر عليه ، ويشهره في الأسواق والجامع ، ويشهد على ذلك ، فمن عامله بعد ذلك فهو مردود . قال بعض البغداديين :
nindex.php?page=treesubj&link=26356ولا يزول الحجر عن محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم ، للحاجة للاختبار وتحقق إبطال سبب الحجر ، وفي الجواهر : يزول الحجر عن المبذر إذا عرف منه زوال ذلك .
فرع
قال
اللخمي : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=24985تصرف من يستحق الحجر قبل الحجر نفذه
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة ،
وابن نافع ; لعدم حجر الحاكم ; لأنه العلة عندهم ، وأبطله
ابن القاسم لوجود السفه ، ورده
مطرف إن لم يأت عليه حالة رشد ; لأنه لم يزل في ولاية وإلا نفذ ، إلا أن يكون بيعة خديعة فيبيع ما يسوي ألفا بمائة ، ففرق بين هبته وبيعه ، قال : والصواب رد الهبة ، ويضمنها الموهوب له إن صون بها ماله ، وفي الجواهر : وقيل : يرد تصرفه إن كان ظاهر التصرف وإلا فلا ، لقلة الفساد وعكسه لو رشد ، ولم ينفك الحجر عنه ، فيختلف فيه هل يراعى السفه - وقد زال - أو حجر الحاكم وهو باق .
فرع
في المقدمات :
nindex.php?page=treesubj&link=14921السفيه البالغ يلزمه جميع حقوق الله تعالى التي أوجبها على
[ ص: 248 ] عباده في بدنه وماله من الحد والقصاص والطلاق . وقال
أبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى : لا يقع الطلاق ; لأنه أمر تقع المعاوضة عليه فهو تصرف في المال بغير عوض ، وينظر له وليه إن رأى كفر عنه بالعتق ، ويمسك عليه امرأته - فعل ، أو يعتق أو يفرق بينهما ، ولا يجيزه الصيام ولا الإطعام إن حمل ماله العتق ، وقال
محمد : إذا لم ير له وليه أن يكفر عنه بالعتق فله هو أن يكفر بالصيام ، ولا يطلق عليه في مذهبه حتى يضرب له أجل الإيلاء إن طلبته المرأة ، ولا حد في ذلك عند
ابن القاسم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : لا يعتق عنه وليه إلا في أول مرة ; لأن المرة الواحدة تقع للعاقل والسفيه . وقال
محمد : وأما الإيلاء إن دخل عليه بسبب يمين بالطلاق هو فيها على حنث ، أو بامتناع وليه من التكفير في الظهار - لزمه ، وأما إن
nindex.php?page=treesubj&link=14949حلف على ترك الوطء بعتق أو صدقة مما يدخل تحت الحجر لم يلزمه الإيلاء ، أو بالله تعالى لزمه الإيلاء إن لم يكن له مال ولم يلزمه إن كان له ، أو بصيام أو صلاة مما يلزمه الإيلاء ، وعلى قول
محمد : يلزمه الإيلاء باليمين بالله تعالى وإن كان له مال ، ولا يلزمه تبرع ولا عتق ولا معروف في ماله إلا أن يعتق أم ولد ; لأنه كالطلاق إذ ليس فيها إلا الاستمتاع ، وفي تبعية مالها لها ثلاثة أقوال : يتبعها عند
مالك وأشهب ، لا يورث بشهادة النساء على النسب فلا يثبت الأصل ويثبت الفرع ، فالتبع أمره خفيف ، ولا يتبعها عند
ابن القاسم ; لأن تصرفه لا ينفذ في المال ، ويتبع القليل فقط عند
أصبغ . وقال
المغيرة : لا يلزمه عتقها ; لأنه معروف نشأ عن المال ، ولو قتلت لأخذ قيمتها ، ولا ينفذ إقراره بالدين إلا في المرض فيكون في الثلث ، وبيعه وشراؤه وزواجه من المعاوضات موقوف على إجازة وليه ورده ، ويجتهد له في ذلك ، فإن لم يكن ولي فالقاضي ، فإن لم يفعل حتى رشد يخير هو في ذلك ، فإن رد بيعه أو شراؤه وقد تلف الثمن لم يتبع ماله بشيء ، فإن أولد الأمة فقيل : فوت ، وقيل : لا . كالعتق وترد ، ولا يكون عليه من قيمة الولد شيء ، فإن أنفق الثمن فيما لا بد له منه ، ففي اتباع ماله به قولان .
