تمهيد
قال ( ش ) ، و ( ح ) : ولاء السائبة للمعتق . لنا : ما تقدم ، ولأن المعتق ملكهم ملك المسلمين في عتقه ، فهو كالوكيل عنهم ، كأرباب الزكاة ، ولأن الولاء كالنسب ، ولما كان له أن يتزوج ويتسرى فيدخل النسب على عصبته بغير اختيارهم فكذلك الولاء ، والولاء يرجع للميراث ، والإنسان يتزوج فيلد من يرثه المسلمون ، احتجوا : بأن العرب كانت تسيب الأنعام والعبيد ، فنهوا بالآية ، ولأنه لو صرح بقوله : لا ولاء لي عليك ، لم يبطل ولاؤه ، وأولى في قوله ، أنت سائبة ، وعتق الإنسان عن أبيه إنما جاز لأن النسب قد يلحق بأبيه ، فكذلك يعتق عنه ، والمسلمون يرثون بالدين لا بالنسب ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - ( الولاء لمن أعتق ) .
والجواب عن الأول : أنه لم يعرف عنهم في العبيد .
[ ص: 183 ] عتق الوصي عن الميت أن ولاءه للميت ، وفي ( الموطأ ) ( قال : يا رسول الله : إن أمي هلكت وليس لها مال ، أينفعها أن أعتق عنها ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم سعد بن عبادة ) فأعتق عنها ، وفي حديث آخر : أن ، وأعتقت أعتق عنها وتصدق ، فإنه سبب لها عائشة - رضي الله عنها - عن رقابا كثيرة بعد موته ، وكان ولاؤهم لمن يرث الولاء عن أخيها ، وقوله تعالى : ( عبد الرحمن بن أبي بكر وفي الرقاب ) هي الرقبة تعتق من الزكاة ، فولاؤها للمسلمين ، قال محمد : وإن أعتق عبده بشرط أن ولاءه لفلان بطل الشرط ، وهو للمعتق إلا أن يقول : أنت حر عن فلان ، وإن قال : أنت حر عن فلان وولاؤك لي ، بطل الشرط ، وهو للمعتق عنه ، وإن ، وإن قلت لمدبرك : أنت حر عن فلان ، عتق وولاؤه لك ، لأنه تابع لعقد التدبير ، قال قلت لمدبرك : أنت حر عن فلان ، عتق وولاؤه للمعتق عنه ابن القاسم : وإن ، وإن بعت مدبرك بشرط العتق ، فأعتقه المشتري ، فولاؤه للمشتري ، وكذلك بيعها ممن يعتقها ، كما لو أعطاه مالا على عتقها ، وقال أعتقت أم ولدك عن رجل ، نفذ العتق ، وولاؤها لك : يبطل العتق وترد إليك تبقى أم ولد ، وإن بعتها بغير شرط العتق فأعتقها المشتري : قال سحنون محمد : ينقض العتق وترجع أم ولد سيدها ، ويرد الثمن ، بخلاف المدبر لتأكد عتقها ، قال اللخمي : بيع الولاء لا يجوز للحديث ، ولأنه غرر لا يدري هل لا يتبع بإرثه وغيره أم لا ؟ وأما الهبة : فلأنها هبة لما بعد موت المعتق ، فهي هبة لملك الغير ، وتختلف ، هل يصح فيما يكون في حياة الواهب ، لأنه وهب ما يكون من الميراث في صحته ، كما لو وهب في صحته ما يرث من أبيه ، وقد اختلف فيه ، وإن وهب ذلك في مرض المولى صحت الهبة على المشهور ، والولاء للمعتق ، وأعتقه عن نفسه ، وأن يكون المعتق كأصل الحرية ليس مدبرا ، ولا مكاتبا ، ولا معتقا إلى أجل ، [ ص: 184 ] وعن الثاني : أنا نلتزمه ، فإذا قال : لا ولاء لي عليك ، يكون ولاؤه للمسلمين .
وعن الثالث : أن النسب يلحق أيضا بالمسلمين . لأنهم عصبة من لا وارث له .
وعن الرابع : أن الوارث يرث بالدين لا بالنسب ، لأنه لو كان كافرا ما ورثه المسلم .
وعن الخامس : أنه مطلق في الأعيان ، فحمله على من أعتق عن نفسه ، وإلا لزم عتق الوكيل ، وقال ( ش ) : إن ، أو بغير أمره فالولاء للعتق . وقال ( ح ) : لمعتق مطلقا ، لنا : ما تقدم ، احتجوا : بقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أعتق عن الغير بأمره ، فالولاء لمن أعتق عنه ) ولأنه إذا أعتق بأمره كأنه مالكه وأعتق عنه بالوكالة . الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى
والجواب عن الأول : أنه لنا ، لأنه نوى أن يكون الولاء للمسلمين .
والجواب عن الثاني : أن الإذن ليس شرطا ، لأنه لو أعتق عن محجور عليه وقيل : وليه ذلك صح ، فيفرض من أعتق عن المسلمين بإذن الإمام ، فإنه لا ضرر على المسلمين في ذلك ، وإذا صح في جميع الصور ، لأنه لا قليل يقوت ، فإن قيل : ولاية اليتيم خاصة ، لأنه يتبع ماله ، ويخرج جميع ما يلزمه ، وولاية الإمام عامة ، قلنا : يلزمكم أنكم وافقتم إذا مات وعليه كفارة ، فأعتق عنه ولده وقع العتق ، وكان الولاء للمعتق عنه ، ولا إذن للميت .