الفصل الثالث : ، قال صاحب التنبيهات : قال أهل اللغة : لا يقال : لبنات آدم لبن ، بل لبان ، قال : والأحاديث خلاف قولهم ، وفي الجواهر : لا يشترط فيه أن يكون من وطء حلال على مشهور الروايتين ، [ ص: 273 ] وضابطه : أن اللبن المرضع ، وإن وجب الحد وانتفى الولد لا ينشر ، وإن انتفى الولد وسقط الحد ، فالرواية الأخيرة : نشره لظهور شبه النكاح المشروع من حيث الجملة هذا كله في حق الراضع . كل وطء يلحق به الولد ويدرأ الحد ينشر لبنه الحرمة
وأما المرضعة فالأم مطلقا ; لأن الزنا لا ينافي الأمومة ، ولو فهي ابنة من يثبت له نسب الولد ، وقال وطئت المتزوجة بشبهة ، وأتت بولد يحتمل أن يكون منهما فأرضعت صغيرة محمد : يحرم عليها ، وإذا دام لبن المطلقة سنين فهو منسوب للزوج ، وقيل : ينقطع بوطء زوج ثان وإن دام ، وإذا فرعنا على الأول : فولدت أو حملت ، فقيل : ينقطع بالحمل ، وقيل : بالولادة ، وقيل : لا ينقطع إلا بانقطاعه ، وحيث لم يحكم بانقطاعه فالولد لهما ، ومنشأ الخلاف هل يكون طرء الزوج أو الحمل مغيرا للبن حتى تكون نسبته إلى الطارئ أولى أم لا .
فرع
قال اللخمي : إذا سقط حكمه ; لأنه كان سبب التكثير ، والطول يبطله ، والحرمة تقع بالإنزال بالوطء لقوله عليه السلام : ( تزوجت فولدت ثم تزوجت وطلقها ثم ثالثا ، ولبن الأول باق ، وطالت المدة عن إصابة الوسط ) ، ولو قبل أو باشر فدرت اللبن لم يكن أبا إجماعا ، وإن كان وجود سببه لبعد السبب . لا يسق أحدكم ماءه زرع غيره
[ ص: 274 ] فرع
ليس من شرطه عدد رضعات بل مطلق الرضاع يحرم ، وقاله ( ح ) ، واشترط ( ش ) خمس رضعات ; لقول عائشة - رضي الله عنها - في مسلم : فتوفي - عليه السلام - وهو فيما يقرأ من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ، ولقوله عليه السلام : ( كان فيما أنزل الله تعالى من القرآن : لا تحرم الرضعة ، ولا الرضعتان ، ولا المصة ، ولا المصتان ) ، ولأنه سبب تحريم فيشترط فيه العدد كاللعان ، والجواب عن الأول : أن إحالته على القرآن الباقي بعده - عليه السلام - يقتضي عدم اعتباره ; لأنه لو كان قرآنا لتلي الآن لقوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ( الحجر : 9 ) ، وعن الثاني : أن في سنده طعنا ، سلمناه لكنه مروي عن عائشة رضي الله عنها فهو مستنبط من الأول ، وقد ظهر بطلانه ، وعن الثالث : أنه مغلوب بأنه سبب تحريم فلا يتوقف على الخمس كاللعان ، ومعارض بأنه سبب تحريم فلا يتوقف على العدد كالنكاح على غير الزوج كالطلاق على الزوج ، إذا ظهر ذلك بطل قول الشافعية إن القرآن مطلق والسنة مقيدة ، فيحمل المطلق على المقيد .
تفريع ، في الكتاب : ، وقاله الأئمة لحصول المقصود ، وكذلك السعوط ، والحقنة الواصلة إلى محل الغذاء . الوجور يحرم
فائدة : الوجور بفتح الواو : الصب في وسط الفم ، واللدود : الصب في أحد جانبيه من لديدي الوادي ، وهما جانباه ، وفي الجواهر : في السعوط [ ص: 275 ] والحقنة خلاف ، قال ابن يونس : لم يشترط ابن حبيب الوصول إلى الجوف في السعوط ، والحقنة ، وقال حرم ، وإلا فلا ، ولم يعتبر إذا خلط اللبن بكحل نفاد كالمر والصبر والعنزروت ابن القاسم القسمين ; لأن مرور اللبن في الدماغ كمروره على سطح الجسم لا يحصل غذاء ولو وصل للجوف وكان مستهلكا .