[ ص: 249 ] فإن
nindex.php?page=treesubj&link=14950باع أمة ، فأولدها المشتري ، أو أعتقها ، أو غنما فتناسلت ، أو بقعة فبناها ، أو ما يغتل فاغتله فهو كمن استحق من يده بعد إحداث ذلك فيه ، ترد الأمة وينقض العتق ، ويأخذ الأمة التي ولدت ، وقيمة الولد على الخلاف المعلوم ، وإن كان الولد من غيره بتزويج أخذه مع الأم ، ويأخذ الغنم ونسلها ، وعليه قيمة البناء قائما في البنيان ، وتكون الغلة بالضمان ، هذا كله إن لم يعلم أنه مولى عليه ، وإلا فحكمه حكم الغاصب يرد الغلة وله قيمة البناء منقوضا ، وفي رد ما فات بالبيع والهبة والعتق والصدقة ولم يعلم به حتى مات هل يرد بعد الموت ؟ قولان .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=24984_11013_11152تزوج ولم يعلم الولي بنكاحه هل ترثه المرأة وتأخذ الصداق ؟ أقوال : لا ترث ولا صداق إلا أن يدخل بقدر ما يستحل به فرجها ، وتأخذ الميراث ، والصداق ، وترث . وإن كان النكاح غبطة فلها الصداق ، دخل أم لا ، أو على وجه الغبطة ردت الصداق إلا ربع دينار إن دخل بها ، وإلا فلا ، قاله
أصبغ ، والقولان المتقدمان
لابن القاسم ، وذلك مبني هل فعله على الجواز حتى يرد ، أو على الرد حتى يجاز ؟ وهل يزوجه بغير أمره كالصغير أو إلا بأمره ؟ قولان من المدونة . وكذلك المخالعة بغير إذنه أو إلا بإذنه وهو في المدونة . ويلزمه ما أتلف اتفاقا ، فإن أوتمن عليه فخلاف ، ولا يحلف إذا ادعي عليه في ماله ، بخلاف ما يجوز فيه إقراره ويحلف مع شاهده ويستحق ، وإن نكل حلف المدعى عليه وبرئ عند
ابن القاسم ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : إن نكل فكذلك إلا أن يحسن حاله ، فيكون له أن يحلف ويستحق كالصغير يبلغ ويعقل مع المعاملة . ويجوز عفوه عن دمه خطأ أو عمدا ; لأنه ليس بماله وفي دون النفس من الجراح نفذه
ابن القاسم ; لأن أصله ليس بمال ، ورده
عبد الملك ; لأنه يصالح عليه بالمال واختلف في شهادته إذا كان مثله لو طلب ماله أخذه وهو عدل ، جوزها
مالك وردها
أشهب .
[ ص: 250 ] فرع
في الجواهر : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=24984_14949استدان المحجور بغير إذن الولي ، ثم فك حجره لم يلزمه ذلك إن حجر عليه لحق نفسه ، والصغير دون من حجر عليه لغيره كالعبد يعتق إلا أن يفسخه عنه سيده قبل عتقه . فرع
قال
الأبهري قال
مالك : ليس على الولي الإنكار على من يعامل مال المحجور ; لأن المعامل إن علم فهو المفرط ، وإلا فعليه التعرف . فرع
قال : قال
مالك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=14950باع المولى عليه ثوبا فتداولته الأملاك فصبغه الأخير قوم على المبتاع أبيض بغير صبغ ، ويتراجعون الأثمان فيما بينهم ، ويؤخذ الثوب إن وجد ; لأنه لم يزل عن ملكه ، وإلا فعلى الذي تلف عنده قيمته إن تلف بصبغه ، ولا يلزم المحجور عليه شيء في ذلك ; لأن المشتري منه أتلف ماله ، والذي صبغ شريك في الثوب بما زاد . فرع
قال : قال
مالك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=14962اكترى دابة فتعدى عليها فتلفت ، فلا ضمان عليه ; لأن صاحبها هو متلفها حيث سلمها له ، وإن لم يعلم فقد فرط في عدم التعرف . فرع
في النوادر قال
عبد الملك : إذا بعت مولى وأخذت حميلا بالثمن فرد ذلك السلطان ، وأسقطه عن المولى ، فإن جهلت أنت والحميل حاله لزمت الحمالة ; لأنه أدخلك فيما لو شئت كشفته ، وإن دخلت في ذلك بعلم سقطت الحمالة علم الحميل أم لا لبطلان أصلها .
[ ص: 251 ] فرع
قال : قال
عبد الملك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=14950دفعت إلى مولى عليه دنانير سلما في سلعة فاشترى بها اليتيم سلعة أو وهبها رجلا فلك أخذ الدنانير بعينها من الثاني . قال
عيسى : ولو اشترى بها أمة فأحبلها فهي له أم ولد ، وليس لك أخذها في مالك ، وترد أنت السلعة ، ولو ابتاع هو أمة فأولدها ردها - والولد ولده - بغير قيمة عليه .
[ ص: 245 ] السَّبَبُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=14907التَّبْذِيرُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا " الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ ، فَجَعَلَهُ تَعَالَى مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ فِي الْإِقْرَارِ ، وَمَنْ سَقَطَ إِقْرَارُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ . وَفِي الْكِتَابِ : الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ سَرَفًا فِي لَذَّاتِهِ مِنَ الشَّرَابِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِهِمَا ، وَيَسْقُطُ فِي ذَلِكَ سُقُوطَ مَنْ لَا يَعُدُّ الْمَالَ شَيْئًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُصْلِحِ لِمَالِهِ الْفَاسِقِ فِي دِينِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيٍّ قَبَضَهُ ; لِأَنَّ أَثَرَ الْحَجْرِ صَوْنُ الْمَالِ ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
أَشْهَبُ : لَا يُحْجَرُ عَلَى الْكَبِيرِ إِلَّا فِي الْبَيِّنِ التَّبْذِيرِ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : ، بَلْ عَلَى الْكُلِّ مَنْ لَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ لَمْ يُعْطَ لَهُ مَالُهُ ، وَكَذَلِكَ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ ، ثُمَّ بَذَّرَ ، وَوَافَقَنَا ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ ( ح ) : لَا يُبْتَدَأُ
nindex.php?page=treesubj&link=14907الْحَجْرُ عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ ، وَإِنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَلِلْمَسْأَلَةِ أَصْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ انْتِفَاءَ ثَمَرَةِ الْعَقْلِ كَانْتِفَائِهِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَهُ الْمُعْتَبَرُ أَصْلُ الْعَقْلِ . وَثَانِيهِمَا : الْحَجْرُ يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ تَارَةً ، وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ أُخْرَى كَالْوَلَايَةِ ، وَعِنْدَهُ بِالشَّرْعِ فَقَطْ .
لَنَا : الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ : السَّفِيهُ الْمَجْنُونُ ; لِأَنَّ السَّفَهَ يُقَابَلُ بِالرُّشْدِ ، وَالْجُنُونَ يُقَابَلُ بِالْعَقْلِ ، وَالسَّفِيهُ لَيْسَ بِرَشِيدٍ ، وَالضَّعِيفُ الصَّبِيُّ ، وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ : الْمَجْنُونُ ، نَفْيًا لِلتَّرَادُفِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ " ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَيْنِ : أَمْوَالُنَا وَأَمْوَالُهُمْ فَعَلَى الْأُولَى ، يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ; لِأَنَّا إِذَا حُجِرَ عَلَيْنَا فِي أَمْوَالِنَا لَهُمْ أَوْلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَعَلَى الثَّانِي : فَهُوَ الْمَقْصُودُ ، وَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ " ، وَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ " أَيْ لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ; وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - . فَقَدْ مَرَّ
عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْضٍ سَبِخَةٍ اشْتَرَاهَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَكُونَ لِي بِنَعْلٍ ،
[ ص: 246 ] ( ثُمَّ لَقِيَ
عَلِيًّا فَقَالَ : أَمَا تَقْبِضُ عَلَى يَدِ ابْنِ أَخِيكَ ؛ اشْتَرَى أَرْضًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ أَتَمَلَّكَهَا بِنَعْلِي ) فَقَالَ
عَلِيٌّ : لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهِ ، فَفَزِعَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ
الزُّبَيْرُ : لَا تُبَالِي وَأَنَا شَرِيكُكَ ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى
عُثْمَانَ فَسَأَلَهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ . فَقَالَ
عُثْمَانُ : كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ
الزُّبَيْرُ ؟ وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ذَلِكَ . فَكَانَ إِجْمَاعًا ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ ( ح ) لَقَالَ لَهُ
الزُّبَيْرُ : لَا يُحْجَرُ عَلَى بَالِغٍ .
وَلَا يُقَالُ : هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ ; لِأَنَّ التَّبْذِيرَ وُجِدَ وَمَا حَصَلَ حَجْرٌ ، بَلْ يَنْبَغِي الْحَجْرُ عَلَى
الزُّبَيْرِ مَعَ
عَبْدِ اللَّهِ لِمَا ذَكَرْتُمْ .