فرع
قال ابن يونس : قال مالك : لا ينهى عن الغيلة ، وهي ; لقوله - عليه السلام - في الصحيح : ( وطء المرأة المرضعة الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم ) ، وقيل : هي إرضاع لبن الحامل على الصبي ، والمتوقع من الفساد إضعاف المني اللبن لمشاركة الرحم الثدي في المجاري ، ولذلك تتحرك شهوة النساء بمسك الثدي ، وإن الحمل يمنع الحيض فينحصر في الجسد فيفسد اللبن ولم يشترط لقد هممت أن أنهي عن الغيلة حتى ذكرت أن عبد الملك الإنزال ، ولعله اكتفى بمني المرأة .
فرع
قال إذا درت ما لا يحرم ، وإنما يحرم اللبن المغذي .
[ ص: 276 ] فرع
في الكتاب : إذا ، وقاله ( ش ) ; لأن الحكم في الحكم للغالب ، وقاله ( ح ) في المغلوب بالماء ، والمختلط بالطعام إن كان اللبن غالبا ; لأن الطعام أصل اللبن ، واللبن تابع ، والهواء كالماء عنده ، وإذا اختلط عنده لبن المرأتين تعلق التحريم بأغلبهما ، ويشهد لنا أن النقطة من الخمر لا يحد عليها إذا استهلكت مطلقا ، قال استهلك اللبن أو صار مغلوبا بطعام أو دواء لم يحرم ابن يونس : وقال مطرف تحرم لحصول الاغتداء بتلك الأجزاء ، وإن اختلطت بغيرها ، والنقطة من الخمر إذا اختلطت لا تسكر ، ولا تصلح للإسكار مع أمثالها فظهر الفرق .
قاعدة : إذا نصب الشرع سببا لاشتماله على حكمة اختلف العلماء في الاقتصار على عين السبب ; لأن الشرع لم ينصب غيره ، ويجوز اعتبار الحكمة ; لأنها أصل وضع السبب ، والأصل أقوى من الفرع كما شرع السرقة سببا في القطع لحكمة صون الأموال ، والزنا سببا للحد لحكمة صون الأنساب ، وهاهنا شرع الرضاع سببا للتحريم لحكمة كونه يغذي حتى يصير جزء المرأة الذي هو لبنها جزء المرضع ، كما يصير منيها وطمثها جزءا من الولد في النسب فإذا حصلت المشاركة حصلت البنوة ، هذا منشأ الخلاف ، وقال فإذا استهلك اللبن عدم ما يسمى رضاعا ولبنا ولم يبق إلا الحكمة فهل تعتبر أم لا ؟ ابن يونس وغيره من الأصحاب : اللبن المستهلك لا يغذي ، وليس كذلك ; لأن لبن الحيوان يحصل آخر .
[ ص: 277 ] الغذاء مما خالطهما في جوفه ، وإن قلت وكثر المخالط ، وذلك معلوم عند الأطباء ، ويدل على عدم اعتباره هذه الحكمة إذا انفردت : أن الحرمة لا تقع بدمها ولا لحمها ، وإن أغذيا الولد إجماعا ، وأن الكبير يغذى باللبن ولا يحرمه ، وعلى هذه القاعدة يتخرج إرضاع الذكور ورضاع الكبير والحقنة والسعوط ، والكحل وكثير من الفروع فتأملها بفكر حسن .
فرع
في الكتاب : كره من غير تحريم لتولده على الخنزير والخمر ، وقد تطعمه ذلك خفية ، لبن المجوسية والكتابية ونهى - عليه السلام - عن ، وقال : ( استرضاع الفاجرة ) اتقوا إرضاع الحمقاء فإنه يغذي .