لِأَنَّا نَقُولُ : لَمَّا اقْتَسَمَا الْغَبْنَ صَارَ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ بِغَبْنِ الرَّشِيدِ فِي مِثْلِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : لَا يَسُرُّنِي بِنَعْلٍ ، أَيْ مَا رَغِبْتُهُ ، وَالْعُقَلَاءُ الرُّشَدَاءُ تَخْتَلِفَ رَغَبَاتُهُمُ اخْتِلَافًا شَدِيدًا ; وَلِأَنَّهُ مَعْنِيٌّ لَوْ قَارَنَ الْبُلُوغَ مُنِعَ دَفْعَ الْمَالِ ، فَكَذَلِكَ إِذَا طَرَأَ بَعْدَهُ كَالْجُنُونِ .
احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ " ، وَالْأَشُدُّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً . وَمَفْهُومُهُ : أَنَّهُ لَا يُقْرَبُ بَعْدَ الْأَشُدِّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ ; وَلِأَنَّ حُقُوقَ الْأَبَدِ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ فَأَوْلَى الْأَمْوَالُ ، وَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي نَفْسِهِ بِالْجِنَايَاتِ فَأَوْلَى فِي مَالِهِ ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا الْخَصْمُ تَدُلُّ لَنَا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ " ، فَمُقْتَضَاهَا أَنَّ السَّفِيهَ يُدَايِنُ وَيُعَامِلُ .
[ ص: 247 ] وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْأَشُدَّ الْبُلُوغُ ، وَعَنِ الثَّانِي : يَبْطُلُ فَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ دُونَ النَّفْسِ ، وَالسِّرُّ أَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ ، وَيُحِثُّ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ ; فَلِذَلِكَ حُمِلَ إِقْرَارُهُ فِي الْأَبْدَانِ عَلَى تَحَقُّقِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ بِخِلَافِ الْمَالِ ، وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ عَنِ الْمُدَايَنَةِ ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ : الْهَاءُ فِي ( وَلِيُّهُ ) لِلْحَقِّ ; لِأَنَّ إِقْرَارَ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا يُوجِبُ شَيْئًا ، وَلِأَنَّهُ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُقِرُّ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ ، وَالسَّلْمِ فَكَذَلِكَ الْمُبَذِّرُ ; لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ، قَالَ
مَالِكٌ : وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إِلَّا الْقَاضِي دُونَ صَاحِبِ الشَّرْطِ ، أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادٍ فِي الِاخْتِبَارِ ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=14932أَرَادَ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ الْإِمَامُ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ ، وَيُشْهِرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَامِعِ ، وَيَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ، فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ . قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ :
nindex.php?page=treesubj&link=26356وَلَا يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، لِلْحَاجَةِ لِلِاخْتِبَارِ وَتَحَقُّقِ إِبْطَالِ سَبَبِ الْحَجْرِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : يَزُولُ الْحَجْرُ عَنِ الْمُبَذِّرِ إِذَا عُرِفَ مِنْهُ زَوَالُ ذَلِكَ .
فَرْعٌ
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24985تَصَرَّفَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ قَبْلَ الْحَجْرِ نَفَّذَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنُ كِنَانَةَ ،
وَابْنُ نَافِعٍ ; لِعَدَمِ حَجْرِ الْحَاكِمِ ; لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ عِنْدَهُمْ ، وَأَبْطَلَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ لِوُجُودِ السَّفَهِ ، وَرَدَّهُ
مُطَرِّفٌ إِنْ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ حَالَةُ رُشْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي وَلَايَةٍ وَإِلَّا نُفِّذَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعَةَ خَدِيعَةٍ فَيَبِيعَ مَا يَسْوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ ، فَفَرَّقَ بَيْنَ هِبَتِهِ وَبَيْعِهِ ، قَالَ : وَالصَّوَابُ رَدُّ الْهِبَةِ ، وَيَضْمَنُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إِنْ صَوَنَ بِهَا مَالَهُ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : وَقِيلَ : يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ إِنْ كَانَ ظَاهِرَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا ، لِقِلَّةِ الْفَسَادِ وَعَكْسُهُ لَوْ رَشَدَ ، وَلَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ ، فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يُرَاعَى السَّفَهُ - وَقَدْ زَالَ - أَوْ حَجْرُ الْحَاكِمِ وَهُوَ بَاقٍ .
فَرْعٌ
فِي الْمُقَدِّمَاتِ :
nindex.php?page=treesubj&link=14921السَّفِيهُ الْبَالِغُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى
[ ص: 248 ] عِبَادِهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ مِنَ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ . وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى : لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقَعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَيَنْظُرُ لَهُ وَلِيُّهُ إِنْ رَأَى كَفَّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ ، وَيُمْسِكُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ - فَعَلَ ، أَوْ يُعْتِقُ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يُجِيزُهُ الصِّيَامُ وَلَا الْإِطْعَامُ إِنْ حَمَلَ مَالُهُ الْعِتْقَ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا لَمْ يَرَ لَهُ وَلِيُّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ فَلَهُ هُوَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى يَضْرِبَ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ إِنْ طَلَبَتْهُ الْمَرْأَةُ ، وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنُ كِنَانَةَ : لَا يَعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ ; لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ تَقَعُ لِلْعَاقِلِ وَالسَّفِيهِ . وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : وَأَمَّا الْإِيلَاءُ إِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ يَمِينٍ بِالطَّلَاقِ هُوَ فِيهَا عَلَى حِنْثٍ ، أَوْ بِامْتِنَاعِ وَلِيِّهِ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارِ - لَزِمَهُ ، وَأَمَّا إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=14949حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَجْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِيلَاءُ ، أَوْ بِاللَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِنْ كَانَ لَهُ ، أَوْ بِصِيَامٍ أَوْ صَلَاةٍ مِمَّا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ ، وَعَلَى قَوْلِ
مُحَمَّدٍ : يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبَرُّعٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا مَعْرُوفٌ فِي مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَعْتِقَ أُمَّ وَلَدٍ ; لِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِمْتَاعُ ، وَفِي تَبَعِيَّةِ مَالِهَا لَهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : يُتْبِعُهَا عِنْدَ
مَالِكٍ وَأَشْهَبَ ، لَا يُورِثُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ الْأَصْلُ وَيَثْبُتُ الْفَرْعُ ، فَالتَّبَعُ أَمْرُهُ خَفِيفٌ ، وَلَا يَتْبَعُهَا عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ ; لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَا يَنْفُذُ فِي الْمَالِ ، وَيَتَّبِعُ الْقَلِيلَ فَقَطْ عِنْدَ
أَصْبَغَ . وَقَالَ
الْمُغِيرَةُ : لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا ; لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ نَشَأَ عَنِ الْمَالِ ، وَلَوْ قُتِلَتْ لَأَخَذَ قِيمَتَهَا ، وَلَا يَنْفُذُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إِلَّا فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ ، وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَزَوَاجُهُ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ وَرَدِّهِ ، وَيَجْتَهِدُ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَالْقَاضِي ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَشَدَ يُخَيَّرُ هُوَ فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ رُدَّ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ لَمْ يُتْبَعْ مَالُهُ بِشَيْءٍ ، فَإِنْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَقِيلَ : فَوْتٌ ، وَقِيلَ : لَا . كَالْعِتْقِ وَتُرَدُّ ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْءٌ ، فَإِنْ أَنْفَقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ ، فَفِي اتِّبَاعِ مَالِهِ بِهِ قَوْلَانِ .
[ ص: 249 ] فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=14950بَاعَ أَمَةً ، فَأَوَلَدَهَا الْمُشْتَرِي ، أَوْ أَعْتَقَهَا ، أَوْ غَنَمًا فَتَنَاسَلَتْ ، أَوْ بُقْعَةً فَبَنَاهَا ، أَوْ مَا يُغْتَلُّ فَاغْتَلَّهُ فَهُوَ كَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ إِحْدَاثِ ذَلِكَ فِيهِ ، تُرَدُّ الْأَمَةُ وَيُنْقَضُ الْعِتْقُ ، وَيَأْخُذُ الْأَمَةَ الَّتِي وَلَدَتْ ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْلُومِ ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِتَزْوِيجٍ أَخَذَهُ مَعَ الْأُمِّ ، وَيَأْخُذُ الْغَنَمَ وَنَسْلَهَا ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا فِي الْبُنْيَانِ ، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ ، هَذَا كُلُّهُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا ، وَفِي رَدِّ مَا فَاتَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يُرَدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ قَوْلَانِ .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24984_11013_11152تَزَوَّجَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ بِنِكَاحِهِ هَلْ تَرِثُهُ الْمَرْأَةُ وَتَأْخُذُ الصَّدَاقَ ؟ أَقْوَالٌ : لَا تَرِثُ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا ، وَتَأْخُذُ الْمِيرَاثَ ، وَالصَّدَاقَ ، وَتَرِثُ . وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ ، دَخَلَ أَمْ لَا ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْغِبْطَةِ رَدَّتِ الصَّدَاقَ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ إِنْ دَخَلَ بِهَا ، وَإِلَّا فَلَا ، قَالَهُ
أَصْبَغُ ، وَالْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ
لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ هَلْ فِعْلُهُ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يُرَدَّ ، أَوْ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ ؟ وَهَلْ يُزَوِّجُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَالصَّغِيرِ أَوْ إِلَّا بِأَمْرِهِ ؟ قَوْلَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ . وَكَذَلِكَ الْمُخَالَعَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ . وَيَلْزَمُهُ مَا أَتْلَفَ اتِّفَاقًا ، فَإِنْ أُوتُمِنَ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ ، وَلَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ، بِخِلَافِ مَا يَجُوزُ فِيهِ إِقْرَارُهُ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنِ كِنَانَةَ : إِنْ نَكَلَ فَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَحْسُنَ حَالُهُ ، فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ كَالصَّغِيرِ يَبْلُغُ وَيَعْقِلُ مَعَ الْمُعَامَلَةِ . وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ دَمِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِهِ وَفِي دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِرَاحِ نَفَّذَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ; لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ ، وَرَدَّهُ
عَبْدُ الْمَلِكِ ; لِأَنَّهُ يُصَالَحُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَتِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طُلِبَ مَالُهُ أَخَذَهُ وَهُوَ عَدْلٌ ، جَوَّزَهَا
مَالِكٌ وَرَدَّهَا
أَشْهَبُ .
[ ص: 250 ] فَرْعٌ
فِي الْجَوَاهِرِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24984_14949اسْتَدَانَ الْمَحْجُورُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ ، ثُمَّ فُكَّ حَجْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ ، وَالصَّغِيرُ دُونَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَبْدِ يُعْتَقُ إِلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ . فَرْعٌ
قَالَ
الْأَبْهَرِيُّ قَالَ
مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُعَامِلُ مَالَ الْمَحْجُورِ ; لِأَنَّ الْمُعَامِلَ إِنْ عَلِمَ فَهُوَ الْمُفَرِّطُ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ التَّعَرُّفُ . فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14950بَاعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَوْبًا فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَصَبَغَهُ الْأَخِيرُ قُوِّمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَبْيَضَ بِغَيْرِ صَبْغٍ ، وَيَتَرَاجَعُونَ الْأَثْمَانَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَيُؤْخَذُ الثَّوْبُ إِنْ وُجِدَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَنْ مِلْكِهِ ، وَإِلَّا فَعَلَى الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ قِيمَتُهُ إِنْ تَلِفَ بِصَبْغِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ أَتْلَفَ مَالَهُ ، وَالَّذِي صَبَغَ شَرِيكٌ فِي الثَّوْبِ بِمَا زَادَ . فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14962اكْتَرَى دَابَّةً فَتَعَدَّى عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ صَاحَبَهَا هُوَ مُتْلِفُهَا حَيْثُ سَلَّمَهَا لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ فِي عَدَمِ التَّعَرُّفِ . فَرْعٌ
فِي النَّوَادِرِ قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِذَا بِعْتَ مَوْلًى وَأَخَذْتَ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ ، وَأَسْقَطَهُ عَنِ الْمَوْلَى ، فَإِنْ جَهِلْتَ أَنْتَ وَالْحَمِيلُ حَالَهُ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ ; لِأَنَّهُ أَدْخَلَكَ فِيمَا لَوْ شِئْتَ كَشَفْتَهُ ، وَإِنْ دَخَلْتَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ أَصْلِهَا .
[ ص: 251 ] فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14950دَفَعْتَ إِلَى مُوَلًّى عَلَيْهِ دَنَانِيرَ سَلَمًا فِي سِلْعَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا الْيَتِيمُ سِلْعَةً أَوْ وَهَبَهَا رَجُلًا فَلَكَ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِعَيْنِهَا مِنَ الثَّانِي . قَالَ
عِيسَى : وَلَوِ اشْتَرَى بِهَا أَمَةً فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ ، وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا فِي مَالِكَ ، وَتَرُدُّ أَنْتَ السِّلْعَةَ ، وَلَوِ ابْتَاعَ هُوَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا رَدَّهَا - وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ - بِغَيْرِ قِيمَةٍ عَلَيْهِ .